البياري لـ«الشرق الأوسط»: ننهض بالصناعات العسكرية عبر «التوطين» لتعظيم الأثر الاقتصادي

مساعد وزير الدفاع السعودي للشؤون التنفيذية شدد على رفع الكفاءة ومواكبة المستقبل

الدكتور خالد البياري (وزارة الدفاع السعودية)
الدكتور خالد البياري (وزارة الدفاع السعودية)
TT

البياري لـ«الشرق الأوسط»: ننهض بالصناعات العسكرية عبر «التوطين» لتعظيم الأثر الاقتصادي

الدكتور خالد البياري (وزارة الدفاع السعودية)
الدكتور خالد البياري (وزارة الدفاع السعودية)

يؤمن الدكتور خالد البياري مساعد وزير الدفاع للشؤون التنفيذية السعودي بأن أحد سواعد نهضة الصناعات العسكرية هو توطين تلك الصناعة، وهو ما يعظم في الوقت نفسه الأثر الاقتصادي. وأكد أن وزارة الدفاع السعودية تشهد أكبر عملية تطوير في تاريخها، وذلك من خلال تحول جذري في طريقة عملها ضمن برنامج تطويرها الطموح، مشيراً إلى أن التحولات بُنيت على أسس إدارية حديثة ومبادئ متطورة تستشرف المستقبل.

البياري قال في حديث مع «الشرق الأوسط» إن الوزارة قطعت شوطاً مهماً في تحولها المؤسسي عبر أكثر من 300 مبادرة لتحقيق الأهداف الرئيسية الخمسة لبرنامج التطوير، المتمثلة في تحقيق التفوق والتميز العملياتي المشترك، وتطوير الأداء الفردي ورفع المعنويات، وتحديث المعدات والأسلحة، وتطوير الأداء التنظيمي لوزارة الدفاع، وتحسين كفاءة الإنفاق ودعم توطين التصنيع العسكري.

وأوضح أن النموذج التشغيلي الذي جرى تطويره يُعد مهماً جداً لإنجاز الأهداف الاستراتيجية، لافتاً إلى أن هيكل الوزارة التنظيمي صُمم في ثلاث وكالات متخصصة تقوم بوظائف التوجيه والتمكين، والاستحواذ، وهي وكالة الوزارة للشؤون الاستراتيجية، ووكالة الوزارة للمشتريات والتسليح، ووكالة الوزارة لخدمات التميز.

رحلة التطور

منجزات الأعوام الماضية التي ما زالت مستمرة يعدُّها البياري رحلة تطور كبيرة في عمل الوزارة، وقال: «تعمل الوزارة الآن من خلال خطط واضحة، بدأت كلها من خلال برنامج تطوير متكامل، أشرف على رحلة تصميمه الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء عندما كان وزيرا للدفاع». وأشار إلى مرحلة التخطيط التي قال إنها استغرقت ثلاث سنوات، من عام 2015 إلى 2018، وفي بداية عام 2018، أُطلقت رحلة تنفيذ برنامج التطوير في وزارة الدفاع عندما صدر أمر ملكي بالموافقة على وثيقة برنامج تطوير الوزارة.

تعمل وكالة الوزارة للشؤون الاستراتيجية على تطوير السياسات والاستراتيجيات من خلال خطط قصيرة ومتوسطة وطويلة المدى، في الوقت الذي تدعم وكالة الوزارة لخدمات التميز مركزة الخدمات الإدارية والفنية والمالية والتقنية في كل قطاعات الوزارة والقوات المسلحة، ووفقاً للبياري، فإن وكالة الوزارة للمشتريات والتسليح تركز على كل ما يتعلق بموضوع المشتريات.

البياري لدى تجوله في معرض الدفاع العالمي (وزارة الدفاع السعودية)

ويقول المساعد إن وزارة الدفاع السعودية بدأت مرحلة إعادة هيكلة القوات المختلفة التي تشمل القوات البرية والبحرية والجوية والدفاع الجوي، بعدما تمت إعادة هيكلة رئاسة هيئة الأركان العامة وبناء القوات المشتركة.

