حضور عربي ودولي لتأكيد دور الثقافة في ترسيخ الحوار والتفاهم والسلام

الراحل عبد العزيز البابطين يطلّ على المنتدى العالمي لثقافة السلام مذّكراً بحقوق الفلسطينيين

جانب من افتتاح «المنتدى العالمي الثالث لثقافة السلام العادل» في القاهرة (الشرق الأوسط)
جانب من افتتاح «المنتدى العالمي الثالث لثقافة السلام العادل» في القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

حضور عربي ودولي لتأكيد دور الثقافة في ترسيخ الحوار والتفاهم والسلام

جانب من افتتاح «المنتدى العالمي الثالث لثقافة السلام العادل» في القاهرة (الشرق الأوسط)
جانب من افتتاح «المنتدى العالمي الثالث لثقافة السلام العادل» في القاهرة (الشرق الأوسط)

وسط حضور عربي ودولي، انطلقت، الثلاثاء، في العاصمة المصرية القاهرة، فعاليات «المنتدى العالمي الثالث لثقافة السلام العادل» التي تقيمها مؤسسة عبد العزيز سعود البابطين الثقافية بالتعاون مع المجلس الأعلى للثقافة، تحت عنوان «السلام العادل من أجل التنمية»، ويستمر المنتدى ثلاثة أيام.

وشهد حفل الافتتاح احتفاءً خاصاً بمؤسس هذا المنتدى رجل الأعمال والشاعر الكويتي عبد العزيز سعود البابطين، الذي رحل منتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي. وقدّ أطلّ البابطين على المنتدى بكلمة مسجلة جرى إعدادها من فعاليات الدورات السابقة، أكّد من خلالها البابطين الحاجة لتعزيز ثقافة السلام وسط عالم مضطرب، «حيث الحروب المدمرة والأوضاع الهشة في عدد من دول العالم والمجتمعات، وبسبب ذلك صار السلم الاجتماعي في خطر متفاقم، وتعرض التراث الثقافي الإنساني إلى تدمير متعمد ومقصود، وتدهورت العلاقات الاجتماعية، وصارت المواطنة المحلية والإنسانية تعيش أزمة حقيقية...».

البابطين ناشد الجميع العمل جميعاً «من أجل المحافظة على إنسانية الإنسان، وعلى قيم الإنسانية الرفيعة وتراثها الأصيل، وليس هذا ممكناً إلا إذا جعلنا السلام العادل ثقافة حياة يومية... وأن يتجه فكرنا لجعل السلام العادل أصلاً فيه، وأن تتعطر لغتنا اليومية بالسلام».

وقال: «إن ثقافة السلام العادل تجعل منا كائنات للسلام... وهذا ما تحتاج إليه الإنسانية وهو السلام العادل والوئام».

وفي إشارة لحضور المأساة الفلسطينية، أكد البابطين في كلمته المسجلة «تجفيف منابع الإرهاب، وذلك يكون أولاً بتجفيف منابع الظلم، كالظلم الذي وقع على الشعب الفلسطيني...».

وبحسب المنظمين، فإن المنتدى يهدف إلى تأكيد الرغبة الإنسانية الصادقة في إقامة السلام العادل ونشره، وإعلاء صوت العقل والحكمة ليغطي على صوت طبول الحروب في كل مكان.

كما يسعى المنتدى لمواصلة الجهود التي قامت بها مؤسسة عبد العزيز سعود البابطين الثقافية في المنتديين السابقين اللذين أقيما في لاهاي بهولندا، وفاليتا عاصمة جمهورية مالطا، وذلك من خلال تناول سبل دفع عملية التنمية إقليمياً وعالمياً عبر ترسيخ ثقافة الحوار والتفاهم والسلام العادل، وتأكيد مبادئ الإنصاف والمساواة، والحقوق المشتركة بين الأمم بوصفها أسساً ثابتة لتحقيق التنمية المستدامة في جميع أنحاء العالم سياسياً، واقتصادياً، واجتماعياً، وثقافياً.

وزير الإعلام والثقافة الكويتي عبد الرحمن المطيري في كلمته في افتتاح «المنتدى العالمي الثالث لثقافة السلام العادل» في القاهرة (الشرق الأوسط)

حفل الافتتاح

وافتتح المنتدى وزيرة الثقافة المصرية نيفين الكيلاني ووزير الإعلام والثقافة الكويتي عبد الرحمن المطيري، بحضور عدد من رؤساء الدول والحكومات ورؤساء البرلمانات والوزراء، وبمشاركة كبيرة من السياسيين والمفكرين والمثقفين والإعلاميين من مختلف دول العالم.

