لماذا خرج محافظ «المركزي» الليبي عن صمته لينتقد «الوحدة»؟

التكبالي: الخطاب محاولة للنأي بنفسه عن حكومة الدبيبة التي بات مصيرها مهدداً

من لقاء سابق جمع بين الكبير والدبيبة (المصرف المركزي الليبي)
من لقاء سابق جمع بين الكبير والدبيبة (المصرف المركزي الليبي)
TT

لماذا خرج محافظ «المركزي» الليبي عن صمته لينتقد «الوحدة»؟

من لقاء سابق جمع بين الكبير والدبيبة (المصرف المركزي الليبي)
من لقاء سابق جمع بين الكبير والدبيبة (المصرف المركزي الليبي)

انتقد محافظ المصرف المركزي الليبي، الصديق الكبير، ازدياد إنفاق حكومة «الوحدة» الوطنية المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، في إجراء نادر أثار تساؤلات كثيرة حول أسباب خروج المحافظ عن صمته.

وأرسل الكبير خطاباً إلى الدبيبة، تناول فيه التحديات المالية التي تواجه البلاد، وفي مقدمتها ازدياد الإنفاق العام بشكل غير مدروس، ما عدَّه سياسيون وخبراء إشارة إلى تفاقم الخلافات بين الرجلين، وإن جرى تغليفه بإطار اقتصادي.

ويعتقد عضو مجلس النواب الليبي، علي التكبالي، أن توقيت ودوافع هذا الخطاب تتمثل في كونه «محاولة من الكبير للنأي بنفسه عن حكومة الدبيبة التي بات البعض يرى أن مصيرها بات مهدداً؛ وربما اقترب موعد رحيلها».

وقال التكبالي لـ«الشرق الأوسط»، إن الكبير «ربما فهم من أحاديث بعض الدبلوماسيين الغربيين وجود ضغوط دولية للتضييق على الدبيبة لإثنائه عن تشبثه ببقاء حكومته في السلطة». وتوقع الكشف عن «الحكومة الجديدة بعد عدة أشهر إذا استمرت الضغوط الدولية، كما يأمل خصوم الدبيبة»، كما رأى أن المحافظ «المعروف بمهارته في قراءة وتوظيف التطورات في الساحة لصالحه، لم يتردد في المشاركة بتلك الضغوط؛ فوجه ونشر خطابه للدبيبة، وتحدث فيه عن إخفاقات حكومته في إدارة الوضع الاقتصادي».

ورغم إشارته لمسؤولية الحكومات المتعاقبة بعد «ثورة فبراير (شباط)» في التوسع غير المدروس بالإنفاق العام، اقتصر خطاب الكبير على رصد ما أنفقته الدولة خلال الفترة الممتدة من 2021 حتى نهاية 2023، وهي مدة تولي حكومة الدبيبة للمسؤولية، والمقدر وفقاً لإحصائيات المصرف بنحو 420 مليار دينار ليبي (الدولار يساوي 4.83 دينار في السوق الرسمية).

وفي أول رد على خطاب «المركزي» من قبل حكومة «الوحدة»، قال وكيل وزارة الاقتصاد والتجارة بـ«الوحدة»، سهيل بوشيحة، في تصريح لقناة «ليبيا الأحرار»، إن إنفاق حكومته بلغ خلال الأعوام الثلاثة الماضية «340 مليار دينار فقط»؛ مشيراً إلى «مسؤولية الكبير في تمويل حكومة (الوحدة)، دون أي اعتراض على مدار الثلاث السنوات؛ رغم أنف البرلمان الذي سحب الثقة منها».

بالمقابل، ذهب رئيس الهيئة التأسيسية لحزب «التجمع الوطني الديمقراطي»، أسعد زهيو، إلى أن «تفجير الكبير لعلاقته مع الدبيبة يعود لاصطفافات سياسية محلية». وقال زهيو لـ«الشرق الأوسط»، إن «خطاب الكبير هو بمثابة إعلان منه بأن علاقته بالدبيبة وصلت إلى نقطة اللاعودة، في ظل ما يتردد عن اتساع الخلاف بين الدبيبة وقوى وأطراف محلية قريبة من الكبير»، مضيفاً أن «هذا هو ما دفع الكبير للحديث عن سلبيات إدارة الدبيبة للوضع الاقتصادي ومخاطرها، رغم صمته عليها لثلاث سنوات كاملة»، معتبراً أنه «أراد إحراجه أمام الليبيين، بالتزامن مع ازدياد معاناة قطاع كبير بفعل تراجع سعر صرف الدينار مقابل الدولار، وتداعيات ذلك من ارتفاع الأسعار».

ومنذ مارس (آذار) 2022 تتنازع حكومتان على السلطة في ليبيا: الأولى برئاسة الدبيبة المتمركزة بالعاصمة، والثانية حكومة مكلفة من البرلمان وتدير المنطقة الشرقية، ويرأسها أسامة حماد.

وانتهى زهيو إلى أن خطاب الكبير «حمل رسالة واضحة، وهي أنه لن يتم صرف ميزانية إلا لحكومة جديدة، وأن (المركزي) سيكتفي راهناً بصرف الرواتب والدعم فقط».

بدوره، رأى الباحث في مؤسسة «غلوبال أنيشاتيف»، جلال حرشاوي، أن «التغيير في موقف محافظ (المركزي) كان مدفوعاً من قبل بعض الجماعات الليبية، وليس من قبل دول أجنبية».

