مجلس النواب الأميركي يقرّ بأغلبية ساحقة حظر «تيك توك»

وسط تحذيرات من انتهاك حرية التعبير وتشكيك بـ«قابلية» التنفيذ

أقر «مجلس النواب» قانوناً يرغم شركة «بايت دانس» المالكة لتطبيق «تيك توك» على سحب استثماراتها من التطبيق (أ.ف.ب)
أقر «مجلس النواب» قانوناً يرغم شركة «بايت دانس» المالكة لتطبيق «تيك توك» على سحب استثماراتها من التطبيق (أ.ف.ب)
TT
20

مجلس النواب الأميركي يقرّ بأغلبية ساحقة حظر «تيك توك»

أقر «مجلس النواب» قانوناً يرغم شركة «بايت دانس» المالكة لتطبيق «تيك توك» على سحب استثماراتها من التطبيق (أ.ف.ب)
أقر «مجلس النواب» قانوناً يرغم شركة «بايت دانس» المالكة لتطبيق «تيك توك» على سحب استثماراتها من التطبيق (أ.ف.ب)

أقر «مجلس النواب الأميركي» مشروع قانون يرغم شركة «بايت دانس» المالكة لتطبيق «تيك توك» على سحب استثماراتها من التطبيق خلال 6 أشهر، مهدداً بحظره في الولايات المتحدة إذا لم تمتثل الشركة.

وحظي المشروع بدعم 352 مقابل معارضة 65 فقط، في دلالة على التأييد الكبير له في صفوف المشرّعين من الحزبين الديمقراطي والجمهوري، الذين يحذرون من «خطره الكبير على أمن الولايات المتحدة القومي»، لأنه يسمح للحكومة الصينية بـ«مراقبة الأميركيين والتأثير عليهم».

ويهدف المشروع في تفاصيله إلى دفع شركة «بايت دانس» الصينية، ومقرها بكين، إلى التخلي عن ملكيتها للتطبيق في غضون 6 أشهر، وإلا فسيتم حظره داخل أميركا.

جاء التصويت رغم كل المساعي الحثيثة التي بذلها «تيك توك» لإقناع المشرعين بالتراجع عن قرارهم، فاجتمع المدير التنفيذي للتطبيق معهم قبل التصويت، كما شجع المستخدمين، وعددهم قرابة 170 مليون أميركي، أي نحو نصف عدد السكان، إلى الاتصال بمكاتب أعضاء «الكونغرس»، والإعراب لهم عن معارضتهم الشديدة للمشروع.

مسؤولو الاستخبارات في جلسة استماع مفتوحة بـ«مجلس الشيوخ» في 11 مارس 2024 (أ.ف.ب)
مسؤولو الاستخبارات في جلسة استماع مفتوحة بـ«مجلس الشيوخ» في 11 مارس 2024 (أ.ف.ب)

«خطر» على الأمن القومي

لكن كل هذه المساعي لم تؤدِّ إلى تغيير رأي الداعمين لوضع قيود على التطبيق، فقد أتت بعد محاولات متكررة منهم لفرض تعديلات عليه بالتزامن مع تحذيرات متكررة من وكالات الاستخبارات الأميركية بشأن النفوذ الصيني عليه، والخطر الذي يشكله ذلك على الأمن القومي الأميركي.

وعقدت هذه الوكالات اجتماعات متتالية مغلقة ومفتوحة مع أعضاء «الكونغرس»، خلال عملية طرح المشروع ومناقشته، آخرها جلسة استماع مفتوحة لمسؤولي الاستخبارات حذروا فيها من إمكانية استعمال الصين للتطبيق من أجل التأثير على الانتخابات الأميركية وتعميق الانقسامات السياسية.

وقال مدير «مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي)»، كريستوفر راي، إن «على الأميركيين أن يسألوا أنفسهم، ما إذا كانوا يريدون أن يعطوا الحكومة الصينية القدرة على التحكم بمعلوماتهم الشخصية»، محذراً من احتمال سيطرة بكين على أجهزتهم.

كما أعلن البيت الأبيض أنه سيوقّع على المشروع في حال إقراره في مجلسي «الكونغرس».

المدير التنفيذي لـ«تيك توك» في جلسة استماع أمام «مجلس الشيوخ» في 31 يناير 2024 (رويترز)
المدير التنفيذي لـ«تيك توك» في جلسة استماع أمام «مجلس الشيوخ» في 31 يناير 2024 (رويترز)

«تيك توك» يرد

وبمواجهة هذه الاتهامات، جنّد التطبيق مجموعات الضغط والمستخدمين وأجهزته الإعلامية، في محاولة للتصدي لها، نافياً بشكل قاطع مشاركة معلومات المستخدمين مع الحكومة الصينية، وواصفاً مشروع «مجلس النواب» بالحظر الفعلي للتطبيق.

ويؤكد المسؤولون عن التطبيق أنه يستعمل وحدة منفصلة عن شركة «بايت دانس»، ومقرها أميركا، لحفظ معلومات المستخدمين، في محاولة لطمأنة مخاوف المشرعين.

لكن هذه التطمينات لم تلقَ آذاناً صاغية في «مجلس النواب»، حيث أصر المشرعون على ضرورة تقييد التطبيق الذي أشار رئيس «مجلس النواب» مايك جونسون إلى أنه «يهدد الاستقرار والأمن الأميركيين».

معارضة ترمب للحظر

ولعلّ خير دليل على قناعة المشرعين بصواب قرارهم، هو عدم تأثرهم بمواقف الرئيس السابق، دونالد ترمب، الشاجبة للمشروع، فقد حذّر من إقراره مشيراً في تعليق على منصته «تروث سوشيال»، الأسبوع الماضي، إلى أن «فيسبوك» سيعزز من وجوده «إذا تم التخلص من (تيك توك)... لا أريد أن يتحسن وضع (فيسبوك) الذي غش في الانتخابات الماضية. إنه عدو الشعب الحقيقي».

ترمب عارض المشروع رغم مواقفه السابقة (رويترز)
ترمب عارض المشروع رغم مواقفه السابقة (رويترز)

وسعى ترمب إلى التخفيف من الانتقادات التي واجهها بعد تصريحه هذا، لا سيما أنه يتعارض مع سياساته السابقة، عندما كان رئيساً وسعى إلى حظر التطبيق عبر قرار تنفيذي، فقال إنه لا يزال يعتقد أن «تيك توك» يشكل تهديداً للأمن القومي، إلا أن مستخدميه الشباب «سيفقدون صوابهم» في حال حظره، وذلك في إشارة واضحة إلى تأثير الموسم الانتخابي على هذه التصريحات العلنية، في ظل سعي المرشحين لاستقطاب أصوات الشباب.

لكن عدداً من المنتقدين للرئيس السابق عزوا تغيير موقفه هذا إلى علاقته المقربة بجيف ياس، وهو من المتبرعين الجمهوريين الكبار، ويملك حصة بمليارات الدولارات في «تيك توك»، بحسب تقرير لصحيفة «وول ستريت جورنال». والتقى ترمب به أخيراً، لكنه أكد بعد اللقاء أنه «لم يتم التطرق إلى (تيك توك) أبداً».

أضف إلى ذلك تقارير تقول إن مستشارة ترمب السابقة والمقربة منه، كيلي آن كونوي، تلعب دوراً بارزاً في عمليات مجموعات الضغط الداعمة للتطبيق في «الكونغرس».

زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر لم يعلن عن نيته طرح المشروع للتصويت بعد (رويترز)
زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر لم يعلن عن نيته طرح المشروع للتصويت بعد (رويترز)

مجلس الشيوخ ومصير المشروع

غير أن إقرار المشروع في «مجلس النواب»، لا يعني أن مشواره سيكون سهلاً في «مجلس الشيوخ»، فثمة عراقيل كثيرة بوجهه، بسبب حساسية تطبيقه وصعوبة تنفيذه. وبدا ذلك واضحاً في تصريحات للسيناتور الجمهوري راند بول الذي توعد بصده، محذراً من أنه ينتهك التعديل الأول من الدستور، وهو حق التعبير. وأضاف: «أنا معارض له تماماً. في بلد حر لا يتم الاستيلاء على شركات الأشخاص».

هذا الموقف يدعمه «اتحاد الحريات المدنية الأميركية» الذي رفض المشروع، مشيراً إلى خرقه للتعديل الأول من الدستور، فقالت المتحدثة باسمه، جينا ليفينتوف، في بيان: «لا يهم تأكيد عرابي المشروع أن حظر (تيك توك) لا يقمع حرية التعبير، فما من شك أنه يفعل ذلك تماماً».

يستعمل التطبيق أكثر من 170 مليون أميركي (أ.ف.ب)
يستعمل التطبيق أكثر من 170 مليون أميركي (أ.ف.ب)

وإضافة إلى هذه التحذيرات من انتهاك الدستور الأميركي، يتخوف بعض المشرعين في «مجلس الشيوخ» من أن يفتح إقرار مشروع من هذا النوع الباب أمام دعاوى قضائية تواجهها الحكومة الأميركية، لا سيما مع ذكر «تيك توك» و«بايت دانس» بالاسم في نص المشروع.

