مناهج التعليم اليمنية على موعد مع موجة تحريف حوثية

تعرض قطاع التربية للتدمير في مناطق سيطرة الجماعة

عناصر حوثيون يشرفون على عملية طباعة المناهج الدراسية المحرفة (فيسبوك)
عناصر حوثيون يشرفون على عملية طباعة المناهج الدراسية المحرفة (فيسبوك)
TT

مناهج التعليم اليمنية على موعد مع موجة تحريف حوثية

عناصر حوثيون يشرفون على عملية طباعة المناهج الدراسية المحرفة (فيسبوك)
عناصر حوثيون يشرفون على عملية طباعة المناهج الدراسية المحرفة (فيسبوك)

كشفت مصادر تربوية يمنية عن استعدادات حوثية لإجراء تغييرات جديدة وواسعة على مناهج التعليم، امتداداً لعمليات سابقة أدرجت خلالها الجماعة مقررات ذات صبغة طائفية، بعيداً عن الهوية اليمنية الجامعة لكل السكان.

وفي حين لم يتبق سوى أيام على انطلاق امتحانات الفصل الأخير من العام الدراسي الحالي لطلاب المراحل الابتدائية والأساسية والثانوية، أجرى قادة الجماعة الحوثية زيارة ميدانية إلى مطابع الكتاب المدرسي في صنعاء، ضمن المساعي الرامية لإجراء عملية تغيير جديدة على المناهج.

تحاول التغييرات على المناهج ترسيخ أحقية السلالة الحوثية في حكم اليمن (إكس)

وشدد القيادي في الجماعة المدعو خالد جحادر، المعين نائباً لوزير التعليم بحكومة الحوثيين التي لا يعترف بها أحد، لدى زيارته المطابع، على ضرورة الإسراع في توفير الدعم المالي اللازم لشراء المواد الخام والشروع في البدء بطباعة مئات الآلاف من الكتب الطائفية الجديدة.

وسبق ذلك، عقد قيادة مطابع الكتاب المدرسي الموالية للجماعة، لقاء موسعاً، مع ما تُسمى «لجنة التربية والتعليم» بمجلس النواب الخاضع للحوثيين بصنعاء؛ لمناقشة ما أطلقت عليه «الآليات الكفيلة لتوفير الدعم لطباعة نسخ جديدة من الكتاب المدرسي، وتعميمها مطلع العام المقبل على عموم المدارس» في مناطق سيطرتهم.

وخرج الاجتماع بقرارات عدة توصي بعضها بتوفير موازنة تشغيلية لمطابع الكتاب الخاضعة للجماعة، وتوفير المستلزمات الفنية للبدء في طباعة نسخ مُحرّفة ومؤدلجة طائفياً من الكتاب المدرسي؛ لاستهداف عقول وأدمغة الطلبة في أغلب مراحل التعليم.

سعي حثيث للتطييف

بات الملايين من الطلبة اليمنيين يواجهون، أكثر من أي وقت مضى، مخاطر التحريف المتكرر لمناهج التعليم الذي تجريه الجماعة قبيل كل عام دراسي وفق موجهات سياسية، وتوظيف المدارس لأغراض عسكرية، وتغيير وقائع التاريخ وتزييفه، وتسييس الرواية التاريخية، وتأويل الآيات والأحاديث لتكفير الآخرين، وإضفاء قدسية دينية على سلالة زعيم الجماعة، ومعاداة الفنون والمرأة.

ووفقاً لمصادر تربوية تحدثت مع «الشرق الأوسط» يُشرف شقيق زعيم الجماعة، يحيى بدر الدين الحوثي المعين وزيراً للتعليم، على فريق تجريف مناهج التعليم، ويضم موالين للجماعة وخبراء يسخّرون جل جهدهم لاستهداف الكتاب المدرسي من أجل تكريس الطائفية، وثقافة الموت، وإنشاء دفع جديدة من المقاتلين بين صفوف الأطفال والشبان في المدارس تحت سيطرة الجماعة.

