«الدوما» الروسي يقر بالإجماع قانون مصادرة ممتلكات «الخونة»

صاروخ غربي أسقط «طائرة الأسرى»... وأطاح قائد الجيش الأوكراني

مبنى مجلس الدوما (أ.ف.ب)
مبنى مجلس الدوما (أ.ف.ب)
TT

«الدوما» الروسي يقر بالإجماع قانون مصادرة ممتلكات «الخونة»

مبنى مجلس الدوما (أ.ف.ب)
مبنى مجلس الدوما (أ.ف.ب)

اعتمد مجلس الدوما (النواب) الروسي بالإجماع، الأربعاء، قانوناً بشأن مصادرة ممتلكات معارضي الحرب في أوكرانيا، من الأشخاص الذين تثبت عليهم تهم ترويج معلومات «كاذبة» عن مجريات الحرب أو نشاط العسكريين الروس، وكذلك الأشخاص الذين يدعون إلى محاربة الدولة. وصادق المجلس على القانون الجديد في القراءة الثالثة والأخيرة، ليدخل حيز التنفيذ قريباً، فور مصادقة مجلس الاتحاد (الشيوخ)، وتوقيع الرئيس فلاديمير بوتين عليه.

رئيس مجلس الدوما فياتشيسلاف فولودين قال إن الوثيقة ستجعل من الممكن معاقبة «الخونة الذين يرتكبون جرائم ضد بلادهم» (رويترز)

بموجب نص الوثيقة غير المسبوقة في تاريخ روسيا، سيتم إدخال تغييرات واسعة على القانون الجنائي وقانون الإجراءات الجنائية؛ إذ لم يسبق أن قرر قانون روسي حرمان المواطنين من ممتلكاتهم بسبب تداول معلومات عن سير المعارك أو تحركات الجنود.

في انتظار توقيع الرئيس فلاديمير بوتين على التشريع (أ.ف.ب)

وأشارت المذكرة التوضيحية المرفقة مع القانون إلى أن الوثيقة وضعت آلية لمصادرة الأموال والمقتنيات الثمينة والممتلكات الأخرى ضد من تثبت عليهم تهمة التزييف عن الجيش الروسي، وكذلك إذا تم استخدام تلك الممتلكات لـ«تمويل جرائم وأي أنشطة أخرى موجهة ضد أمن الدولة».

وأكد مجلس الدوما أن «الحديث يدور على وجه التحديد عن الممتلكات أو الأموال التي تم الحصول عليها بوسائل إجرامية، أو استخدمت لأغراض إجرامية مثل تمويل أنشطة غير قانونية»، مشدداً على أن «القانون سوف ينفذ في حال توافرت إثباتات على التهم».

رئيس مجلس الدوما فياتشيسلاف فولودين قال إن الوثيقة ستجعل من الممكن معاقبة «الخونة الذين يرتكبون جرائم ضد بلادهم» (أ.ب)

وقال رئيس مجلس الدوما فياتشيسلاف فولودين إن الوثيقة ستجعل من الممكن معاقبة «الخونة الذين يرتكبون جرائم ضد بلادهم».

وأوضح أن القانون يستهدف «الأوغاد والخونة الذين يرتكبون جرائم ضد بلادهم، ويدعمون النازيين، ويسمحون لأنفسهم بإهانة جنودنا وضباطنا».

وزاد أن إقرار القانون الجديد يعكس «الموقف الموحد للأغلبية المطلقة لنواب مجلس الدوما. وكذلك المواطنون الذين طالبوا بإقرار مشروع القانون».

ولم يخف البرلماني البارز أن «القانون الجديد يستهدف الروس في الخارج الذين (ينشرون الأوساخ) على بلادهم والعسكريين الروس المشاركين في الحرب ضد أوكرانيا». وأوضح أن سنّ القانون «سيجعل من الممكن معاقبة أولئك الذين يقومون بأنشطة ضد بلادهم، وحرمان هؤلاء الأوغاد من الألقاب الفخرية، وكذلك مصادرة ممتلكاتهم وأموالهم وممتلكاتهم الثمينة الأخرى».

وسبق أن صرح فولودين بأن الإجراءات المتاحة لمكافحة الأشخاص الذين يعارضون تصرفات السلطات الروسية، «ليست كافية».