ويدفع بعض أعضاء المجلس الذين يرغبون في رؤية قيود على التطبيق، لكن من دون التداعيات المرتبطة بحظره في الولايات المتحدة، باتجاه إقرار مشروع آخر طرحته السيناتورة الديمقراطية ماريا كانتويل يقضي بإعطاء الصلاحية لوزارة التجارة الأميركية بوضع قيود على «تيك توك» وغيره من التطبيقات الأجنبية، على عكس المشروع الحالي الذي سيؤدي إلى «طرد» التطبيق من متاجر التطبيقات في الولايات المتحدة وغيرها من خدمات الإنترنت إن لم ينهِ علاقته مع «بايت دانس» في غضون 180 يوماً من إقراره؛ ما يعني فعلياً حرمانه من الوصول إلى المستخدمين.


مقالات ذات صلة

ترمب: صفقة «تيك توك» لا تزال «مطروحة»

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب (أ.ف.ب)

ترمب: صفقة «تيك توك» لا تزال «مطروحة»

قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، اليوم (الأربعاء)، إن صفقة محتملة لفصل أصول «تيك توك» لا تزال «مطروحة» بعد أيام من تعليقها.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب وخلفه المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت خلال تصريحات للصحافيين على متن الطائرة الرئاسية «إير فورس وان» (أ.ف.ب) play-circle

ترمب: الصين كانت ستوافق على بيع «تيك توك» لولا الرسوم الجمركية

أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الأحد، أن الصين كانت ستوافق على صفقة لبيع «تيك توك» لولا الرسوم الجمركية التي فرضتها واشنطن على بكين الأسبوع الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد شعار تطبيق «تيك توك» يظهر أمام العلم الأميركي (أ.ف.ب) play-circle

ترمب يرجئ مجدداً الموعد المحدد للاتفاق بشأن بيع «تيك توك»

أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب أمس الجمعة أنه سيؤجل لمدة 75 يوماً أخرى الموعد النهائي المحدد لبيع شبكة التواصل الاجتماعي «تيك توك».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ رجل يسير خارج مقر «تيك توك» بالولايات المتحدة في ولاية كاليفورنيا (رويترز)

تقرير: تعليق اتفاق «تيك توك» في أميركا بعد رفض الصين له

قال مصدران مطلعان إن صفقة لفصل أصول تطبيق «تيك توك» في الولايات المتحدة توقفت بعد أن أشارت الصين إلى أنها لن توافق عليها

«الشرق الأوسط» (فلوريدا)
الاقتصاد رجل يسير خارج مقر «تيك توك» بالولايات المتحدة في ولاية كاليفورنيا الأميركية (رويترز)

أميركا «قريبة جداً» من التوصل إلى اتفاق بشأن «تيك توك» قبل الموعد النهائي

أعلن ترمب أن إدارته «اقتربت جداً» من التوصل إلى اتفاق مع «مجموعة جيدة جدا» من المستثمرين بشأن «تيك توك»، وذلك قبل موعد نهائي لتغيير ملكيتها.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

مفوضية الأمم المتحدة للاجئين قد تخفض أنشطتها بواقع الثلث

الحرب بالسودان والقيود المفروضة على توصيل المساعدات تسببتا في مجاعة بشمال دارفور (رويترز)
الحرب بالسودان والقيود المفروضة على توصيل المساعدات تسببتا في مجاعة بشمال دارفور (رويترز)
TT
20

مفوضية الأمم المتحدة للاجئين قد تخفض أنشطتها بواقع الثلث

الحرب بالسودان والقيود المفروضة على توصيل المساعدات تسببتا في مجاعة بشمال دارفور (رويترز)
الحرب بالسودان والقيود المفروضة على توصيل المساعدات تسببتا في مجاعة بشمال دارفور (رويترز)

حذر المفوض السامي لشؤون اللاجئين في الأمم المتحدة، الاثنين، أمام مجلس الأمن الدولي من أن المفوضية قد تخفض أنشطتها بواقع الثلث في مختلف أنحاء العالم بسبب الاقتطاعات في المساعدات الدولية.

وقال فيليبو غراندي: «إذا استمر هذا التوجه، لن نكون قادرين على القيام بالمزيد (...) سيتراجع عدد المكاتب والبرامج والعمليات».

مقر الأمم المتحدة (أرشيفية متداولة)
مقر الأمم المتحدة (أرشيفية متداولة)

ويتعرض قطاع الخدمات الإنسانية لضغوط جراء خفض التمويل المقدم من كبار المانحين، وأبرزهم الولايات المتحدة تحت إدارة الرئيس دونالد ترمب ودول غربية أخرى في وقت تعطي فيه تلك الدول أولوية للإنفاق الدفاعي مع تنامي المخاوف من روسيا والصين.