هل تنجح أميركا في تشكيل «حكومة تصريف أعمال» ليبية؟

نورلاند عدّ وجودها عاملاً مسهّلاً لإجراء الانتخابات

ريتشارد نورلاند في لقاء سابق مع رئيسة حكومة «الوحدة» (السفارة الأميركية)
ريتشارد نورلاند في لقاء سابق مع رئيسة حكومة «الوحدة» (السفارة الأميركية)
TT

هل تنجح أميركا في تشكيل «حكومة تصريف أعمال» ليبية؟

ريتشارد نورلاند في لقاء سابق مع رئيسة حكومة «الوحدة» (السفارة الأميركية)
ريتشارد نورلاند في لقاء سابق مع رئيسة حكومة «الوحدة» (السفارة الأميركية)

استأنف المبعوث الأميركي الخاص إلى ليبيا، السفير ريتشارد نورلاند، نشاطه لبحث سبل معالجة الأزمة الليبية، وذلك بدعوة أطراف الصراع للمشاركة في العملية السياسية التي ترعاها البعثة الأممية، لإزاحة ما تبقى من عوائق أمام إجراء الانتخابات، مقترحاً تشكيل «حكومة تصريف أعمال».

ويتساءل سياسيون حول مدى تجاوب اللاعبين السياسيين، خاصة بشرق ليبيا، مع المقترح الأميركي، وهل ستكون الحكومة الجديدة من دون مشاركة رئيس حكومة «الوحدة» الوطنية المؤقتة عبد الحميد الدبيبة أم أن الأمر مجرد كيان وزاري جديد يجمع عناصر الحكومتين المتنازعتين على السلطة تحت قيادة الدبيبة؟

بداية، رأى عضو مجلس النواب الليبي، حسن الزرقاء، أنه من المبكر الحكم على مدى جدية حديث نورلاند، بشأن تشكيل حكومة «تصريف أعمال»، مرجعاً ذلك «لربطه مناقشة تشكيل تلك الحكومة بالمشاركة بمبادرة المبعوث الأممي إلى ليبيا، عبد الله باتيلي، الخاصة بالحوار بين الفاعلين الخمسة الكبار، وهي مبادرة متعثرة منذ أشهر».

ليبيون يتساءلون إن كانت الحكومة الجديدة ستكون من دون مشاركة عبد الحميد الدبيبة - (الوحدة)

وكان باتيلي قد دعا لعقد طاولة حوار خماسية، تجمع مَن عدّهم الفاعلين الرئيسيين بالساحة، وهم رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، والدبيبة، ورئيسا مجلسي النواب و«الدولة»، عقيلة صالح ومحمد تكالة، وقائد «الجيش الوطني» المشير خليفة حفتر، بهدف التوصل إلى تسوية سياسية حول القضايا التي تعوق تنفيذ العملية الانتخابية.

ويرى الزرقاء أن «قوى الشرق السياسية والعسكرية قد تكون منفتحة على أي مقترح يتضمن إبعاد الدبيبة عن السلطة التنفيذية، التي ستتولى إدارة البلاد وتشرف على إجراء الانتخابات»، وقال موضحاً: «إذا كان الهدف هو تشكيل حكومة موحدة يوجد بها الدبيبة أو يرأسها فلا أحد سيقبل بذلك».

وفيما يتعلق بصلاحية الجسم الجديد المقترح، قال الزرقاء لـ«الشرق الأوسط»: «مفهومنا لحكومة تصريف الأعمال هو أنها بلا صلاحيات واسعة، تقتصر مهامها على تسيير إدارة الدولة، وضبط الإنفاق العام، والتمهيد والإشراف على الانتخابات، وبالتالي يجب أن تكون من المستقلين المشهود لهم بالنزاهة».

النائب حسن الزرقاء رأى أنه من المبكر الحكم على مدى جدية حديث نورلاند بشأن تشكيل حكومة تصريف أعمال (السفارة الأميركية)

وكان نورلاند قد التقى الدبيبة في العاصمة طرابلس، وقال إنه ناقش معه أهمية مشاركة جميع الفاعلين الليبيين في العملية السياسية، التي ترعاها بعثة الأمم المتحدة بشكل بناء لإزاحة ما تبقى من عوائق أمام الانتخابات، بما في ذلك تشكيل حكومة تصريف أعمال.

من جهته، ذهب المحلل السياسي الليبي، محمد محفوظ، إلى أن رؤية واشنطن بشأن إيجاد حكومة جديدة للإشراف على الانتخابات، ظلت متضاربة طيلة العام الماضي، مشيراً إلى أن ذلك يدفع إلى «عدم التعويل على جدية ما يطرحه دبلوماسيوها في الوقت الراهن، حتى لو جاء تحت اسم جديد، وهو حكومة تصريف أعمال، وذلك لجذب الانتباه».

