خطة إسرائيلية لإدارة غزة عسكرياً... في انتظار «سلطة فلسطينية جديدة»

تريد التخلص من «الأونروا» وشكوك في أن الهدف تصفية قضية اللاجئين

مدفع إسرائيلي يُطلق نيرانه في اتجاه غزة اليوم الأربعاء (رويترز)
مدفع إسرائيلي يُطلق نيرانه في اتجاه غزة اليوم الأربعاء (رويترز)
TT

خطة إسرائيلية لإدارة غزة عسكرياً... في انتظار «سلطة فلسطينية جديدة»

مدفع إسرائيلي يُطلق نيرانه في اتجاه غزة اليوم الأربعاء (رويترز)
مدفع إسرائيلي يُطلق نيرانه في اتجاه غزة اليوم الأربعاء (رويترز)

في الوقت الذي تحذّر فيه منظمات دولية من الحملة التي تتعرض لها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، كشفت مصادر سياسية وأمنية في تل أبيب عن مخطط يعده الجيش للسيطرة على النشاطات التي تقوم بها الوكالة في قطاع غزة، وتسليمها للإدارة المدنية التابعة له. ومع أن الهدف من هذه الخطوة، بحسب ما يقول الإسرائيليون، هو منع «حماس» من السيطرة على المساعدات، فإن الترجمة العملية لها على الأرض تثير شكوكاً بأن الهدف هو القضاء على الوكالة، ضمن مخطط أكبر يرمي إلى تصفية قضية اللاجئين من دون تقديم حل جذري لها. وتتضمن الخطة فكرة قيام سلطة فلسطينية «جديدة» تتسلم من إسرائيل حكم غزة.

وقالت تلك المصادر إن الخطة التي يبلورها الجيش تمت بقرار سياسي من حكومة بنيامين نتنياهو، وقد تم تحديدها على أنها مؤقتة. وأضافت: «لكي يمنع وصول المساعدات الإنسانية إلى (حماس)، يقوم الجيش الإسرائيلي ومحافل دولية بتوزيع المساعدات مباشرة على مواطني غزة». وبحسب صحيفة «يسرائيل هيوم» اليمينية، المقربة من نتنياهو، فإن «الجيش الإسرائيلي سيضطر لأن يُعنى أيضاً بالجوانب المدنية في القطاع، الأمر الذي هو غير معني به على الإطلاق. ولكن حسب الاقتراحات الأولية سيُقام مجال إنساني محدد، بداية في شمال القطاع وفي وسطه، وإلى هناك يصل المواطنون الغزاويون» الذين سيستفيدون من المساعدات.

عائلة فلسطينية نازحة في رفح اليوم (رويترز)

وتابعت الصحيفة: «الموضوع ما زال في مراحل البلورة البدائية»، مشيرة إلى أن ما يطرح من اقتراحات هو في إطار الفحص في الجيش، ولكنه كفيل بأن يتغير، والقرارات بشأنه تؤخذ وفقاً لتعليمات المستوى السياسي. والمهم بالنسبة للجيش، كما أضافت الصحيفة، هو أن المساعدات الإنسانية إلى القطاع ونشاط «الأونروا» برمته يقع حالياً تحت سيطرة «حماس»، وهذا «يُقلق المحافل السياسية والعسكرية العليا في إسرائيل، ويثير انتقاداً جماهيرياً واسعاً».

وكشف المراسل السياسي لصحيفة «معاريف»، بن كسبيت، عن أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، يطلق من آن لآخر، بالون اختبار حول مستقبل غزة ينطوي على تصفية «الأونروا» وإبقاء قطاع غزة تحت السيطرة الإسرائيلية المباشرة أو غير المباشرة. وقال إن آخر هذه الخطط تتم بلورتها مع «مجموعة رجال أعمال». وهي تتم على عدة مراحل؛ أُولاها إقامة حكم عسكري إسرائيلي كامل في غزة يدير نقل المساعدات الإنسانية ويتولى المسؤولية عن العناية بالسكان المدنيين الغزيين «في المرحلة الانتقالية». وفي المرحلة الثانية، التي ستجري بالتوازي، سيتم تشكيل ائتلاف دولي يضم دولاً عربية، وسيكون جزءاً من اتفاق التطبيع الإقليمي الذي تأمل إسرائيل بأن يوقّع لاحقاً. وسيقف هذا الائتلاف خلف إقامة جسم جديد يسمى «السلطة الفلسطينية الجديدة». والموظفون الذين سيعملون مع هذه السلطة يفترض أنهم لا ينتمون إلى «حماس»، وسيتسلمون المسؤولية من إسرائيل عن إدارة غزة، وبهذه الطريقة يتم إلغاء الحكم العسكري. لكن إسرائيل ستبقي لنفسها الحق في العمل الأمني في غزة، في الصيغة التي تعمل بها في الضفة، في كل مرة تكون هناك احتياجات عملية لـ«إحباط الإرهاب» أو لتفكيك «شبكات إرهابية». وفي المرحلة التالية التي لن تحصل إلا بعد أن يستقر قطاع غزة وينجح الجسم الجديد «السلطة الفلسطينية الجديدة»، يجرى إصلاح شامل في «يهودا والسامرة» (أي الضفة الغربية)، يشمل أداء السلطة الفلسطينية وما يتعلق بالمواد الدراسية في جهاز التعليم الفلسطيني، وفيما يتعلق بالتصدي للإرهاب.

شاحنات مساعدات لقطاع غزة في مدينة رفح على الحدود مع مصر اليوم الأربعاء (رويترز)

ويقول بن كسبيت إنه في حال نجحت هذه المرحلة أيضاً، وفي الإطار الزمني الذي يتقرر مسبقاً (يدور الحديث عن سنتين حتى أربع سنوات)، توافق إسرائيل على الاعتراف بدولة فلسطينية مجردة من السلاح في مناطق السلطة الفلسطينية، بل تبحث في إمكانية نقل مناطق أخرى لا تحتاج إلى إخلاء مستوطنات فيها إلى سلطة الدولة الوليدة.

ويؤكد بن كسبيت أن هذه الخطة تبلورت سراً في إسرائيل من قبل «مجموعة رجال أعمال». وقد عرضت أيضاً على محافل أميركية رسمية. وبين رجال الأعمال هؤلاء يوجد من هم مقربون من رئيس الوزراء نتنياهو، وأحدهم قريب جداً. ويمكن أن تكون الخطة بالون اختبار من نتنياهو للرد على المبادرة الأميركية لتسوية شاملة في الشرق الأوسط. ومع أن نتنياهو لا يدير هذه الاتصالات بشكل مباشر، بل فقط من خلال وزير الشؤون الاستراتيجية المقرب منه، رون ديرمر، لكنه يدفع قدماً بالأفكار لكن في شكل يسمح له دوماً بأن ينفي العلاقة المباشرة من خلال القول إن الخطة هي خطة رجال أعمال فقط.

ومعروف أنه بالإضافة إلى هذه الخطة، يعملون في إسرائيل بالتوازي على بضع خطط أخرى لـ«اليوم التالي». فهناك دراسة يجريها منسق أعمال الحكومة في المناطق، اللواء غسان عليان، وهناك خطة أخرى للجيش الإسرائيلي، وخطة أخرى خاصة بجهاز المخابرات «الشاباك».

مدرسة تديرها وكالة «الأونروا» في ضاحية سلوان شرق القدس يوم الثلاثاء (رويترز)

يذكر أن اللجنة الدائمة المشتركة لعدد من المنظمات الإنسانية بقيادة الأمم المتحدة، حذرت من خطورة ضرب وكالة الغوث، وقالت إن تعليق بعض الدول دعمها المالي لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا» سيؤدي إلى كارثة على سكان قطاع غزة. ووصف بيان صادر عن اللجنة، الأربعاء، مزاعم مشاركة بعض موظفي «الأونروا» في أحداث 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بأنها «مروعة».

وأشار البيان إلى أن «الأحداث المؤسفة التي تصاعدت في غزة منذ 7 أكتوبر أدت إلى تشريد مئات الآلاف من الأشخاص ووضعهم على حافة المجاعة». وشدد على أن وكالة الإغاثة الإنسانية الأكبر في غزة «الأونروا» واصلت جهودها رغم نزوح أفرادها ومقتلهم. وأضاف أن «قرار بعض الدول تعليق الدعم المالي لـ(الأونروا) سيكون له عواقب وخيمة على سكان غزة، ولا توجد منظمة أخرى لديها القدرة على توفير حجم ونطاق المساعدة التي يحتاج إليها سكان غزة البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة بشكل عاجل، ونطالب بإعادة النظر في هذه القرارات».

وحذر البيان من أن تعليق الدعم المالي لـ(الأونروا) أمر خطير وسيؤدي إلى انهيار النظام الإنساني في غزة، وسيكون لذلك عواقب بعيدة المدى على الصعيد الإنساني وحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وفي جميع أنحاء المنطقة.

وفي عمّان، قالت تمارا الرفاعي، المتحدثة باسم وكالة (الأونروا)، إن إجراء تحقيق مستقل في اتهامات لعاملين في الوكالة بالضلوع في هجوم «حماس» على إسرائيل، أمر «مهم للغاية». وقالت الرفاعي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إنه «من المهم للغاية بالنسبة لنا أن نجري تحقيقاً مستقلاً في هذه الأمور المحددة في الحالات الفردية التي لفتت إسرائيل انتباهنا إليها». وأضافت: «لدينا 33 ألف موظف، جميعهم تقريباً يعملون بجد وملتزمون جداً، وعملوا في الوكالة لسنوات طويلة». وأشارت الرفاعي إلى أن «الأونروا» تسلمت «ادعاءات من الحكومة الإسرائيلية بشأن 12 اسماً في غزة، وكان علينا التحقق من هذه الأسماء في سجلاتنا التي تضم 13000 موظف في غزة، وتمكنّا من مطابقة 8 من هذه الأسماء». وأعلنت «الأونروا»، مساء الجمعة، أنها طردت «عدة» موظفين لديها تتهمهم السلطات الإسرائيلية بالضلوع في الهجوم.


مقالات ذات صلة

السويد توقف تمويل «الأونروا» وتزيد إجمالي المساعدات إلى غزة عبر قنوات أخرى

المشرق العربي فلسطيني يحمل صندوق مساعدات وزّعته وكالة «الأونروا» في دير البلح بقطاع غزة (رويترز)

السويد توقف تمويل «الأونروا» وتزيد إجمالي المساعدات إلى غزة عبر قنوات أخرى

قالت السويد إنها ستتوقف عن تمويل وكالة «الأونروا»، وستزيد بدلاً من ذلك إجمالي المساعدات الإنسانية إلى غزة عبر قنوات أخرى.

شؤون إقليمية صورة أرشيفية لجلسة للجمعية العامة للأمم المتحدة (رويترز)

الأمم المتحدة تطلب رأي «العدل الدولية» حول التزامات إسرائيل بشأن المساعدات للفلسطينيين

صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة الخميس، على مشروع قرار لطلب رأي محكمة العدل الدولية بشأن التزامات إسرائيل بتسهيل المساعدات للفلسطينيين من المنظمات الدولية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي الجامعة العربية تُحذر من تدهور سريع للوضع الإنساني في قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)

الجامعة العربية تُحذر من تفاقم «المجاعة المروعة» في غزة

حذرت جامعة الدول العربية، الأحد، من تفاقم «المجاعة المروعة» و«الكارثة الإنسانية» في قطاع غزة، جراء العدوان الإسرائيلي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا صورة جماعية للمشاركين في مؤتمر القاهرة الوزاري لتعزيز الاستجابة الإنسانية بغزة (الخارجية المصرية)

مؤتمر القاهرة لـ«إغاثة غزة»... مساعٍ لتخفيف حدة الأزمة الإنسانية

شهدت العاصمة المصرية، الاثنين، مؤتمر «القاهرة الوزاري لتعزيز الاستجابة الإنسانية في غزة»، بتنظيم مصري - أممي وحضور فلسطيني، ومشاركة 103 وفود لدول ومنظمات.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الخليج وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان خلال مؤتمر القاهرة الوزاري للمساعدات الإنسانية لغزة المنعقد في مصر (واس) play-circle 00:19

وزير الخارجية السعودي: ما تتعرض له غزة من إبادة يعد أكبر اختبار للنظام الدولي

أكد وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان على أن ما تتعرض له غزة من إبادة وحشية يعد أكبر اختبار للنظام الدولي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

«سلاح أبيض» و«أحزمة ناسفة»... تكتيكات جديدة لـ«القسام» في غزة

«كتائب القسام» تشارك في عرض عسكري وسط قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)
«كتائب القسام» تشارك في عرض عسكري وسط قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

«سلاح أبيض» و«أحزمة ناسفة»... تكتيكات جديدة لـ«القسام» في غزة

«كتائب القسام» تشارك في عرض عسكري وسط قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)
«كتائب القسام» تشارك في عرض عسكري وسط قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)

أثار إعلان «كتائب القسام»، الجناح المسلح لحركة «حماس»، في بيانات لها خلال الأيام الأخيرة، تنفيذ عناصرها في مخيم جباليا، شمال قطاع غزة، عمليات بأساليب تكتيكية جديدة ضد القوات الإسرائيلية، الكثير من التساؤلات في أوساط الفلسطينيين والمراقبين حول أسباب لجوئها لذلك.

