هل يمكن للكهرباء الساكنة أن تسبب حريقا؟

هل يمكن للكهرباء الساكنة أن تسبب حريقا؟
TT

هل يمكن للكهرباء الساكنة أن تسبب حريقا؟

هل يمكن للكهرباء الساكنة أن تسبب حريقا؟

إن صعقات الكهرباء الساكنة شائعة في الحياة اليومية. لكن هل يمكن للكهرباء الساكنة أن تعطي ما يكفي من الصدمة لإشعال النار؟

الكهرباء الساكنة هي نتيجة لعدم التوازن بين الشحنات الكهربائية السلبية والإيجابية في الجسم، وفقا لمكتبة الكونغرس الأميركية.

ويمكن أن تتراكم هذه الشحنات على سطح الجسم حتى تجد طريقة لتفريغها. وان السبب الأكثر شيوعًا للكهرباء الساكنة هو ظاهرة تُعرف باسم «الكهرباء الاحتكاكية»، كما تقول بوريا شمسي مهندسة إلكترونيات الطاقة بجامعة ميسوري للعلوم والتكنولوجيا. موضحة «عندما تتلامس مادتان بشكل متكرر ثم تنفصلان، يمكن لسطح إحدى المادتين أن يسرق الإلكترونات من سطح المادة الأخرى. ولهذا السبب فإن فرك الجوارب على السجادة أو تمرير مشط بلاستيكي على الشعر يمكن أن يؤدي إلى توليد شحنات كهربائية؛ ففي جوهر الأمر، تترك الإلكترونات السالبة جسمًا واحدًا للآخر. وبعد ذلك، عندما تلمس شيئًا ما، مثل قطتك أو كلبك، ستصاب بصدمة عندما تغادر الإلكترونات الإضافية بسرعة. وفي حالة فرك بالون على قميصك، يتلقى البالون فائضا من الإلكترونات، التي تساعد شحنتها السالبة البالون على الالتصاق». وذلك حسب ما نشر موقع «لايف ساينس» العلمي.

واضافت شمسي «ان أقوى عرض للكهرباء الساكنة على الأرض هو البرق؛ إذ يمكن أن يؤدي التصادم بين قطرات المطر وبلورات الجليد داخل السحب إلى تراكم كميات هائلة من الكهرباء الساكنة، وفقًا لخدمة الأرصاد الجوية الوطنية». وتابعت «ان تفريغات البرق يمكن أن تحتوي على ما يصل إلى 5 غيغا جول من الطاقة، وهو ما يكفي لإشعال النار بعدة أشجار في لحظة. وبالمقارنة، فإن كمية الشحنة الساكنة التي قد تتراكم على الشخص أقل بمئات المليارات من المرات، وتصل إلى حوالى 40 مللي جول من الطاقة». إذ تؤكد شمسي «يعادل هذا مقدار الطاقة التي قد يستخدمها ضوء مؤشر LED النموذجي في ثانية واحدة، وفقًا لشركة تصميم الإلكترونيات Cadence. ومع ذلك حتى هذه الكمية الصغيرة من الطاقة كافية لإتلاف الأجهزة الإلكترونية الحساسة أو إشعال حريق».

وتشدد شامسي أن معظم حرائق الكهرباء الساكنة التي يتسبب فيها الإنسان تبدأ بأبخرة وغازات الوقود القابلة للاشتعال.

بدوره، يقول مارك لامبرت مدير أكاديمية التدريب على مكافحة الحرائق بولاية فرجينيا الغربية «ان المواقف اليومية الأكثر شيوعًا لبدء الحريق ستكون في مضخات الغاز». حيث يمكن للكهرباء الساكنة الموجودة على الشخص أن تنطلق على شكل شرارة كهربائية على مقبض المضخة. وشرح انه «لمنع الحرائق في محطات الوقود المس المعدن أو باب السيارة بيدك العارية قبل استخدام المضخة؛ فسيؤدي ذلك إلى تفريغ الكهرباء الساكنة على جسمك وسيمنع احتمال نشوب حريق».

وأفاد لامبرت بأن «الأهم من ذلك، أنه بمجرد ضخ البنزين، لا تعود إلى سيارتك. فهذا يمكن أن يعيد شحن جسمك بالكهرباء الساكنة».

وفي هذا الاطار، يمكن لبطانات أسِرَّة الشاحنات أن تولد كهرباء ساكنة أيضًا. وفق لامبرت الذي يشير الى انه «يجب عليك دائمًا إزالة علب الغاز من أسفل الشاحنة لملئها في المضخة». قائلا «في المناطق الصناعية، يمكن للكهرباء الساكنة أن تشعل النار في الغبار الناعم، بما في ذلك غبار الخشب الناعم وغبار الألومنيوم وحتى دقيق القمح. كما يمكن أن تؤدي المساحيق والمواد الأخرى التي تتحرك داخل منشأة إلى تراكم الكهرباء الساكنة على الأسطح التي يمكن أن تفرغ بعد ذلك على الغبار، ما يؤدي إلى احتراقه».