دروس تمجّد ثقافة العنف التي يكرسها الحوثيون في المناهج (إكس)

وأدى ذلك التوجه الحوثي الأخير إلى حالة من الغليان والسخط والرفض المطلق في أوساط شريحة واسعة من اليمنيين والتربويين، حيث يتحسر الكل بسبب تجدد الاستهداف الذي يطال ما تبقى من مناهج التعليم، وكذا من الحال المزرية التي وصل إليها التعليم في المدن التي في قبضة الحوثيين.

ويشير حسان، وهو اسم مستعار لأحد التربويين في صنعاء، إلى أن غالبية التعديلات التي أجرتها الجماعة الحوثية على مناهج التعليم تكاد تكون معظمها شبيهة بتلك التي في المنهجين الإيراني والعراقي.

ويعتقد التربوي اليمني أن الغاية النهائية من هذه التعديلات الحوثية في المناهج، هي أدلجة الأجيال الجديدة بأحقية حكم السلالة الحوثية لليمنيين.

تغييرات جذرية

تعليقاً على ذلك، أفاد الناشط الحقوقي اليمني رياض الدبعي، بقيام جماعة الحوثي بإجراء تغييرات وصفها بـ«الجذرية»على مناهج التعليم حتى تتماشى مع الأهداف والفكر السياسي والديني للجماعة.

وبحسب الناشط الدبعي، شملت تلك التغييرات 4 جوانب رئيسية؛ منها «التأثير الديني» المتضمن مزيداً من المواد الدينية والدروس التعليمية التي تُروّج للفكر الشيعي الزيدي ومبادئ الحركة الحوثية، حيث تمت إزالة أو تغيير المحتوى الذي يتعارض مع هذه الآراء والمعتقدات.

وجاء الجانب الثاني متمثلاً بـ«التأثير السياسي»، حيث تم تغيير المناهج التعليمية لتعكس الرؤية السياسية للحوثيين وتعزز الولاء للحركة، بما في ذلك التشبيك بين المقررات الدراسية والأهداف السياسية للحركة. بالإضافة إلى «التغييرات الثقافية» التي تضمنت تغيير المحتوى الثقافي ليعكس المفاهيم والقيم التي يُروّج لها الحوثيون، وتقديم رؤية مُعدّلة للتاريخ والثقافة اليمنية والعالمية وفقاً لمواقف الحركة.

وبخصوص «التغييرات الآيديولوجية»، فقد أشار الدبعي إلى تركيز الجماعة عند استهدافها المناهج على وضع دروس تعزز من الولاء المطلق للجماعة وزعيمها، موضحاً أن «هذه التغييرات وغيرها تعكس الجهود الحثيثة التي تبذلها الجماعة للترويج ونشر رؤيتها السياسية والدينية، والتأثير في الثقافة والتعليم في المناطق التي تسيطر عليها».

ونشر الدبعي، على منصة «إكس»، مجموعة صور تحوي دروساً عدة أضافتها الجماعة الحوثية وأصبحت ضمن مناهج التعليم التي يتلقاها الطلبة في عموم المدارس في مناطق سيطرتها.

تركز المناهج الحوثية على تمجيد قادة الجماعة بوصفهم رموزاً يحتذى بهم (إكس)

ومنذ اجتياح الجماعة صنعاء، ومدناً أخرى، نفذت سلسلة من التغييرات في المناهج الدراسية، واتخذت قراراً بتغيير لجنة المناهج في وزارة التربية والتعليم، لتحلّ محلها لجنةٌ أخرى افتتحت سلسلة التغييرات في مناهج التربية الإسلامية، والتربية الوطنية، وامتدت هذه التغييرات أخيراً إلى مناهج المواد العلمية، وغيرها.

وكان قطاع التعليم في اليمن تعرّض، على مدى السنوات الماضية التي أعقبت الصراع، لانتكاسة كبيرة، دخلت من خلالها العملية التعليمية، بموجب تقارير دولية وأخرى محلية، أوضاعاً ومعاناة وُصفت بـ«الكارثية».


مقالات ذات صلة

«الوزراء اليمني» يناقش إنقاذ الاقتصاد في اجتماع استثنائي

العالم العربي جانب من اجتماع استثنائي لمجلس الوزراء اليمني في عدن الخميس (سبأ)

«الوزراء اليمني» يناقش إنقاذ الاقتصاد في اجتماع استثنائي

عقدت الحكومة اليمنية اجتماعاً استثنائياً لمناقشة خطة إنقاذ اقتصادي تتوافق مع أولويتها وبرنامجها في الإصلاحات وإنهاء الانقلاب الحوثي واستكمال استعادة الدولة.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي 59 ألف حالة اشتباه بالإصابة بالكوليرا في محافظتَي حجة والحديدة وحدهما (الأمم المتحدة)

اليمن... 219 ألف إصابة بالكوليرا أغلبها في مناطق سيطرة الحوثيين

كشف تقرير حديث عن أن حالات الكوليرا في اليمن ارتفعت إلى نحو 219 ألف حالة منذ مطلع العام الحالي، أغلب هذه الحالات تم تسجيلها في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي بن مبارك تعهد بالاستمرار في مكافحة الفساد وتعزيز الشفافية في حكومته (سبأ)

بن مبارك: الحرب الاقتصادية الحوثية أشد أثراً من الصراع العسكري

قال رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك إن الحرب الحوثية الاقتصادية باتت أشد أثراً على معيشة اليمنيين من الصراع العسكري.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي اتهامات لجماعة الحوثي بتعمد البطش بالسكان في ذمار (إكس)

انقلابيو اليمن يبطشون بصغار الباعة في ذمار

وسّعت الجماعة الحوثية من حجم بطشها بصغار التجار وبائعي الأرصفة في أسواق محافظة ذمار وشوارعها، وفرضت عليهم دفع إتاوات تحت مسميات غير قانونية

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)

سكان في غرب اليمن يكابدون للحصول على المياه النظيفة

تشكّل أزمة المياه النظيفة في مناطق الساحل الغربي لليمن واحدة من صور المعاناة التي يعيشها النازحون بسبب الحرب، وسط مساعٍ أممية للمساعدة.

محمد ناصر (تعز)

«الوزراء اليمني» يناقش إنقاذ الاقتصاد في اجتماع استثنائي

جانب من اجتماع استثنائي لمجلس الوزراء اليمني في عدن الخميس (سبأ)
جانب من اجتماع استثنائي لمجلس الوزراء اليمني في عدن الخميس (سبأ)
TT

«الوزراء اليمني» يناقش إنقاذ الاقتصاد في اجتماع استثنائي

جانب من اجتماع استثنائي لمجلس الوزراء اليمني في عدن الخميس (سبأ)
جانب من اجتماع استثنائي لمجلس الوزراء اليمني في عدن الخميس (سبأ)

عقدت الحكومة اليمنية في العاصمة المؤقتة عدن، الخميس، اجتماعاً استثنائياً برئاسة رئيس مجلس الوزراء أحمد عوض بن مبارك؛ لمناقشة خطة إنقاذ اقتصادي تتوافق مع أولوية الحكومة وبرنامجها في الإصلاحات، وإنهاء الانقلاب الحوثي، واستكمال استعادة الدولة.

وجاء الاجتماع في وقت يعاني فيه الاقتصاد اليمني ظروفاً خانقة بسبب تراجع الموارد، وتوقف تصدير النفط جراء الهجمات الحوثية على موانئ التصدير وتعثر مسار السلام، إثر تصعيد الانقلابيين بحرياً وإقليمياً.

حزم من الأوراق النقدية اليمنية الجديدة والقديمة في أحد البنوك في عدن (غيتي)

وذكرت المصادر الرسمية أن مجلس الوزراء ناقش في الاجتماع المستجدات الاقتصادية والمالية والنقدية والخدمية والمعيشية، وفي المقدمة تقلبات أسعار الصرف، والتحديات المتصلة بالكهرباء، وتقييم مستوى الخطط الحكومية للتعاطي معها.

واستعرضت الحكومة اليمنية في اجتماعها مشروع خطة الإنقاذ الاقتصادي لإثرائها بالنقاشات والملاحظات؛ لتطويرها ومواءمتها مع البرامج والسياسات الحكومية الجاري تنفيذها في مجال الإصلاحات، تمهيداً لإقرارها ورفعها إلى مجلس القيادة الرئاسي.

ونقلت وكالة «سبأ» الرسمية أن مجلس الوزراء أجرى نقاشاً مستفيضاً لتقييم الخطة، والتي تتوافق في عدد من جوانبها مع المسارات الرئيسية لأولويات الحكومة والمتمثلة في استكمال استعادة الدولة، وإنهاء الانقلاب، وتحقيق السلام، ومكافحة الفساد، وتعزيز الشفافية والمساءلة، إضافة إلى الإصلاح المالي والإداري، وتنمية الموارد الاقتصادية، والتوظيف الأمثل للمساعدات والمنح الخارجية وتوجيهها وفقاً للاحتياجات والأولويات الحكومية.

وبحسب الوكالة، أقرت الحكومة تشكيل لجنة وزارية برئاسة وزير المالية، وعضوية وزراء التخطيط والتعاون الدولي، والصناعة والتجارة، والكهرباء والطاقة، والنقل، والخدمة المدنية والتأمينات، والنفط والمعادن، والبنك المركزي اليمني، والأمانة العامة لمجلس الوزراء، ومكتب رئيس الوزراء، لدراسة الخطة واستيعاب الملاحظات المقدمة عليها، وإعادة عرضها على المجلس خلال أسبوعين من تاريخه للمناقشة واتخاذ ما يلزم.

مواءمة الخطة

وأفاد الإعلام الرسمي بأن مجلس الوزراء كلف اللجنة الوزارية بمواءمة خطة الإنقاذ مع برنامج الحكومة ومصفوفة الإصلاحات وخطة التعافي الاقتصادي والخطط القطاعية للوزارات، وغيرها من السياسات التي تعمل عليها الحكومة، وتحديد الأولويات، وما تم إنجازه، ومتطلبات تنفيذ الخطة، والخروج بوثيقة اقتصادية موحدة يتم الاستناد إليها في عمل الدولة والحكومة، بحسب الأولويات العاجلة.

رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وشدد مجلس الوزراء اليمني على تحديد التحديات بما يتناسب مع الواقع والمتغيرات، وسبل معالجتها بطريقة مناسبة والمسؤولية التشاركية والواجبات بين الحكومة ومجلس القيادة الرئاسي.

وركزت نقاشات الحكومة على أهمية مراعاة الخطة لمسببات الوضع الاقتصادي الكارثي الذي فاقمته هجمات الحوثيين على المنشآت النفطية وخطوط الملاحة الدولية، وتحديد جوانب الدعم المطلوبة من شركاء اليمن في التنمية من الدول والمنظمات المانحة.

وأكد اجتماع الحكومة اليمنية تحديد السياسات التي تم تنفيذها والجاري العمل عليها، والتي تضمنتها الخطة، والتحديات والمعوقات التي حالت دون تنفيذ بعضها، ومقترحات المعالجة.

نقص الوقود

اطلع مجلس الوزراء اليمني في اجتماعه على تقارير من الوزراء المعنيين، حول الإشكالات القائمة في تزويد محطات الكهرباء بالوقود في العاصمة المؤقتة عدن، والجهود المبذولة لتجاوزها، والإجراءات العاجلة لوضع الحلول لتحقيق الاستقرار النسبي في خدمة الكهرباء، واستمرار إمدادات المياه للمواطنين.

وطبقاً للإعلام الرسمي، تم التأكيد بهذا الخصوص على توفير كميات إسعافية من الوقود لمحطات الكهرباء، وعلى العمل لتأمين كميات أخرى إضافية لضمان استقرار الخدمة.

الحكومة اليمنية تعاني تدهوراً حاداً في الاقتصاد بسبب نقص الموارد وتوقف تصدير النفط (سبأ)

كما وجه الاجتماع الحكومي وزيري المياه والكهرباء بالتنسيق لتأمين احتياجات تشغيل آبار المياه، من الكهرباء والوقود اللازم لاستمرار الضخ، وتفادي توقف إمدادات المياه للسكان في عدن.

وإلى ذلك، استمع مجلس الوزراء اليمني إلى إحاطات حول نتائج حملات ضبط محلات الصرافة المخالفة والمضاربين بالعملة في عدن والمحافظات المحررة، وضبط أسعار السلع والمتلاعبين بالأسعار، وشدد على مواصلة الحملات والتنسيق بين الجهات الأمنية والسلطات العدلية المختصة في هذا الجانب، طبقاً لما أورده الإعلام الرسمي.