رئيس الصومال لـ«الشرق الأوسط»: لم أناقش مع السيسي إعلان الحرب ضد إثيوبيا

شيخ محمود أكد استعداد بلاده للحوار مع «حركة الشباب» إذا تخلت عن «الإرهاب»

TT

رئيس الصومال لـ«الشرق الأوسط»: لم أناقش مع السيسي إعلان الحرب ضد إثيوبيا

حسن شيخ محمود يتحدث عن العلاقات المصرية - الصومالية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
حسن شيخ محمود يتحدث عن العلاقات المصرية - الصومالية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

اختار الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، كلماته بعناية وهو يتحدث لـ«الشرق الأوسط»، عقب اجتماعه مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في القاهرة الأحد الماضي، حيث قلل من إمكانية اندلاع حرب مصرية - صومالية ضد إثيوبيا، على خلفية الاتفاق المنفرد والمثير للجدل، الذى أبرمته الأخيرة مع إقليم «أرض الصومال» الانفصالي، ويمنحها الفرصة للإطلالة على سواحل البحر الأحمر.

وتحدث الرئيس الصومالي، عن الوضع في منطقة القرن الأفريقي والبحر الأحمر على ضوء الحرب في غزة، من مقر إقامته بالقاهرة، بعد محادثات مطولة أجراها مع السيسي، والأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، وشيخ الأزهر، أحمد الطيب. وقال شيخ محمود: إن «بلاده ليست بصدد إعلان الحرب ضد إثيوبيا»، لكنه دعا الأخيرة إلى «احترام سيادة الصومال ووحدة أراضيه».

ورغم أجواء التوتر والصدام التي تهيمن على الأوضاع في البحر الأحمر ومنطقة القرن الأفريقي، فإن شيخ محمود لا يزال يرى أن «هناك فرصة سانحة في خضم هذه الأزمات».

لكنه كان واضحاً في استبعاد الحرب مع إثيوبيا. وعدّ أن بلاده مشغولة بـ«حربها الوحيدة حالياً ضد الإرهاب» والقضاء على «حركة الشباب» المتطرفة، التي لفت إلى استعداده للجلوس معها على طاولة مفاوضات واحدة، إذا تخلت عن آيديولوجية تنظيم «القاعدة»، واعترفت بالدولة الصومالية.

الرئيس الصومالي أثناء حواره مع «الشرق الأوسط» في القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وفي تأكيده على أن بلاده لم تفرغ بعد من الحلول السياسية في تعاملها مع التطور الإثيوبي الأخير، أكد شيخ محمود، أنه «لا يوجد إعلان رسمي عن الحرب على الإطلاق، لا من مصر ولا من الصومال، ولم نناقشه مع الرئيس السيسي... كيفية شن حرب ضد إثيوبيا؟ لا، لم نفعل ذلك. مناقشاتنا وعلاقتنا مع مصر قديمة جداً، ومصر كانت دائماً مع الجميع وليس هذه المرة فقط؛ لكن على مر الزمن».

وأضاف شيخ محمود: «ليس هناك حاجة إلى اتفاقات جديدة أو اتفاقات دفاع جديدة. الصومال ومصر، كلتاهما عضو في جامعة الدول العربية، والطابع العربي واضح جداً في كيفية دفاع الأسرة عن نفسها... لذا؛ هذا الإطار موجود... ما ناقشناه كانت العلاقة العادية بين بلدين شقيقين، من حيث تحسين علاقتنا في الاقتصاد والقضايا الجيو - سياسية الاستراتيجية، وبالطبع من حيث الأمن».

وحرص شيخ محمود، خلال المقابلة، على التأكيد أن تطور العلاقات مع مصر لا يعني أنه موجه لبلد آخر. وقال: «كانت تلك المناقشة في مصلحة كل من بلدينا وليست تهديداً لبلد آخر».

وفي الإجابة عن السؤال عما إذا كان يسعى لإقامة تحالف عسكري ضد إثيوبيا، أجاب: «علاقاتنا السياسية والفكرية مع مصر ليست موجهة ضد أي بلد، وهدف علاقاتنا واتفاقياتنا ليس تهديد أحد، إنما دعم الصومال في الدفاع عن نفسه».

وشدد: «نحن لا نتكهن بالحرب، ولا يملك الصومال أي رغبة فيها، لدينا حرب كافية ضد الإرهابيين من (حركة الشباب)، لسنا بصدد شن حرب، إلا إذا اضطرنا إلى ذلك، ونأمل ألا نضطر».

