أوروبا تسعى لإحكام الحصار على روسيا في آسيا الوسطى

دعوة 5 جمهوريات سوفياتية سابقة إلى منتدى للاستثمار في بروكسل

المفوض الأعلى للسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل (أ.ف.ب)
المفوض الأعلى للسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل (أ.ف.ب)
TT
20

أوروبا تسعى لإحكام الحصار على روسيا في آسيا الوسطى

المفوض الأعلى للسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل (أ.ف.ب)
المفوض الأعلى للسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل (أ.ف.ب)

كثّف الاتحاد الأوروبي تحركاته لحمل جمهوريات آسيا الوسطى السوفياتية السابقة على تشديد طوق العقوبات المفروضة على روسيا بسبب غزوها لأوكرانيا، والتخلي عن سياسات سمحت لموسكو بتجاوز تأثيرات رزم العقوبات الغربية، واستخدام طرق بديلة للإمدادات.

ومع تصاعد الضغط الأميركي على الجمهوريات الخمس (كازاخستان، وأوزبكستان، وطاجيكستان، وقرغيزستان، وتركمانستان)، والتلويح بعقوبات على البلدان التي تنتهك العقوبات المفروضة على موسكو، بالتوازي مع إغراء الجمهوريات بميزات اقتصادية في حال تعزيز تباعدها مع سياسات الكرملين، دخل الاتحاد الأوروبي بقوة على هذا المسار، عبر وضع ترتيبات لضمان إضعاف قبضة الكرملين في هذه المنطقة الحيوية. وشكل انعقاد منتدى الاستثمار حول روابط النقل بين الاتحاد الأوروبي ودول آسيا الوسطى الذي انطلق الاثنين في بروكسل، حلقة جديدة في هذا الاتجاه. ولم يخف مسؤولون أوروبيون الهدف من عقد المنتدى، الذي دعيت إليه الجمهوريات الخمس.

«في بؤرة الاهتمام»

ودعا المفوض السامي للاتحاد الأوروبي لشؤون السياسة الخارجية والأمن جوزيب بوريل دول المنطقة إلى التعاون مع الاتحاد الأوروبي لإحكام قبضة العقوبات ضد روسيا. وقال بوريل أمام المنتدى إن «دول آسيا الوسطى كانت في وقت سابق بعيدة بعض الشيء عن خطط تحسين خطوط النقل والإمدادات (...) لكنها الآن في بؤرة الاهتمام، ويريد الاتحاد الأوروبي تعزيز الشراكة معها». وأشار إلى أن تعميق علاقات الشراكة مع تلك الدول يعد خطوة مهمة لضمان فاعلية العقوبات ضد روسيا. وزاد بوريل: «في البيئة الجيوسياسية الراهنة المعقدة، أصبحت آسيا الوسطى شريكاً رئيسياً للاتحاد الأوروبي. وقد قلت بالفعل قبل أربع سنوات، عندما بدأت العمل في بروكسل، كانت آسيا الوسطى بعيدة قليلاً عن المسار المطروق، إلا أنكم الآن في مركز كل الأحداث».

وأوضح بوريل أن بروكسل تحتاج في المقام الأول إلى الشراكة مع دول هذه المنطقة من أجل تحقيق فاعلية العقوبات ضد روسيا، فقد «فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على روسيا من أجل حماية مبادئه... لكن الأعمال العدائية تتزايد، ونحن لا نرى ضوءا في نهاية النفق. ولكي تكون العقوبات فعالة، نحتاج إلى تعاون كامل من شركائنا. نحن نراقب عن كثب التجارة بين الاتحاد الأوروبي ودول آسيا الوسطى وروسيا، ونحاول تحليل الآليات التي تسمح بالالتفاف على العقوبات، ويجب علينا زيادة تعاوننا في هذا المجال، لأننا بحاجة إلى شراكة دولية لمواجهة التحديات العالمية».