واعتبر وزير الإعلام والثقافة الكويتي عبد الرحمن المطيري أن «هذا المنتدى الذي يتناول دور السلام في تعزيز التنمية يُعّد فرصة لنا جميعاً للتواصل ولتبادل الخبرات لتقوم الثقافة بدورها الريادي المأمول، فلا تنمية دون سلام، متطلعين لما سينتهي إليه من توصيات».

كما ألقى الرئيس التركي السابق عبد الله غول، كلمة أكد فيها أهمية حلّ الصراعات الدولية عبر الحوار، وألقى رئيس تيار الحكمة العراقي عمار الحكيم، كلمة أشار فيها إلى أن ثقافة السلام تتطلب استحضار أركانها الأساسية بما يشمل الحق في الحياة، والحرية، والسعي نحو السعادة والعيش الكريم.

وأضاف: «السلام العادل يتضمن حماية حقوق الإنسان، وضمان الحريات الأساسية للجميع، ويشمل الحق في الحياة، والحرية، والسعي نحو السعادة والعيش الكريم».

كما ألقى الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية عمرو موسى كلمة أكدّ فيها حقّ الشعب الفلسطيني في قيام دولته المستقلة، مشيراً إلى أن الحرب في غزة تكشف عن الحاجة لموقف عربي ودولي متضامن للعمل نحو قيام الدولة الفلسطينية.

وقال موسى: «إن عمليات التهجير في فلسطين وتدمير منازلهم هو تدمير لثقافتهم وحياتهم العلمية والثقافية، محذراً من أن صراع الحضارات قائم وينتقل من خطر إلى أخطر».

وقال موسى: «مستقبل القضية الفلسطينية يتطلب تضامناً عربياً قوياً، والوصول للحق العادل يتطلب منا تضامناً عربياً قوياً يصيغ رؤية متماسكة وذات محددات تفاوضية لا تقبل التنازل، وهو الاعتراف بقيام الدولة الفلسطينية المستقلة».

كما ألقى رئيس الوزراء اللبناني السابق فؤاد السنيورة كلمة أشاد فيها بمناقب الراحل عبد العزيز البابطين، وعمله الدؤوب لبناء موسوعة الشعر العربي، كما تحدث السنيورة عن الحاجة للتنمية للحفاظ على السلام واستدامته.

وألقى الرئيس الألباني السابق إلير ميتا، كلمة تحدث فيها عن علاقته الوثيقة بالراحل عبد العزيز البابطين، وضرورة إكمال رسالته في تعزيز ثقافة الحوار والسلام بين الشعوب.

كما شهد حفل الافتتاح إلقاء كلمة لرئيس مجلس الأمة الكويتي السابق مرزوق الغانم، وكلمة لوزيرة الثقافة المصرية نيفين الكيلاني.

رئيس تيار الحكمة العراقي عمار الحكيم في افتتاح «المنتدى العالمي الثالث لثقافة السلام العادل» في القاهرة (الشرق الأوسط)

برنامج المنتدى

وعلى مدى ثلاثة أيام، يشهد المنتدى عقد عدد من جلسات العمل، من بينها جلسة بعنوان: «السلام والتنمية السياسية» يديرها الدكتور علي الدين هلال (مصر)، ويعقّب عليها الدكتور كونستانتينوس آداميديس (قبرص)، حيث تناقش هذه الجلسة كفاءة الإدارة الحكومية والتنمية، ويشارك كذلك: توني بالدري (بريطانيا)، والدكتور محمد الرميحي (الكويت).

وفي المحور الثاني لهذه الجلسة الذي يحمل عنوان: «المشاركة الشعبية والتنمية»، يتحدث الدكتور آربين سي سي (ألبانيا)، والدكتور معتز سلامة (مصر).

كما تعقد جلسة ثانية، بعنوان: «السلام والتنمية المؤسسية»، تترأسها الدكتورة ميزسكا جوسكاوسكا (بريطانيا)، ويعقّب عليها الدكتور سعيد المصري، حيث تناقش هذه لجلسة «بناء المؤسسات ودورها في ترسيخ التنمية»، ويتحدث خلالها جان كريستوف باس (فرنسا)، والدكتورة نهلة محمود (مصر). كما تناقش موضوع: «تفعيل دور المؤسسات غير الحكومية في التنمية»، ويشارك فيها السفير جيمس وات من (المملكة المتحدة)، والدكتورة منى المالكي (السعودية). وتحمل الجلسة الثالثة التي تقام (يوم غدٍ الأربعاء) عنوان: «السلام والتنمية الاجتماعية»، ويترأس الجلسة الدكتور رشيد الحمد (الكويت)، وتعقّب فيها الدكتورة منى الحديدي (مصر)، ويتحدث فيها كل من الدكتورة جيلدا هوزا (ألبانيا)، والدكتورة نيفين مسعد (مصر) عن موضوع «تأمين الإدماج والمشاركة للمرأة والشباب»، بينما يتحدث كل من الدكتور جوردون ساموث (مالطا)، والدكتور أنس بوهلال (فنلندا) عن «توجيه برامج التنمية - الصحة والتعليم والعمران».

