«مذبحة أبو سليم» المُرتكبة بعهد القذافي... 27 عاماً في «دوامة التقاضي»

المحكمة العليا تعيد القضية إلى «استئناف طرابلس» للنظر فيها مجدداً

أهالي ضحايا «مذبحة سجن أبو سليم» يعبّرون عن استيائهم مما سموه بـ«المماطلة» في إصدار الأحكام القضائية (صفحة المحكمة على «فيسبوك»)
أهالي ضحايا «مذبحة سجن أبو سليم» يعبّرون عن استيائهم مما سموه بـ«المماطلة» في إصدار الأحكام القضائية (صفحة المحكمة على «فيسبوك»)
TT

«مذبحة أبو سليم» المُرتكبة بعهد القذافي... 27 عاماً في «دوامة التقاضي»

أهالي ضحايا «مذبحة سجن أبو سليم» يعبّرون عن استيائهم مما سموه بـ«المماطلة» في إصدار الأحكام القضائية (صفحة المحكمة على «فيسبوك»)
أهالي ضحايا «مذبحة سجن أبو سليم» يعبّرون عن استيائهم مما سموه بـ«المماطلة» في إصدار الأحكام القضائية (صفحة المحكمة على «فيسبوك»)

أعادت المحكمة العليا في العاصمة الليبية، طرابلس، قضية «مذبحة سجن أبو سليم» إلى «استئناف طرابلس» ثانيةً للنظر فيها من هيئة قضائية جديدة، لتتواصل «دوامة التقاضي» التي بدأتها إبّان نظام الرئيس الراحل معمر القذافي، في دهاليز وردهات المحاكم.

وقبل قرابة 27 عاماً، اقتحمت مجموعةٌ من القوات الخاصة غالبية زنازين «سجن أبو سليم»، بضواحي العاصمة طرابلس، الذي كان يضم حينها 1269 معارضاً لنظام القذافي، وفتحت النيران عليهم فأردتهم قتلى، في قضية شهيرة ظلت متداولة في المحاكم الليبية.

وقررت الدائرة الجنائية بالمحكمة العليا في ليبيا (الأحد) إلغاء الحكم الصادر عن محكمة استئناف طرابلس بعدم اختصاصها بالنظر في قضية «مذبحة سجن أبو سليم»، وأحالت القضية إليها ثانية للنظر فيها من جديد.

وينظر إلى الجريمة التي روّعت الليبيين، وشغلتهم منذ ارتكابها في التاسع والعشرين من يونيو (حزيران) عام 1996 على أنها واحدة من جرائم القتل الجماعي الكاشفة لما يجري داخل ردهات وزنازين سجون ومعتقلات ليبيا، قديماً وحديثاً، قبل إسقاط نظام القذافي وبعده.

وحسب مستشار «رابطة ضحايا مجزرة أبو سليم» مصطفى المجدوب، فإن هناك 86 متهماً في القضية أبرزهم عبد الله السنوسي، رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية في عهد القذافي، بالإضافة إلى منصور ضو، رئيس الحرس الخاص بالنظام السابق.

السنوسي مدير الاستخبارات العسكرية في عهد القذافي (أرشيفية من رويترز)

وأبدى أهالي الضحايا (الأحد) «استياءً كبيراً» مما سموه بـ«المماطلة والتأخير» في إصدار الأحكام القضائية على «من أجرم في حق أبنائنا الذين قتلوا في أبشع مذبحة عرفها التاريخ».

ونوهت «رابطة الضحايا» بأن المحكمة العليا ألغت الحكم السابق الصادر عن محكمة استئناف طرابلس «بعدم الاختصاص، والتي أحالت بمقتضاه القضية للقضاء العسكري للمرة الثانية»، مشيرةً إلى أنها أحالت القضية إلى محكمة استئناف طرابلس للنظر فيها من هيئة جديدة.

وشُيّد «سجن أبو سليم» في عهد القذافي عام 1984، ليحل محل سجن «الحصان الأسود»، الباقي من فترة الاحتلال الإيطالي. ويقع داخل أسوار معسكر قيادة الشرطة العسكرية في العاصمة، ويتكون من سجنين عسكري ومركزي.

وفي عام 2015، صدر حكم الإعدام بحق السنوسي، المسجون راهناً في طرابلس، في قضية «مذبحة أبو سليم». وبعد مداولات عدة قضت محكمة استئناف طرابلس في منتصف ديسمبر (كانون الأول) 2019 بإسقاط التهمة عن المدانين لانقضاء مدة الخصومة، لكن المحكمة العليا بالبلاد نقضت الحكم قبل نحو عام، وأعادت المحاكمة بإسنادها لدائرة جنايات جديدة.

وبعد مداولات عديدة، قضت محكمة استئناف طرابلس في منتصف يونيو (حزيران) 2022، بعدم اختصاصها بالنظر في قضية «المذبحة»، وأحالت ملفها إلى القضاء العسكري «لعدم الاختصاص الولائي للمحكمة المدنية». ووفق ما أفادت هيئة الدفاع الموكلة من قِبل أسر الضحايا لـ«الشرق الأوسط»، آنذاك، فإن هيئة المحكمة رأت أن «حيثيات القضية في مجملها ذات طابع عسكري، وتم إحالة ملفها إلى القضاء العسكري للاختصاص والنظر فيها».

غير أن الدائرة الجنائية بالمحكمة العليا بطرابلس، قررت (الأحد) إعادة قضية «مذبحة سجن أبو سليم» إلى محكمة استئناف طرابلس، وطالبت بالنظر فيها مجدداً، لتستمر «دوامة التقاضي»، وسط مطالب أسرة الضحايا بـ«القصاص العادل» لذويهم.

ويشكك موالون لنظام القذافي في وقوع هذه «المذبحة» بالشكل الذي رواه ناجون منها عقب إسقاط النظام السابق، ويربطون ذلك بالإفراج عن عدد من الذين اتهموا بالتورط فيها، ويستغربون الإبقاء على بعض قيادات النظام السابق في المعتقلات، بعد حصولهم على أحكام بالبراءة.


مقالات ذات صلة

هل يتمكن «النواب» الليبي من تحريك ملف «المصالحة الوطنية» المتعثر؟

شمال افريقيا مجلس النواب دخل مجدداً على خط ملف المصالحة في مواجهة المجلس الرئاسي (المجلس)

هل يتمكن «النواب» الليبي من تحريك ملف «المصالحة الوطنية» المتعثر؟

عقيلة صالح دعا إلى ضرورة تحقيق المصالحة «لتشمل جميع المؤسسات والجماعات»، بما يضمن «إنهاء الخلافات والاستفادة من حركة التاريخ».

جاكلين زاهر (القاهرة )
شمال افريقيا عناصر من هيئة البحث عن المفقودين تتفحص رفاة أشلاء تم العثور عليها في ترهونة (هيئة البحث عن المفقودين)

سلطات ليبيا تتجاهل مذكرات اعتقال «الجنائية الدولية» لقادة «ميليشيا الكاني»

رحبت منظمات شعبية بمذكرة المحكمة الجنائية الدولية عن توقيف 6 أعضاء في ميليشيا «الكانيات» المسلحة، لاتهامهم بـ«ارتكاب جرائم حرب في البلاد»

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا خوري خلال لقائها فرحات بن قدارة (حساب خوري على «إكس»)

الأمم المتحدة تدعو قادة ليبيا لإدارة عائدات النفط «لصالح الشعب»

يتطلع الليبيون إلى مرحلة ما بعد حل أزمة «المركزي»، في وقت تسعى البعثة الأممية لجهة إدارة الموارد النفطية من قبل المصرف، وتسخير الموارد النفطية لتحقيق التنمية.

جمال جوهر (القاهرة )
شمال افريقيا المنفي والحداد رئيس أركان قوات «الوحدة» (المجلس الرئاسي)

المنفي يتمسك بإنشاء «مفوضية للاستفتاء» رغم معارضة «النواب»

عاد رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي إلى فتح ملف تدشين «مفوضية الاستفتاء والاستعلام الوطني» رغم معارضة مجلس النواب، مما قد يجدد الجدل حولها.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا رصد تقرير للمنظمة الدولية للهجرة وجود أكثر من 700 ألف مهاجر غير نظامي في ليبيا (إ.ب.أ)

«الوحدة» الليبية تطلق حملة لترحيل «المهاجرين»

قالت وزارة الداخلية بحكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة إنها ستطلق حملة لإعادة المهاجرين إلى بلدانهم، تبدأ من العاصمة طرابلس لتتوسع لاحقاً وتشمل باقي المدن الليبية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

تونس تنتخب رئيسها اليوم

نقل صناديق الاقتراع داخل أحد مراكز العاصمة تونس (إ.ب.أ)
نقل صناديق الاقتراع داخل أحد مراكز العاصمة تونس (إ.ب.أ)
TT

تونس تنتخب رئيسها اليوم

نقل صناديق الاقتراع داخل أحد مراكز العاصمة تونس (إ.ب.أ)
نقل صناديق الاقتراع داخل أحد مراكز العاصمة تونس (إ.ب.أ)

يتوجّه التونسيون اليوم إلى صناديق الاقتراع لاختيار رئيس جديد للبلاد، بعد نحو 3 أسابيع من انطلاق حملة المترشّحين للرئاسة.

ويواجه الرئيس قيس سعيّد، النائب البرلماني السابق زهير المغزاوي، والنائب السابق ورجل الأعمال العياشي زمال، الذي سُجن، بعد قبول هيئة الانتخابات ترشحه الشهر الماضي.

هذه الانتخابات تعد، وفق مراقبين، مختلفة عن سابقاتها، وذلك بسبب الاحتجاجات التي رافقت الحملة الانتخابية، والانتقادات التي وجهت لهيئة الانتخابات، واتهامها بتعبيد الطريق أمام الرئيس للفوز بسهولة على منافسيه، وأيضاً بسبب مخاوف من عزوف التونسيين عن الاقتراع.

وقال رئيس «الجمعية التونسية من أجل نزاهة وديمقراطية الانتخابات» (عتيد)، بسام معطر، إن نسبة المشاركة «تواجه تحديات بسبب الإشكالات الكثيرة التي رافقت الحملة الانتخابية، ودعوات المقاطعة من قِبَل عدة أحزاب من المعارضة».