وأعرب حرشاوي عن اعتقاده بأن «النقطة المفصلية في خلاف الدبيبة والكبير، والتي نقلته من الكتمان للعلانية، عندما اتخذ الأخير في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي قراراً بوقف الإنفاق من احتياطات (المركزي) لتعويض نقص إيرادات العملة الأجنبية، الناتج عن المستوى العالي من إنفاق الحكومتين المتنازعتين على السلطة». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن كشف الكبير لخلافه مع الدبيبة «يمثل تحدياً قوياً للأخير»، موضحاً أن «المحافظ بهذا الشكل أرسل إشارة مهمة للقوى المحلية، كبعض الميليشيات المتحالفة مع الدبيبة، والتي قد يتأثر قرارها بدرجة كبيرة حيال الإبقاء على هذا التحالف، إذا علمت برفض تمويل حكومته».


مقالات ذات صلة

هل يتمكن «النواب» الليبي من تحريك ملف «المصالحة الوطنية» المتعثر؟

شمال افريقيا مجلس النواب دخل مجدداً على خط ملف المصالحة في مواجهة المجلس الرئاسي (المجلس)

هل يتمكن «النواب» الليبي من تحريك ملف «المصالحة الوطنية» المتعثر؟

عقيلة صالح دعا إلى ضرورة تحقيق المصالحة «لتشمل جميع المؤسسات والجماعات»، بما يضمن «إنهاء الخلافات والاستفادة من حركة التاريخ».

جاكلين زاهر (القاهرة )
شمال افريقيا عناصر من هيئة البحث عن المفقودين تتفحص رفاة أشلاء تم العثور عليها في ترهونة (هيئة البحث عن المفقودين)

سلطات ليبيا تتجاهل مذكرات اعتقال «الجنائية الدولية» لقادة «ميليشيا الكاني»

رحبت منظمات شعبية بمذكرة المحكمة الجنائية الدولية عن توقيف 6 أعضاء في ميليشيا «الكانيات» المسلحة، لاتهامهم بـ«ارتكاب جرائم حرب في البلاد»

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا خوري خلال لقائها فرحات بن قدارة (حساب خوري على «إكس»)

الأمم المتحدة تدعو قادة ليبيا لإدارة عائدات النفط «لصالح الشعب»

يتطلع الليبيون إلى مرحلة ما بعد حل أزمة «المركزي»، في وقت تسعى البعثة الأممية لجهة إدارة الموارد النفطية من قبل المصرف، وتسخير الموارد النفطية لتحقيق التنمية.

جمال جوهر (القاهرة )
شمال افريقيا المنفي والحداد رئيس أركان قوات «الوحدة» (المجلس الرئاسي)

المنفي يتمسك بإنشاء «مفوضية للاستفتاء» رغم معارضة «النواب»

عاد رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي إلى فتح ملف تدشين «مفوضية الاستفتاء والاستعلام الوطني» رغم معارضة مجلس النواب، مما قد يجدد الجدل حولها.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا رصد تقرير للمنظمة الدولية للهجرة وجود أكثر من 700 ألف مهاجر غير نظامي في ليبيا (إ.ب.أ)

«الوحدة» الليبية تطلق حملة لترحيل «المهاجرين»

قالت وزارة الداخلية بحكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة إنها ستطلق حملة لإعادة المهاجرين إلى بلدانهم، تبدأ من العاصمة طرابلس لتتوسع لاحقاً وتشمل باقي المدن الليبية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

تونس تنتخب رئيسها اليوم

نقل صناديق الاقتراع داخل أحد مراكز العاصمة تونس (إ.ب.أ)
نقل صناديق الاقتراع داخل أحد مراكز العاصمة تونس (إ.ب.أ)
TT

تونس تنتخب رئيسها اليوم

نقل صناديق الاقتراع داخل أحد مراكز العاصمة تونس (إ.ب.أ)
نقل صناديق الاقتراع داخل أحد مراكز العاصمة تونس (إ.ب.أ)

يتوجّه التونسيون اليوم إلى صناديق الاقتراع لاختيار رئيس جديد للبلاد، بعد نحو 3 أسابيع من انطلاق حملة المترشّحين للرئاسة.

ويواجه الرئيس قيس سعيّد، النائب البرلماني السابق زهير المغزاوي، والنائب السابق ورجل الأعمال العياشي زمال، الذي سُجن، بعد قبول هيئة الانتخابات ترشحه الشهر الماضي.

هذه الانتخابات تعد، وفق مراقبين، مختلفة عن سابقاتها، وذلك بسبب الاحتجاجات التي رافقت الحملة الانتخابية، والانتقادات التي وجهت لهيئة الانتخابات، واتهامها بتعبيد الطريق أمام الرئيس للفوز بسهولة على منافسيه، وأيضاً بسبب مخاوف من عزوف التونسيين عن الاقتراع.

وقال رئيس «الجمعية التونسية من أجل نزاهة وديمقراطية الانتخابات» (عتيد)، بسام معطر، إن نسبة المشاركة «تواجه تحديات بسبب الإشكالات الكثيرة التي رافقت الحملة الانتخابية، ودعوات المقاطعة من قِبَل عدة أحزاب من المعارضة».