وقال محفوظ لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك رغبة أميركية بتهدئة الساحة الليبية، التي اشتعلت بالاتهامات المتبادلة بشأن الوضع الاقتصادي، والمسؤولية عن انهيار العملة الوطنية، خاصة مع دخول الحكومة المكلفة من البرلمان، وتدير المنطقة الشرقية على خط الأزمة الراهنة بين الدبيبة والصديق الكبير محافظ المصرف المركزي». ورأى أن «مثل هذا المناخ تعدّه واشنطن غير مناسب لها كي تتمكن من العمل مع حلفائها بالداخل الليبي»، مؤكداً أنه «لو كان هناك فعلياً مقترح جدي من قبل واشنطن لتشكيل حكومة تصريف أعمال من المستقلين، لتم إعلان الأمر بوضوح، ودون ربط الأمر بمبادرة باتيلي».


مقالات ذات صلة

«النفوذ الروسي» في ليبيا يلاحق زيارة المبعوث الأميركي للجنوب

شمال افريقيا زيارة وفد السفارة الأميركية في ليبيا إلى سبها (السفارة الأميركية على إكس)

«النفوذ الروسي» في ليبيا يلاحق زيارة المبعوث الأميركي للجنوب

يعتقد ليبيون بأن «نفوذاً روسياً يتمدد في جنوب البلاد ليس بمنأى عن توجهات الاستراتيجية الأميركية للمناطق الهشة وزيارة نورلاند الأخيرة إلى سبها».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا وفد حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة في غينيا (محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار)

الدبيبة يسعى لاستعادة «أكبر مزرعة» ليبية في غينيا

المزرعة الليبية في غينيا تبلغ مساحتها 2150 هكتاراً ومخصصة لإنتاج المانجو والأناناس وملحق بها مصنع للعصائر وسبع بحيرات.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا اجتماع المنفي ولجنة الحدود (المجلس الرئاسي الليبي)

مقتل 3 مواطنين في اشتباكات بالزاوية الليبية

توقفت الاشتباكات التي جرت بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة، في جزيرة الركينة، بالقرب من مصفاة الزاوية الليبية مخلفة 3 قتلى و5 جرحى.

خالد محمود (القاهرة)
يوميات الشرق بوستر فيلم «عاصفة» الفرنسي المشارك في مهرجان الفيلم الأوروبي بطرابلس (السفارة الفرنسية)

مهرجان للفيلم الأوروبي في العاصمة طرابلس لكسر حاجز الانقسام

في خطوة عدّها الاتحاد الأوروبي «علامة فارقة في الشراكة الثقافية مع ليبيا»، يواصل مهرجان للأفلام الأوروبية عرض الأعمال المشاركة في العاصمة طرابلس حتى الخميس.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا يرى ليبيون أن «خطاب الكراهية يعد عاملاً من العوامل المساهمة في النزاع الاجتماعي» (البعثة الأممية)

ليبيون يتخوفون من تصاعد «خطاب الكراهية» على خلفية سياسية

قالت سميرة بوسلامة، عضو فريق حقوق الإنسان في بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا، إنه «يجب على أصحاب المناصب اختيار كلماتهم بعناية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

أفورقي يبلغ البرهان بوقوف بلاده مع استقرار ووحدة السودان

أفورقي والبرهان لدى لقائهما الثلاثاء (موقع مجلس السيادة السوداني على إكس)
أفورقي والبرهان لدى لقائهما الثلاثاء (موقع مجلس السيادة السوداني على إكس)
TT

أفورقي يبلغ البرهان بوقوف بلاده مع استقرار ووحدة السودان

أفورقي والبرهان لدى لقائهما الثلاثاء (موقع مجلس السيادة السوداني على إكس)
أفورقي والبرهان لدى لقائهما الثلاثاء (موقع مجلس السيادة السوداني على إكس)

أعلن الرئيس الإريتري آسياس أفورقي وقوف حكومته مع السودان لتحقيق الأمن والاستقرار، في أعقاب جولة مباحثات أجراها في العاصمة أسمرة مع رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان، الذي وصل إلى بلاده في زيارة رسمية.

وتأتي زيارة البرهان إلى إريتريا، بعد وقت قصير من إعلان أفورقي دعمه المباشر للجيش السوداني في حربه ضد قوات «الدعم السريع»، وعدّ أفورقي الحرب الدائرة بأنها حرب إقليمية تهدد أمن بلاده، وهدد بالتدخل بجيشه وإمكانياته لنصرة الجيش السوداني، حال اقتراب الحرب من ولايات «البحر الأحمر، وكسلا، والقضارف، والنيل الأزرق»، كونها امتداداً للأمن القومي لبلاده.

