أجهزة ذكاء اصطناعي جذّابة في 2024... قد لا تحتاجون إليها

مشبك يعلّق على الملابس وكومبيوترات الوجه والمعصم

مشبك "أيه آي بن"
مشبك "أيه آي بن"
TT

أجهزة ذكاء اصطناعي جذّابة في 2024... قد لا تحتاجون إليها

مشبك "أيه آي بن"
مشبك "أيه آي بن"

مشبك ملابس مدعوم بالذكاء الاصطناعي بسعر 700 دولار وخدمة اشتراك... صحيحٌ أنّه منتجٌ لا فائدة منه ولكنّ هذا الجنون يحمل في طيّاته بعض الأمل.

أجهزة عصر «ما بعد الجوال»

تلاحق شركات التقنية الكبرى منذ العقد المنصرم حلماً واحداً وهو اختراع جهاز يحلّ محلّ الهاتف الذكي.

ولهذا السبب، طوّرت هذه الشركات أجهزة كومبيوتر للوجه والمعصم، ومكبرات صوتية لغرفة المعيشة، ونظارات للواقع الافتراضي.

صحيحٌ أنّ ساعات «أبل» الذكية، ومكبرات الصوت «أليكسا»، وخوذ «ميتا كويست» للواقع الافتراضي نجحت في اجتذاب النّاس، إلا أنّه لم يتمكّن أي من هذه المنتجات من إزاحة الهاتف الذكي عن عرشه في الحياة الرقمية.

جهاز "آر 1" من شركة "رابيت" مدعوم بالذكاء الصناعي

ولكن للحلم بقية! إذ ينتظرنا في عام 2024 بروز أجهزة جديدة مصممة لتحقيق الاستفادة القصوى من تقنيات الذكاء الاصطناعي، تماماً كما فعل «تشات جي بي تي».

ومن هنا، يجب أن تتوقّعوا سماع الكثير هذه السنة عن كومبيوتر الذكاء الاصطناعي الذي يعلّق على ملابسكم، وأجهزة الذكاء الاصطناعي التي تُرتدى كعقد، وروبوتات الذكاء الاصطناعي، ولابتوبات الذكاء الاصطناعي مع مفاتيح الذكاء الاصطناعي، وحتّى هواتف ذكية بالذكاء الاصطناعي – والمزيد من أجهزة الكومبيوتر لوجوهكم، ومعاصمكم، وغرف معيشتكم، وفقاً لما تقوله شيرا أوفيدي المحللة التكنولوجية في واشنطن.

قد تصبح هذه الأجهزة المدعومة بالذكاء الاصطناعي من التقنيات الأكثر حديثاً في 2024، ومع ذلك، قد تكون التقنيات الأقلّ جدوى هذا العام.

قد تدعونا أجهزة الذكاء الاصطناعي هذه للسخرية منها ومن الدعاية المحيطة بها، ولكنّنا في الوقت عينه، يجب أن نشجّع أنفسنا على ممارسة الفضول الحذر.

قد تسمعون الكثير من الأحاديث التي لا معنى لها، ولكنّنا نرى في هذا الضجيج بعض الوعود التي ستذهب ربّما أبعد من الهاتف الذكي.

قلادة تجريبية للاستماع للاصوات

أدوات ذكية جديدة

لنتحدّث فيما يلي عن أجهزة الذكاء الاصطناعي، وما هو المفيد وغير المفيد منها.

ما أجهزة الذكاء الاصطناعي؟ وهل نحتاج إليها؟ تنقسم «أجهزة الذكاء الاصطناعي» إلى قسمين:

تعوّل بعض الشركات التقنية على تطوير أشكال جديدة من الكومبيوتر – نظارات، ومجوهرات، وروبوتات، أو حتّى ما يُشبه جهاز «البيجر» ولكن مع لمسة من الذكاء الاصطناعي.

وتُقدّم هذه الأجهزة للمستهلكين أيضاً على أنّها أقلّ تطفّلاً من الهاتف عند التقاط الصور، ومراسلة الشريك، أو حتى سؤال روبوت المحادثة عن توصيات للتبضّع.

ستكون هذه الأجهزة على الأرجح ناقصة، ومريبة، أو مبنية على أفكار مريعة – أو كلّ ما سبق ذكره.

نظرات ميتا المطورة

• مشبك «أي آي بن» (Ai Pin). يستدعي هذا المشبك الذي تثبّتونه على ملابسكم روبوت محادثة، ويستطيع تزويدكم بتوقعات الأرصاد الجوية بتسليطها على راحة يدكم باستخدام الليزر. يصل سعر هذا الدبوس المزوّد بكومبيوتر الذي طوّرته شركة «هيومن» إلى 699 دولاراً مع اشتراك سنوي في خدماته بقيمة 288 دولاراً.

وهو يبدو أقرب إلى دبّوس مزخرف جميل لن يرغب أي إنسان عاقلٍ بشرائه.

• ينطبق هذا الأمر نفسه على العقد التجريبي، وهو قلادة تسجّل كلّ ما تقولونه وتسمعونه ليعيد تشغيل المقاطع الجيّدة.

• نظارات بروبوت محادثة. وسمعنا أيضاً حديثاً شيّقاً في «وادي السيليكون» عن الإصدار الجديد من نظارات «ميتا» المدعومة بروبوت محادثة.

• نظارات بديلة عن الهاتف. بدوره، يعمل مصمم «آيفون» السابق جوني آيفي على جهاز مدعوم بالذكاء الاصطناعي بالتعاون مع سام ألتمان، الرئيس التنفيذي الذي جرى فصله وإعادة تعيينه في «أوبن أي آي».

يشعر ألتمان نفسه ببعض القلق من أجهزة الذكاء الاصطناعي. وكان الأخير قد وصف معظم أفكار أجهزة الحوسبة المدعومة بالذكاء الاصطناعي بـ«السيئة جداً» خلال مقابلة أجراها مع صحيفة «وول ستريت جورنال» في أكتوبر (تشرين الأول) الفائت.

إنّ المشكلة في أي شيء يحاول «التفوّق» على الهواتف الذكية هي أنّ هذه الأجهزة مألوفة، ومفيدة، وشائعة ومتجذّرة في حياتنا.

ولكن لا يمكننا أيضاً أن ننكر أنّ تقدّم الذكاء الاصطناعي والإنترنت يستوجب تقدّم الأجهزة التي نستخدمها للوصول إليهما. يعمل إيفان سبيغل، الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي للشركة المالكة لمنصّة «سناب شات»، منذ نحو عشر سنوات، على تطوير نظارات تجمع ما ترونه حولكم مع صورٍ رقمية.

يلتزم سبيغل الوضوح عند الحديث عن المدّة التي سيتطلّبها تطوير جهاز رائع أفضل من الهاتف الذكي وعن استحقاق هذا المسعى.

وقال سبيغل، في رسالة إلكترونية: «على الرغم من أنّ الهواتف الذكية باتت موجودة في كلّ جزء من حياتنا، لا نزال نشعر بأنّها تعوقنا عن الاستمتاع بتجربة استكشاف العالم. حان الوقت لشيءٍ جديد».

يعتقد سبيغل أنّ نظارات شركته، التي شهدت تحسّناً بطيئاً خلال السنوات الماضية، «ستقدّم تجربة حوسبة أكثر حيويّة يسهل مشاركتها مع الأصدقاء وتجذّرها في العالم الحقيقي».

هواتف وكومبيوترات بذكاء اصطناعي

أما الفئة الثانية من أجهزة الذكاء الاصطناعي فهي الهواتف الذكية ومكبّرات الصوت الذكية واللابتوبات وغيرها من الأجهزة التي يُعاد تصميم هيكلها الداخلي لتتيح لكم التكلّم مع روبوت محادثة، وتحسين صوركم باستخدام الذكاء الاصطناعي أو ترجمة مقطع فيديو من اليابانية بسرعة وسهولة.

نتوقّع أن يشهد هذا العام أيضاً تباهي شركة «سامسونغ» بهواتفها «غالاكسي» المدعومة بالذكاء الاصطناعي التي ستصدر هذا الشهر على الرغم من أنّ هواتف أبل وبيكسل (غوغل) تشهد تغييرات منذ سنوات للاستفادة من قدرات الذكاء الاصطناعي.

قد يكون هذا النوع من إعادة تصميم الأجهزة أقلّ بريقاً، ولكنّه على الأرجح سيكون أكثر جدوى وفائدة من اختراعات الذكاء الاصطناعي الجديدة.

