طالبت منظمات بيئية مغربية حكومة البلاد بوقف تصدير الخضراوات والفاكهة لسد الاحتياج المحلي، وسط أزمة جفاف غير مسبوقة للعام السادس على التوالي، وفي ظل استعداد البلاد لاستقبال شهر رمضان الكريم، الذي يزيد فيه الطلب بشكل كبير على استهلاك الخضراوات والمواد الأساسية الضرورية لتحضير عدد من الوجبات، التي تعدّ أساسية داخل الموائد المغربية في هذا الشهر الفضيل.
ووصفت النقابات دخول المملكة على خط الإجهاد المائي، الذي تعيش على وقعه خلال السنوات الأخيرة بالوضعية «الكارثية»، وحذّرت أيضاً من انقطاعات متوقعة لمياه الشرب أيضاً. وطالبت بوقف الزراعات التي تحتاج إلى كميات كبيرة من المياه، وعلى رأسها الأفوكادو؛ وهو ما أثار قلق المزارعين الذين يعتمد بعضهم على إيرادات أراضيه من حصاد هذا الفاكهة بشكل كامل.
وأبدى المزارع محمد دايم من إقليم القنيطرة تخوفه من تبعات قرار وقف إنتاج وتصدير فاكهة الأفوكادو، وقال في تصريحات لـ«وكالة أنباء العالم العربي»: إن البعض يعيش حصراً على زراعتها، مشيراً إلى أن هذا سينتج أزمة اجتماعية معقدة. ومؤكداً أن «هناك أسراً فقيرة جداً تعتمد عليها من أجل العيش. وهناك أسر بكاملها لن تجد ما تأكله؛ إذ ليس هناك فرص عمل غير زراعة الافوكادو. وأعتقد أنه سينتج من هذا القرار مشكلة كبيرة في نظري». من جهته، يؤكد المزارع عبد الرحمن بايا من إقليم الخميسات على وجود نقص واضح في الإنتاج؛ بسبب انخفاض الحصص المائية مع احتياج زراعة الأفوكادو لكميات كبيرة. وقال موضحاً: «إذا طبّقت الحكومة قرارها بمنع زراعة بعض الفواكه، فإن هذا سيضرّ بنا. فبالكاد أنهينا زراعة هذه الأشجار. نحن فقراء ومزارعون بسطاء، ونعيش حصراً على هذه الفاكهة».
ولمواجهة نقص المياه بسبب توالي سنوات الجفاف؛ دعت منظمات إلى تشديد المراقبة على حفر الآبار، وترشيد استعمال مياه الشرب، وطالبت بتأهيل البنية التحتية لتصبح قادرة على استغلال المياه المالحة في أغراض الصرف الصحي. وبهذا الخصوص، قال الناشط البيئي عبد السلام سملالي: «بالنسبة إلى تقنين الماء، ممكن أن يعتمد المغرب خطة لتقنين الماء بطرق علمية. ففي مجال السقي، ليس مسموحاً أبداً السقي بالطرق التقليدية، بل لا بد من تقنية التنقيط حصراً. وإذا افترضنا أن الدولة ترغب فعلاً في تطبيق قوانين جديدة وزجرية ضد الذين يستعملون مياه السقي بشكل غير معقول».
وأضاف سملالي قائلاً: «أعتقد أنه يجب وضع عدادات، وأيضاً بالنسبة إلى الآبار كذلك حتى تبقى الآبار مفتوحة بوجه الجميع. فحفر الآبار أصبح صعباً جداً والتراخيص تأخذ وقتاً طويلاً. وإذا كانت المنطقة بها آبار كثيرة فسيكون من الصعب حفر آبار أخرى. وهذه الآبار منها القديم ومنها الجديد، والآلات التي تستعمل الآن بالحفر هي آلات متطورة جداً، حيث تستطيع خلال يومين بالأقصى تجهيز بئر بشكل كامل. بالطبع هناك تشديد الآن من طرف مؤسسة الحوض المائي بشأن الترخيص بحفر الآبار».
وفي إطار الحفاظ على الموارد المائية، قررت السلطات المحلية في عدد من المدن المغربية تقليص نشاط الحمامات، ومراكز غسل السيارات؛ وهو ما أثار استياء العاملين في المجالين، الذين رأوا أن الكميات التي يستخدمونها في عملهم ليست كبيرة بالمقارنة بقطاعات أخرى كالزراعة على سبيل المثال. كما اتخذ المغرب في الفترة الأخيرة إجراءات حاسمة للتحكم في استهلاك المياه في مواجهة شح الأمطار والجفاف، شملت إلزام الحمامات التقليدية ومحال غسل السيارات بالإغلاق أيام الاثنين والثلاثاء والأربعاء من كل أسبوع. لكن هذا الإجراء، وعلى الرّغم من «الدوافع الاضطرارية» إليه، أثار جدلاً واسعاً بين العاملين في هذين القطاعين الذين يرفضونه، عادّين أن هناك حاجة إلى إيجاد حل بديل يحقق التوازن بين حماية الموارد المائية وضمان استدامة أعمالهم. ويرى البعض أن إدارة أزمة ندرة المياه في المغرب تضع السلطات المائية بين مطرقة حماية الموارد المائية، وسندان دعم القطاعات الاقتصادية، مشدّدين على أن الإجراءات الأكثر إلحاحاً في الفترة الحالية يجب أن توجّه نحو تقييد الزراعات المستهلكة للمياه ومنعها.