«ميري كريم» عمل مسرحي يثلج القلب

تشهد ولادة نجمة مسرح جديدة تتمثل بالإعلامية لمى لاوند

تستمر عروض «ميري كريم» لغاية 10 مارس (الشرق الأوسط)
تستمر عروض «ميري كريم» لغاية 10 مارس (الشرق الأوسط)
TT

«ميري كريم» عمل مسرحي يثلج القلب

تستمر عروض «ميري كريم» لغاية 10 مارس (الشرق الأوسط)
تستمر عروض «ميري كريم» لغاية 10 مارس (الشرق الأوسط)

5 ممثلين لبنانيين يقفون على خشبة مسرح «دوار الشمس» ويقدمون عملاً له مذاقه الخاص بطعم مثلجات الـ«ميري كريم». يؤدون أدوارهم بتناغم وعفوية، يتحاورون ويتحركون على الخشبة بطبيعية لافتة. فكما دوري السمراني ووليد عرقجي كذلك تطربنا كل من ميا علاوي وجنيفر يمين ولمى لاوند بأداءٍ له نكهة تليق بخشبة حديثة. وتأتي عملية الإخراج للينا أبيض لتشكل حبة الكرز على قالب حلوى فتزيده شهية.

دوري السمراني «دينامو» مسرحية «ميري كريم» (الشرق الأوسط)

أما العنصر البارز في العمل، فهو حضور موهبة مسرحية، تتمثل بالإعلامية لمى لاوند، التي استطاعت أن تجعل المشاهد يحبس أنفاسه حتى اللحظة الأخيرة، وكأنها أخفت موهبتها عن اللبنانيين لسنوات طويلة. جاءت مسرحية «ميري كريم» لتتيح الفرصة لها للكشف عن قدراتها، فعرفت كيف تشد انتباه مشاهدها منذ الدقيقة الأولى للعرض، وذلك من دون مبالغة ولا فلسفة، في أدواتها التمثيلية، حيث نجحت في إثبات قدرتها على التحكم بلعبة المسرح. ولذلك كان لا بد أن ترى الحضور، وهو يخرج من صالة العرض ينوه بأسلوبها التمثيلي. وهو ما دفع بعضهم إلى التعليق على موهبتها قائلاً: «ميري كريم شهد ولادة نجمة مسرحية».

ولعل هذا التناغم البارز بين أبطال المسرحية فعل فعله وأضفى على كل منهم ميزة معينة.

ميا علاوي وجنيفر يمين في مشهد من المسرحية (الشرق الأوسط)

فدوري السمراني خلع عباءة الممثل الثانوي التي لبسها لسنوات طويلة في أعمال درامية تلفزيونية، وحلّق في سماء عالم المسرح بطلاً تحرّر للتو من قيود فُرضت عليه. وعرف وهو يقدم شخصية نيكولا كيف يجسد دور الشاب اللبناني الذي تحكمه التقاليد. فأجاد في تقديم حالات التردد التي تسيطر على نماذج شباب يشبهونه. وبين مطرقة الأم المتعصبة لديانتها وسندان تقاليد بالية للمجتمع يقف محتاراً بأمره. فيطالعنا السمراني برسائل اجتماعية مباشرة ترتكز على الانفتاح وتقبل الآخر. ويشكل بأدائه المسرحي «دينامو» العمل. وبمهارة الممثل صاحب التجارب المتراكمة ندور معه في فلك الأبيض والأسود، وهي نكهات مثلجات الـ«ميري كريم». فهل ينجح في إقناع محيطه بالتخلي عن العنصرية؟ فحبيبته نور (ميا علاوي) ذات البشرة القاتمة كون أصول والدتها تعود إلى سريلانكا تولِّد عنده هذا الصراع الذي يرافق العرض حتى اللحظة الأخيرة. وضمن قالب كوميدي مشوّق يعتمد الـ«فلاش باك» تنطلق قصة «ميري كريم». ومعها تبدأ رحلة كوميدية اعتمد فيها كاتبها وليد عرقجي على سوء التفاهم كحبكة أساسية لها. وهو ما زوّد العمل بجرعات كبيرة من الضحك ومن التفاعل المباشر بين الحضور والممثلين.

تناغم بارز في أداء الممثلين يحضر في «ميري كريم» (الشرق الأوسط)

مقالب مدوية من جهة، يُضاف إليها رشة مواقف محرجة من جهة أخرى تؤلف مضمون العمل. وتدور القصة مكلّلة بأداء يترك للممثل مساحة حرية وارتجال، وبإيقاع تصاعدي يأخذ مشاهدها إلى واحة كوميدية.

وتحكي المسرحية عن دعوة شابين لبنانيين لحبيبتيهما إلى عشاء رومانسي في المنزل. أحدهما (نيكولا) يستعد للاعتراف لحبيبته (نور) بحبه لها ونيته الزواج منها. وهنا تدخل والدته (لمى لاوند) على الخط لتغير مجرى الحكاية التي وضعها مسبقاً للقيام بمهمته هذه. وتنقلب الأمور رأساً على عقب عندما يدّعي أن صديقة صديقه تانيا (جنيفر يمين) الفتاة الشقراء الجميلة هي حبيبته. فيما يضطر صديقه إلى قلب الأدوار ويدّعي بدوره أن نور (ميا علاوي) هي فتاة أحلامه. وكل ذلك يحصل لمداراة والدة نيكولا المشبعة عنصرية. فإخفاء حقيقة ارتباطه بفتاة من أصول سريلانكية عنها يأتي لتأجيل فتح أبواب جهنم بوجهه. فتبدأ الحكاية لتأخذ منحى كوميدياً بامتياز، يرتكز على سوء تفاهم لا يرضي أحداً من الأطراف.

وتجسد ميا علاوي شخصية الفتاة من أصول سريلانكية لتترجم بعض ما عانته على أرض الواقع في حياتها العادية. فهي بالفعل عانت الأمرين من تمييز عنصري لاحقها تلميذة على مقاعد الدراسة، وأيضاً شابة تشق مستقبلها في مجتمع لا يتقبل الاختلاف. فوالدتها ارتبطت بقصة حب مع شاب لبناني تكلّلت بالزواج وأثمر طفلة ذات بشرة قاتمة، تؤدي دورها في المسرحية بطبيعية، مستخدمة محطات حقيقية من حياتها. فيما تقدّم الممثلة جنيفر يمين نموذجاً حياً عن الفتاة اللبنانية الصادقة؛ فترفض الدخول بلعبة التمييز العنصري لتسقط القناع عن وجوه الجميع في اللحظات الأخيرة.

لمى لاوند شكلت مفاجأة المسرحية (الشرق الأوسط)

ولكاتب العمل وأحد أبطاله وليد عرقجي حمل الحضور كل الإعجاب، بنصه المنساب وغير الممل وأدائه الوازن، فأكمل المشهدية المسرحية المطلوبة لنص خفيف الظل، ونجح في رسم الابتسامة على وجوه متابعيه على مدى نحو ساعة من الوقت.

وبديكورات زاهية تبعث البهجة في القلوب ترافقها أزياء ملونة لممثليها حملت المسرحية خلطة بصرية تبهر العين. فالمخرجة لينا أبيض وضعت أحجار المسرحية كل في مكانه، بعد أن رصعتها بإخراج محترف، فتألق معها العمل لتسوده أجواء مسرحية ترفيهية، ولكنها في الوقت نفسه توصل رسائل اجتماعية جدية.

يُذكر أن عروض مسرحية «ميري كريم» تستمر لغاية 10 مارس (آذار) المقبل على مسرح «دوّار الشمس» في شارع سامي الصلح البيروتي.


مقالات ذات صلة

الأوبرا المصرية تعرض «نيران الأناضول»

يوميات الشرق تميزت الفرقة بعروضها المبهرة (دار الأوبرا المصرية)

الأوبرا المصرية تعرض «نيران الأناضول»

تستقبل دار الأوبرا المصرية العرض التركي «نيران الأناضول» الذي يستلهم ملامح التراث التركي في تابلوهات راقصة لأحد أشهر فرق الرقص الفلكلوري في تركيا.

محمد الكفراوي (القاهرة)
خاص الفنان السوري دريد لحّام (فيسبوك)

خاص دريد لحّام لـ«الشرق الأوسط»: انقضت سنوات القهر وأنا لم أكن مع النظام بل ضد الفوضى

يتحدث الفنان السوري المخضرم دريد لحّام إلى «الشرق الأوسط» عن ارتياحه لنهاية نظام الرأي الأحادي في سوريا ويسترجع السنوات التي مُنعت فيها أعماله بسبب الرقابة.

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق الفنان كريم عبد العزيز (حسابه في «فيسبوك»)

«الباشا»... مسرحية كوميدية تُجدّد لقاء كريم عبد العزيز بالجمهور السعودي

أعلن المستشار تركي آل الشيخ رئيس «هيئة الترفيه السعودية» عبر حسابه الرسمي في موقع «فيسبوك» عن تفاصيل العرض المسرحي، ونشر الملصق الترويجي للمسرحية.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق جانب من العرض الذي كتب نصّه صمويل بيكيت (مسرح الطليعة)

«لعبة النهاية»... رائعة صمويل بيكيت بالعاميّة المصرية

عكست ملابس الممثلين الرثّة حالة السواد التي تطغى على عالمهم، في حين وُظّفت الإضاءة في لحظات المُكاشفة الذاتية التي تتوسَّط سيل الحوارات الغارقة في السخرية...