وبشأن المفاوضات مع «حركة الشباب». قال الرئيس الصومالي: «لن نخوض حرباً إذا كان (الشباب) عقلاء أو لديهم أجندة وطنية، لكن ليس لديهم أي من هذا، إنهم حركة إرهابية عالمية تتبنى أجندة (القاعدة)، وهي أجندة عالمية... وإذا تخلّوا عن فكر (القاعدة) واعترفوا بالدولة الصومالية، فنحن مستعدون للتفاوض معهم».

ونفى أي معلومات لديه عن دول تدعم «الشباب»، قائلاً: «قد يكون هناك بعض المتعاطفين مع فكر (القاعدة) في أجزاء مختلفة من العالم، لكن (الشباب) يجمعون الأموال محلياً، ونحن نعمل الآن على وقف ذلك».

شيخ محمود خلال حواره مع «الشرق الأوسط» في القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وحول الوضع الآن في القرن الأفريقي، أكد الرئيس شيخ محمود، أن هذا الوضع «معقد»، لكنه أضاف: «في كل تحدٍ هناك فرصة، فالعالم الآن يركز على أفريقيا، بسبب نشاط الحوثيين في البحر الأحمر والقرصنة، وإثيوبيا تقول إنها ستذهب إلى جزء آخر من الصومال... كل هذه الأمور تعيد تركيز العالم إلى المنطقة، وهذا في حد ذاته فرصة».

وتابع: «الأهم من ذلك كله، نحن نريد أن تكون هناك دولة صومالية، وهذا يمكن أن يتم فقط من قِبل الشعب الصومالي. حاول العالم مرات عدة إنشاء دولة في الصومال، لكنه لم ينجح؛ لذلك، الشعب الصومالي هو الوحيد القادر على إنشاء دولة فاعلة في الصومال. لكن العالم يمكن أن يدعم المنطقة والاتحاد الأفريقي والشركاء الدوليين جميعاً يمكنهم مساعدة الصومال على التأسيس، وهم يفعلون ذلك الآن... إنهم يساعدون والصومال يتقدم نحو هذا الهدف، ورأينا الآن أن حظر الأسلحة قد تم رفعه بعد 31 عاماً، وهو الحظر الأطول في تاريخ الأمم المتحدة، كما تم إسقاط الديون».

وأكد الرئيس الصومالي، أن «هناك مؤسسات قوية ومسؤولة للدولة تنشأ في الصومال. لذلك؛ هناك ثقة عالمية في مؤسساتنا الحكومية الآن... هذه إشارة إلى أن الدولة الصومالية تعود وتظهر مرة أخرى. لذلك؛ مع كل هذا، نحن متفائلون جداً أن مشكلة هشاشة الدولة في الصومال ستنتهي قريباً. فالصومال بلد غني، لديه عدد من الموارد، وله موقع استراتيجي مهم في العالم، لكن الظروف جعلت الصومال فقيراً، بسبب انهيار الدولة والحرب الأهلية والدولة الهشة... كل هذا يذهب الآن إلى تاريخ الصومال، والصومال بدأ للتو الخروج من تلك الزاوية».


مقالات ذات صلة

علماء الآثار يعثرون على حطام سفينة قديمة قبالة الإسكندرية

ثقافة وفنون اكتشاف حطام سفينة ترفيهية مصرية قديمة عمرها 2000 عام تحت المياه قبالة سواحل الإسكندرية (الشرق الأوسط)

علماء الآثار يعثرون على حطام سفينة قديمة قبالة الإسكندرية

أعلن علماء الآثار البحرية، الاثنين، اكتشاف حطام سفينة ترفيهية مصرية قديمة عمرها 2000 عام تحت المياه قبالة سواحل الإسكندرية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
رياضة عالمية محمد صلاح ينال دعماً مصرياً على منصات التواصل الاجتماعي (حساب محمد صلاح على «إكس»)

دعم مصري واسع لمحمد صلاح في «أزمته» مع ليفربول

في ظل «أزمة» يواجهها النجم المصري محمد صلاح مع ناديه ليفربول، برزت موجة دعم واسعة من جانب الجماهير المصرية التي وقفت خلفه بكل قوة.

محمد عجم (القاهرة )
شمال افريقيا وزير الصحة المصري الدكتور خالد عبد الغفار خلال مؤتمر صحافي مساء الأحد (الصحة المصرية)

نفي الحكومة المصرية وجود «ماربورغ» لا يهدئ مخاوف انتشار الفيروسات

أكد المتحدث باسم وزارة الصحة المصرية، الدكتور حسام عبد الغفار، أنّه «لا وجود لأي فيروس جديد، أو خفي في مصر».

عصام فضل (القاهرة )
شمال افريقيا وزير التربية والتعليم المصري محمد عبد اللطيف (يساراً) خلال زيارته إلى مدرسة في القاهرة (وزارة التربية والتعليم المصرية)

حوادث «تحرش» مدرسية بمصر تستنفر جهود الرقابة والتوعية

تعددت مبادرات التوعية التي تم الإعلان عنها في مصر مؤخراً على خلفية حوادث «التحرش» التي وقعت في عدد من المدارس وأثارت اهتمامات الرأي العام المحلي.

أحمد جمال (القاهرة)
شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائه مع نظيره الإيراني في القاهرة ديسمبر الماضي (الرئاسة المصرية)

إشارات مودّة إيرانية لمصر تؤكد «دفء العلاقات»

قال رئيس مكتب رعاية المصالح الإيرانية بالقاهرة إن وجود منتخب بلاده لكرة القدم مع نظيره المصري في مجموعة واحدة ضمن مباريات كأس العالم المقبل فرصة لتعزيز التعاون.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

من «المبادرات» إلى «الحوارات»... ليبيا تدور في دوامة المفاوضات «بحثاً عن حل»

عبد الحميد الدبيبة رئيس «الوحدة» مستقبلاً المبعوثة الأممية إلى ليبيا (مكتب الدبيبة)
عبد الحميد الدبيبة رئيس «الوحدة» مستقبلاً المبعوثة الأممية إلى ليبيا (مكتب الدبيبة)
TT

من «المبادرات» إلى «الحوارات»... ليبيا تدور في دوامة المفاوضات «بحثاً عن حل»

عبد الحميد الدبيبة رئيس «الوحدة» مستقبلاً المبعوثة الأممية إلى ليبيا (مكتب الدبيبة)
عبد الحميد الدبيبة رئيس «الوحدة» مستقبلاً المبعوثة الأممية إلى ليبيا (مكتب الدبيبة)

تتأرجح الأزمة الليبية داخلياً وخارجياً، بين إبرام مبادرات وعقد حوارات، بحثاً عن حل ينهي تعقيدات المشهد الراهن، وذلك منذ إسقاط نظام الرئيس الراحل معمر القذافي. ويأتي ذلك وسط ترقب لإعلان البعثة الأممية عن أسماء المشاركين في «الحوار المُهيكل».

و«الحوار المُهيكل» هو جزء من «خريطة الطريق»، التي قدمتها البعثة إلى مجلس الأمن في أغسطس (آب) الماضي، ومن المفترض أن تُعلن أسماء المشاركين فيه الذين يتكونون من 120 عضواً في 14 من الشهر الحالي.

ويهدف الحوار - بحسب البعثة الأممية - إلى «توسيع نطاق شمول العملية السياسية، من خلال جمع الليبيين والليبيات من المناطق والتوجهات السياسية والثقافية والمجتمعية كافة».

ومبكراً، اتجه ملف الأزمة إلى مدينة غدامس الليبية، مع نهاية ولاية المبعوث الأممي الثالث طارق متري، السياسي والأكاديمي ووزير الإعلام اللبناني الأسبق. ومع تسلّم الإسباني برناردينو ليون، المبعوث الرابع، مهمته في أغسطس (آب) 2014، انطلقت جولات الحوار الليبي فيما عُرف بـ«غدامس1» مع نهاية سبتمبر (أيلول).

وفي ديسمبر (كانون الأول) من العام ذاته، انعقد حوار «غدامس2»، غير أنه فشل في التوصل إلى تسوية، فانتقل الملف سريعاً إلى جنيف منتصف يناير (كانون الثاني) عام 2015 في جولتين سريعتين لم يفصل بينهما إلا 10 أيام، لتتوالى منذ التاريخ المبادرات والحوارات في الداخل والخارج.

«مبادرات تدور في دوائر مغلقة»

يرى خالد الترجمان، المحلل السياسي الليبي ورئيس «مجموعة العمل الوطني»، أن «البعثة الأممية والدول المهيمنة على المشهد السياسي لا تريد لليبيا الوصول إلى الانتخابات الرئاسية والنيابية». وقال إن البلاد شهدت «طرح كثير من المبادرات التي تدور في دوائر مغلقة، والتي لا تبدأ من حيث انتهى الآخرون؛ لكنها تكرر ما سبق».

يرى خالد الترجمان أن «البعثة الأممية والدول المهيمنة على المشهد السياسي لا تريد لليبيا الوصول إلى الانتخابات (المفوضية)

وأضاف الترجمان في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن ليبيا «مرّت بأكثر من عشرة حوارات رعتها الأمم المتحدة دون جدوى؛ وراهناً تتحدث البعثة عن الحوار المُهيكل؛ وهي تسمية جديدة طرحتها البعثة».

ووجه الترجمان انتقادات للحوار المرتقب لجهة أعداد المشاركين فيه، متسائلاً: «هل سيقود هذا الحوار ليبيا إلى عقد الانتخابات في عام 2026؟».

ويأتي موعد الإعلان عن انطلاق الحوار المُهيكل قبيل الإحاطة، التي من المقرر أن تقدمها المبعوثة الأممية هانا تيتيه أمام مجلس الأمن الدولي في 19 ديسمبر الحالي. وقال مصدر مقرب من البعثة إنها «تعمل وفق ما يقترحه الليبيون لمساعدتهم على عقد الاستحقاق العام، وفق (خريطة الطريق) السياسية المعلنة».

وسبق أن أوضحت البعثة الأممية أن «(الحوار المُهيكل) ليس هيئة لصنع القرار بشأن اختيار حكومة جديدة؛ بل سيُعنى بالتوصل إلى توصيات ملموسة لتهيئة بيئة مواتية للانتخابات، ومعالجة التحديات المُلحة في مجالات الحوكمة والاقتصاد والأمن».

ورأت البعثة أن هذه الخطوة تأتي «من خلال دراسة وتطوير مقترحات سياسية وتشريعية لمعالجة دوافع الصراع الطويل الأمد؛ ويهدف إلى بناء توافق في الآراء حول رؤية وطنية، تُشكّل مسار الاستقرار في ليبيا».

الفرصة الأخيرة

يقول الناشط السياسي الليبي، جمال السعداوي، إن «المسارات باتت واضحة أمام جميع الأطراف الفاعلة في المشهد الليبي»، مشيراً إلى أن البعثة «سبق أن أوضحت بشكل لا يحتمل الالتباس أن الفترة الفاصلة بين الإعلان عن الحوار والإحاطة ستكون الفرصة الأخيرة أمام مجلسي النواب و(الدولة) لإنجاز المهام المنوطة بها».

وتتمحور هذه المهام - وفق السعداوي - حول الاتفاق على إعادة تشكيل المفوضية العليا للانتخابات، بما يضمن نزاهة الإشراف، وتعديل القوانين المُنظمة للمسار الانتخابي، بالإضافة إلى تقديم تصور وطني متوافق حول هيكلة الحكومة القادمة.

من جلسة سابقة لمجلس الأمن حول الأزمة السياسية في ليبيا (المجلس)

وفي حال تمكّن مجلسا النواب و«الدولة» من إنجاز هذه الخطوات قبل 19 ديسمبر الحالي، فإن حق تشكيل الحكومة سيُمنح لهما دعماً لمبدأ الملكية الليبية للحل. أما إذا تعذّر الوصول إلى توافق واضح قبل الإحاطة، فقد أكدت البعثة أنها ستتوجه إلى مجلس الأمن للحصول على تفويض مباشر لتشكيل «لجنة وطنية دولية مشتركة»، تتولى العمل على الإجراءات نفسها، التي من شأنها المساعدة في إجراء الانتخابات.

وتعد محطة «الصخيرات» بالمغرب، التي وصلت إليها الأزمة الليبية، «الأهم والأخطر». فمع نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2015، وقّع الأفرقاء في البلاد على اتفاق سياسي، برعاية أممية، لتبدأ منذ ذلك التاريخ فترة من «عدم التوافق» بين ما وُصف بمعسكري غرب وشرق ليبيا، حول «مخرجات اتفاق الصخيرات».

فرصة الليبيين للمشاركة

لا يزال الجدل يسبق الإعلان عن أسماء المشاركين في الحوار المُهيكل، إذ أعلنت ليلى سويسي، رئيسة المجلس الوطني الأعلى للمرأة الليبية، اعتذارها عن جميع الترشيحات التي دُفع بها للمشاركة في الحوار المرتقب.

وأرجعت سويسي في تصريح صحافي عبر صفحتها على «فيسبوك» هذا الاعتذار عن المشاركة «لتعدد مسؤولياتها وانشغالاتها العملية خارج ليبيا خلال الفترة المقبلة»، ورأت أن ذلك «يجعل التزامي الكامل مستحيلاً؛ والمسؤولية عندي موقف قبل أن تكون حضوراً».

من اجتماع سابق لمجلس النواب الليبي (المجلس)

ويرى سياسي ليبي، مرشح للمشاركة في الحوار، أن البعثة الأممية «تسعى للبحث عن حل يأتي من الليبيين أنفسهم وليس من الخارج». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «أمام الليبيين الوطنيين فرصة لتجاوز سلبيات الاتفاقات الماضية، من خلال المناقشات والأطر التي تفيد المسار الديمقراطي».

ويتميز «الحوار المُهيكل» عما سبقه من مبادرات وحوارات رعتها الأمم المتحدة بأنه يمنح فرصة أمام الجمهور الليبي للمشاركة.

وكانت البعثة قد وعدت بتوفير «فرص متنوعة» لتقديم مساهماتهم والتفاعل مع القضايا، التي تُناقش على طاولة الحوار، بما في ذلك من خلال استطلاعات الرأي عبر الإنترنت، والاجتماعات الحضورية والافتراضية.


الجيش الجزائري يهاجم «عميد الصحافيين» إثر إدانته بتهمة «إهانة رموز التحرير»

«عميد الصحافيين» في الجزائر سعد بوعقبة (الشرق الأوسط)
«عميد الصحافيين» في الجزائر سعد بوعقبة (الشرق الأوسط)
TT

الجيش الجزائري يهاجم «عميد الصحافيين» إثر إدانته بتهمة «إهانة رموز التحرير»

«عميد الصحافيين» في الجزائر سعد بوعقبة (الشرق الأوسط)
«عميد الصحافيين» في الجزائر سعد بوعقبة (الشرق الأوسط)

في حين استأنف «عميد الصحافيين» في الجزائر، سعد بوعقبة، حكم السجن لثلاث سنوات مع وقف التنفيذ الصادر بحقه بتهمة «الإساءة إلى رموز الثورة»، هاجمه الجيش عبر دوريته، وعدّ أن تصريحاته التي تسببت له في مشاكل «تعكس سوء نية للطعن في تاريخنا ورموزنا».

بعد أربعة أيام من النطق بالحكم ضده من طرف «محكمة بئر مراد رايس» بالعاصمة، خصصت مجلة «الجيش»، لسان حال وزارة الدفاع، مقالاً للصحافي المثير للجدل، في عددها لشهر ديسمبر (كانون الأول) الصادر، أمس الاثنين.

المقال الذي يهاجم الصحافي بوعقبة في مجلة الجيش

ومن دون ذكره بالاسم، جاء في المقال: «يطل علينا من حين لآخر بعض المتشدقين المغرورين، الذين يدعون زوراً وبهتاناً أنهم ألمّوا بمفاصل التاريخ ومعالم الجغرافيا ليقدحوا عن قصد وبسوء نية في تاريخنا المجيد، ويطعنوا في رموزنا الوطنية»، مبرزاً أن «ما يراه البعض حرية تعبير وإبداء رأي هو جهل لما يحاك ضد بلادنا». ويحيل المقال إلى تصريحات كبار المسؤولين في البلاد بأن التعاطي في الإعلام مع المشاكل، وأوجه القصور في تسيير الشأن العام «يعطي فرصة لخصوم الجزائر للتهجم عليها وإضعافها». وغالباً ما تتم الإشارة، وفق هذا الخطاب، إلى العلاقات المتوترة مع فرنسا والمغرب ودول الساحل.

وبحسب «الجيش»، «قد يكون الاختلاف في الرأي مفيداً، لكن شريطة أن يكون مؤسساً وتحت سقف المصالح العليا للوطن، وضمن مبادئنا وقيمنا الراسخة وتاريخنا وذاكرتنا وثوابتنا ومقدساتنا، وفي الإطار الذي يجمعنا ولا يفرقنا». لافتاً إلى أن «التدليس والتشكيك في الذاكرة والتاريخ والهوية والمرجعيات والرموز، بحجة حرية التعبير، عذر أقبح من ذنب، وتعدٍّ صارخ على ماضينا المجيد، الذي صنع مجده رجال آثروا التضحية بكل غال ونفيس من أجل أن نعيش أحراراً، أسياداً على أرضنا الطيبة».

ويعود هجوم «الجيش» على بوعقبة إلى مقابلة أجرتها معه المنصة الإلكترونية «رؤية» الشهر الماضي، تناول فيها ما يُعرف بـ«كنز جبهة التحرير الوطني»، وهو تعبير يشير إلى الأموال التي جمعها التنظيم الوطني لدعم المجهود الحربي، خلال ثورة استقلال الجزائر (1830 - 1962).

وخلال المقابلة، قال بوعقبة إن بعض قادة «جبهة التحرير الوطني» – ومن بينهم الرئيس الراحل أحمد بن بلّة – استحوذوا على جزء من تلك الأموال بعد الاستقلال عام 1962. وذكر منهم أيضاً قيادي الثورة محمد خيضر، الذي تعرض للتصفية الجسدية في منفاه بإسبانيا عام 1967، حيث يعتقد مقربون منه أن اغتياله مرتبط بـ«قضية أموال جبهة التحرير»، التي تم جمعها في خمسينات القرن الماضي، بفضل تبرعات المهاجرين الجزائريين في فرنسا، وهبات بلدان كانت مؤيدة لاستقلال الجزائر عن فرنسا.

أحمد بن بلة ومحمد خيدر غداة الاستقلال (مؤسسة الأرشيف الجزائري)

ونسب بوعقبة هذه المعطيات إلى كاتب فرنسي كتب عن هذا الموضوع، قبل 40 عاماً، بحسبه. وإثر بث هذه المقابلة، رفعت ابنة الراحل بن بلة شكوى ضده، وتأسست وزارة المجاهدين كطرف مدني في القضية.

وتضمن رد النشرة العسكرية على بوعقبة أن «تاريخ البلاد ليس مجرد حكايات يحكيها راو في الأسواق ليجمع حفنة من الدنانير، أو أحجيات تقصها الجدات على الحفدة قبل نومهم، أو سلعة تباع في الأسواق من تجار لا يهمهم إلا ما يجنون وراءها من مكاسب، مثلما يفعله البعض اليوم، بل تاريخنا سيرورة أحداث ناصعة راسخة، صنعت مجد وطننا وكبرياءه الخالد، لا يخوض فيه إلا من هو أهل لذلك، ولا يرويه كل من هب ودب حسب الأهواء والنزوات والنيات السيئة».

وأضافت المجلة موضحة أن «ذاكرتنا الوطنية وتاريخنا المجيد برموزه الخالدة ومحطاته المشرقة، خط أحمر لا يقبل أي مساومة أو استهانة، أو محاولة للتشويه أو التزوير أو التشكيك، فهو صمام أمان الوطن، والذود عن حياضه قضية وجود وواجب مقدس، ومسؤولية وطنية نابعة من باب وفاء الأجيال اللاحقة للأجيال السابقة». وتابع المقال مشدداً على أن «الأكيد هو أن كل تلك المحاولات الفاشلة ما هي سوى مطية عرجاء يركبها الحاقدون والانتهازيون وأذنابهم، لعلهم يصنعون لأنفسهم الخبيثة مكاناً في التاريخ، بعد أن لفظتهم الجزائر العصية عنهم وسفههم الشعب الجزائري الأبي».

ويُعدّ سعد بوعقبة، البالغ 79 عاماً، أحد أبرز وجوه الصحافة الجزائرية. وقد بدأ مسيرته في الصحافة العمومية قبل أن يتحول إلى كاتب عمود في صحف خاصة، مثل «الخبر» و«الشروق». وكثيراً ما كان محور جدل، كما سبق أن وُجهت إليه تهم تتعلق بالتشهير، وقد حُكم عليه في أكتوبر (تشرين الأول) 2023 بالسجن ستة أشهر نافذة بسبب مقال ساخر من سكان منطقة الجلفة (300 كلم جنوب).

غلاف الكتاب الذي يتناول أموال جبهة التحرير الجزائرية (الشرق الأوسط)

وأمام القاضي، دافع المتهم بوعقبة عن نفسه، مؤكداً أنه «لم يسئ قط لزعيم الثورة أحمد بن بلة»، بل يعده «أحد الرموز التاريخيين وصديقاً شخصياً جمعتني به علاقة صداقة قوية». وأفاد بأنه رغم الملاحقات القضائية السابقة التي طالته، فإنه «لم يشعر بالإحباط في مساره المهني سوى في هذه القضية، التي آلمتني بعمق». وفي ختام جلسة المحاكمة قدم اعتذاراً مباشراً لابنة بن بلة، التي تأثرت وبكت من جراء ما عدّته إهانة لوالدها.

وقد حُكم على مدير قناة «رؤية»، عبد الرحيم حرّاوي، بالسجن سنة مع وقف التنفيذ، إضافة إلى الغلق النهائي للقناة، ومصادرة معدات البث.


«الجنائية الدولية» تحكم بسجن زعيم في ميليشيا «الجنجويد» بدارفور 20 عاماً

علي محمد علي عبد الرحمن منتظراً صدور حكم «المحكمة الجنائية الدولية» في لاهاي بهولندا اليوم (أ.ب)
علي محمد علي عبد الرحمن منتظراً صدور حكم «المحكمة الجنائية الدولية» في لاهاي بهولندا اليوم (أ.ب)
TT

«الجنائية الدولية» تحكم بسجن زعيم في ميليشيا «الجنجويد» بدارفور 20 عاماً

علي محمد علي عبد الرحمن منتظراً صدور حكم «المحكمة الجنائية الدولية» في لاهاي بهولندا اليوم (أ.ب)
علي محمد علي عبد الرحمن منتظراً صدور حكم «المحكمة الجنائية الدولية» في لاهاي بهولندا اليوم (أ.ب)

أصدر قضاة «المحكمة الجنائية الدولية»، الثلاثاء، حكماً بالسجن 20 عاماً على قائد بميليشيا «الجنجويد» مدان بارتكاب فظائع في إقليم دارفور بالسودان.

وأدين علي محمد علي عبد الرحمن، المعروف أيضاً باسم علي كوشيب، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بما يصل إلى 27 تهمة تتعلق بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، تشمل القتل، والتعذيب، وتدبير عمليات اغتصاب، وفظائع أخرى ارتكبتها ميليشيا «الجنجويد» في دارفور قبل أكثر من 20 عاماً.

وبينما كانت القاضية جوانا كورنر التي ترأست الجلسة تنطق بالحكم، بقي الرجل البالغ من العمر 76 عاماً صامتاً ولم يظهر أي رد فعل.
وخلُصت المحكمة إلى أنّ عبد الرحمن الذي سلّم نفسه للمحكمة الجنائية الدولية في العام 2020، كان مسؤولاً كبيراً في ميليشيا «الجنجويد» السودانية وشارك «بشكل نشط» في ارتكاب جرائم.
وروت كورنر تفاصيل مروعة عن عمليات اغتصاب جماعية وانتهاكات وقتل جماعي.
وفي جلسة سابقة، قالت إنه في إحدى المرات، حمّل عبد الرحمن حوالى 50 مدنياً في شاحنات وضرب بعضهم بالفؤوس قبل أن يجبرهم على الاستلقاء أرضا ويأمر قواته بإطلاق النار عليهم وقتلهم.
وأضافت «لم يكن المتهم يُصدر الأوامر فحسب... بل شارك شخصياً في الضرب وكان حاضراً لاحقاً وأصدر أوامر بإعدام المعتقلين».
وأشارت إلى ضحاياه الذين أكدوا أنّه قام بـ«حملة إبادة وإذلال وتهجير».
وفي نوفمبر (تشرين الثاني)، طلب المدعي العام جوليان نيكولس الحكم بالسجن المؤبد على عبد الرحمن. وقال أمام القضاة إنّ «قاتلاً بفأس يقف حرفياً أمامكم»، واصفاً الروايات عن الجرائم المرتكبة «كأنها كابوس».
ونفى عبد الرحمن أن يكون قائداً سابقاً في ميليشيا «الجنجويد» العربية التي أنشأها الرئيس السابق عمر البشير في العام 2003 لسحق تمرّد مجموعات غير عربية في دارفور، حيث ارتُكبت فظائع خلّفت نحو 300 ألف قتيل و2,5 مليون نازح ولاجئ، وفقاً للأمم المتحدة.