يضم المعرض الاستيعادي للفنان التشكيلي المصري عبد الوهاب عبد المحسن بـ«غاليري ضي» بالقاهرة تحت عنوان «دوران الفصول» مائتي لوحة موزعة على 4 طوابق، تتنوع ما بين الرسم والتصوير والنحت والأعمال المركبة والتجهيز في الفراغ.
وتجسد الأعمال المعروضة رحلة 50 عاماً من الفن في رحلة تمتد من 1973، حيث أول لوحة رسمها إلى آخر ابداعاته في 2023.
وتهمين على المعرض رباعية الطيور والأسماك والأشجار والبشر في إبداع يفيض بالدهشة والخيال، لا سيما حين تتداخل تلك العناصر مع بعضها البعض، فتكون النتيجة حالة من الفانتازيا أو ما وراء الواقع على نحو آسر وغير تقليدي.
ولا يستطيع المتلقي الفكاك من أسر سحر الألوان وقوة سطوعها، خصوصاً حين يمتزج الأخضر بالأزرق في تكوينات بديعة تحاكي الطبيعة لكن من منظور جديد وتستلهم ألوانها لصنع حالة لونية جديدة قادرة على صنع الفارق.
لا يقدم الفنان الطبيعة، كما هي، بل يدمج عناصرها الأساسية مع بعضها البعض، فترى بشراً برؤوس حيوانات وأشجاراً تطرح أسماكاً بدلاً من الثمار وطيوراً بديعة في تكوينات لونية تتراوح بين الأبيض والأسود، وفق منطق خاص لا يخضع للواقع بالضرورة.
وقال الفنان عبد الوهاب عبد المحسن لـ«الشرق الأوسط» إنه «اختار (دوران الفصول) ليكون عنواناً للمعرض في إشارة إلى المتغيرات التي مرت بها تجربته على مدار 50 عاماً، وكيف اتسمت بالتطور الدائم وعدم الثبات وتنوع الهموم والرؤى وتعدد الأفكار».
وعن المعنى الكامن وراء 50 عاماً من الفن بالنسبة له، أشار إلى أن «المعرض يجسد رحلة عمر وحياة وتجربة هاجسها التغير، حيث استبعد أعماله الأشهر العالقة بالذاكرة وانفتح على مختارات جديدة غير شائعة، كما أن المعرض يعد فرصة لتقديم أعماله للأجيال الجديدة من الجمهور».
وأوضح أنه «فخور بتجربته، ولا ينظر خلفه بغضب، وكل ما يعينه أن يعبر عن نفسه بصدق دون الانشغال بردود الأفعال، فقد قاوم غواية العاصمة، ويلوذ في الريف بمحافظة كفر الشيخ، وهو ما أتاح له فرصة عظيمة للتأمل ومراقبة الطبيعة بمختلف تجلياتها».
وذكر أن «معيار النجاح الأول والأخير بالنسبة له يتمثل في مدى رضائه الشخصي عما يخرج من تحت يديه من منتج فني، ومدى تعبير هذا المنتج بشكل صادق عما يعتريه من انفعالات ورؤى، لكن هذا لا يمنع سعادته الغامرة بردود كبار المثقفين والأدباء في مصر الذين تفاعلوا مع تجربته بشكل قوي».
وعن حضور الطبيعة بشكل مهيمن في أعماله، قال إنه «يعتبر نفسه ابن بيئته ومخلصاً لها وينصت لأصواتها، فكان من المنطقي أن تنعكس مفردات الطبيعة في أعماله عبر صفاء اللون في المساحات الخضراء وتكوينات السحب وخيالات الغيوم ومسارات الطرق وتقاطعات قنوات المياه، فضلاً عن أسرار الارتباط العضوي بين الشجر والطير».