منى أبو النصر (القاهرة)
يوميات الشرق الفنان كرم مطاوع (السينما دوت كوم)

الذكرى الـ28 لرحيل كرم مطاوع تجدّد الحديث عن معارك «عملاق المسرح»

معارك كثيرة ومواقف «قوية» اتخذها الفنان المصري الراحل كرم مطاوع في حياته، تعود إلى الواجهة مع حلول الذكرى الـ28 لرحيله.

محمد الكفراوي (القاهرة)

دراسة كندية: تعرّف على المحتال من خلال طريقة وقوفه

دراسة كندية: تعرّف على المحتال من خلال طريقة وقوفه
TT

دراسة كندية: تعرّف على المحتال من خلال طريقة وقوفه

دراسة كندية: تعرّف على المحتال من خلال طريقة وقوفه

تشير دراسة جديدة إلى أنه يمكنك التعرف على المحتالين والمتلاعبين من خلال طريقة وقوفهم؛ فإذا كان شخص ما يقف بشكل مستقيم باستمرار، مع «وقفة مفتوحة ومتسعة»، فهناك فرصة أكبر لأن يكون هذا الشخص يسعى إلى الهيمنة عليك أو التلاعب بك... بل إن هناك احتمالاً أكبر في أن يكون مختلاً عقلياً.

جاء هذا في مقال نشرته حديثاً سوزان كراوس ويتبورن الأستاذة الفخرية في العلوم النفسية وعلوم الدماغ بجامعة ماساتشوستس أمهرست في مجلة «سايكولوجي توداي (Psychology Today)».

الجسم والشخصية

استعرضت ويتبورن الأبحاث الحديثة من جامعة ماكغيل الكندية في مونتريال، حول العلاقة بين وضعية الجسم والشخصية. وعلى الرغم من أن وضعية شخص ما لا يمكن أن تخبرك بكل شيء عنه، فإنها قد توفر دليلاً قيماً لحالته الذهنية. وإذا كنتَ تفكر في إقامة علاقة عمل مع هذا الشخص؛ فمن الذكاء أن تفكر فيما قد تخبرك به وضعيته.

وأجرى باحثو جامعة ماكغيل 5 دراسات منفصلة مع ما مجموعه 608 مشاركين، جميعهم من الشباب. في 4 دراسات، قدَّم المشاركون صوراً لأنفسهم؛ إما في وضع طبيعي، أو في وضع يعبِّر عن الهيمنة أو عن الخضوع.

وفي الدراسة الخامسة، جاءوا إلى المختبر للتقييم. وأكدت الدراسة الخامسة ما وجدته الدراسات الـ4 الأولى.

وضعية «الاعتلال النفسي»

وقالت ويتبورن إن الأشخاص الذين لديهم وضعية منتصبة ومتوسّعة أو مفتوحة باستمرار سجلوا درجات أعلى في سمات، مثل الاعتلال النفسي، والتلاعب، والتنافسية، والإيمان بوجود التسلسلات الهرمية الاجتماعية.

بعبارة أخرى، فإن الأشخاص الذين لديهم هذا النوع من الوضعية هم أكثر عرضة لاستغلال الآخرين لصالحهم الخاص، أي أن الوضعية تكشف عن الشخصية.

كشف الشخصية

الآن، من الصحيح أن الناس يقفون بشكل مستقيم، أو منحنين، لمختلف الأسباب؛ فقد يقف الشخص الذي مارَسَ الرقص أو الجمباز بشكل أكثر استقامة من بقية الناس، على سبيل المثال. ولكن، كما تلاحظ ويتبورن، فإن الأشخاص الذين لديهم شخصيات أقل سعياً إلى السلطة كانوا يميلون إلى تغيير أوضاعهم بمرور الوقت وفي مواقف مختلفة. وكان أولئك الذين حافظوا باستمرار على وضعية مستقيمة وممتدة أكثر عرضة لامتلاك هذه السمات الشخصية غير المرغوب فيها.

عدم توظيف المحتالين

ماذا يعني هذا في العالم الحقيقي؟ إذا كان الشخص الذي تجري معه مقابلة لشَغْل منصب رئيسي يقف باستمرار في وضعية مستقيمة وممتدة؛ فهل يعني هذا أنه لا ينبغي لك توظيفه؟

من الواضح أن الأمر ليس بهذه البساطة؛ فلا يوجد اختبار شخصية مضمون، على سبيل المثال. لذا خذ هذا على أنه مجرد معلومة واحدة. قارِنْها بما تخبرك به غريزتك والملاحظات الأخرى. ماذا تكشف تصريحاته عنه؟ ماذا تُظهِر لغة جسده وسلوكه العام؟ يمكنك جمع كل هذا معاً، ثم اتخاذ خيار مستنير.

لذا فإن على العديد من رواد الأعمال أو قادة الأعمال معرفة مدى أهمية العمل مع أشخاص لن يحاولوا استغلالهم... وقد يساعدك التحقق من وضعية شخص ما في اتخاذ الاختيار الصحيح.

* خدمات «تريبيون ميديا»​