وخلصت شامسي الى القول «قد لا يعتبر الشخص العادي الألومنيوم أو الخبز الذي يتناوله مادة قابلة للاحتراق. لكن عندما يتم تحويل كل منهما إلى مسحوق ناعم، يمكن أن يحترق كلاهما بسبب تفريغ الكهرباء الساكنة. إلّا انه بشكل عام يجب على الأشخاص الذين يعملون بالوقود القابل للاحتراق، بما في ذلك الهيدروكربونات والغبار الناعم، تفريغ أنفسهم من الشحنات الكهربائية قبل التعامل مع الوقود أو دخول تلك البيئات».


مقالات ذات صلة

تحسن الأمن الغذائي في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية

المشرق العربي نقص التمويل يحرم الملايين في اليمن من المساعدات (المجلس النرويجي للاجئين)

تحسن الأمن الغذائي في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية

أظهرت دراسة أممية انخفاض مستوى انعدام الأمن الغذائي في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، في مقابل زيادة في تدابير الأمن الغذائي بمناطق سيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)
صحتك يمكن للقناع تحليل المواد الكيميائية في التنفُّس فوراً (معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا)

قناع ذكي يراقب الصحة من خلال التنفُّس

طوّر باحثون في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا قناعاً ذكياً يُستخدم لمراقبة الحالة الصحية للأفراد، وتشخيص مجموعة من الأمراض بشكل فوري من خلال التنفُّس.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق نصائح لإدارة القلق (رويترز)

كيف نتعايش مع القلق... 5 نصائح لتقبله

مواجهة القلق مباشرة والتعامل معه بشكل مختلف يمكن أن يغيرا حياتك.

«الشرق الأوسط» (لندن)
تحليل إخباري جنود أوكرانيون يقفون بالقرب من مركبة عسكرية، وسط هجوم روسي على أوكرانيا، بالقرب من الحدود الروسية في منطقة سومي، أوكرانيا، 16 أغسطس 2024 (رويترز)

تحليل إخباري ما أسباب ضعف استجابة الكرملين للتوغّل الأوكراني في كورسك الروسية؟

بعد 3 أسابيع من القتال في منطقة كورسك الروسية، لا تزال روسيا تعاني لطرد القوات الأوكرانية من هذه المنطقة، فما أسباب بطء الاستجابة الروسية للتوغّل الأوكراني؟

شادي عبد الساتر (بيروت)
صحتك مصاب بالسكتة القلبية (رويترز)

الضوضاء قد تزيد من خطر الإصابة بنوبة قلبية

حذر أطباء من أضرار الضوضاء على صحة الإنسان حيث إنها قد تزيد من خطر الإصابة بنوبة قلبية بحسب وكالة «يونايتد برس إنترناشيونال» الأميركية للأنباء

«الشرق الأوسط» (واشنطن )

اختبار «اللهجة الفلاحي»... تندُّر افتراضي يتطوّر إلى «وصم اجتماعي»

لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
TT

اختبار «اللهجة الفلاحي»... تندُّر افتراضي يتطوّر إلى «وصم اجتماعي»

لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)

مع انتشار اختبار «اللهجة الفلاحي» عبر مواقع التواصل في مصر بشكل لافت خلال الساعات الماضية، وتندُّر كثيرين على مفردات الاختبار التي عدَّها البعض «غير مألوفة» وتحمل معاني متعدّدة؛ تطوّر هذا الاختبار إلى «وصم اجتماعي» بتحوّل ناجحين فيه إلى مادة للسخرية، بينما تباهى خاسرون بالنتيجة، وعدّوا أنفسهم من أبناء «الطبقة الراقية».

وكتبت صاحبة حساب باسم بسمة هاني بعد نشر نتيجة اختبارها «اللهجة الفلاحي»، 5/ 20، عبر «فيسبوك»: «يعني أنا طلعت من EGYPT»، مع تعبير «زغرودة» للدلالة إلى الفرح.

ونشر حساب باسم المهندس رامي صورة لرجل يركب حماراً ويجري بسرعة وفرح، معلّقاً أنه هكذا يرى مَن نجحوا في اختبار «اللهجة الفلاحي».

وكتب حساب باسم سعيد عوض البرقوقي عبر «فيسبوك»: «هذا اختبار اللهجة الفلاحي... هيا لنرى الفلاحين الموجودين هنا وأقصد فلاحي المكان وليس الفكر».

ورداً على موجة السخرية والتندُّر من هذا الاختبار، كتب صاحب حساب باسم محمد في «إكس»: «هناك فلاحون يرتدون جلباباً ثمنه ألف جنيه (الدولار يساوي 48.62 جنيه مصري) ويمتلك بيتاً من هذا الطراز – نشر صورة لبيت بتصميم فاخر – ويعرف الصح من الخطأ، ويعلم بالأصول وهو أهل للكرم، تحية لأهالينا في الأرياف».