ولكن ننصحكم وبصدق بألا تعطوا اهتماماً للضجيج المحيط بالهواتف الذكية واللابتوبات المدعومة بالذكاء الاصطناعي.

يكفي أن تعرفوا أنّ الهاتف أو الكومبيوتر التالي الذي ستشترونه سيحتوي على قدرات ذكاء اصطناعي أكثر من سلفه، وأنّ كلّ ضجيج آخر قد تسمعونه ليس إلا فقاعات لتسويق هاتف أو لابتوب جديد ليبدو وكأنّه خارق.

وأخيراً، نقول لكم إنّكم على موعد مع الكثير من أجهزة الذكاء الاصطناعي التي لا تستحق الشراء، ولكن يجب ألا نغضّ النظر عن الحلم الذي تمثّله لأنّكم تستحقّون أفكاراً جديدة تقدّم لكم تجارب رقمية أكثر غمراً وأقلّ تقييداً.


مقالات ذات صلة

65 % من العملاء يشعرون بأن الشركات تتعامل مع بياناتهم باستهتار وتهوّر

تكنولوجيا أصبحت ثقة نحو 3 أرباع المستهلكين (72%) بالشركات أقل مقارنة بعام 2023 (أدوبي)

65 % من العملاء يشعرون بأن الشركات تتعامل مع بياناتهم باستهتار وتهوّر

تظهر دراسة جديدة لشركة «سايلزفورس» تراجع الثقة بالشركات لدى 72 في المائة من العملاء حول العالم.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا بحسب الدراسة أظهرت نماذج الذكاء الاصطناعي أنها لا تتعلم بالفعل الحقائق الكامنة عن العالم (أدوبي)

دراسة جديدة: نماذج الذكاء الاصطناعي اللغوية تفتقر لفهم حقيقي للعالم

تشير دراسة حديثة إلى أن نماذج اللغة الكبيرة تفتقر إلى فهم حقيقي للعالم، إذ تتفوق في مهام ثابتة، لكنها تتعثر مع تغييرات بسيطة، ما يثير تساؤلات حول جدواها.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا ستحدد انتخابات 2024 كيفية تطوير التكنولوجيا وحماية خصوصية المستخدمين ومستوى التدخل الحكومي في ذلك القطاع (أدوبي)

كيف ستؤثر الانتخابات الرئاسية الأميركية على مستقبل التكنولوجيا؟

ستتأثر السياسات التكنولوجية بنتائج الانتخابات الأميركية بشكل كبير بسبب اختلاف رؤى كل مرشح حول تنظيم الذكاء الاصطناعي وخصوصية البيانات ومكافحة الاحتكار.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا توفر «غاما» منصة ذكية لإنشاء العروض التقديمية بسرعة معتمدة على الذكاء الاصطناعي لتبسيط عملية التصميم (غاما)

كيف تسهّل منصة «غاما» العروض التقديمية عبر الذكاء الاصطناعي؟

يمكن الآن للمستخدمين تحويل أفكارهم إلى شرائح عرض احترافية وجاهزة في ثوانٍ، ودون عناء التنسيق اليدوي.

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
يوميات الشرق شعار تطبيق «تيك توك» (رويترز)

عائلات فرنسية تقاضي «تيك توك» بعد انتحار مراهقَين

رفعت 7 عائلات فرنسية دعوى قضائية ضد تطبيق «تيك توك»، متهمة المنصة بتعريض أطفالها المراهقين لمحتوى ضار أدى إلى انتحار اثنين منهم.

«الشرق الأوسط» (باريس)

فكرة ألمانية «مجنونة» لعلاج أمراض المناعة الذاتية

قد يعاني أحد المرضى آفاتٍ في الوجه، تشبه لدغات الذئب
قد يعاني أحد المرضى آفاتٍ في الوجه، تشبه لدغات الذئب
TT

فكرة ألمانية «مجنونة» لعلاج أمراض المناعة الذاتية

قد يعاني أحد المرضى آفاتٍ في الوجه، تشبه لدغات الذئب
قد يعاني أحد المرضى آفاتٍ في الوجه، تشبه لدغات الذئب

يقول الأطباء إن مرض الذئبة لا يصيب اثنين من المرضى بالطريقة نفسها. ويتسبب المرض في اختلال الجهاز المناعي بطريقة يمكن أن تضرب أي عضو في الجسم تقريباً، ولكن من الصعب للغاية تحديد متى وأين.

قد يعاني أحد المرضى آفاتٍ في الوجه، تشبه لدغات الذئب... ومن هنا جاء اسم «مرض الذئبة» Lupus الذي أُطلق عليه في القرن الثالث عشر. بينما قد يعاني مريض آخر فشلاً كلوياً، وثالث تراكم سائل حول الرئتين. لكن ما يمكن للأطباء قوله لكل مريض هو أنه سيظل يعاني مرض الذئبة لبقية حياته.

 

أصول غامضة

غالباً ما تكون أصول أمراض المناعة الذاتية مثلها، غامضة؛ إذ وأثناء حدوثها يرى الجهاز المناعي الجسم البشري الذي يسكنه، عدواً ولا يسترخي في عمله تماماً أبداً.

لذا؛ لا يمكن علاج مرض الذئبة. ولا يمكن علاج أي مرض مناعي ذاتي.

علاج ألماني واعد

ولكن قبل عامين، صدرت دراسة من ألمانيا هزَّت كل هذه الافتراضات. فقد شفي خمسة مرضى مصابين بالذئبة غير المنضبطة تماماً بعد خضوعهم لعلاج للسرطان، يسمى العلاج CAR-T، الذي قضى إلى حد كبير على خلايا المناعة المارقة لديهم. ولم تظهر على المريض الأول الذي عولج أي أعراض منذ ما يقرب من أربع سنوات.

(CAR-T) مصطلح هو: «المستقبلات الخيمرية Chimeric antigen receptor للخلايا التائية»، وهي مستقبلات اصطناعية تم إنشاؤها خصيصاً في المختبر بهدف تمكين الخلايا التائية من التعرف على بروتينات معينة على سطح الخلايا (الخلايا السرطانية مثلاً - المحرر).

شفاء بلا أدوية

وتقول أنكا أسكاناس، اختصاصية أمراض الروماتيزم في المركز الطبي بجامعة كولومبيا والمتخصصة في الذئبة: «لم نجرؤ قط على التفكير في علاج لمرضنا». ولكن هذه النتائج المذهلة - الشفاء لدى كل مريض - غذت موجة جديدة من التفاؤل.

وقد خضع أكثر من أربعين شخصاً مصاباً بالذئبة في جميع أنحاء العالم الآن للعلاج بالخلايا التائية CAR-T، ودخل معظمهم في حالة شفاء دون أدوية.

ومن السابق لأوانه أن نعلن شفاء أي من هؤلاء المرضى مدى الحياة، ولكن هذا يبدو الآن ضمن نطاق الاحتمال.

اختراق ضد أمراض المناعة الذاتية

وبعيداً عن الذئبة، يأمل الأطباء أن ينبئ العلاج بالخلايا التائية CAR-T باختراق أكبر ضد الأمراض المناعية الذاتية، التي أضحى انتشارها المرتفع مثيراً للقلق.

وقد تم استخدام CAR-T بالفعل تجريبياً لعلاج مرضى يعانون أمراض المناعة الذاتية الأخرى، بما في ذلك التصلب المتعدد multiple sclerosis، والتهاب العضل myositis، والوهن العضلي الوبيل myasthenia gravis. وقد ألهم نجاح CAR-T الباحثين لاستعارة استراتيجيات أخرى أرخص وأبسط من علاج السرطان لقتل الخلايا المناعية التي فشلت في عملها.

لن تنجح كل هذه الأفكار، ولكن إذا نجحت أي منها، فقد تجلب السنوات القليلة المقبلة نقطة تحول في علاج بعض الأمراض الأكثر إحباطاً واستعصاءً في عصرنا الحديث.

علاج مضاد لخلايا سرطان الدم

تم تطوير علاج CAR-T في الأصل بصفته وسيلةً لقتل الخلايا الخبيثة في سرطان الدم. وقد استنتج العلماء لاحقاً أنه يمكن استخدامه أيضاً لقتل خلايا الدم البيضاء المحددة، التي تسمى الخلايا البائية B cells، التي تصاب بالجنون في بعض أمراض المناعة الذاتية.