وتم تقديم الوثيقة إلى مجلس الدوما في 22 يناير (كانون الثاني)، وتم اتخاذ المبادرة بناء على اقتراحات قدمتها نائبة رئيس مجلس الدوما إيرينا ياروفايا، ورئيسي لجنتي «الدوما» للأمن والثقافة فاسيلي بيسكاريف وإيلينا يامبولسكايا. ودعمت الحكومة هذه المبادرة. وتنص الوثيقة على إدراج مادتين من القانون الجنائي للاتحاد الروسي في قائمة «الجرائم التي تسفر عن مصادرة الممتلكات».

ويقوم القانون على مواجهة جريمتين؛ الأولى هي: «النشر العلني لمعلومات كاذبة عن عمد حول تحركات القوات المسلحة للدولة ونشاط الأجهزة الحكومية وفقاً لسلطتها». والثانية: «الدعوات العامة لتنفيذ أنشطة موجهة ضد أمن الدولة»، وفي هذا الإطار رأى القانون أن الفرار من الخدمة العسكرية يدخل ضمن الجريمة الثانية.

ومن المفترض، وفقاً للنص القانوني، أن تطبق العقوبة في شكل مصادرة الممتلكات إذا ثبت أن المتهم مذنب بارتكاب واحدة من تلك الجرائم، أو إذا ارتكبت لأسباب تتعلق بتعاون مباشر مع العدو.

اللافت أن القانون يعد النسخة الأكثر صرامة للعقوبات ضد «الخونة» منذ اندلاع الحرب في فبراير (شباط) 2022. وكانت المحاكم الروسية أصدرت قرارات بالحبس ودفع غرامات ضد أشخاص اتهموا بـ«تزييف مسار» المعارك أو «تشويه سمعة الجيش»، أو بسبب تداول معلومات غير رسمية حول الحرب.

حطام الطائرة العسكرية الروسية من طراز «إيل - 76» التي تم إسقاطها في روسيا (إ.ب.أ)

وقال رئيس لجنة التحقيق في الاتحاد الروسي، ألكسندر باستريكين، منتصف الشهر الماضي، إنه منذ تنشيط العمل بقانون المسؤولية الجنائية عن ترويج المعلومات الكاذبة عن الجيش في عام 2022، فتحت إدارته 273 قضية جنائية.

وتحذر المعارضة من أن القانون سوف يستخدم بشكل عشوائي ضد معارضي الحرب، أو الأشخاص الذين يتداولون معلومات على وسائل التواصل الاجتماعي حول أعداد ضحايا الحرب أو تقديرات خسائر الجيش الروسي فيها.

قائد الجيش فاليري زالوجني (الأول من اليسار)

العنصر اللافت في القانون الجديد أنه يجيز استخدام الأموال والممتلكات المصادرة لتمويل الجيش والمؤسسة العسكرية. وقال النائب في «الدوما» ألكسندر يوشينكو، إن الدولة سوف تحدد جهات إنفاق الأموال المصادرة، بالدرجة الأولى لدعم الجنود وعائلاتهم».

كما أشار يوشينكو إلى أن «مشروع القانون يهدف إلى اتخاذ تدابير وقائية»، وأنه «ليس له أي أثر رجعي».

وعندما سأله أحد الصحافيين عن المسؤولية التي يتحملها من لا يملك مالاً، أجاب النائب بأنه سيتحمل المسؤولية الجنائية بحسب ما فعله.

وصف نائب مجلس الدوما من سيفاستوبول وعضو لجنة الشؤون الدولية دميتري بيليك، قانون مصادرة الممتلكات بأنه «ضربة قاضية لرعاة القوات الأوكرانية».

وزاد: «لقد أغلق مجلس الدوما، بقراره، الصنبور المالي الذي يغذي أعدائنا. الآن نحن بحاجة إلى إعطاء ركلة لأولئك الذين يطلقون على أنفسهم شخصيات محترمة من الروس، والذين يروجون لأفكار الاتحاد والتعاطف مع القوات المسلحة الأوكرانية. يجب حرمانهم من جميع الألقاب والجوائز والتمويل».

على صعيد آخر، نقلت وكالة أنباء «نوفوستي» الحكومية الروسية عن مصدر مطلع، أن الفحص الأولي الفني لشظايا طائرة النقل الروسية التي تم إسقاطها خلال نقل أسرى أوكرانيين الأسبوع الماضي، يثبت أنه تم إسقاطها بواسطة منظومة دفاع جوي صاروخية غربية الصنع.

وزاد أن الفحوص أثبتت أن الطائرة «تعرضت لتأثير خارجي».

القيادة العسكرية الأوكرانية مع قائد الجيش فاليري زالوجني

وكانت طائرة نقل عسكرية من طراز «إليوشن - 76» تحطمت فوق منطقة بيلغورود الحدودية، وكان على متنها 65 أسيراً أوكرانياً في طريقهم لعملية تبادل. وأسفر الحادث عن مقتلهم جميعاً، إضافة إلى 6 من أفراد طاقم الطائرة، و3 مرافقين من القوات المسلحة الروسية.

اللافت أن حادثة الطائرة انعكست، وفقاً لتقارير روسية، على الوضع في قيادة الجيش الأوكراني، بعدما تحدثت أنباء عن عزل قائد الجيش فاليري زالوجني من منصبه، على خلفية «خلافات داخلية بسبب الحادثة».

وقال المستشار السابق للرئيس الأوكراني ليونيد كوتشما، أوليغ سوسكين، إن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي «عمد إلى إقالة زالوجني بسبب تدمير الطائرة».

في حين أشار الناطق الرئاسي الروسي دميتري بيسكوف إلى أن الكرملين «يتابع المعلومات حول استقالة القائد الأعلى للقوات المسلحة الأوكرانية».

وزاد في إفادة صحافية، الأربعاء، بأن «هناك شيئاً واضحاً هو أن نظام كييف لديه عدد من المشاكل، وكل شيء ليس على ما يرام هناك». وشدد بيسكوف على أن الهجوم الأوكراني المضاد الفاشل، والإخفاقات الحالية على الجبهة، يقودان أوكرانيا إلى مواجهة متزايدة في الداخل، والتي سوف تتزايد مع مزيد من النجاحات في العملية العسكرية الروسية الخاصة.

وكانت صحيفة «التايمز» البريطانية قد نقلت عن مصادر أن قائد القوات البرية الجنرال ألكسندر سيرسكي، ورئيس إدارة الاستخبارات الرئيسية بوزارة الدفاع الأوكرانية كيريل بودانوف، رفضا على التوالي، اقتراح زيلينسكي بتولي مهام قيادة الجيش.

وتناقلت وسائل إعلام، نقلاً عن مصادر مطلعة، أن زيلينسكي التقى زالوجني، الثلاثاء، وأبلغه بـ«قبول استقالته»، وعرض عليه أن يتولى منصب مستشار للسلطات الأوكرانية.

في حين قالت مجلة «إيكونوميست» إن العرض تعلق بتولي زالوجني منصب سكرتير مجلس الأمن القومي والدفاع في أوكرانيا. لكن هذا العرض وفقاً للمجلة، قوبل برفض من جانب زالوجني. ولم تصدر عن الجانب الأوكراني رسمياً معطيات تؤكد أو تنفي صحة تلك الأنباء.


مقالات ذات صلة

خبراء يستبعدون تصعيداً عالمياً من التحالف بين روسيا وكوريا الشمالية

آسيا فلاديمير بوتين وكيم جونغ أون يزوران قاعدة «فوستوشني» في منطقة آمور بأقصى شرق روسيا (أرشيفية - رويترز)

خبراء يستبعدون تصعيداً عالمياً من التحالف بين روسيا وكوريا الشمالية

استبعد خبراء أن يؤدي إبرام اتفاقية دفاعية بين موسكو وبيونغ يانغ إلى تصعيد عسكري فوري على المستوى العالمي.

«الشرق الأوسط» (باريس)
أوروبا رجال الإنقاذ يعملون في موقع مبنى سكني دمره هجوم صاروخي روسي في دنيبرو - أوكرانيا في 26 أكتوبر 2024 (رويترز)

5 قتلى في غارات روسية استهدفت كييف ودنيبرو في أوكرانيا

أدت ضربات صاروخية روسية على مدينة دنيبرو بوسط أوكرانيا إلى مقتل ثلاثة أشخاص، فيما قتل شخصان أحدهما مراهقة في هجمات على كييف ومحيطها، على ما ذكر مسؤولون، السبت.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا زيلينسكي وغوتيريش خلال اجتماعهما في كييف في مارس 2023 (أ.ف.ب)

القوات الكورية تدخل «معركة كورسك»

