غداة إجلاء الجيش الأميركي جواً للموظفين غير الأساسيين من سفارة الولايات المتحدة في بورت أو برنس، توجه وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى جامايكا للمشاركة في اجتماع طارئ لمجموعة الكاريبي «كاريكوم» الحكومية حيال الأزمة، التي تعانيها هايتي بسبب فوضى العصابات، وسعياً إلى تشكيل هيئة رئاسية مستقلة لإعادة الاستقرار إلى البلاد.
وتعاني هايتي منذ عقود من الاضطرابات السياسية إلى جانب عنف العصابات الذي أصابها بالشلل. وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، تعهدت إدارة الرئيس جو بايدن بتقديم 100 مليون دولار، وبعد ذلك 65 مليون دولار أخرى، لدعم الشرطة الوطنية الهايتية، وتحسين الأمن في الدولة الجزيرة وسط حربها المستمرة ضد جماعات الجريمة القوية. وخُصص جزء من هذه الأموال لدعم نشر مهمة الدعم الأمني المتعددة الجنسيات بقيادة كينيا بموجب قرار أصدره مجلس الأمن في أوائل أكتوبر (تشرين الأول) الماضي على أمل قمع عنف العصابات الذي أصبح أكثر تطرفاً، ولكن أحدث موجة من العنف بدأت عندما توجه رئيس الوزراء الهايتي أرييل هنري إلى كينيا للضغط من أجل نشر تلك القوة المتعددة الجنسيات. ولم يتمكن هنري من العودة إلى بلاده.
جسر جوي
وأفادت القيادة الجنوبية للجيش الأميركي بأن قوة منها نفذت عملية ليل السبت - الأحد لإجلاء الموظفين الأميركيين بواسطة جسر جوي من السفارة في بورت أو برنس، حيث يتصاعد العنف في العاصمة وكل أنحاء الدولة الكاريبية. وأضافت أن قوة أمنية إضافية نُشرت بوصفها جزءاً من العملية. وقالت في بيان إنه «بناءً على طلب وزارة الخارجية، قام الجيش الأميركي بعملية لتعزيز أمن السفارة الأميركية في بورت أو برنس، والسماح بمواصلة عمليات بعثة سفارتنا، وتمكين الموظفين غير الأساسيين من المغادرة»، موضحة أن «نقل الموظفين الأميركيين جواً من السفارة وإليها يتماشى مع الممارسات العسكرية القياسية لتعزيز الأمن في السفارات في كل أنحاء العالم. ولم يكن هناك هايتيون على متن الطائرة أثناء عمليات النقل الجوي. وأضافت أنه «لا تزال سفارتنا تركز على تعزيز جهود الحكومة الأميركية لدعم الشعب الهايتي، بما في ذلك حشد الدعم للشرطة الوطنية الهايتية، والإسراع في نشر مهمة الدعم الأمني المتعددة الجنسيات»، وفقاً لما قرره مجلس الأمن قبل أشهر، بالإضافة إلى «تسريع الانتقال السلمي للسلطة عبر انتخابات حرة ونزيهة».
وذكرت بالإعلان الذي أصدرته وزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون» في سبتمبر (أيلول) 2023 بشأن إيجاد «وضع يمكِّنها من تقديم دعم تمكيني قوي لمهمة الدعم الأمني المتعددة الجنسيات، بما في ذلك المساعدة في التخطيط، وتبادل المعلومات، والنقل الجوي، والاتصالات، والدعم الطبي».
وأعلنت السفارة الأميركية لدى هايتي في بيان أنها «لا تزال مفتوحة» رغم «ازدياد عنف العصابات في الحي القريب من مجمعات السفارة الأميركية وقرب المطار»، ما أدى إلى قرار وزارة الخارجية بـ«ترتيب مغادرة موظفين إضافيين».
الدول الأوروبية
وتزامنت هذه الخطوة مع إعلان وزارة الخارجية الألمانية أنه «بسبب الوضع الأمني المتوتر للغاية في هايتي، غادر السفير الألماني والممثل الدائم في بورت أو برنس إلى جمهورية الدومينيكان، الأحد، مع ممثلين عن وفد الاتحاد الأوروبي»، مضيفة أن العمل سيتواصل من هناك «حتى إشعار آخر».
ومع تصاعد أعمال العنف، أعلن زعماء الكاريبي عقد اجتماع طارئ في جامايكا لمعالجة الوضع «الخطير» و«العاجل» في هايتي، وفقاً لبيان أصدره رئيس «كاريكوم» محمد عرفان علي، الذي دعا زعماء الولايات المتحدة وفرنسا وكندا والأمم المتحدة والبرازيل إلى الاجتماع.
وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر إن بلينكن سيناقش خصوصاً الجهود الرامية إلى «تسريع عملية انتقال سياسي في هايتي من خلال إنشاء هيئة رئاسية مستقلة».
وفي بروكسل، أعلن الناطق باسم الاتحاد الأوروبي بيتر ستانو، الاثنين، أن التكتل أجلى جميع موظفيه الدبلوماسيين من هايتي بسبب «التدهور الكبير في الوضع الأمني».