وأمام التحذير من تعرّض المتفاعلين مع الاختبار إلى حملات اختراق، كتب الإعلامي الدكتور محمد ثروت على صفحته في «فيسبوك»: «اختبار اللهجة الفلاحي مجرّد (ترند) كوميدي وليس هاكرز، ويعبّر عن جهل شديد في أصولنا وعاداتنا المصرية القديمة». فيما كتب حساب باسم إبراهيم عبر «إكس»: «أخاف المشاركة في الاختبار والحصول على 10/ 20. أهلي في البلد سيغضبون مني».

وتضمّ مصر عدداً من اللهجات المحلّية، وهو ما يردُّه بعض الباحثين إلى اللغة المصرية القديمة التي تفاعلت مع اللغة العربية؛ منها اللهجة القاهرية، واللهجة الصعيدية (جنوب مصر)، واللهجة الفلاحي (دلتا مصر)، واللهجة الإسكندراني (شمال مصر)، واللهجة الساحلية واللهجة البدوية. ولمعظم هذه اللهجات اختبارات أيضاً عبر «فيسبوك».

اختبار «اللهجة الفلاحي» يغزو وسائل التواصل (فيسبوك)

في هذا السياق، يرى أستاذ الأدب والتراث الشعبي في جامعة القاهرة الدكتور خالد أبو الليل أنّ «هذا (الترند) دليل أصالة وليس وصمة اجتماعية»، ويؤكد لـ«الشرق الأوسط» أنّ «إقبال البعض في وسائل التواصل على هذا الاختبار محاولة للعودة إلى الجذور».

ويُضيف: «صوَّر بعض الأعمال الدرامية أو السينمائية الفلاح في صورة متدنّية، فترسَّخت اجتماعياً بشكل مغاير للحقيقة، حتى إنّ أي شخص يمتهن سلوكاً غير مناسب في المدينة، يجد، حتى اليوم، مَن يقول له (أنت فلاح) بوصفها وصمة تحمل معاني سلبية، على عكس طبيعة الفلاح التي تعني الأصالة والعمل والفَلاح. محاولة تحميل الكلمة معاني سلبية لعلَّها رغبةُ البعض في التقليل من قيمة المجتمعات الزراعية لأغراض طبقية».

ويتابع: «مَن يخوض الاختبار يشاء استعادة المعاني التي تعبّر عن أصالته وجذوره، أما من يتندّرون ويسخرون من الفلاحين فهُم قاصرو التفكير. ومن يخسرون ويرون أنّ خسارتهم تضعهم في مرتبة اجتماعية أعلى، فهذا تبرير للفشل».

ويشير أبو الليل إلى دور إيجابي تؤدّيه أحياناً وسائل التواصل رغم الانتقادات الموجَّهة إليها، موضحاً: «أرى ذلك في هذا الاختبار الذي لا يخلو من طرافة، لكنه يحمل دلالة عميقة تردُّ الحسبان للفلاح رمزاً للأصالة والانتماء».

لقطة من فيلم «المواطن مصري» الذي تدور أحداثه في الريف (يوتيوب)

ويعيش في الريف نحو 57.8 في المائة من سكان مصر بعدد 45 مليوناً و558 ألف نسمة، وفق آخر إحصائية نشرها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عام 2022، بينما يبلغ سكان المدن نحو 40 مليوناً و240 ألف نسمة.

من جهتها، ترى أستاذة علم الاجتماع في جامعة بنها، الدكتورة هالة منصور، أنّ «الثقافة الشعبية المصرية لا تعدُّ وصف (الفلاح) أمراً سلبياً، بل تشير إليه على أنه (ابن أصول) وجذوره راسخة»، مضيفة لـ«الشرق الأوسط»: «يُسأل الوافدون إلى القاهرة أو المدن الكبرى عن أصولهم، فمَن لا ينتمي إلى قرية يُعدُّ غير أصيل».

وتُرجِع الوصم الاجتماعي الخاص بالفلاحين إلى «الهجرة الريفية الحضرية التي اتّسع نطاقها بدرجة كبيرة نظراً إلى ثورة الإعلام ومواقع التواصل التي رسَّخت سلوكيات كانت بعيدة عن أهل الريف».

وتشير إلى أنّ «السينما والدراما والأغنيات ترسّخ لهذا المنظور»، لافتة إلى أنه «من سلبيات ثورة 1952 التقليل من قيمة المهن الزراعية، والاعتماد على الصناعة بوصفها قاطرة الاقتصاد. وقد أصبحت تلك المهن في مرتبة متدنّية ليُشاع أنَّ مَن يعمل في الزراعة هو الفاشل في التعليم، وهذا لغط يتطلّب درجة من الوعي والانتباه لتصحيحه، فتعود القرية إلى دورها المركزي في الإنتاج، ومكانها الطبيعي في قمة الهرم الاجتماعي».

وعمَّن فشلوا في اختبار «اللهجة الفلاحي» وتفاخرهم بذلك بوصفهم ينتمون إلى طبقة اجتماعية راقية، تختم أستاذة علم الاجتماع: «هذه وصمة عار عليهم، وليست وسيلة للتباهي».