بينما يبذل العالم جهودا غير مسبوقة للحد من الاحترار المناخي، أكدت الأمم المتحدة الجمعة ضرورة اعتماد سياسات أكثر تصميما خلال السنوات المقبلة بهدف التوصل إلى منع ارتفاع الحرارة أكثر من درجتين مئويتين عما كانت عليه قبل الثورة الصناعية.
واستعرضت المنظمة الدولية في تقرير صدر في برلين أهداف خفض انبعاثات الغازات الدفيئة المسببة للاحتباس التي أقرتها 146 دولة في الأول من أكتوبر (تشرين الأول) (86 في المائة من الانبعاثات العالمية).
وقال التقرير إن «مجهودا عالميا غير مسبوق يبذل حاليا ويبعث الأمل في إمكانية البقاء دون مستوى درجتين مئويتين إضافيتين مقارنة مع معدل درجات الحرارة قبل مرحلة الثورة الصناعية».
لكن المنظمة الدولية أكدت ضرورة «تقليص انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري بدرجة أكبر بكثير» في السنوات المقبلة للبقاء دون هذا الحد الذي يخشى العلماء أن يسبب تجاوزه خللا كبيرا في النظام المناخي.
وصدر تقرير الأمم المتحدة قبل شهر من انطلاق مؤتمر باريس الدولي حول المناخ الذي يأمل الجميع في أن يتم خلاله توقيع اتفاق أول تتعهد بموجبه جميع البلدان بمكافحة الاحتباس الحراري.
وتعتبر الأمم المتحدة استنادا إلى تقديرات أصدرتها مؤخرا مجموعة «كربون اكشن تراكر» أن الالتزامات الوطنية «قادرة على تحديد ارتفاع الحرارة بـ2.7 درجة مئوية».
وقال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس الرئيس المقبل للمؤتمر إن «هذا التقرير يدل على أن المساهمات الوطنية تسمح بتغيير الوضع وتبعدنا عن الأسوأ، أي ارتفاع الحرارة أربع أو خمس درجات أو أكثر».
وذكر أن الخبراء يقولون: إن الالتزامات الحالية «تضعنا في مسار يتراوح بين 2.7 و3 درجات مئوية».
وقالت الأمينة العامة لاتفاق الإطار للأمم المتحدة حول تغير المناخ كريستيا فيغيريس في بيان إن هذا المستوى «ليس كافيا في أي حال من الأحوال» لأنه يعني أن العالم سيشهد اضطرابات مناخية كبرى «إلا أنه أدنى بكثير من مستوى الاحترار بأربع أو خمس درجات إضافية تبعا لتوقعات كثيرين قبل الالتزامات».
ويؤمل التوصل إلى أول اتفاق ملزم لدول العالم كافة لناحية تقليص انبعاثات الغازات الدفيئة خلال المؤتمر المناخي الدولي الذي تستضيفه باريس بين 30 نوفمبر (تشرين الثاني) و11 ديسمبر (كانون الأول).
ولفتت الأمم المتحدة إلى أن الالتزامات المقدمة من مختلف الدول «قادرة على تقليص ارتفاع درجات الحرارة بواقع 2.7 درجة مئوية»، وذلك استنادا إلى تقديرات أصدرتها مجموعة «كربون اكشن تراكر».
وقد ارتفع معدل درجات الحرارة في العالم أكثر من 0.8 درجة مئوية منذ العصر ما قبل الصناعي مما يسبب اضطرابات في النظام المناخي العالمي ويهدد الكثير من الأجناس ويثير ظروفا مناخية قصوى متزايدة كتسارع ذوبان الجليد وارتفاع مستوى المحيطات.
وتعتبر انبعاثات الغازات الدفيئة الناتجة عن الأنشطة البشرية ومعظمها ناجم عن احتراق الطاقات الأحفورية، مسؤولة عن زيادة سريعة في درجات الحرارة.
ورأت كريستينا فيغيريس أن «هذه الخطط لخفض الانبعاثات في حال تطبيقها بالكامل، تبدأ معا بفتح ثغرة كبيرة في تنامي انبعاثات الغازات الدفيئة».
وأكدت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ في حساباتها وجوب عدم تخطي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون مستوى ألف غيغاطن للتمكن من احترام الهدف المحدد بحصر الاحترار المناخي بدرجتين مئويتين. وهذا المستوى يمثل «ميزانية الكربون» المحددة للبشرية.
ومع الالتزامات الحالية، سيستنفد 72 إلى 75 في المائة من هذه «الميزانية» بحلول سنة 2030 إذ تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن الانبعاثات التراكمية ستصل إلى نحو 540 غيغاطن سنة 2025 و748 غيغاطن سنة 2030.
والدول الرئيسية المسببة لهذه الانبعاثات هي الصين (نحو 25 في المائة) والولايات المتحدة (15 في المائة) والاتحاد الأوروبي (10 في المائة) والهند (6 في المائة) وروسيا (5 في المائة).
وخلال الأشهر الأخيرة اضطرت الدول الـ195 المشاركة في المفاوضات حول المناخ إلى دراسة حاجاتها للطاقة بحلول 2025 أو 2030 وصياغة الأهداف الكفيلة بتلبيتها مع الحد من انبعاثات الغازات المسببة للاحترار.
وعلقت منظمة أوكسفام: «لا بد من الإثناء على إصدار هذا العدد الكبير من الدول التزامات علنية بخفض انبعاثاتها، بعضها بشكل أكبر من سواها».
وتابعت المنظمة غير الحكومية أن «الالتزامات خطوة في الاتجاه الصحيح، لكنها تعيدنا من كارثة بمستوى 5 درجات مئوية إلى كارثة بمستوى 3 درجات مئوية».
وقالت جنيفر مورغان من معهد الموارد العالمية الذي يتخذ مقرا له في واشنطن بأن عدد الدول المصممة على اتباع نماذج للطاقة أقل تسببا لانبعاثات الكربون يؤشر إلى أن «الظروف تبدلت منذ كوبنهاغن عام 2009» حين فشلت الأسرة الدولية في التوصل إلى اتفاق عالمي لمكافحة الاحتباس الحراري.
وقالت: إنه «سيتحتم على البلدان تسريع جهودها بعد مؤتمر باريس».
ويجري البحث في آلية لمراجعة طموحات البلدان بشكل منتظم على أن تكون مدرجة ضمن اتفاقات باريس.
حصر ارتفاع حرارة الأرض بدرجتين مئويتين ما زال ممكنًا
ضرورة تقليص انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري
حصر ارتفاع حرارة الأرض بدرجتين مئويتين ما زال ممكنًا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة