رفع والد زين العابدين ماجد ولده فوق سياج من الأسلاك الشائكة الملتفة في ظلام ليلة مقمرة بالقرب من إحدى المزارع الصربية، محاولاً تسليم صبيه إلى قريب له يقف على الناحية الأخرى من السياج.
وعلى الرغم من أن زين لا يتجاوز الرابعة من عمره، فإن ذلك ليس بأية حال أول عبور سري له عبر الحدود، ولا يزال الصبي يتذكر تعليمات والده الصارمة إليه لما شرعوا في تلك الرحلة العصيبة عندما فروا من موطنهم في سوريا إلى تركيا عبر الحدود: «إياك أن تصدر صوتًا وإلا ضربنا الحراس».
ولد زين في سوريا مع بدايات القتال الأهلي هناك. ومنذ ذلك الحين، ظل برفقة عائلته الكبيرة يعيشون وسط ذلك الصراع الدموي المميت، يحيط بهم مزيج فوضوي من الخوف والتهديدات والابتزاز والخطف.
وفي هذا الصيف، صار زين، ووالده أحمد ماجد، وعدد من الأقارب الآخرين - وهم ثمانية من البالغين، ومن بينهم والدة زين الحامل، وخمسة أطفال آخرون منهم صبي صغير وطفل رضيع - جزءًا من فصل مميز من فصول الهجرة البشرية السورية.
على مدار ما يقرب من شهرين، ارتحلت العائلة من سوريا عبر الحدود التركية وثمانية بلدان أوروبية أخرى، غير أنهم في أغلب محطات رحلتهم لم يكونوا على يقين من وجهتهم النهائية. فرحت العائلة واغتمت، ولاقت أفضل ما في أوروبا وأسوأ ما فيها. تحملوا الإرهاق المنهك واليأس المطبق، وعلقوا لمدة خمسة أيام كاملة في محطة القطار في بودابست، ثم احتجزوا في الدنمارك مع يأسهم الكامل تقريبًا من المضي قدمًا لأي مكان. بالنسبة لعائلة الصبي زين، انتقلت بهم تلك الرحلة من بساتين الزيتون في قريتهم السورية التي كانت مصدر رزق العائلة لأجيال تلو الأجيال، إلى مستقبل مشوه غير معروف وسط ثقافة أجنبية مجهولة.
...المزيد
رحلة عائلة سورية من بساتين الزيتون إلى المجهول
عبرت خلال شهرين حدود 9 دول لتنتهي في الدنمارك
رحلة عائلة سورية من بساتين الزيتون إلى المجهول
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة