الحوثيون يشرّعون تجريم معارضيهم رداً على تصنيفهم إرهابيين

نصوص فضفاضة تجعل الجميع عرضة للملاحقة

تخوض الجماعة الحوثية حرباً ضد كل معتقدات وقيم اليمنيين المخالفة لمشروعها (رويترز)
تخوض الجماعة الحوثية حرباً ضد كل معتقدات وقيم اليمنيين المخالفة لمشروعها (رويترز)
TT

الحوثيون يشرّعون تجريم معارضيهم رداً على تصنيفهم إرهابيين

تخوض الجماعة الحوثية حرباً ضد كل معتقدات وقيم اليمنيين المخالفة لمشروعها (رويترز)
تخوض الجماعة الحوثية حرباً ضد كل معتقدات وقيم اليمنيين المخالفة لمشروعها (رويترز)

اتهم ناشطون وسياسيون يمنيون جماعة الحوثي التي تسيطر على أجزاء من البلاد باستهداف من يعارضون معتقداتهم الفكرية وممارساتهم السياسية من خلال إصدار ما سمي بـ«قانون تصنيف الأعداء من الدول والكيانات والأشخاص»، رداً على القرار الأميركي بتصنيفهم جماعة إرهابية بشكل خاص، وهو القرار الذي بدأ سريانه، الجمعة الماضي.

وكان الحوثيون قد أعلنوا عقب إصدار الإدارة الأميركية قراراً بتصنيفهم جماعة إرهابية أنهم سيصدرون تشريعاً مقابلاً من أجل تصنيف الولايات المتحدة دولة معادية.

يعتمد الحوثيون على أسلوب التنكيل بكل معارضيهم السياسيين في مناطق سيطرتهم (رويترز)

ويؤكد سياسيون وناشطون يمنيون أن إصدار الجماعة هذا القانون لن يكون له أي قيمة ضد الولايات المتحدة أو غيرها من البلدان، ولكنه سوف يستهدف اليمنيين المقيمين في مناطق سيطرة الجماعة الذين لا يتفقون مع المعتقدات التي تحملها ولا مع توجهاتها السياسية.

ويقول السياسيون والناشطون الذين يعيشون في مناطق سيطرة الجماعة، إن القرار الحوثي الذي أُعد وأُصدر خلال ساعتين في ما يسمى مجلس النواب في صنعاء خلا من أي إشارة للولايات المتحدة، أما إسرائيل فسبق للجماعة أن أصدرت قراراً سابقاً، ومن المجلس نفسه يجرم التطبيع معها.

وأعد القرار الحوثي بصياغة فضفاضة تجعل التجار والناشطين والصحافيين عرضة للملاحقة بتهمة العمل أو التواصل مع شركة أو جهة في بلد ما تعود ملكيتها لأحد حملة الجنسية الإسرائيلية أو أنها تتعامل مع تل أبيب ولديها مكاتب هناك.

ملاحقة المناهضين

وفق ما ذكره ناشطون ومثقفون في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» فإن نصوص القرار الجديد ستجعلهم تحت طائلة العقوبات والملاحقات القضائية، حيث نص القرار (القانون) في إحدى مواده على أن المشمولين بالعقوبات هم الأشخاص الذين يمارسون الأنشطة المنافية لقيم الحوثيين الإسلامية أو ما يسمونه «الهوية الإيمانية».

ونبهوا إلى أن العقوبات ستلاحق المناهضين للجماعة بوصفهم أشخاصاً معادين لسلطة الحوثيين أو أنهم على تواصل مع دولة معادية.

ويؤكد السياسيون اليمنيون أن هذه المفاهيم المطاطية ستجعل كل من لا يتفق مع المعتقدات المذهبية للحوثيين أو توجههم السياسي عرضة للمحاكمة، وفقاً لهذا القرار الجديد الذي سينضم إلى مجموعة من القرارات التي صدرت تحت مسمى «قانون»، وبالمخالفة لقواعد الدستور وحتى لائحة عمل البرلمان الذي ينسبون إليه مثل هذه القرارات.

وكانت وزارة داخلية الحكومة الحوثية غير المعترف بها قد ذكرت أن رئيس مجلس حكم الحوثيين مهدي المشاط أصدر القانون رقم (٥) لسنة 2024 بشأن تصنيف الدول والكيانات والأشخاص المعادية، وأنه اشتمل على 7 مواد توزعت على 3 فصول.