وأجرى البرهان جولة مباحثات مع أفورقي، تناولت علاقات البلدين، وتطور الأوضاع في السودان، وجهود إحلال الأمن والاستقرار، واستمع خلالها المضيف لتنوير من البرهان بشأن مستجدات الأوضاع في السودان، والانتهاكات التي «ارتكبتها الميليشيا الإرهابية المتمردة ضد المواطنين، والتدمير الممنهج للدولة السودانية ومؤسساتها»، وعزمه على «القضاء على الميليشيا ودحرها وهزيمتها»، وذلك وفقاً لنص إعلام مجلس السيادة.

أفورقي لدى استقباله البرهان في مطار أسمرة الثلاثاء (موقع مجلس السيادة السوداني على إكس)

ونقل إعلام السيادة عن الرئيس أفورقي، أن بلاده تقف بثبات ورسوخ إلى جانب السودان من أجل تحقيق الأمن والاستقرار، وهو ما يعد امتداداً للعلاقات الأزلية بين شعبي البلدين: «سنعمل على تعزيز آفاق التعاون المشترك بما يخدم مصالح البلدين والشعبين».

إريتريا لن تقف على الحياد

وكان الرئيس آسياس أفورقي قد هدد قبل أيام، بأن بلاده ستتدخل لصالح الجيش السوداني إذا اقتربت الحرب من أربع ولايات حدودية، هي: القضارف وكسلا والبحر الأحمر والنيل الأزرق، وأضاف في تصريحات نقلتها صحيفة «التيار» السودانية: «إذا وصلت الحرب إلى هذه الولايات، فإن إريتريا لن تقف مكتوفة الأيدي، وستصبح طرفاً في الحرب بكل ما تملك من جيوش وإمكانيات، لأن أمنها القومي سيصبح في المحك».

ووفق عثمان ميرغني رئيس تحرير صحيفة «التيار» السودانية، الذي زار أسمرة، ضمن وفد صحافي سوداني، الشهر الماضي، فإن الرئيس الإريتري أبلغهم بأن بلاده «تنظر إلى الحرب الدائرة بوصفها حرباً إقليمية تستهدف السودان»، داعياً للتعامل معها بالجدية الكافية، وقال أيضاً: «ما كان يجب السماح بقيامها (الحرب) ابتداءً، سواء كان ذلك سلماً أو حرباً، وعدم السماح باستمرارها لأكثر من عام ونصف العام، وكان يجب توجيه ضربة استباقية لـ(الدعم السريع)».

وأوضح ميرغني على «فيسبوك»، أن أفورقي أبلغهم بأهمية بلوغ الدولة السودانية ما سماه «بر الأمان»، عادّاً ذلك «أولوية الأولويات»، وقال أفورقي أيضاً: «الدولة السودانية تواجه تحدي البقاء أو الفناء، وإنقاذها من هذا المصير يتطلب اتحاد كلمة الشعب السوداني مع الجيش».

دعوة بوتين لزيارة بورتسودان

من جهة أخرى، سير مئات السودانيين في العاصمة الإدارية «بورتسودان» موكباً إلى السفارة الروسية، تأييداً وشكراً على «الفيتو» الروسي في مجلس الأمن، وإسقاط مشروع القرار الذي تقدمت به بريطانيا وسيراليون، لوقف الحرب وإيصال المساعدات الإنسانية، وحملوا لافتات كتب عليها: «شكراً روسيا، روسيا تدعم السلام والاستقرار في السودان».

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وقائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان لدى لقائهما في منتجع سوتشي على البحر الأسود أكتوبر 2019 (أ.ب)

وقال السفير الروسي في بورتسودان، أندريه تشيرنوفول، لدى استقباله المسيرة، إن حكومته صديقة وستظل صديقة للشعب السوداني، وأضاف: «الكل يعرف الوضع الداخلي في السودان، وأن الشعب يقف مع الجيش ومع الحكومة الشرعية، وهذا واقع معروف في كل العالم».

وأوضح أن استخدام بلاده لحق النقض «فيتو» يأتي احتراماً لخيار الشعب السوداني، وأضاف: «نحترم خيار الشعب السوداني، ومن أجل ذلك رفعنا صوتنا في مجلس الأمن ضد الوجود الأجنبي على أراضي السودان». ووجهت «المبادرة السودانية الشعبية»، وهي الجهة التي نظمت الموكب الدعوة للرئيس الروسي «فلاديمير بوتين»، لزيارة السودان لتكريمه من قبل الشعب، وكرّمت سفير بلاده في بورتسودان.