أما الجلسة الرابعة فتعقد تحت عنوان «السلام والتنمية الثقافية» ويترأسها الدكتور أحمد زايد (مصر)، ويعقب فيها الدكتور باري تومالين (بريطانيا)، ويتحدث فيها الدكتور كارستين شويرب (مالطا)، والدكتور زهير توفيق (الأردن) حول «جدلية التراث والتحديث»، بينما يتحدث الدكتور خوان بيدرو (إسبانيا)، وعبد الإله بلقزيز (المغرب) عن «إشكالية مفهوم الدولة الوطنية».

ويشهد اليوم الثالث عقد الجلسة الخامسة (الأخيرة) بالمنتدى، تحت عنوان «السلام والتنمية الاقتصادية»، ويترأس الجلسة الدكتور أحمد عتيقة (ليبيا)، وتعقب فيها الدكتورة عادلة رجب (مصر)، ويتحدث الدكتور جوليوس سين (إنجلترا)، وعامر التميمي (الكويت) عن «اقتصاد السوق الحر»، بينما يتحدث الدكتور أناستاس أنجيلي (ألبانيا) ومواطنته الدكتورة نيفيلا راما عن «اقتصاد السوق الاشتراكية».

وكانت مؤسسة عبد العزيز سعود البابطين الثقافية عقدت المنتدى العالمي الأول لثقافة السلام بمحكمة العدل الدولية في العاصمة الهولندية لاهاي في يونيو (حزيران) 2019، حول موضوع تعليم السلام لحماية التراث الثقافي، كما عقدت المنتدى العالمي الثاني لثقافة السلام العادل بمدينة فاليتا عاصمة مالطا في مارس (آذار) 2022 حول موضوع القيادة من أجل السلام العادل.


مقالات ذات صلة

السنة الأمازيغية 2975... احتفاء بالجذور وحفاظ على التقاليد

يوميات الشرق نساء أمازيغيات يرتدين ملابس تقليدية يشاركن في احتفال بمناسبة الاحتفال بالسنة الأمازيغية الجديدة 2975 في الرباط 14 يناير 2025 (إ.ب.أ)

السنة الأمازيغية 2975... احتفاء بالجذور وحفاظ على التقاليد

يحتفل الأمازيغ حول العالم بعيد رأس السنة الأمازيغية المعروفة باسم «يناير» في 12 أو 13 من يناير التي توافق هذه السنة عام 2975 بالتقويم الأمازيغي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
ثقافة وفنون خطة لتأسيس النشء في المهارات الموسيقية وتأهيلهم عبر المناهج الدراسية (وزارة الثقافة)

السعودية: تأهيل آلاف المعلمات في الفنون الموسيقية

فتحت وزارتا «الثقافة» و«التعليم» في السعودية، الأحد، التسجيل للمرحلة الثانية من برنامج تأهيل معلمات رياض الأطفال للتدريب على مهارات الفنون الموسيقية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق جويل حجار تؤمن بالأحلام الكبيرة وتخطّي الإنسان ذاته (الشرق الأوسط)

جويل حجار... «جذور ومسارات عربية» تُتوّج الأحلام الكبرى

بالنسبة إلى جويل حجار، الإيمان بالأفكار وإرادة تنفيذها يقهران المستحيل: «المهم أن نريد الشيء؛ وما يُغلَق من المرة الأولى يُفتَح بعد محاولات صادقة».

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق تشارك الأوركسترا والكورال الوطني بأعمال تعكس جمال التراث الثقافي السعودي (هيئة الموسيقى)

بعد نجاحاتها العالمية... الرياض تحتفي بـ«روائع الأوركسترا السعودية»

يتجدد الإبداع الموسيقي مع حفل «روائع الأوركسترا السعودية» الذي يستضيفه مسرح مركز الملك فهد الثقافي في الرياض خلال الفترة بين 16 و18 يناير الحالي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق رسومات لطلبة المدرسة السعودية في إسلام آباد تبرز عمق علاقات البلدين (الشرق الأوسط)

