دخل اليمن في مواجهة جديدة مع كارثة بيئية وشيكة في البحر الأحمر نتيجة غرق السفينة البريطانية «روبيمار» التي تحمل أكثر من 20 ألف طن من الأسمدة شديدة الخطورة و200 طن من الوقود بعدما استهدفها الحوثيون قرب ميناء المخا، بينما لا يزال البلد الذي تعصف به الحرب يواجه رفض الجماعة لاستكمال عملية إنقاذ ناقلة النفط المتهالكة «صافر».
وذكرت مصادر يمنية حكومية وثيقة الاطلاع لـ«الشرق الأوسط» أنه بموجب الخطة المشتركة التي أقرها ممثلو الجانب الحكومي وخبراء الأمم المتحدة فإن البلاد دخلت في مواجهة كارثة بيئية جديدة ستحتاج إلى مدة زمنية طويلة، وستتطلب تعاوناً وتمويلاً دولياً لمواجهة مخاطر تسرب حمولة السفينة وتلوث البيئة البحرية، على غرار ما حدث مع ناقلة النفط المتهالكة «صافر» التي كانت تحمل أكثر من مليون برميل من النفط الخام، ونُقل بعد ذلك إلى سفينة بديلة.
وأكدت المصادر أن اليمن لم يتخلص حتى الآن من مخاطر حدوث تلوث بيئي نتيجة تسرب ما تبقى من حمولة الناقلة المتهالكة «صافر» لأن الحوثيين منعوا الفرق التابعة للأمم المتحدة من إتمام المرحلة الأخيرة من عملية الإنقاذ والمتمثلة بتنظيف خزاناتها ومن ثم قطرها إلى ميناء قريب والتخلص منها، حيث لا تزال الزيوت ومواد الغسيل تشكل خطراً على البيئة البحرية.
مراقبة قبل الإنقاذ
ستقتصر الخطة اليمنية - الأممية - وفق المصادر الحكومية - في مرحلتها الأولى على مراقبة السفينة «روبيمار» ومستوى التلوث في منطقة غرقها وحتى السواحل اليمنية بسبب اضطراب حالة البحر خلال هذه الأيام ووجود تيارات بحرية قوية.
وبعد 6 أشهر من الآن يمكن - وفق الخطة - أن ينتقل العمل إلى المرحلة الثانية، والتعامل مباشرة مع السفينة، إما من خلال إفراغ حمولتها، وإما بانتشالها وسحبها إلى ميناء قريب لإصلاحها، لكن المصادر بينت أن المرحلة الثانية ستتطلب وجود تمويل دولي، والاستعانة بشركة متخصصة في الإنقاذ البحري على غرار الشركة الهولندية التي تولت مهمة إنقاذ الناقلة «صافر» وهو ما وعدت به الأمم المتحدة.
وأبدت المصادر تخوُّفها من إطالة أمد هذه العملية مذكرة بالتعقيدات التي رافقت عملية إنقاذ الناقلة المتهالكة «صافر»، حيث استغرق التوصل إلى اتفاق بشأنها ومن ثم جمع التمويلات اللازمة نحو عامين بسبب تعنت الحوثيين، ومعارضتهم الخطة التي اقترحتها الأمم المتحدة، وهو ما اضطر المنظمة الأممية إلى تغييرها، ومع ذلك ظلت بعض البنود دون اتفاق نهائي واضح خصوصاً ما يتصل بالتخلص من الناقلة بعد إفراغها من حمولتها أو مصير كمية النفط الخام الذي نُقل إلى ناقلة بديلة جرى شراؤها من قبل الأمم المتحدة.
اجتماع مشترك
ذكر المركز الإعلامي التابع لوزارة المياه والبيئة في الحكومة اليمنية أن اجتماعاً مشتركاً، بين خلية إدارة أزمة السفينة المنكوبة «روبيمار»، برئاسة وزير المياه والبيئة توفيق الشرجبي وبحضور وزير الشؤون القانونية وحقوق الإنسان أحمد عرمان، ناقش العرض المقدم من الخبراء الأمميين حول تقييم خطة استجابة مواجهة المخاطر، وتداعيات تسرب حمولة السفينة إلى مياه البحر.
الاجتماع، الذي شارك فيه نائب المنسق المقيم للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن دييغو كوريلا، ومنسق برامج الأمم المتحدة للشؤون البحرية ومكافحة الجريمة البحرية جوزيف ني، وفريق الأمم المتحدة لتنسيق للكوارث، استعرض منهجية الإجراءات المنفذة من الخبراء المختصين لتقييم وضع السفينة استناداً إلى العينات والفحوصات التي قدمتها خلية الأزمة.
اللقاء ناقش أيضاً المخاطر المحتملة من حدوث تسرب للزيوت أو الأسمدة ومدى تأثيرها على السواحل والجزر اليمنية والحلول المقترحة لتجاوزها والجهود والاستعدادات المشتركة في الخطة الطارئة لمدة 6 أشهر لمتابعة المتغيرات المتوقعة جراء تقلبات الطقس لتفادي حدوث تلوث وآلية المعالجة والمشورة القانونية والتصورات المقترحة بمشاركة الأمم المتحدة والشركاء الدوليين الفاعلين.
ووفق المركز، فقد اتفق المشاركون على استمرار مراقبة وضع السفينة والاستمرار بأخذ العينات من الشواطئ القريبة من الحادثة، وتدريب أشخاص معنيين بعملية تنظيف السواحل، وتجهيزهم بالأدوات الوقائية للقيام بعملية الرقابة والمتابعة لمواجهة أي تطورات نتيجة تسرب الحمولة.
ونقل المركز الإعلامي عن نائب المنسق المقيم للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية باليمن ومنسق فريق الأمم المتحدة لتنسيق للكوارث، التعهد بأن تستمر المنظمة الأممية في تقديم كل أوجه الدعم والمشورة الفنية والتقنية والقانونية لخطة الاستجابة المقدمة من الحكومة اليمنية والبحث عن التمويلات المطلوبة لتجنب تداعيات غرق السفينة.