وفصَّل الدكتور البياري ملامح الوكالات التي أنشأتها الوزارة، قائلاً: «تتضمن الوكالات الثلاث 19 إدارة عامة، معظمها تم بناؤها بناءً جديداً بالكامل عبر استقطاب قدرات من داخل الوزارة وخارجها، وجميع القطاعات تعمل الآن بتكامل كبير ومن خلال فصل للصلاحيات وتوازن بين القطاعات، وهو ما يجعل الهيكل التنظيمي للوزارة متفرداً من ناحية حوكمة اتخاذ القرار». وأضاف: «تعمل الوزارة من خلال مجالس متعددة، تتضمن مجلساً للدفاع يرأسه الأمير خالد بن سلمان بن عبد العزيز وزير الدفاع، وخمسة مجالس رئيسية متخصصة، إضافة إلى 37 مجلساً وظيفياً متخصصاً». وأكد مساعد وزير الدفاع للشؤون التنفيذية أن تلك المجالس تعمل على صناعة القرار قبل رفعه إلى وزير الدفاع لاتخاذ ما يراه مناسباً، مستدلاً بقطاع تقنية المعلومات، الذي يملك سبعة مجالس متخصصة، ويقاس على ذلك القطاعات الأخرى، مما أوجد فاعلية كبيرة في اتخاذ القرار بالوزارة، ويرى البياري أن تلك الخطوات ألغت مفهوم اللجان، إذ بات العمل في الوزارة مؤسساتياً بالكامل.

توطين الصناعات العسكرية

مع إطلاق وتفعيل برنامج تطوير الوزارة - والحديث للبياري - تم إيجاد عمل موازٍ يهتم بمجال توطين الصناعات العسكرية، إذ جرى إنشاء الهيئة العامة للصناعات العسكرية، والهيئة العامة للتطوير الدفاعي، والشركة السعودية للصناعات العسكرية «سامي»؛ بهدف النهوض بالصناعات العسكرية وزيادة الجاهزية العسكرية مع تعظيم الأثر الاقتصادي للعقود العسكرية والاستفادة من القوة الشرائية الموحدة للقوات العسكرية والأمنية السعودية.

مساعد وزير الدفاع السعودي لدى تجوله في معرض الدفاع العالمي الذي استضافته الرياض الأسبوع الماضي (وزارة الدفاع السعودية)

ويؤكد البياري أن كل العمل يأتي لتحقيق أعلى مستوى من الكفاءة والإنفاق ضمن هيكلة منظومة الدفاع الوطني ولتعزيز الصناعات الوطنية العسكرية، مشيراً إلى وجود برامج تطوير مختلفة تعمل على قدم وساق في جميع قطاعات المنظومة الأمنية في السعودية، وعلى نسق مشابه لما تم في وزارة الدفاع؛ بهدف رفع كفاءة أعمال تلك المنظومات ووضع أفضل الممارسات الخاصة بحوكمة تلك الأعمال.

وشدد مساعد وزير الدفاع السعودي للشؤون التنفيذية على أن جزءاً مهماً من الاستراتيجية التي بنيت على أهداف محددة، التي كانت بقيادة الأمير محمد بن سلمان تركز على أهمية استغلال القدرات الشرائية لوزارة الدفاع والوزارات العسكرية والأمنية الأخرى في توطين هذه الصناعة. وقال: «من هنا جاء إنشاء الهيئة العامة للصناعات العسكرية (قامي)، وإنشاء الهيئة العامة للتطوير الدفاعي (جاد)، والشركة السعودية للصناعات العسكرية (سامي)، في الوقت الذي تُعدُّ الوزارة والقطاعات العسكرية والأمنية محركاً كبيراً لهذه المنظومة.

المشاركة في التصنيع والمساندة

«أحد الأهداف الاستراتيجية التي تقود العمل الآن في الوزارة، هو تأصيل قطاع الصناعات العسكرية، حيث بدأت الوزارة وبقوة»، يقول البياري «بالعمل مع الزملاء في الهيئة العامة للصناعات العسكرية، على توطين الكثير من المنظومات، سواء توطين صناعتها أو توطين مساندتها، فالعقود التي تم توقيعها في معرض الدفاع العالمي على سبيل المثال جميعها تشتمل على مشاركة صناعية، سواء كان في التصنيع أو المساندة المحلية». وتابع قائلاً: «هناك هدفان أساسيان لهذه الخطوة، الأول الاعتماد على صناعة تدعم رفع الجاهزية العسكرية لقواتنا المسلحة، والهدف الثاني متمثل في الأثر الاقتصادي، كون هذه المشاريع تولد وظائف وتساهم في زيادة حراك الاقتصاد».

وأكد أن الوزارة حققت نجاحات كبيرة، خاصة في المشاريع التي وُقعت خلال الفترة الحالية والماضية، التي ركزت كثيراً على موضوع المشاركة الصناعية والتوطين. وأشار الدكتور البياري إلى أهمية توطين الصناعات وزيادة المحتوى المحلي، وهناك برامج أخرى مرتبطة بكفاءة الأعمال، «ونعمل عن قرب مع هيئة كفاءة الإنفاق على كثير من المبادرات لخلق الفاعلية، ليس في المشتريات وحسب، لكن في عملنا بالمجمل، ليكون فاعلاً ويزيد من قدرتنا على استغلال الموارد الموجودة».

وأوضح مساعد وزير الدفاع للشؤون التنفيذية أن بلاده استثمرت في موضوع قطاع الصناعات العسكرية، منذ بداية التسعينات الميلادية، خاصة وزارة الدفاع التي كانت رائدة في هذا المجال، وأنشأت برنامج التوازن الاقتصادي، الذي أنتج الكثير من الشركات التي نراها الآن. وقال إن «استراتيجيتنا تُبنى على الاستفادة مما بُني في الماضي، مع التركيز على حوكمة فعالة وجهد مركز لكي يكون الانطلاق أكبر وبحسب طموحات القيادة التي رفعت سقف التوقعات من هذا القطاع».

البنية التحتية

شدَّد المساعد على أن منظومة الصناعة العسكرية مرتبطة ارتباطاً بأن تكون القوات المسلحة السعودية جزءاً أساسياً من بناء المتطلبات التي تعمل عليها الصناعة، خاصة في مجالات التطوير، كتطوير المنظومات، وهو ما يلاحظ في الشركات السعودية في الصناعات العسكرية، التي بدأت في الاستثمار بالقطاع، وقال: «دائماً نركز في أن تكون الشركات هذه قريبة منا، بحيث إن ما تعمل عليه يلبي متطلبات القوات المسلحة في نهاية المطاف». وأضاف: «من المهم لي كرجل عمل في مجال الصناعات العسكرية ما يقارب الثمانية عشر عاماً، ألا يتم التنازل عن الجودة، وبالتالي من المهم في صناعتنا أن تكون الجودة في صميم عملياتها، بحيث لا تكون منتجاتنا أقل جودة من الآخرين، فإذا لم تكن مماثلة تكن الأعلى، وهو في اعتقادنا يعدُّ نقطة أساس».

وتابع الدكتور البياري بالقول: «نسعى لأن تكون الصورة الذهنية عن المنتج السعودي عالي الجودة، وهناك تجارب ناجحة كثيرة نراها أمامنا في معرض الدفاع الدولي تثبت أن منتجاتنا السعودية تضاهي ما يتم تطويره وإنتاجه في الدول المتقدمة».

منظومة التطوير واستشراف المستقبل

يرى مساعد وزير الدفاع السعودي أن رحلة برنامج التطوير في وزارة الدفاع كهيكلة مكتملة، في الوقت الذي تمضي الوزارة في عملية البناء، وقال: «نحن في منتصف الطريق فيما يتعلق بالبناء، ولكن بدأنا فعلياً في لمس نتائج التطوير، من خلال احترافية أكبر في العمل، حيث بات تركيزنا الآن على ما يجب أن تركز عليه أي منظومة عسكرية، والجميع بدأ يلحظ نتائج عمليات التطوير، التي نُفذت في وزارة الدفاع».

وبيَّن أنه بدعم من القيادة السعودية، عملت وزارة الدفاع على بناء خططها وميزانياتها العشرية، مما يعطي الوزارة والصناعة العسكرية القدرة على التخطيط، حيث إن هذا النوع من القطاعات يحتاج إلى وقت طويل لتحقيق المستهدفات، مشيراً إلى أن هذا من أهم نتائج تطوير وزارة الدفاع، التي تتمثل بوجود خطط واضحة.

وكشف مساعد وزير الدفاع السعودي أن من أهم المجالات التي ركزت عليها الوزارة مفهوم مجتمعات التفكير، أو ما يطلق عليها بالإنجليزية «the think tank»، التي تركز على المواضيع الدفاعية، التي تخص المملكة والمنطقة. وقال: «نعيش في منطقة غير مستقرة، وبالتالي استشراف المستقبل، بالنسبة للوضع الدفاعي والجيوسياسي في هذه المنطقة مهم جداً، الأمر الذي دفعنا لإنشاء مركز للدراسات الاستراتيجية في مجال الدفاع، حيث يعد هذا استثماراً من الوزارة، لأننا نعي ونؤمن بأنه من المهم أن تكون الخطط نابعة من استشراف المستقبل».

