اعتاد الصبية والشباب في مصر تعليق زينة رمضان المفعمة بالألوان الناصعة في الشوارع والأزقة تعبيراً عن بهجتهم بحلول الشهر الكريم، وبسبب حرب غزة التي تدور رحاها حالياً منذ أشهر عدة، حاول مصريون التعبير عن دعمهم للفلسطينيين بطريقتهم الخاصة.
وبينما جرى تعليق الأوراق الصغيرة التي تحمل العلم الفلسطيني بشكل واضح في بعض المناطق، فإنه جرى تصميم العلم بشكل يدوي باستخدام ألوان العلم «الأسود والأبيض والأخضر والأحمر»، ومده على مساحات كبيرة.
وخطفت هذه التصميمات الأنظار في مصر، وجرى تداولها بشكل واسع النطاق بين جمهور «السوشيال ميديا»، حيث حققت إشادات لافتة.
ومن أبرز المناطق التي علق سكانها علم فلسطين بدلاً من الزينة الرمضانية التقليدية قرية أتميدة التابعة لمحافظة القليوبية (دلتا مصر) الذين قالوا إنهم صنعوا أطول علم فلسطيني من البلاستيك.
وقال أحمد أبو جميلة صاحب فكرة تنفيذ العلم بالقرية لـ«الشرق الأوسط»: إن «ما قمنا به مجرد أمر رمزي لدعم أهل فلسطين في غزة، فقط أردت أنا وأصدقائي أن نقول لهم نحن معكم، نشعر بما تعانونه وما تقاسونه من أعمال قتل وتجويع، ونشد على أياديكم».
وذكر أبو جميلة وهو طالب على وشك التخرج في كلية التجارة: «عندما فكرت في تنفيذ العلم، كانت الفكرة أن نشتري أعلاماً صغيرة من القاهرة، ونقوم بربطها فيما يشبه الضفيرة في خيوط تمتد بطول الشارع، تكون غالباً مصنوعة من القماش، لكن حينما ذهبنا للبحث عنها اكتشفنا أن العلم الواحد سعره 8 جنيهات، وهو ما يعني أن تكلفة العلم سوف تكون مهولة، فصرفنا النظر عن الشراء، وقررنا أن نصمم العلم بأنفسنا».
مشيراً إلى أنه «حينما استعرضنا الخامات الممكنة لصناعته وجدنا أن مفارش البلاستيك يمكن أن تؤدي المهمة، أحضرنا منها مساحات كبيرة بألوان العلم الفلسطيني الأسود والأخضر والأحمر والأبيض، وبدأنا عملاً جماعياً شارك فيه عدد كبير من الشباب».
مساحة العلم الطويلة كانت كافية لتغطية منطقة كبيرة من حي الزنقلة، ومرت أمام كثير من المنازل، بينها منزل أبو جميلة نفسه، وقد تكلف تنفيذه نحو 3 آلاف جنيه، (أقل من 100 دولار) شارك فيها كثيرون من أهل الحي وتجاره، وقد تحمل أبو جميلة الجزء الأكبر من المبلغ».
وشهدت مصر ارتفاعات متتالية في أسعار السلع على مدار شهور عام 2023، ومنذ بداية العام الحالي، خصوصاً أسعار الذهب، ومواد البناء، والأجهزة الكهربائية، والمواد الغذائية، ومنتجات الألبان، واللحوم والدواجن، وذلك بسبب انخفاض قيمة الجنيه أمام الدولار.
إلا أن هذه الحالة الاقتصادية لم تمنع أبو جميلة ورفاقه من شراء مستلزمات تصميم علم فلسطين.
ووفق تجار مصريين فإن بيع الفوانيس والزينة شهد إقبالاً متوسطاً هذا العام بسبب الغلاء.
وتتميز مصر بحرص الكثير من مواطنيها على تعليق زينة رمضان في الشوارع سنوياً لنشر البهجة. وتتخذ الزينة أشكالاً عدة، ويحصل تنافس في التزيين بين أبناء وصبية الشوارع المتجاورة.
ووفق عفاف السيد (مُعلمة خمسينية) المقيمة في منطقة فيصل بالجيزة، فإن «الصبية يطرقون الأبواب كل عام قبيل حلول شهر رمضان، ويطلبون مشاركتنا في هذا الطقس البهيج»، مضيفة لـ«الشرق الأوسط» أنها «تحرص على المساهمة المادية لتشجيع الصبية من جهة، ولحبها رؤية الزينة في الشوارع خلال شهر رمضان من جهة ثانية».
وتستحوذ الشوارع الضيقة والحارات على النصيب الأكبر من زينة رمضان في مصر وفق عفاف، لسهولة تعليقها، على عكس الشوارع الرئيسية التي تنتشر فيها المتاجر، ويصعب تعليق الزينة بها بسبب مرور السيارات.