نصوص فضفاضة شرعها الحوثيون تجعل كل معارض عرضة للمحاكمة (إعلام محلي)

وفي غضون ذلك، دعت منظمة العفو الدولية سلطة الحوثيين إلى سرعة الإفراج عن القاضي عبد الوهاب قطران المعتقل في سجن المخابرات والأمن التابع لسلطة صنعاء منذ مطلع يناير (كانون الثاني) الماضي، وقالت إن اعتقاله حدث بصورة تعسفية من قبل قوات الأمن والمخابرات الذين اقتحموا منزله في صنعاء، وهددوه وأفراد أسرته، واستجوبوه ساعات طويلة.

وأكدت «العفو الدولية» في بيان لها أنه جرى القبض على القاضي قطران بعد يومين من كتابته منشوراً على وسائل التواصل الاجتماعي ينتقد فيه الحوثيين، وعقب اعتقاله، تعرض للإخفاء القسري مدة 3 أيام، ثم وُضع في الحبس الانفرادي وحُرم من حقه في الاستعانة بمحامٍ، وقالت إن على الحوثيين إطلاق سراحه فوراً ودون قيد أو شرط، لأنه محتجز فقط بسبب ممارسته السلمية لحقوقه الإنسانية.


مقالات ذات صلة

تقلبات المناخ تهدد الأمن الغذائي في اليمن

العالم العربي امرأتان يمنيتان في محافظة تعز تنقلان العلف لتخزينه كغذاء للمواشي بعد انتهاء موسم الحصاد وبدء مواسم الجفاف (البنك الدولي)

تقلبات المناخ تهدد الأمن الغذائي في اليمن

بانتهاء موسم حصاد الحبوب الشحيح في اليمن، يواجه المزارعون خيارات صعبة في مواسم الجفاف لتأمين الغذاء وتربية المواشي مع قلة خبرتهم بالتعامل مع تغيرات المناخ

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي حوثيون يغلقون صالة مناسبات في صنعاء (إكس)

توجّه حوثي لإنشاء كيان يتولّى مراقبة صالات الأعراس

تعتزم الجماعة الحوثية في اليمن تأسيس كيان نقابي جديد يتولى مهمة تشديد الرقابة على عمل صالات الأعراس والمناسبات بصنعاء وغيرها من المدن الخاضعة للانقلاب

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي الحكومة اليمنية التزمت بمحاربة الفساد واستعادة ثقة الداخل والمانحين (إعلام حكومي)

إحالة مسؤولَين يمنيَين إلى المحكمة بتهمة إهدار 180 مليون دولار

في خطوة أولى وغير مسبوقة للحكومة اليمنية، أحالت النيابة العامة مسؤولَين في مصافي عدن إلى محكمة الأموال العامة بتهمة إهدار 180 مليون دولار.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي واشنطن تقود تحالفاً لإضعاف قدرات الحوثيين على مهاجمة السفن (الجيش الأميركي)

غارات تستهدف الحوثيين... وغروندبرغ يطالبهم بإطلاق الموظفين الأمميين

بينما جدد المبعوث الأممي هانس غروندبرغ مطالبته للحوثيين بإطلاق سراح الموظفين الأمميين فوراً، تواصلت، الثلاثاء، الضربات الغربية لليوم الرابع على مواقع الجماعة.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الحوثيون متهمون بتصعيد انتهاكاتهم ضد اليمنيين (إ.ب.أ)

انقلابيو اليمن متهمون بارتكاب انتهاكات ضد أقارب المغتربين

صعّدت جماعة الحوثيين في اليمن من وتيرة انتهاكاتها بحق أقارب المغتربين لا سيما المنتمون منهم إلى محافظتي إب والضالع، وذلك ضمن استهداف الجماعة الممنهج للسكان.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

تقلبات المناخ تهدد الأمن الغذائي في اليمن

الجفاف واضطرابات المناخ يضربان الأراضي الزراعية ويتسببان في خسائر كبيرة للمزارعين اليمنيين (رويترز)
الجفاف واضطرابات المناخ يضربان الأراضي الزراعية ويتسببان في خسائر كبيرة للمزارعين اليمنيين (رويترز)
TT

