احتفت مدينة أسوان بجنوب مصر بإزاحة الستار عن التمثال النصفي لابنها الأديب المصري الشهير عباس العقاد، الذي رحل عن عالمنا في 12 مارس (آذار) عام 1964. وأعاد التمثال الجديد الاعتبار للأديب الكبير بعد أن طاله الإهمال على مدار سنوات كثيرة، عقب نقله من موقعه عند مدخل الميدان المسمى باسمه، لأحد المخازن الحكومية، لحين إحلال وتجديد المنطقة المحيطة بالميدان. فيما طالب عبد العزيز العقاد، ابن شقيق الأديب الراحل بتحويل منزل العقاد إلى متحف ومزار، أسوة بمتحف طه حسين ونجيب محفوظ وغيرهم من الأدباء.
وشهد الاحتفالية مصطفى يسري محافظ أسوان، وعبد العزيز العقاد نيابة عن أسرة الأديب الراحل، وسط حضور جماهيري كبير. وبدأت فعاليات الاحتفالية بإزاحة الستار عن التمثال بعد إعادة ترميمه وتجديده باستخدام خامة البرونز، وإنشاء ساحة مشاهدة حوله للزوار بها كراسي خشبية ومدعمة بكشافات لإضاءة التمثال وإبراز قامة وقيمة الأديب المصري.
ورحب محافظ أسوان بالضيوف، مؤكدا شجاعة العقاد التي كان لها أكبر الأثر في الواقع السياسي من خلال معاركه الفكرية للتأكيد على الحرية. وسرد عبد العزيز كثيرا من المواقف والأحداث الخاصة بحياة وأدب ومواقف الأديب الراحل، مؤكدا تأثيره الكبير على التجربة الأدبية المصرية، ومدى ارتباطه بهموم وطنه بشكل عملي رغم أنه شاعر وأديب وفيلسوف. وأعرب عبد العزيز عن شكره لإعادة التمثال النصفي بعد ترميمه وتجديده بعد أن تعرض لشروخ وتلفيات كبيرة، رغم أنه يعتبر تجسيدا فنيا لبروفايل العقاد، مشيرا إلى أن الاهتمام بتمثال العقاد يعطي نموذجا لضرورة احترام وتقدير ثروة مصر وقلبها النابض من الأدباء والمفكرين والعلماء، خاصة أن العقاد كان صاحب عطاء وفكر ووطنية وقد ألهب بعبقريته المتجددة روح التغيير والإبداع والإصلاح الحياة الثقافية والفكرية والسياسية لحماية الأجيال المتعاقبة من التشتت وطمس هويتهم الثقافية وتراثهم الأصيل.
وفي السياق نفسه، أوضح محمد حساني القائم بأعمال رئيس مدينة أسوان، أن التمثال تم وضعه على منصة من الجرانيت الأحمر وسط الميدان الرئيسي للحي بعد إعادة إنهاء ترميم التمثال من خلال الفنان يحيى أحمد فني الجرانيت بأسوان.
وولد العقاد بأسوان في 28 يونيو (حزيران) 1889، لأم من أصول كردية وأب مصري، واقتصرت دراسته على المرحلة الابتدائية فقط؛ لعدم توافر المدارس الحديثة في محافظة أسوان، كما أن موارد أسرته المحدودة لم تتمكن من إرساله إلى القاهرة كما يفعل الأعيان، واعتمد العقاد فقط على ذكائه الحاد وصبره على التعلم والمعرفة حتى أصبح صاحب ثقافة موسوعية، ليس بالعلوم العربية فقط، وإنما العلوم الغربية أيضا؛ حيث أتقن اللغة الإنجليزية من مخالطته للسياح المتوافدين على محافظتي الأقصر وأسوان، مما مكنه من القراءة والاطلاع على الثقافات البعيدة.
لم يتزوج العقاد وظل وحيدا طيلة حياته، وكان صالونه الأدبي من أشهر الصالونات في القاهرة في خمسينات وستينات القرن الماضي. وتم نقل غرفة نومه من شقته بحي مصر الجديدة بالقاهرة إلى مكتبته بأسوان في مقرها على كورنيش النيل، بالإضافة إلى جزء من صالون العقاد الذي كانت تقام فيه الندوات، وبعض الصور التي كانت بحوزة أسرة الأديب الراحل، والأوسمة والشهادات التقديرية التي حصل عليها في حياته. ومن أشهر كتبه سلسلة العبقريات الإسلامية ومنها «عبقرية محمد» و«عبقرية الصديق» و«عبقرية خالد».
أسوان تحتفي بتمثال «العقاد» عقب سنوات من الإهمال
مطالب بمتحف له أسوة برفيق دربه طه حسين
أسوان تحتفي بتمثال «العقاد» عقب سنوات من الإهمال
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة