برلمان تركيا يفتح أبوب «الناتو» أمام السويد  

أنقرة وافقت على المشاركة في أضخم مناورات الحلف 

أتراك يتظاهرون ضد «الناتو» في إسطنبول الثلاثاء (أ.ب)
أتراك يتظاهرون ضد «الناتو» في إسطنبول الثلاثاء (أ.ب)
TT

برلمان تركيا يفتح أبوب «الناتو» أمام السويد  

أتراك يتظاهرون ضد «الناتو» في إسطنبول الثلاثاء (أ.ب)
أتراك يتظاهرون ضد «الناتو» في إسطنبول الثلاثاء (أ.ب)

باتت السويد على أعتاب حلف شمال الأطلسي (ناتو) بعدما دخلت خطوات مصادقة تركيا على عضويتها مرحلتها الأخيرة بمناقشة البرلمان التركي، الثلاثاء، بروتوكول انضمامها إلى الحلف.

وأحال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، بروتوكول انضمام السويد إلى الحلف في 23 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي إلى البرلمان، ووافقت لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان على البروتوكول في 26 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

واستبق رئيس البرلمان، نعمان كورتولموش، منافشة بروتوكول انضمام السويد بالتأكيد على أن طريقها إلى الحلف ستكون مفتوحة بالتناسب مع تلبيتها مطالب تركيا.

ولفت كورتولموش، الذي التقى الرئيس رجب طيب إردوغان في 11 يناير (كانون الثاني) الحالي، حيث جرت مناقشة أجندة البرلمان عند استئناف جلساته في 16 يناير، إلى أن لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان مررت بروتوكول انضمام السويد أواخر الشهر الماضي، وأن موقف تركيا بشأن عضوية السويد «واضح وصريح».

جانب من جلسة البرلمان التركي لمناقشة بروتوكول انضمام السويد إلى «الناتو» الثلاثاء (موقع البرلمان)

وأكد أن تركيا لا تعارض استراتيجية توسع «الناتو»، لافتاً إلى أنها أطلعت فنلندا، قبل المصادقة على عضويتها في 31 مارس (آذار) 2023، وكذلك السويد، على بعض الأولويات والملفات التي تعد ذات أهمية بالغة وحيوية بالنسبة لها، وحصلت فنلندا على عضوية «الناتو» بعد وفائها بالتزاماتها.

وتقدمت فنلندا للعضوية بالتزامن مع السويد في مايو (أيار) 2022 بعد 3 أشهر من اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا.

ومع مناقشة البرلمان التركي بروتوكول انضمام السويد، طفت على السطح مرة أخرى مسألة حصول تركيا على مقاتلات «إف 16» التي طلبتها من الولايات المتحدة، ورهنها الكونغرس، أخيراً، بتصديق تركيا على الانضمام.

وأعلن إردوغان أن الرئيس الأميركي، جو بايدن، وعده خلال اتصال هاتفي معه في 14 يناير الحالي باتخاذ خطوات لضمان موافقة الكونغرس على حصول تركيا على مقاتلات «إف 16» ومعدات التحديث لطائراتها القديمة، لدى المصادقة على طلب السويد.

الأمين العام لـ«الناتو» ينس ستولتنبرغ يتوسط الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ورئيس الوزراء السويدي أولف كريستيرسون في قمة «الناتو» بليتوانيا في 10 يوليو 2023 (رويترز)

وطلبت تركيا في أكتوبر 2021 شراء 40 طائرة من طراز «إف 16 - بلوك 70»، و79 مجموعة تحديث لطائراتها القديمة في صفقة تصل إلى 20 مليار دولار، بعد تعذر حصولها على مقاتلات «إف 35 الشبحية» بسبب اقتناء منظومة الدفاع الجوي الصاروخي الروسية «إس 400».

واحتل الملف جانباً من مباحثات وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، مع إردوغان ونظيره التركي هاكان فيدان وإردوغان، في إسطنبول في 6 يناير، وتمسك الجانب التركي بأن القرار بشأن عضوية السويد يعود تماماً للبرلمان، وأن أنقرة تنتظر أن ترى خطوات ملموسة لحصولها على مقاتلات «إف 16».

وكان المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، ماثيو ميلر، قد رحب بتمرير مشروع القانون المتعلق بالسويد في لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان التركي، متوقّعاً إقرار مشروع القانون والتوقيع عليه في الجلسة العامة للبرلمان، لكنه أشار إلى عقبات في الكونغرس لا تزال تعترض الموافقة على بيع تركيا مقاتلات «إف 16».

وتوقّعت مصادر تركية أن يكون لعملية التعافي في العلاقات بين تركيا واليونان، التي تسارعت في نهاية 2023، تأثير إيجابي في الكونغرس، رغم انزعاج واشنطن من موقف إردوغان من الحرب في غزة، وإصراره على رفض تصنيف حركة «حماس» منظمة إرهابية.

وقبل تصديق البرلمان على طلب السويد، وافقت تركيا على المشاركة في مناورات «المدافع الصامد 2024» العسكرية التابعة لـ«الناتو»، والتي من المتوقع أن تبدأ هذا الأسبوع وتستمر 3 أشهر، على الرغم من أنها ليست عضواً في الحلف بعد.

أتراك يتظاهرون ضد «الناتو» في إسطنبول الثلاثاء (إ.ب.أ)

وتعد هذه أكبر مناورة عسكرية للحلف منذ نهاية الحرب الباردة، وجرى الانتهاء من تحديد نطاق التدريبات التي ستُجرى مع افتراض التهديد الذي تشكله روسيا على أوروبا الشرقية ومنطقة البلطيق بعد الحرب على أوكرانيا، في اجتماعات اللجنة العسكرية لحلف شمال الأطلسي التي عقدت في بروكسل يومي 17 و18 يناير الحالي، ومثّل تركيا فيها رئيس الأركان العامة للجيش الجنرال متين جوراك.

وقالت مصادر دبلوماسية إن التخطيط لهذه المناورات التي يشارك فيها 90 ألف جندي من دول الحلف إلى جانب الطائرات والسفن الحربية، مستمر منذ أكثر من عام، وإن القرار النهائي اتُخذ بعد 3 اجتماعات تخطيطية رفيعة المستوى على الأقل، شاركت فيها تركيا، وإن مشاركة السويد بدأت مناقشتها قبل عام، وجرت العملية برمتها بعلم وموافقة أنقرة.

وذكرت المصادر أن السويد سبقت دعوتها للمشاركة في تدريبات «الناتو» من قبل بوصفها شريكاً. وأجرى «الناتو» آخر مناورات بهذا الحجم عام 1988 بمشاركة 125 ألف جندي. وبعد عام من هذا التمرين، سقط جدار برلين، وعدّ تفكك الاتحاد السوفياتي في بداية عام 1992 نهاية للحرب الباردة.

وعلق السفير المتقاعد فاتح جيلان، أحد الممثلين الدائمين السابقين لتركيا لدى «الناتو»، قائلاً إن هذا تدريب، وإن الأمر على مستوى المادة الخامسة من قانون الحلف التي تنص على أنه إذا تعرض أحد الحلفاء لهجوم، فإنه سيحصل على دعم جميع الحلفاء الآخرين، وتعني الموافقة على مشاركة السويد في هذه المناورات أنها تعد عضواً فعلياً في الحلف، حتى لو لم يكن ذلك بحكم القانون.

وأوضح أنه لا يمكن أن تكون رئاسة أركان الجيش قد وافقت على مشاركة السويد في المناورات من دون موافقة وزير الدفاع يشار غولر والرئيس إردوغان.


مقالات ذات صلة

فنلندا تشتبه باختراق سفينة روسية مياهها الإقليمية

أوروبا سفينة تتبع حرس الحدود الفنلندي (صفحته على «فيسبوك»)

فنلندا تشتبه باختراق سفينة روسية مياهها الإقليمية

قالت فنلندا إنها تشتبه باختراق سفينة روسية مياهها الإقليمية، في خضم توترات متصاعدة بين البلدين الجارين على خلفية انضمام هلسنكي إلى حلف شمال الأطلسي.

«الشرق الأوسط» (هلسنكي)
العالم كير ستارمر يصرّ على ضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار في غزة (أ. ف. ب)

رئيس وزراء بريطانيا: العالم لن يتغافل عن معاناة المدنيين في غزة

أصرّ رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر على ضرورة توقيع وقف فوري لإطلاق النار بغزة، وحذّر من أن «العالم لن يتغافل» عن المعاناة التي يواجهها «المدنيون الأبرياء».

«الشرق الأوسط» (لندن)
تحليل إخباري صورة أرشيفية لترمب وستولتنبيرغ خلال قمة «الناتو» في واتفورد البريطانية ديسمبر 2019 (أ.ب)

تحليل إخباري ترمب وأوروبا: غموض حول مستقبل «الناتو»... و«سلام عادل» في أوكرانيا

يراقب قادة أوروبا الانتخابات الأميركية باهتمام كبير ممزوج بقدر من القلق، وسط مخاوف من تداعيات عودة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب على حلف شمال الأطلسي.

إيلي يوسف (واشنطن)
أوروبا جنود في الجيش النرويجي (رويترز)

أوروبا تتجه للتجنيد الإجباري خوفاً من اتساع نطاق الحرب الروسية - الأوكرانية

تتجه الدول الأوروبية إلى التجنيد الإجباري مع ازدياد المخاوف من تحول الحرب الروسية على أوكرانيا إلى صراع أوسع يشمل عديداً من الدول الغربية الكبرى.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا صورة وزعتها وزارة الدفاع الروسية لصاروخ «إسكندر» خلال تدريبات على الأسلحة النووية في مكان غير محدد بروسيا يوم 21 مايو 2024 (أ.ب)

روسيا: قد ننشر صواريخ نووية رداً على نشر أسلحة أميركية في ألمانيا

قال سيرغي ريابكوف نائب وزير الخارجية الروسي إن موسكو لا تستبعد عمليات نشر جديدة لصواريخ نووية رداً على خطط أميركا لنشر أسلحة تقليدية بعيدة المدى في ألمانيا.


محادثات «صريحة ومثمرة» بين وزيري خارجية أميركا والصين

وزيرا خارجية الصين وأميركا خلال لقائهما على هامش اجتماع «آسيان» في عاصمة لاوس فينتيان السبت (أ.ف.ب)
وزيرا خارجية الصين وأميركا خلال لقائهما على هامش اجتماع «آسيان» في عاصمة لاوس فينتيان السبت (أ.ف.ب)
TT

محادثات «صريحة ومثمرة» بين وزيري خارجية أميركا والصين

وزيرا خارجية الصين وأميركا خلال لقائهما على هامش اجتماع «آسيان» في عاصمة لاوس فينتيان السبت (أ.ف.ب)
وزيرا خارجية الصين وأميركا خلال لقائهما على هامش اجتماع «آسيان» في عاصمة لاوس فينتيان السبت (أ.ف.ب)

أعرب وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن عن مخاوف بلاده حيال «الخطوات الاستفزازية» التي تقوم بها بكين في محيط تايوان، خلال محادثات «صريحة ومثمرة» أجراها مع نظيره الصيني، وانغ يي، في لاوس، على ما أفاد به مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأميركية.

وقال المسؤول إن بلينكن طرح «مخاوف الولايات المتحدة بشأن الخطوات الاستفزازية التي قامت بها الصين مؤخراً، بما في ذلك محاكاة حصار (لتايوان) عند تنصيب» لاي تشينغ - تي رئيساً جديداً للجزيرة في مايو (أيار) الماضي.

وتعد الصين تايوان جزءاً لا يتجزأ من أراضيها، وضاعفت في السنوات الأخيرة تحركاتها الرامية إلى ترهيب الجزيرة ذات الحكم الديمقراطي.

وبعد تنصيب لاي تشينغ، أجرت الصين مناورات عسكرية قامت خلالها سفن وطائرات حربية بمحاصرة الجزيرة، وذلك رداً على خطاب تنصيب عدَّته «إقراراً بالاستقلال».

بلينكن ومساعدوه في طريقهم لحضور اجتماع «آسيان» في عاصمة لاوس فينتيان السبت (أ.ف.ب)

وقال المتحدث باسم «الخارجية الأميركية»، ماثيو ميلر، في بيان إن بلينكن أجرى مع وانغ «محادثات صريحة ومثمرة حول مسائل ثنائية وإقليمية وعالمية جوهرية» خلال اللقاء بينهما، السبت، في فينتيان، عاصمة لاوس، على هامش اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرقي آسيا (آسيان).

والتقى الوزيران بعد الظهر على مدى ساعة و20 دقيقة، وهو سادس اجتماع لهما خلال 18 شهراً.

كما تطرق بلينكن إلى مسائل حقوق الإنسان في تايوان والتيبت وهونغ كونغ، وإلى دعم بكين لروسيا في حربها على أوكرانيا، على ما أوضح المسؤول مشيراً إلى أنه طرح أخيراً «مسألة المعتقلين بصورة غير عادلة في الصين، وضرورة إحراز تقدم بهذا الصدد».

«إجراءات تصعيدية وغير قانونية»

وبدأ بلينكن، السبت، جولة آسيوية يعتزم خلالها التأكيد على الزعامة الأميركية بوجه تصاعد النفوذ الصيني.

وهي الجولة الثامنة عشرة التي يقوم بها في آسيا منذ تولي مهامه قبل أكثر من 3 سنوات، ما يشير إلى اشتداد المنافسة بين الولايات المتحدة والصين في المنطقة.

بلينكن يصعد إلى طائرته لمغادرة عاصمة لاوس فينتيان متوجهاً إلى فيتنام السبت (أ.ب)

وجعل بلينكن من السعي لجعل منطقة المحيطين الهندي والهادئ «منطقة حرة ومفتوحة ومزدهرة» أولوية له، في مؤشر إلى سعي واشنطن للتصدي لطموحات الصين الاقتصادية والجغرافية والاستراتيجية في المنطقة.

وهو يقوم بزيارته في ظل اشتداد التوتر في الأشهر الماضية بين السفن الصينية والفلبينية في منطقة الشعاب المرجانية، مع زيادة بكين مساعيها لتثبيت حضورها في بحر الصين الجنوبي.

وقبل بدء لقائه مع وانغ يي، انتقد بلينكن «الإجراءات التصعيدية وغير القانونية» التي اتخذتها بكين في منطقة بحر الصين الجنوبي، خلال لقاء مع دول «آسيان» العشر.

مصافحة بين وزيري خارجية الصين وأميركا خلال لقائهما على هامش اجتماع «آسيان» في عاصمة لاوس فينتيان السبت (أ.ف.ب)

في المقابل، طلب وزير الخارجية الصيني من نظيره الأميركي «عدم صب الزيت على النار» في الخلاف بين بكين ومانيلا في بحر الصين الجنوبي.

وأورد بيان لبكين أن وانغ أبلغ بلينكن خلال اجتماعهما «على الولايات المتحدة ألا تصب الزيت على النار، وألا تؤجج الاضطرابات، وتقوض الاستقرار في بحر الصين الجنوبي.

وأبرمت بكين ومانيلا، الأسبوع الماضي، اتفاقاً مؤقتاً لإيصال إمدادات، والقيام بمهمات تبديل للقوات الفلبينية الموجودة في منطقة الشعاب المرجانية، وأعلنت مانيلا إجراء عملية أولى من هذا النوع بنجاح.

وعلق بلينكن بالقول: «يسرنا أن نلاحظ أن عملية الإمداد جرت بنجاح اليوم... ونأمل أن يتواصل ذلك في المستقبل».

وزير الخارجية الفلبيني إنريكي مانالو اجتماع «آسيان» في عاصمة لاوس فينتيان السبت (أ.ف.ب)

توتر إقليمي

وصرح وزير الخارجية الفلبيني، إنريكي مانالو، للصحافيين، مساء الجمعة: «نأمل أن تنفذ الصين الاتفاق»، مضيفاً: «أعتقد أنها ستكون خطوة مهمة نحو تهدئة التوتر، ونأمل أن يؤدي إلى مجالات أخرى للتعاون في بحر الصين الجنوبي».

وتطالب بكين بالسيادة شبه الكاملة على هذا الممر التجاري الهام، على الرغم من قرار صدر عام 2016 عن محكمة دولية أكد عدم وجود أي أساس قانوني لمطالبها.

وشدد وزراء «آسيان» في بيان مشترك صدر، السبت، على أهمية «الأمن والاستقرار والسلامة وحرية الملاحة والتحليق فوق بحر الصين الجنوبي».

وجاء في البيان أن بعض الوزراء أعربوا عن قلقهم حيال «حوادث خطيرة في المنطقة... قوضت الثقة، وصعّدت التوتر»، من دون أن يورد مزيداً من التفاصيل.

ووصل بلينكن إلى هانوي لتقديم التعازي للمسؤولين الفيتناميين بوفاة الزعيم الشيوعي، نغوين فو ترونغ، وذلك بعدما قام الرئيس جو بايدن بزيارة تاريخية إلى هذا البلد في الخريف الماضي.

وسيتوجه بعد ذلك إلى اليابان والفلبين وسنغافورة ومنغوليا.

وقال دانيال كريتنبرينك، نائب وزير الخارجية لشؤون جنوب شرقي آسيا والمحيط الهادئ في مطلع الأسبوع معلقاً على الجولة: «لم أر من قبل طلباً بهذا المستوى على مزيد من الالتزام الأميركي في المنطقة».