وأضاف بوريل أن تطوير البنى التحتية للنقل، وتعزيز روابط النقل بين الاتحاد الأوروبي ودول آسيا الوسطى يجب، أولاً وقبل كل شيء، «أن يحقق الهدف السياسي المتمثل في زيادة التعاون لتقاسم مستقبل أفضل من خلال تعزيز العلاقات الاقتصادية وحماية القيم المشتركة».

«تضخيم التهديدات»

ورأى خبراء روس أن التحركات الأوروبية تندرج في إطار سياسات غربية لإحكام الطوق على روسيا.

وكتبت أستاذة العلوم السياسية في جامعة سان بطرسبورغ الحكومية البروفيسورة نتاليا بريمينا أن البرلمان الأوروبي تبنى الأسبوع الماضي، قراراً يدعو دول آسيا الوسطى إلى التعاون الوثيق مع الاتحاد الأوروبي، مضيفة أنه جرى التعبير عن تكثيف التفاعل بين دول المنطقة والاتحاد الأوروبي، العام الماضي، في المقام الأول، في عمل منصات التفاوض المختلفة.

ورأت أنه «من المهم بالنسبة للمسؤولين في بروكسل أن تقوم الشراكة على تضخيم ما يوصف بأنه (تهديدات) من جانب روسيا لبلدان المنطقة، وأن تنطلق من رغبة الدول في إيجاد توازن جديد على الساحة الدولية».

ووفقاً للخبراء الروس، فإن الجانب الأوروبي يعمل على مسارات عدة لتحركه، «بالإضافة إلى موضوع ممرات نقل البضائع من دون المرور بروسيا؛ وتعزيز الشراكات في قطاع الطاقة من دون روسيا أيضاً، فإن الاتحاد الأوروبي مستعد للاهتمام بمشاريع أخرى، خصوصاً في مجال إدارة المعلومات».

ولاحظ بعضهم أن تصاعد الاهتمام الغربي بدور وتأثير جمهوريات آسيا الوسطى حقق نتائج من خلال زيادة تطلعات هذه البلدان لجذب استثمارات من الاتحاد الأوروبي تعوض عن التعامل مع موسكو. اللافت أن جزءاً مهماً من بلدان المنطقة بدأ أخيراً الترويج لفكرة أن آسيا الوسطى يمكنها لعب دور أساسي في بناء وتعزيز الجسور بين أوروبا والصين التي تعد لاعباً رئيسياً ومنافساً مهماً في وضع السياسات الاقتصادية لبلدان المنطقة.

ومع أن هذا المدخل قطع خلال الفترة الأخيرة، أشواطاً مهمة لتعزيز التقارب الأوروبي مع المنطقة، لكن خبراء في روسيا رأوا أن العقبة التي تحول دون نجاح هذه السياسة تقوم على حقيقة ارتباط التحركات الأوروبية بالسياسات الأميركية بشكل مباشر.


مقالات ذات صلة

بوتين: موسكو ستُصلح علاقاتها بالدول الأوروبية عاجلاً أم آجلاً

أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)

بوتين: موسكو ستُصلح علاقاتها بالدول الأوروبية عاجلاً أم آجلاً

قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اليوم الأربعاء، إنه لا يشك في أن موسكو ستُصلح علاقاتها بالدول الأوروبية عاجلاً أم آجلاً، وفقاً لـ«رويترز».

أوروبا الرؤساء الفرنسي إيمانويل ماكرون والأوكراني فولوديمير زيلينسكي والأميركي دونالد ترمب ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر يتحدثون في كاتدرائية القديس بطرس بالفاتيكان (إ.ب.أ) play-circle

كييف تطالب بـ«هدنة فعلية» وموسكو منفتحة على السلام... لكن التسوية «صعبة للغاية»

كييف تطالب بـ«هدنة فعلية» وموسكو منفتحة على السلام، لكن التسوية «صعبة للغاية» وعودة الربيع قد تحرم اعتماد أوكرانيا على الطائرات المسيَّرة في صد الهجمات الروسية

إيلي يوسف (واشنطن) «الشرق الأوسط» (كييف - موسكو)
العالم الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قبل لقائهما في البيت الأبيض بواشنطن يوم 28 فبراير 2025 (د.ب.أ) play-circle

واشنطن وكييف تقتربان من توقيع «اتفاق المعادن»

أعلن رئيس الحكومة الأوكرانية، دينيس شميغال، اليوم الأربعاء، أنّ كييف من المتوقع أن توقع اتفاق المعادن مع واشنطن «في الساعات الـ24 المقبلة».

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا جنود أوكرانيون يطلقون النار من دبابة أثناء مناورة في منطقة زابوريجيا بأوكرانيا (رويترز)

أوكرانيا: الروس يقاتلون بشراسة رغم محادثات وقف إطلاق النار

قال قائد الجيش الأوكراني أوليكساندر سيرسكي، اليوم الأربعاء، إن القوات الروسية زادت، بشكل كبير، من كثافة أنشطتها القتالية بشرق أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (كييف)
آسيا صورة من مقطع فيديو لجندي كوري شمالي أُسر في أوكرانيا (متداولة) play-circle

سيول: نحو 4700 جندي كوري شمالي قُتلوا أو أصيبوا أثناء القتال في روسيا

نحو 4700 جندي كوري شمالي قُتلوا أو أصيبوا أثناء القتال بجانب روسيا ضد القوات الأوكرانية.

«الشرق الأوسط» (سيول)

«لا أساس لها»... روسيا تندد باتهامات بشن هجمات سيبرانية على مصالح فرنسية

العلم الروسي يظهر ضمن القنصلية الروسية في مارسيليا بفرنسا (رويترز)
العلم الروسي يظهر ضمن القنصلية الروسية في مارسيليا بفرنسا (رويترز)
TT
20

«لا أساس لها»... روسيا تندد باتهامات بشن هجمات سيبرانية على مصالح فرنسية

العلم الروسي يظهر ضمن القنصلية الروسية في مارسيليا بفرنسا (رويترز)
العلم الروسي يظهر ضمن القنصلية الروسية في مارسيليا بفرنسا (رويترز)

ندّدت السفارة الروسية في فرنسا، اليوم الأربعاء، بـ«اتهامات لا أساس لها»، غداة تصريحات حمّلت موسكو مسؤولية هجمات سيبرانية ضدّ مصالح فرنسية، من بينها قرصنة رسائل إلكترونية لطاقم حملة الرئيس إيمانويل ماكرون في 2017، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وجاء في بيان صادر عن السفارة الروسية في باريس: «نستنكر هذه المحاولة الجديدة لإطلاق سلسلة من الاتهامات التي لا أساس لها والتي كُرّرت مراراً ومفادها أن الجانب الروسي له يد» في هذه القضية.

وشدّدت السفارة على أن السلطات الفرنسية ليس لديها «أيّ دليل على ضلوع الجانب الروسي في الهجمات السيبرانية المنسوبة إليه».

وندّدت بما سمته «دبلوماسية الميغافون» التي تنتهجها الخارجية الفرنسية والتي تؤجّج في نظرها «كراهية الروس في المجتمع الفرنسي وتبرّر السياسة العدائية المناوئة لروسيا التي تعتمدها السلطات الفرنسية الحالية».

والثلاثاء، اتّهم وزير الخارجية الفرنسية جان - نويل بارو روسيا للمرّة الأولى باستهداف عدّة كيانات فرنسية بين 2021 و2024 بهجمات سيبرانية.

واتّهم موسكو خصوصاً بقرصنة آلاف المستندات الداخلية للدائرة المقرّبة من إيمانويل ماكرون ونشرها، قبيل الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية الفرنسية سنة 2017، فضلاً عن اختراق القناة التلفزيونية الفرنسية «تي في 5 موند» في 2015.