السعودية والأمم المتحدة

السعودية والأمم المتحدة
TT

السعودية والأمم المتحدة

السعودية والأمم المتحدة

تحتفل الأمم المتحدة هذا العام بالذكرى السبعين لتأسيسها الذي يوافق 24 أكتوبر (تشرين الأول) من كل عام، ويصادف الذكرى السنوية لبدء التنفيذ في عام 1945، من ميثاق الأمم المتحدة مع التصديق على هذه الوثيقة التأسيسية من قبل غالبية الموقعين عليها، بما فيهم السعودية. وقد احتفلت بهذا اليوم باعتباره يوم الأمم المتحدة منذ عام 1948.
وفي ضوء هذا الحدث التاريخي، يقدم الأمين العام بان كي مون رسالة، يؤكد فيها التزام الأمم المتحدة في تحقيق السلام والأمن والتنمية المستدامة وحقوق الإنسان جاء فيها: «تتيح الذكرى السنوية السبعون لإنشاء الأمم المتحدة فرصة سانحة لإلقاء الضوء على ما حققته من إنجازات كثيرة راسخة، ولتمتين عزمنا الجماعي على بذل مزيد من الجهود في سبيل تعزيز السلام والأمن والنهوض بالتنمية المستدامة وحقوق الإنسان».
ولا يمر يوم إلاّ والأمم المتحدة تضطلع بأعمال تترك أثرًا إيجابيًا في حياة الملايين من الناس، بطرق منها توفير اللقاحات لتحصين الأطفال؛ وتوزيع المساعدات الغذائية؛ وتوفير المأوى للاجئين؛ ونشر قوات حفظ السلام؛ وحماية البيئة؛ وبذل المساعي لتسوية النزاعات بالسبل السلمية ودعم إجراء انتخابات ديمقراطية وكفالة المساواة بين الجنسين وأعمال حقوق الإنسان وبسط سيادة القانون.
بيد أن تحديات هذا العصر لا تعبأ بالحدود، وتقتضي اجتراح حلول معقدة عن طريق التفاوض والمساعي التوفيقية. لذلك جاء شعار الاحتفال بالذكرى السنوية لهذا العام «أمم متحدة قوية من أجل عالم أفضل»، معبّرًا عمّا تتسم به تعددية الأطراف ودور الأمم المتحدة المحوري من أهمية في هذا السياق.
وما من سبيلٍ لدحر التهديدات المشتركة واغتنام الفرص المتبادلة سوى العمل المشترك؛ وما من منتدى يتيح لجميع البلدان - كبيرها وصغيرها، غنيها وفقيرها - ولكل الناس إسماع أصواتهم في رحابه سوى الأمم المتحدة. وفي خضم التغيرات المتسارعة التي يشهدها عالمنا، تظل الأمم المتحدة الوسيلة الأنجع لإحراز التقدم المشترك الذي تصبو إليه البشرية. فهلمّوا نغتنم فرصة هذه الذكرى السنوية للتدبّر في الدروس المستخلصة على امتداد سبعة عقود خلت، ولإعادة تأكيد التزامنا بالعمل من أجلنا (نحن شعوب الأمم المتحدة)، وتوفير أسباب العيش في رخاء وأمن وكرامة للجميع.
الأمم المتحدة هي منظمة دولية أسسها، عقب الحرب العالمية الثانية في عام 1945م، 51 بلدا ملتزما بصون السلم والأمن الدوليين، وتنمية العلاقات الودية بين الأمم وتعزيز التقدم الاجتماعي، وتحسين مستويات المعيشة وحقوق الإنسان.



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.