توطين الكوادر

شدد الدكتور خالد البياري على أن نجاح أي منظومة يعتمد على مواردها البشرية، وأوضح بالقول: «تُعد وزارة الدفاع بتاريخها، من أكثر الوزارات التي استثمرت في الجانب البشري، سواء في القطاع العسكري أو المدني، حيث تملك ثاني أكبر منظومة صحية في البلاد، ولدى الوزارة 65 ألف زميل وزميلة يعملون في القطاع الصحي التابع وزارة الدفاع، وتم الاستثمار في هذا الجانب، ونحن نفخر بإنجازات منسوبي الوزارة منذ إنشائها».

جانب من إحدى تمارين القوات المسلحة السعودية (وزارة الدفاع السعودية)

وزاد: «في المنظومة العسكرية، استثمرت الوزارة الكثير في الكوادر البشرية الوطنية، سواء في قواتنا الجوية والبحرية والدفاع الجوي والبرية، وهي استثمارات ضخمة»، موضحاً أن العنصر البشري هو أساس النجاح لأي منظومة وأن المنظومة الجديدة التي بنيت في الوزارة تعمل باحترافية عالية من خلال استقطاب الأفضل من داخل وخارج الوزارة.

القدرات السعودية

تطرق البياري إلى إنجازات الكوادر السعودية، وقال: «أنا فخور بفريق العمل الذي يعمل معنا الآن من شباب وبنات الوطن، إبداع في كل منطقة نعمل فيها، وقد بدأنا نستثمر في الخريجين الجدد من خلال برنامج (فخور)، الذي يعني أنني فخور بالعمل في منظومة مهمتها حماية أمن الوطن، وتم استقطاب ما يقارب الـ200 من شباب وبنات الوطن، وتم تأهيلهم عبر برامج تدريب وعلى رأس العمل». وأكد مساعد وزير الدفاع السعودي للشؤون التنفيذية أن البعض كان متخوفاً من استقطاب خريجين جدد في مرحلة البناء مع عدم وجود خبرة... «هؤلاء المستقطبون الصغار أبهروا الكل، 200 شاب وشابة تم اختيارهم من بين 140 ألف متقدم ومتقدمة، 65 في المائة ممن تم قبولهم كانوا من بنات الوطن، اجتازوا إجراءات مقابلة مكثفة، جزء منها كان عن طريق تقنية الذكاء الصناعي، والآن أصبحوا جزءاً مهماً في منظومة وزارة الدفاع».


مقالات ذات صلة

نسبة توطين الإنفاق العسكري بالسعودية تصل إلى 19.35 %

الاقتصاد العوهلي متحدثاً للحضور في منتدى المحتوى المحلي (الشرق الأوسط)

نسبة توطين الإنفاق العسكري بالسعودية تصل إلى 19.35 %

كشف محافظ الهيئة العامة للصناعات العسكرية المهندس أحمد العوهلي عن وصول نسبة توطين الإنفاق العسكري إلى 19.35 في المائة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد نائب رئيس هيئة الأركان العامة وقائد القوات البحرية الملكية السعودية مع باتريس بيرا خلال الملتقى البحري السعودي الدولي 2024 (الشرق الأوسط)

«مجموعة نافال» تتعاون مع الشركات السعودية لتوطين صناعة السفن البحرية

أكد نائب رئيس المبيعات في الشرق الأوسط والمدير الإقليمي لـ«مجموعة نافال» في السعودية باتريس بيرا، أن شركته تنتهج استراتيجية لتطوير القدرات الوطنية في المملكة.

بندر مسلم (الظهران)
الاقتصاد أحد المصانع المنتجة في المدينة المنورة (واس)

«كي بي إم جي»: السياسات الصناعية في السعودية ستضعها قائداً عالمياً

أكدت شركة «كي بي إم جي» العالمية على الدور المحوري الذي تلعبه السياسات الصناعية في السعودية لتحقيق «رؤية 2030».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد الوفد السعودي يتجول في المعرض الجوي الخامس عشر بالصين (الشرق الأوسط)

الشركات الصينية تتسابق لحجز مواقعها في معرض الدفاع العالمي 2026 بالرياض

أعلن معرض الدفاع العالمي مشاركة أكثر من 100 شركة صينية متخصصة في صناعة الدفاع والأمن؛ أي بنسبة 88 في المائة، خلال النسخة الثالثة للحدث في 2026.

الاقتصاد مصنع تابع لإحدى شركات البتروكيميائيات في السعودية (واس)

الإنتاج الصناعي في السعودية ينخفض 0.3 % خلال سبتمبر على أساس سنوي

تراجع مؤشر الرقم القياسي للإنتاج الصناعي في السعودية 0.3 % خلال سبتمبر، على أساس سنوي، متأثراً بانخفاض الرقم القياسي للصناعات التحويلية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

مسؤول إيراني لـ«الشرق الأوسط»: عازمون مع الرياض على إرساء السلام في المنطقة

نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
TT

مسؤول إيراني لـ«الشرق الأوسط»: عازمون مع الرياض على إرساء السلام في المنطقة

نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)

أكد نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي، أن إيران والسعودية تعتزمان إرساء السلام وديمومة الهدوء في منطقة متنامية ومستقرّة، مضيفاً أن ذلك يتطلب «استمرار التعاون الثنائي والإقليمي وتعزيزه، مستهدفين تذليل التهديدات الحالية».

وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» على هامش زيارته إلى السعودية التي تخلّلها بحث العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها وتطويرها في شتى المجالات، بالإضافة إلى مناقشة المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية، خلال لقاء، الاثنين، مع وليد الخريجي، نائب وزير الخارجية السعودي، قال روانجي: «الإجراءات الإيرانية - السعودية تتوّج نموذجاً ناجحاً للتعاون الثنائي ومتعدد الأطراف دوليّاً في إطار التنمية والسلام والأمن الإقليمي والدولي»، مشدّداً على استمرار البلدين في تنمية التعاون في مختلف المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية والتجارية والقنصلية؛ بناءً على الأواصر التاريخية والثقافية ومبدأ حسن الجوار، على حد وصفه.

الجولة الثانية من المشاورات الثلاثية عُقدت في الرياض الثلاثاء (واس)

والثلاثاء، رحبت السعودية وإيران «بالدور الإيجابي المستمر لجمهورية الصين الشعبية وأهمية دعمها ومتابعتها لتنفيذ (اتفاق بكين)»، وفقاً لبيان صادر عن الخارجية السعودية، أعقب الاجتماع الثاني للجنة الثلاثية السعودية - الصينية - الإيرانية المشتركة لمتابعة «اتفاق بكين» في العاصمة السعودية الرياض.

وأشار نائب وزير الخارجية الإيراني إلى أن الطرفين «تبادلا آراءً مختلفة لانطلاقة جادة وعملية للتعاون المشترك»، ووصف اجتماع اللجنة الثلاثية في الرياض، بأنه «وفَّر فرصة قيّمة» علاقات متواصلة وإيجابية بين إيران والسعودية والصين.

روانجي الذي شغل سابقاً منصب سفير إيران لدى الأمم المتحدة، وعضو فريق التفاوض النووي الإيراني مع مجموعة «5+1»، اعتبر أن أجواء الاجتماعات كانت «ودّية وشفافة»، وزاد أن الدول الثلاث تبادلت الآراء والموضوعات ذات الاهتمام المشترك وأكّدت على استمرار هذه المسيرة «الإيجابية والاستشرافية» وكشف عن لقاءات «بنّاءة وودية» أجراها الوفد الإيراني مع مضيفه السعودي ومع الجانب الصيني، استُعرضت خلالها مواضيع تعزيز التعاون الثنائي، والثلاثي إلى جانب النظر في العلاقات طوال العام الماضي.

الجولة الأولى من الاجتماعات التي عُقدت في بكين العام الماضي (واس)

وجدّد الجانبان، السعودي والإيراني، بُعيد انعقاد الاجتماع الثاني للجنة الثلاثية السعودية - الصينية - الإيرانية المشتركة لمتابعة «اتفاق بكين» في الرياض، الخميس، برئاسة نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي، ومشاركة الوفد الصيني برئاسة نائب وزير الخارجية الصيني دنغ لي، والوفد الإيراني برئاسة نائب وزير خارجية إيران للشؤون السياسية مجيد تخت روانجي؛ التزامهما بتنفيذ «اتفاق بكين» ببنوده كافة، واستمرار سعيهما لتعزيز علاقات حسن الجوار بين بلديهما من خلال الالتزام بميثاق الأمم المتحدة وميثاق منظمة التعاون الإسلامي والقانون الدولي، بما في ذلك احترام سيادة الدول واستقلالها وأمنها.

من جانبها، أعلنت الصين استعدادها للاستمرار في دعم وتشجيع الخطوات التي اتخذتها السعودية وإيران، نحو تطوير علاقتهما في مختلف المجالات.

ولي العهد السعودي والنائب الأول للرئيس الإيراني خلال لقاء في الرياض الشهر الحالي (واس)

ورحّبت الدول الثلاث بالتقدم المستمر في العلاقات السعودية - الإيرانية وما يوفره من فرص للتواصل المباشر بين البلدين على المستويات والقطاعات كافة، مشيرةً إلى الأهمية الكبرى لهذه الاتصالات والاجتماعات والزيارات المتبادلة بين كبار المسؤولين في البلدين، خصوصاً في ظل التوترات والتصعيد الحالي في المنطقة؛ ما يهدد أمن المنطقة والعالم.

كما رحّب المشاركون بالتقدم الذي شهدته الخدمات القنصلية بين البلدين، التي مكّنت أكثر من 87 ألف حاج إيراني من أداء فريضة الحج، وأكثر من 52 ألف إيراني من أداء مناسك العمرة بكل يسر وأمن خلال الأشهر العشرة الأولى من العام الحالي.

ورحّبت الدول الثلاث بعقد الاجتماع الأول للجنة الإعلامية السعودية - الإيرانية المشتركة، وتوقيع مذكرة تفاهم بين معهد الأمير سعود الفيصل للدراسات الدبلوماسية ومعهد الدراسات السياسية والدولية، التابع لوزارة الخارجية الإيرانية.

كما أعرب البلدان عن استعدادهما لتوقيع اتفاقية تجنب الازدواج الضريبي (DTAA)، وتتطلع الدول الثلاث إلى توسيع التعاون فيما بينهما في مختلف المجالات، بما في ذلك الاقتصادية والسياسية.

ودعت الدول الثلاث إلى وقف فوري للعدوان الإسرائيلي في كلٍ من فلسطين ولبنان، وتدين الهجوم الإسرائيلي وانتهاكه سيادة الأراضي الإيرانية وسلامتها، كما دعت إلى استمرار تدفق المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى فلسطين ولبنان، محذرة من أن استمرار دائرة العنف والتصعيد يشكل تهديداً خطيراً لأمن المنطقة والعالم، بالإضافة إلى الأمن البحري.

وفي الملف اليمني، أكدت الدول الثلاث من جديد دعمها الحل السياسي الشامل في اليمن بما يتوافق مع المبادئ المعترف بها دولياً تحت رعاية الأمم المتحدة.

وكانت أعمال «الاجتماع الأول للجنة الثلاثية المشتركة السعودية - الصينية - الإيرانية»، اختتمت أعمالها في العاصمة الصينية بكّين، ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي، وأكد خلاله المجتمعون على استمرار عقد اجتماعات اللجنة الثلاثية المشتركة، وعلى مدى الأشهر الماضية، خطت السعودية وإيران خطوات نحو تطوير العلاقات وتنفيذ «اتفاق بكين»، بإعادة فتح سفارتيهما في كلا البلدين، والاتفاق على تعزيز التعاون في كل المجالات، لا سيما الأمنية والاقتصادية.

وأعادت إيران في 6 يونيو (حزيران) الماضي، فتح أبواب سفارتها في الرياض بعد 7 أعوام على توقف نشاطها، وقال علي رضا بيغدلي، نائب وزير الخارجية للشؤون القنصلية (حينها): «نعدّ هذا اليوم مهماً في تاريخ العلاقات السعودية - الإيرانية، ونثق بأن التعاون سيعود إلى ذروته»، مضيفاً: «بعودة العلاقات بين إيران والسعودية، سنشهد صفحة جديدة في العلاقات الثنائية والإقليمية نحو مزيد من التعاون والتقارب من أجل الوصول إلى الاستقرار والازدهار والتنمية».