وأعلنت «القسام» في التاسع عشر من الشهر الحالي، أن أحد عناصرها تمكن من طعن ضابط إسرائيلي و3 جنود من نقطة الصفر والإجهاز عليهم واغتنام أسلحتهم الشخصية في مخيم جباليا، فيما تمكن آخر في اليوم التالي من الإجهاز على قناص إسرائيلي ومساعده من مسافة صفر، وبعد ساعة من الحدث، تنكر بلباس جنود الاحتلال، واستطاع الوصول لقوة مكونة من 6 جنود وتفجير نفسه فيهم بحزام ناسف وإيقاعهم بين قتيل وجريح.

لقطة من فيديو نشرته «حماس» تظهر المعارك الدائرة بين «القسام» والقوات الإسرائيلية في غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)

ووفق مراقبين ومتابعين، فإنه للمرة الأولى تعلن «كتائب القسام» منذ بداية الحرب الحالية عن عمليات بهذا التكتيك، كما أنها العملية التفجيرية الثانية باستخدام حزام ناسف التي تقع منذ سنوات طويلة، بعد أن كانت تبنت برفقة «سرايا القدس» الجناح العسكري لحركة «الجهاد الإسلامي» عملية تفجير فلسطيني من نابلس، نفسه في تل أبيب بالتزامن مع الحرب على غزة، ما أدى لإصابة إسرائيلي بجروح، وذلك بتاريخ الثامن عشر من أغسطس (آب) الماضي.

ظروف ميدانية

تقول مصادر من حركة «حماس» لـ«الشرق الأوسط»، إن هاتين العمليتين نفذتا وفق ظروف ميدانية في ظل الهجمة المسعورة الكبيرة التي تنفذها القوات الإسرائيلية في مناطق شمال قطاع غزة، وتحديداً مخيم جباليا، وبلدة بيت لاهيا.

وحسب المصادر ذاتها، فإن الواقع الميداني أجبر عناصر «القسام» على العمل بتكتيكات وأساليب مختلفة، خصوصاً وأن الجيش الإسرائيلي نجح في تحييد الكثير من مقدرات المقاومين، لكنه في الوقت نفسه تلقى ضربات مؤلمة لم يكن يتوقعها منذ بداية العملية.

تشييع جندي إسرائيلي قُتل في مواجهة مع مقاتلي «القسام» في غزة (أرشيفية - رويترز)

وقالت المصادر: «المقاومون في الميدان هم من يقررون مصيرهم بأنفسهم وبدون تعليمات قيادية عليا، لكنهم يضعون من هم أعلى منهم رتبة أو رفاقهم بمخططاتهم ويتحركون وفق ذلك، وبناءً على هذا التدرج يتم الإبلاغ بتلك العمليات، وبعضها أحياناً تكون مرت عليه ساعات، وفي بعض العمليات كان يتم الإعلان بعد يوم أو يومين، وفق إتاحة الظروف الميدانية لذلك».

ولعل هذا يفسر ما كان يردده «أبو عبيدة»، الناطق باسم «كتائب القسام»، في خطاباته الأخيرة قبل أشهر قليلة، حين أكد استعدادهم لحرب استنزاف طويلة، بالإشارة منه إلى استخدام تكتيكات «حرب العصابات» التي لا تخفي «حماس» أنها تعتمد عليها في العديد من الهجمات.

ولوحظ أن إسرائيل لم تعلق على بيانات «حماس» أو تعلن خسائرها.

مقاتلان من «كتائب القسام» خلال عرض عسكري قرب الحدود مع إسرائيل بوسط قطاع غزة 19 يوليو 2023 (رويترز)

تراجع قوتها

وحسب مصادر ميدانية بغزة، فإن اللجوء لمثل هذا التكتيك بالعادة يشير إلى أن المسلحين لا يملكون أدوات أخرى، ومع مرور أكثر من 70 يوماً على عملية جباليا، فإن هذا يعد طبيعياً، ومجرد بقائهم في تلك المنطقة يحمل في طياته رسالة تحدٍ للإسرائيليين.

وأكدت المصادر أن فصائل المقاومة باتت تفقد قوتها وقدراتها، وتتراجع مع مرور الأيام بفعل الضغط العسكري الإسرائيلي الذي يمارس في العديد من المناطق، مشيرةً إلى أن حجم وعدد العمليات يتراجعان من يوم إلى آخر، خصوصاً في ظل استمرار الاغتيالات لقيادات ونشطاء الفصائل من جانب، واستمرار القوات الاحتلالية باستخدام أساليب وتكتيكات تعتمد بشكل أساسي على سياسة الأرض المحروقة بتدمير كل شيء لكشف أماكن وجود المسلحين والعمل على القضاء عليهم.

مقاتلون من «كتائب القسام» التابعة لـ«حماس» في قطاع غزة (أرشيفية)

وبينت المصادر أن القوات الإسرائيلية منذ بداية هذه الحرب تعمدت استهداف مخازن الأسلحة والصواريخ وغيرها لتحييد أكبر قدر منها، لكن بعض الأسلحة كانت تصنع مع بدايات الحرب ما أبقى أكبر عدد منها متوفراً لدى المسلحين، لكن مع مرور أكثر من 15 شهراً على هذه الحرب، بدأت تفقد الأجنحة المسلحة للفصائل الفلسطينية الكثير من قدراتها.

ولفتت إلى أن ذلك جاء إلى جانب الاستهدافات المركزة من قبل القوات الإسرائيلية ضد الكادر البشري، خصوصاً من العاملين في مجال التصنيع والهندسة والذين عملوا مؤخراً على تصنيع عبوات فراغية وبعض الأحزمة الناسفة وقذائف الهاون، إلى جانب تفخيخ المنازل التي استخدمت بكثرة ضد قوات الاحتلال في جباليا.

رسائل للإسرائيليين

وتقول المصادر من «حماس» إن العمليتين الأخيرتين ستكونان بداية سلسلة عمليات مماثلة ستنفذ وفق ما تتاح الفرصة في الميدان للمقاتلين.

وبينت أن العمليتين تحملان رسائل واضحة للاحتلال الإسرائيلي بأنه في حال نفدت الذخيرة ولم يعد لدى المقاومين أي أنواع أسلحة مؤثرة، فإنهم لن يتوانوا في اللجوء لاستخدام «السلاح الأبيض»، وتنفيذ عمليات طعن على غرار ما يجري بالضفة الغربية، كما أنهم لن يتوانوا في استخدام الأحزمة الناسفة، وكذلك إلقاء القنابل اليدوية عن قرب تجاه تلك القوات.

وقالت المصادر: «المقاومون في الميدان قرروا، ألا يعدموا الوسيلة، وأن يواصلوا مقاومتهم بكل الوسائل».

وأضافت: «المقاومة ستستمر بكل الوسائل والطرق، وهذا يحمل رسالة واضحة أن بقاء القوات الإسرائيلية في غزة سيكون له ثمن ولن يكون سهلاً كما تتوقع إسرائيل».

ويقول المحلل العسكري العقيد المتقاعد من غزة، منير حمد، إنه منذ بداية الحرب البرية، استخدمت «حماس» الكثير من التكتيكات العسكرية المختلفة، التي فاجأت في بعضها القوات الإسرائيلية، بما في ذلك تكثيف استخدامها لقاذف «الياسين 105» الذي أثبت في العديد من العمليات قدرته على تكبيد القوات الإسرائيلية خسائر بشرية ومادية.

وعدَّ أن العمليتين الجديدتين بمثابة تكتيك جديد قد تلجأ «حماس» لاستخدامه كثيراً، مشيراً إلى أن العمليات التفجيرية التي ينفذها مسلحون يحملون أحزمة ناسفة، ستكون له تبعات إيجابية تعود على المقاومين من حيث تكبيد الإسرائيليين خسائر، ومن جهة سيكون سلبياً في تأثيره على السكان الفلسطينيين الذين قد ترتكب القوات الإسرائيلية بحقهم عمليات إعدام ميداني بحجة الاشتباه بهم، وهذا الأمر أيضاً سيكون في حال تكررت عمليات الطعن، وكل ذلك سيكون مكلفاً كما جرى قبل عدة سنوات بالضفة عندما كان يقتل أطفال ونساء وشبان بدم بارد على الحواجز بسبب حركة مشتبه بهم، كانت في كل مرة إسرائيل تدعي أنهم كانوا يحاولون تنفيذ عمليات طعن.