تقلبات المناخ تهدد الأمن الغذائي في اليمن

الجفاف واضطرابات المناخ يضربان الأراضي الزراعية ويتسببان في خسائر كبيرة للمزارعين اليمنيين (رويترز)
الجفاف واضطرابات المناخ يضربان الأراضي الزراعية ويتسببان في خسائر كبيرة للمزارعين اليمنيين (رويترز)

يشتكي غالبية مزارعي الحبوب في اليمن من تراجع إنتاجهم سنوياً بسبب تقلبات المناخ وتغير مواسم الأمطار وما تسببه غزارتها غير المتوقعة من جرف للتربة وتخريب للأراضي، وهو ما يتسبب لاحقاً في الإضرار بأمنهم الغذائي خلال الأشهر المقبلة التي تدخل فيها البلاد حالة من الجفاف الموسمي.

وينتهي، منتصف الخريف، موسم زراعة الحبوب في غالبية أنحاء اليمن، بالتزامن مع انخفاض درجات الحرارة وانقطاع الأمطار الموسمية ودخول البلاد في حالة من الجفاف، ويبدأ المزارعون حصر إنتاجهم من الحبوب وتخزينها للاستهلاك، كما يتم تخزين الزرع كأعلاف للمواشي التي تعاني من جفاف المراعي وشح الحشائش والأعشاب التي تتغذى عليها.

وبقدر ما يشعر المزارعون بالفرح خلال فترة جمع محصول موسم زراعة الحبوب، التي تشهد احتفاليات متوارثة تتعدد فيها الأغاني والأهازيج، يخالطهم شعور بالحزن بسبب اضطرارهم لانتظار موسم الأمطار المقبل لأشهر طويلة، وأملهم بهطول أمطار شتوية تساعدهم في زراعة أنواع أخرى من الحبوب.

امرأتان يمنيتان في محافظة تعز تنقلان العلف لتخزينه كغذاء للمواشي بعد انتهاء موسم الحصاد وبدء مواسم الجفاف (البنك الدولي)

يقول سعيد محمد، وهو مزارع مخضرم في مديرية الشمايتين جنوب محافظة تعز (جنوب غرب) إن فصلي الخريف والشتاء يشهدان في الغالب تراجعاً كبيراً في الإنتاج الزراعي، لكن بعض الأعوام قد تشهد سقوط أمطار خفيفة تساعد بعض المزارعين في إنتاج كميات محدودة من حبوب مختلفة عن تلك التي أنتجوها خلال الموسم السابق.

ويوضح المزارع السبعيني في رسالة نقلها لـ«الشرق الأوسط» أحد أبنائه، بسبب عدم خبرته في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، أن بعض المزارعين يحتاطون لمواسم الجفاف بتجميع مياه السيول في خزانات مبنية من الحجارة والأسمنت لزراعة أنواع من الخضراوات، بينما ينتظر آخرون هطول الأمطار الشتوية الخفيفة، وهي نادرة ويقضي المزارعون شتاءهم في انتظارها.

الأمل بأمطار الشتاء

ينتج المزارعون خلال موسم الأمطار الصيفية الذرة الشامية والذرة الرفيعة بأنواعها ومن البقوليات اللوبياء، أما في الشتاء فيكتفون بالذرة الشامية والشعير والعدس والخضراوات.

لكن المزارع حسين أحمد، من مديرية القبيطة التابعة لمحافظة لحج (جنوب)، يشير إلى أن أمطار الشتاء عادة ما تكون وخيمة على المزارعين، خصوصاً مالكي المواشي التي قد تعاني لأسابيع وأشهر طويلة من الجوع وانقطاعها عن المرعى، واعتمادها على ما جرى تخزينه من أعلاف.

مزروعات حبوب يبست في انتظار الأمطار بسبب عدم خبرة المزارعين اليمنيين بتغير مواسم الأمطار (غيتي)

ويبين أحمد، لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الشتوية تأتي خفيفة وعلى مدى أيام طويلة متصلة مصحوبة بانتشار ضباب كثيف، خصوصاً في المرتفعات الجبلية، ويمنع المزارعون من استخدام الأراضي بشكل جيد، بينما لا تتمكن المواشي من مغادرة مأواها بسبب هذه الأمطار.