«جداريات إبداعية» توطّد العلاقات السعودية - الباكستانية

دشّن نواف المالكي، السفير السعودي لدى باكستان، الخميس، مبادرة «جداريات إبداعية» التي تعكس حرص البلدين على توطيد علاقاتهما في مختلف المجالات.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)

5 يوروات «عقاب» مدرسة ألمانية لكل تلميذ متأخر

الأعذار لم تعُد مقبولة (د.ب.أ)
الأعذار لم تعُد مقبولة (د.ب.أ)
TT

5 يوروات «عقاب» مدرسة ألمانية لكل تلميذ متأخر

الأعذار لم تعُد مقبولة (د.ب.أ)
الأعذار لم تعُد مقبولة (د.ب.أ)

قلَّة لم تتأخر عن موعد بدء الدراسة في الصباح، لأسباب مختلفة. لكنَّ اعتياد التلامذة على التأخر في جميع الأوقات يُحوّل المسألة إلى مشكلة فعلية.

في محاولة للتصدّي لذلك، بدأت مدرسة «دورير» الثانوية بمدينة نورمبرغ الألمانية، فرض غرامة تأخير مقدارها 5 يوروات على كل تلميذ يُخالف بشكل دائم، ودون عذر، لوائح الحضور في التوقيت المحدّد.

وذكرت «وكالة الأنباء الألمانية» أنه بعد مرور أشهر على تنفيذ هذه الخطوة، لم يكن المدير رينر جيسدورفر وحده الذي يرى أن الإجراء يحقق نتائج جيدة.

إذ يقول مجلس الطلاب إن عدد التلاميذ المتأخرين عن حضور الفصول الدراسية تَناقص بدرجة كبيرة منذ فرض الغرامة، يوضح جيسدورفر أن الإجراء الجديد لم يفرض في الواقع بوصفه نوعاً من العقوبة، مضيفاً: «ثمة كثير من التلاميذ الذين مهما كانت الأسباب التي لديهم، لا يأتون إلى المدرسة في الوقت المحدّد». ويتابع المدير أن أولئك الصغار لا يكترثون بما إذا كنت تهدّدهم بالطرد من المدرسة، لكنْ «دفع غرامة مقدارها 5 يوروات يزعجهم حقاً».

ويؤكد أن الخطوة الأخيرة التي تلجأ إليها المدرسة هي فرض الغرامة، إذا لم يساعد التحدث إلى أولياء الأمور، والمعلّمون والاختصاصيون النفسيون بالمدرسة، والعاملون في مجال التربية الاجتماعية على حلّ المشكلة.

وحتى الآن فُرضت الغرامة على حالات محدودة، وهي تنطبق فقط على التلاميذ الذين تتراوح أعمارهم بين 9 سنوات و11 عاماً، وفق جيسدورفر، الذي يضيف أن فرض الغرامة في المقام الأول أدّى إلى زيادة الوعي بالمشكلة.

وتشير تقديرات مدير المدرسة إلى أن نحو من 5 إلى 10 في المائة من التلاميذ ليسوا مهتمّين بالتحصيل التعليمي في صفوفها، إلى حدِّ أن هذا الاتجاه قد يُعرّض فرصهم في التخرج للخطر.

بدورها، تقول متحدثة باسم وزارة التعليم بالولاية التي تقع فيها نورمبرغ، إن المسؤولية تتحمَّلها كل مدرسة حول تسجيل هذه المخالفات. وتضيف أنه في حالات استثنائية، يمكن للسلطات الإدارية لكل منطقة فرض غرامة، بناء على طلب المدارس أو السلطات الإشرافية عليها.

ويقول قطاع المدارس بالوزارة إن المدارس المحلية أبلغت عن تغيُّب التلاميذ عن الفصول الدراسية نحو 1500 مرة، خلال العام الماضي؛ إما بسبب تأخّرهم عن المدرسة أو التغيب طوال أيام الأسبوع، وهو رقم يسجل زيادة، مقارنةً بالعام السابق، إذ بلغ عدد مرات الإبلاغ 1250، علماً بأن الرقم بلغ، في عام 2019 قبل تفشّي جائحة «كورونا»، نحو 800 حالة.

أما رئيس نقابة المعلّمين الألمانية، ستيفان دول، فيقول إن إغلاق المدارس أبوابها خلال فترة تفشّي الجائحة، أسهم في فقدان بعض التلاميذ الاهتمام بمواصلة تعليمهم. في حين تشير جمعية مديري المدارس البافارية إلى زيادة عدد الشباب الذين يعانون متاعب نفسية إلى حدٍّ كبير منذ تفشّي الوباء؛ وهو أمر يمكن أن يؤدي بدوره إلى الخوف المرَضي من المدرسة أو التغيب منها.