وقد جربت إحدى المجموعات علاجاً يشبه CAR-T ضد مرض مناعي ذاتي يسمى الفقاع الشائع pemphigus vulgaris (مرض جلدي فقاعي مزمن)، وجربت مجموعة أخرى CAR-T ضد الذئبة. ونجحت في ذلك - لكن هذه التجارب كانت على الفئران فقط.

 

حالة مريضة مصابة بالذئبة

كان هذا هو مجموع الأدلة العلمية المتاحة عندما جاءت امرأة تبلغ من العمر 20 عاماً إلى أطبائها في إرلانغن بألمانيا، تطلب تجربة أي شيء لعلاج الذئبة الشديدة وغير المنضبطة.

لم تنجح أي من الأدوية طويلة الأمد المستخدمة عادةً لإدارة الذئبة. كان كليتاها وقلبها ورئتاها كلها تفشل، ولم تستطع المشي إلا لمسافة 30 قدماً بمفردها. ووافق طبيبها وأشار إلى أن العلاج بالخلايا التائية CAR-T محفوف بالمخاطر. لكن الذئبة كانت تقتلها، ويمكن أن يحول علاج الخلايا التائية CAR-T جهاز المناعة لديها ضد نفسه.

أولاً، استخرج الأطباء من دمها فئة من الخلايا المناعية، تسمى الخلايا التائية، التي قاموا بعد ذلك بهندستها إلى خلايا مستقبلات المستضدات الخيمرية (CAR-T) التي يمكنها التعرف على الخلايا البائية التي تسبب الذئبة، ثم تدميرها.

يمكن أن تسبب الخلايا التائية CAR-T استجابات التهابية خطيرة وساحقة لدى مرضى السرطان، وكان أطباء المريضة قلقين من أن تفعل الخلايا التائية CAR-T الشيء نفسه لشخص مصاب بمرض المناعة الذاتية، والذي يعمل جهازه المناعي بالفعل بشكل زائد.

يقول فابيان مولر، اختصاصي أمراض الدم والأورام في مستشفى جامعة إرلانغن وأحد الأطباء في الفريق الألماني الذي ابتكر العلاج: «نستخرج الخلايا التائية، وننشطها بشكل جنوني، ثم نطلق تلك الخلايا التائية المفرطة النشاط بشكل كبير (لمريض مصاب) بمرض مناعي ذاتي نشط. لذا؛ إذا فكرت في الأمر، فهذا أمر مجنون نوعاً ما، أليس كذلك؟».

لكن لحسن الحظ، لم تعانِ المرأة المصابة بالذئبة أي آثار جانبية خطيرة، ولم يعانِ أي من المرضى الآخرين الذين أعطاهم الفريق الألماني جرعات منذ ذلك الحين. إنهم جميعاً يعيشون حياتهم اليومية، خاليين من أعراض الذئبة والأدوية.

أخبرني مولر أن المرأة التي كانت تستطيع المشي لمسافة 30 قدماً فقط تجري الآن خمس مرات في الأسبوع. لقد عادت إلى المدرسة وتفكر في الدراسة للحصول على درجة الماجستير في علم المناعة.

«إعادة ضبط عميقة» للجهاز المناعي

يعتقد مولر وزملاؤه أن علاج الخلايا التائية CAR-T يعمل عن طريق القضاء على ما يكفي من الخلايا البائية لتحفيز «إعادة ضبط عميقة» للجهاز المناعي.

الخلايا التائية CAR-T مجموعة من «القتلة الصغار العنيدة»؛ فهي قادرة على العثور على الخلايا البائية المختبئة في أعماق أنسجة الجسم وتدميرها. يتعافى عدد الخلايا البائية لدى المريض في النهاية، لكن الخلايا الجديدة لها لم تعد تهاجم الجسم نفسه عن طريق الخطأ.

يعدّ مرضى السرطان في بعض الأحيان «مُشافين» بعد خمس سنوات من الهدوء. وكذلك، فإن أول مريض مصاب بالذئبة يتلقى CAR-T ليس بعيداً جداً عن هذا الإنجاز.