إلا أنه، وبعد انقشاع الضباب وتوقف الأمطار، تعود الحياة إلى المراعي التي تعود الحشائش للنمو فيها، وهو ما يفيد المزارعين في الحصول على المزيد من الألبان ومنتجاتها.

وتساهم أمطار الشتاء، على ندرتها، في زيادة المياه الجوفية بفضل هطولها البطيء والطويل مما يساهم في تغلغلها داخل طبقات الأرض وفقاً للخبراء الجيولوجيين، كما تعمل على تحسين جودة الإنتاج الحيواني.

وتراجعت المساحة التي تحتلها زراعة الحبوب في اليمن من أكثر من 585 ألف هكتار قبل الحرب الدائرة في البلاد منذ عام 2014، إلى أقل من 529 ألف هكتار بحسب بعض البيانات والتقديرات عن هيئات حكومية وأخرى تحت سيطرة الجماعة الحوثية، أي بما يزيد على 56 ألف هكتار، من إجمالي المساحة المحصولية المقدرة بـمليون و 124 ألف هكتار.

استثمار بلا ضمانات

يستمر موسم زراعة الحبوب أكثر من 5 أشهر، ويبدأ غالباً منتصف مايو (أيار) الذي يشهد إلقاء البذور في التربة، لينتهي في أواخر أكتوبر (تشرين الأول) وبدايات نوفمبر (تشرين الثاني) بحصد السنابل، ثم نزع الزرع.

مزارع يمني يحصّل منتوجاً قليلاً من قصب السكر الذي يزرع على نحو محدود في البلاد (رويترز)

ويرى الخبير الزراعي محمد سيف ثابت أن أوضاع المزارعين في السنوات الأخيرة تتشابه في جميع الفصول، خصوصاً مع تبدل مواسم الأمطار الصيفية وتغير مواقيتها، ما يصعِّب عليهم تحديدها أو توقعها، إلى جانب التغير الكبير في كمياتها وما تتسبب به من جرف للتربة وتخريب للأراضي.

ويقول ثابت في إيضاحاته لـ«الشرق الأوسط» إن ما يعاني منه المزارعون في الصيف خلال الأعوام الأخيرة، يشبه إلى حد كبير ما يمرون به في الشتاء، حيث يلجأ الكثير منهم إلى بذل جهد كبير وإنفاق أموال في تسوية الأرض ودفن البذور متوقعاً هطول الأمطار. إلا أن تلك البذور قد تتحلل قبل هطول الأمطار، أو تنبش الطيور التربة لتناولها، وهو ما يدفع بعضهم إلى دفن بديل عنها. أما إذا هطلت الأمطار ولم تنبت تلك البذور بسبب تحللها أو نبشها من قبل الطيور، فإنه يستحيل على المزارعين إعادة التجربة قبل أن تعود التربة إلى الجفاف مرة أخرى.

الذرة الرفيعة من أكثر أنواع الحبوب التي يفضلها المزارعون اليمنيون لسهولة الحصول على منتوج وفير منها (إكس)

وأبدى مصدر في وزارة الزراعة اليمنية انزعاجه من لجوء غالبية المزارعين إلى حصد سنابل الحبوب قبل نضجها وتناولها بعد شيها أو سلقها بوصفها وجبات إضافية، فيما يُعرف محلياً بـ«الجهيش»، وهو ما يتسبب في إهلاك الكثير من المحصول والإضرار بالأمن الغذائي للمزارعين خلال الأشهر اللاحقة.

وتابع المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه، أن هذه العادة المتوارثة أصبحت غاية لغالبية المزارعين، لكن الفارق أن المزارعين في السابق، قبل عشرات وربما مئات السنين،كانوا يعتمدون على «الجهيش» بوصفها وجبات أساسية، إلى جانب قلة استهلاكهم لها، في الوقت نفسه الذي يملكون فيه كميات من ناتج الحبوب يغطي موسم الجفاف.

أما في الوقت الراهن؛ فإن غالبية المزارعين يكتفون بالحصول على «الجهيش» ولا يقومون بتخزين سوى كميات قليلة من الحبوب.