اتهمت كييف، موسكو، أمس الجمعة، بأنها ستبدأ الاستعانة، اعتباراً من غدٍ الأحد، بجنود كوريين شماليين للقتال ضد قواتها في منطقة كورسك الروسية، التي توغلت فيها

«الشرق الأوسط» ( كييف)
العالم الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون يستقبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (د.ب.أ)

أميركا وألمانيا واليابان وكوريا الجنوبية تبدي قلقاً لانتشار قوات كورية شمالية في روسيا

أعربت الولايات المتحدة وألمانيا وكوريا الجنوبية واليابان، الجمعة، عن «قلق بالغ» لانتشار قوات كورية شمالية في روسيا، في خضم الحرب مع الجارة أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا زيلينسكي يعرض خطة من 5 نقاط (أ.ف.ب)

زيلينسكي يتهم موسكو بنشر أول دفعة كورية شمالية مقاتلة في كورسك ابتداء من الأحد

اتهمت كييف موسكو بنشر أول دفعة كورية شمالية مقاتلة في كورسك الروسية ابتداء من الأحد.

«الشرق الأوسط» (كييف)

جورجيا تتأرجح بين ولاءين... أحدهما لموسكو والآخر لبروكسل

متظاهرون أمام البرلمان (رويترز)
متظاهرون أمام البرلمان (رويترز)
TT

جورجيا تتأرجح بين ولاءين... أحدهما لموسكو والآخر لبروكسل

متظاهرون أمام البرلمان (رويترز)
متظاهرون أمام البرلمان (رويترز)

يصوّت الناخبون بجورجيا، السبت، في انتخابات تشريعية تحدّد مستقبل البلاد، المنقسمة بين معارضة مؤيّدة لأوروبا، وحزب حاكم مُوالٍ لروسيا، وشدّدت بروكسل على أن نتيجة الاقتراع ستحدّد فرص دخول هذه الجمهورية السوفياتية السابقة، الواقعة في منطقة القوقاز، ويبلغ عدد سكانها 4 ملايين نسمة، إلى الاتحاد الأوروبي، وكانت تبليسي أدرجت هذا الطموح في دستورها.

رئيسة جورجيا سالومي زورابيشفيلي تشارك في مسيرة لدعم عضوية البلاد في الاتحاد الأوروبي (رويترز)

وقالت الرئيسة الجورجية الموالية للغرب، سالومي زورابيشفيلي، التي تنتهج سياسة مخالفة لتلك التي تتّبعها حكومة حزب «الحلم الجورجي» الموالي لموسكو، إن هذه «الليلة، ستشهد انتصاراً لجورجيا برُمّتها»، وأضافت بعدما أدلت بصوتها: «هذا اليوم سيحدّد مستقبل البلاد... إنها انتخابات وجودية».

ووصفت زورابيشفيلي المشهد في بداية أكتوبر (تشرين الأول) خلال مقابلة مع «وكالة الصحافة الفرنسية» قائلة: «لدينا شبه استفتاء حول الاختيار بين أوروبا، أو العودة إلى ماضٍ روسي غامض».

اندلعت مواجهات بين الشرطة والمتظاهرين في تبليسي 1 مايو (رويترز)

وفتحت مراكز الاقتراع في الصباح أبوابها، ويُتوقَّع نشر أولى نتائج استطلاع آراء الناخبين بعد إغلاقها في العاشرة مساءً.

أما رئيس الوزراء إيراكلي كوباخيدزه، فقال إنه يتوقع فوزاً صريحاً لحزب «الحلم الجورجي» الحاكم الموالي لموسكو . وقال لوكالة أنباء «إنتربرس نيوز» المحلية، السبت: «توقعاتنا متفائلة، نتوقع 60 في المائة من أصوات السكان»، بينما كان يُدلي بصوته.

وأكّد مجدّداً أهمية الانتخابات للاتجاه المستقبلي للبلاد، وقال إن الانتخابات سوف تحدِّد مزيداً من التنمية مثلما كان الحال في 2012، عندما تسلَّم الحزب زمام الأمور في البلاد.

وذكرت وكالة «أسوشيتيد برس» (أ.ب)، السبت، أن الحملة الانتخابية تهيمن عليها السياسة الخارجية، واتسمت بصراعٍ مرير على الأصوات، واتهامات بشنّ حملة تشويه.

ويفضِّل حزب «الحلم الجورجي» الحاكم تعاوناً اقتصادياً أوثق مع روسيا، بينما تريد المعارضة الموالية للغرب دفع البلاد نحو عضوية الاتحاد الأوروبي.

وجورجيا مرشّحة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، لكن العملية متوقفة حالياً بسبب القوانين المثيرة للجدل التي فرضتها الإدارة الحالية.

حشد من المتظاهرين في تبليسي عاصمة جورجيا (أ.ب)

وتسلَّم «الحلم الجورجي» الحكم من «الحركة الوطنية المتحدة» الموالية للغرب، في عهد الرئيس ميخائيل ساكاشفيلي. ووصف كوباخيدزه الانتخابات بأنها «استفتاء حول الحرب والسلام بين الدعاية غير الأخلاقية والقيم التقليدية، واستفتاء بشأن الماضي المظلم والمستقبل المشرق للبلاد».

ويتبنّى «الحلم الجورجي» خَطّاً محافِظاً قومياً على نحو متزايد، ويسعى للتقارب مع الصين. وفي حال فاز بأغلبية الثلثين يريد مؤسّس الحزب، الملياردير بيدزينا إيفانيشفيلي، الذي يتحكّم منذ حوالى 10 سنوات بزمام السلطة في الكواليس، حظرَ «الحركة الوطنية المتحدة»، حزب الرئيس السابق المسجون ميخائيل شاكاشفيلي العدو اللدود لإيفانيشفيلي.

وقبل الانتخابات البرلمانية، تعهّد إيفانيشفيلي، الملياردير الغامض، الذي أسّس حزب الحلم الجورجي، وجمع ثروته في روسيا، مرة أخرى بحظر أحزاب المعارضة حال فوز حزبه. وقال إيفانيشفيلي، كما نقلت عنه الوكالة الألمانية، في تجمّع مؤيد للحكومة في العاصمة تبليسي، إن حزب «الحلم الجورجي» سيحمّل أحزاب المعارضة «المسؤولية الكاملة، بموجب القانون، عن جرائم الحرب» التي ارتُكِبت ضد شعب جورجيا. ولم يوضح الجرائم التي يعتقد أن المعارضة ارتكبتها.

ويعتقد الكثيرون أن هذه الانتخابات ربما تكون الأكثر أهميةً، منذ أن حصلت جورجيا على استقلالها في أعقاب انهيار الاتحاد السوفياتي في عام 1991.

وسينتخب الجورجيون 150 نائباً من 18 حزباً، وإذا لم يحصل أي حزب على 76 مقعداً، وهو العدد المطلوب لتشكيل حكومة لمدة 4 سنوات، فسوف تدعو الرئيسة الحزب الأكبر لتشكيل حكومة ائتلافية.

أثار قانون «التأثير الأجنبي» غضب داعمي انضمام جورجيا إلى الاتحاد الأوروبي (إ.ب.أ)

وشهدت جورجيا في مايو (أيار) مظاهرات حاشدة في الشوارع على مدى أسابيع؛ احتجاجاً على إقرار «قانون التأثير الأجنبي» المثير للجدل، بوصفه مستوحًى من قانون روسي لإسكات المعارضة. وعليه، جمّدت بروكسل ملف انضمام جورجيا إلى الاتحاد الأوروبي، وفرضت واشنطن عقوبات على عشرات المسؤولين الجورجيين بتهمة ممارسة «قمع عنيف» في حق المتظاهرين.

من جانبه، ندّد الكرملين، الجمعة، بمحاولات «تدخل» دول غربية في الانتخابات التشريعية الجورجية.

واشتكى بعض الجورجيين من الترهيب والضغوط التي تم ممارستها عليهم لحملهم على التصويت لصالح الحزب الحاكم «الحلم الجورجي»، بينما اتهمت المعارضة الحزب بشنّ «حرب هجينة» ضد مواطنيها.

وكانت استطلاعات للرأي في الفترة الأخيرة أشارت إلى أن تحالفاً غير مسبوق بين أحزاب معارِضة قد يهزم حزب «الحلم الجورجي» الحاكم، وبين الأحزاب الأربعة المعارضة المعنية: «الحركة الوطنية الموحَّدة». إلا أنه يصعب جداً توقُّع نتيجة الاقتراع؛ إذ قال الكثير من الذين استُطلِعت آراؤهم إنهم لا يزالون متردّدين، أو أنهم رفضوا الإفصاح عن الطرف الذين سيُصوّتون له.

وتُجرى الانتخابات بالاقتراع النسبي تحت إشراف مراقبين من منظمة الأمن والتعاون في أوروبا.

وفي حال فوزه وعد تحالُف المعارضة بإجراء إصلاحات انتخابية وقضائية، وإلغاء قوانين أُقِرّت مؤخراً وتعرضت لانتقادات. كذلك، يهدف تحالُف المعارضة إلى تشكيل حكومة ائتلافية، ثم تنظيم انتخابات جديدة في غضون عام تعكس إرادة الناخبين بشكل أفضل.

وترجّح استطلاعات للرأي حصول أحزاب المعارضة على ما يكفي من الأصوات في انتخابات السبت، لتشكيل حكومة ائتلافية بدلاً من حزب «الحلم الجورجي» الحاكم الذي يديره الملياردير النافذ بيدزينا إيفانيشفيلي.

رئيس بعثة المراقبة التابعة للاتحاد الأوروبي في جورجيا ديميتريوس كاراباليس (د.ب.أ)

وفي مركز اقتراع بالعاصمة تبليسي، رأى غيورغي كيبتشيدزه (48 عاماً)، وهو موسيقي، أن المعارضة ستنتصر. وقال هذا الناخب لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن «معظم الجورجيين يدركون أن الحكومة الحالية تُعِيدنا إلى المستنقع الروسي، وتُبعدنا عن أوروبا».

وأكّد رئيس بلدية تبليسي كاخا كالادزي، الأمين العام لحزب «الحلم الجورجي»، أن المعارضة ستحاول «إثارة توترات»، وحذّر غيلا فاسادزي، الخبير بمركز التحليل الاستراتيجي في جورجيا، من خطر حدوث «اضطرابات بعد الانتخابات» إذا «حاول الحزب الحاكم التمسك بالسلطة مهما كانت النتيجة».

سفينة تابعة للبحرية الروسية في البحر الأسود بالقرب من سوخومي عاصمة منطقة أبخازيا الانفصالية في جورجيا (أ.ف.ب)

تجمّع عشرات آلاف المتظاهرين المؤيدين لأوروبا، الأحد، في تبليسي، قبل أسبوع من الانتخابات، واحتشد المتظاهرون في شوارع بوسط العاصمة الجورجية، وحمل بعضهم أعلام بلادهم والاتحاد الأوروبي، بينما رفع آخرون لافتات كُتب عليها: «جورجيا تختار الاتحاد الأوروبي»، حسبما أفاد مراسل «وكالة الصحافة الفرنسية».

وسارت الحشود نحو ساحة الحرية في وسط العاصمة، ودعت منظمات غير حكومية عدة إلى المسيرة، بهدف «إظهار التصميم على مواصلة الطريق نحو الانضمام» إلى الاتحاد الأوروبي.

درّاجون يرفعون علم أبخازيا خلال «العيد الوطني» في العاصمة سوخومي في 23 يوليو الماضي (إ.ب.أ)

ويكرّس الدستور الجورجي طلب العضوية في الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، وهو توجّه يؤيده نحو 80 في المائة من الجورجيين، وفقاً لاستطلاعات رأي عدّة أجرتها جهات، بينها المعهد الديمقراطي الوطني، والمعهد الجمهوري الدولي.

وما زالت هذه الجمهورية السوفياتية السابقة المُطِلّة على البحر الأسود تحت تأثير حرب خاطفة خاضتها مع الجيش الروسي في عام 2008، وعقب هذه الحرب أنشأت روسيا قواعد عسكرية دائمة في منطقتي أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية الانفصاليتين المدعومتين من موسكو في جورجيا، واعترفت بهما روسيا دولتين مستقلتين.

المتظاهرون تجمّعوا في احتجاج خلال الليل عند البرلمان (إ.ب.أ)

وفي هذا السياق، قدّم الحزب الحاكم نفسه خلال حملته الانتخابية بأنه الوحيد القادر على منع تحوّل جورجيا إلى «أوكرانيا جديدة».

وأكّدت الحكومة أنها تريد الحصول على ثلاثة أرباع المقاعد في البرلمان، ما يسمح لها بتعديل الدستور، وحظر أحزاب المعارضة الموالية للغرب.

وحذّر محلّلون من خطر حدوث اضطرابات إذا حاول حزب «الحلم الجورجي» التمسك بالسلطة في حال خسر الانتخابات، بينما تحدث آخرون عن إمكان حدوث تزوير.