لكن العلاج لا يمكنه محو الاستعداد الوراثي لدى الكثير من المرضى لهذا المرض، كما يقول دونالد توماس، اختصاصي أمراض الروماتيزم في ماريلاند. ما إذا كان الهدوء دائماً بما يكفي ليكون «شفاءً» سيستغرق بعض الوقت لمعرفة ذلك.

اندفاعة «ذهبية» لشركات التكنولوجية الحيوية

ومع ذلك، أثارت هذه النتائج غير العادية اندفاعاً ذهبياً بين شركات التكنولوجيا الحيوية الحريصة على إيجاد حلول لأمراض المناعة الذاتية. وتحاول الشركات الناشئة CAR-T التي تأسست لعلاج السرطان استهداف أمراض المناعة الذاتية. كما أن شركات الأدوية الكبرى مثل «بريستول مايرز سكويب» و«أسترازينيكا» و«نوفارتس» تعمل على تطوير علاجاتها الخاصة. والآن تعمل شركة «أسكانيس» من كولومبيا على التحقيق في خمس تجارب منفصلة، ​​تستخدم جميعها CAR-T أو علاجاً خلوياً مشابهاً، وتسمع عن المزيد من الشركات طوال الوقت.

وقالت الباحثة أسكاناس إن هناك الكثير من الاهتمام، «لا أعرف حتى أن هناك عدداً كافياً من المرضى» لاختبار علاجات جديدة.

1.5 مليون أميركي مصاب بالذئبة

يعاني نحو 1.5 مليون أميركي مرض الذئبة، ولكن أقلية منهم فقط - أولئك الذين يعانون المرض بدرجة كافية لتبرير العلاج التجريبي ولكن ليسوا مرضى لدرجة أنهم عانوا الكثير من تلف الأعضاء غير القابل للإصلاح - مؤهلون للتجارب.

في الوقت الحالي، لا يمكن الوصول إلى CAR-T لمرض الذئبة وأمراض المناعة الذاتية الأخرى إلا في الولايات المتحدة من خلال التجارب السريرية - ما يعني في الواقع أنه غير متاح لجميع مرضى الذئبة تقريباً.

حتى لو تمت الموافقة على CAR-T من قِبل إدارة الغذاء والدواء للأمراض المناعية الذاتية، فإن العملية طويلة ومكلفة. نظراً لأن خلايا كل مريض تتم إعادة هندستها، فلا يمكن توسيع نطاقها بسهولة.

تبلغ تكلفة CAR-T للسرطان نحو 500 ألف دولار. يحتاج المرضى أيضاً إلى العلاج الكيميائي لقتل الخلايا التائية الموجودة لإفساح المجال لـCAR-T؛ ما يزيد من المخاطر، وفي الذئبة، يحتاجون عادةً إلى تقليل أي أدوية لإبقاء مرضهم تحت السيطرة؛ ما قد يتسبب في تفاقم المرض. كل هذه المضاعفات تجعل التكرار الحالي لـCAR-T مناسباً فقط لمرضى الذئبة المصابين بمرض شديد، والذين استنفدوا من الخيارات الأخرى.

لقد أزعجت الحدود العملية لـتوظيف CAR-T في مجال السرطان لفترة طويلة الآن، وقد توصل الباحثون بالفعل إلى أفكار للتغلب عليها. وهناك عدد من الاستراتيجيات الأكثر بساطة لقتل الخلايا البائية تشق طريقها الآن من سرطان الدم إلى مرض المناعة الذاتية. وتشمل هذه الحلول استخدام الخلايا التائية المانحة donor T cells، أو نوع مختلف من الخلايا المناعية تسمى الخلايا القاتلة الطب natural killer cells (الموجودة في الجهاز المناعي الفطري)، وغيرها.

وقد تتفوق سهولة استخدامها في النهاية على علاج CAR-T المخصص، الذي من غير المرجح أن يصل إلى ملايين الأشخاص المصابين بالذئبة في جميع أنحاء العالم. إنه ببساطة مكلف للغاية ومرهق للغاية. وحتى لو لم يتم اعتماد CAR-T على نطاق واسع لعلاج أمراض المناعة الذاتية، فإنه فتح الباب أمام أفكار جديدة قد تؤدي في يوم من الأيام إلى إحداث ثورة في علاجها.

 

* «ذي أتلانتيك أونلاين» - خدمات «تريبيون ميديا»