«حزب الله» يتمسك بالبقاء على حدود جنوب لبنان تجنباً لخسارة «التأثير العسكري»

إسرائيل تشترط الانسحاب 7 كلم إلى العمق

مدفعية إسرائيلية تقصف مناطق في جنوب لبنان (رويترز)
مدفعية إسرائيلية تقصف مناطق في جنوب لبنان (رويترز)
TT

«حزب الله» يتمسك بالبقاء على حدود جنوب لبنان تجنباً لخسارة «التأثير العسكري»

مدفعية إسرائيلية تقصف مناطق في جنوب لبنان (رويترز)
مدفعية إسرائيلية تقصف مناطق في جنوب لبنان (رويترز)

تصطدم الجهود الدبلوماسية لإنهاء الحرب في الجنوب بشرطين وضعهما كل من «حزب الله» وإسرائيل، يتمثلان في شرط إسرائيلي؛ بانسحاب مقاتلي الحزب إلى مسافة 7 كيلومترات من الحدود، واشتراط الحزب إنهاء الحرب في غزة، وساهم الرفض المتبادل في استمرار القصف المتبادل.

وفشلت الوساطات الدولية منذ 8 أكتوبر (تشرين الأول)، وهو تاريخ انخراط «حزب الله» في الصراع، في إنهاء الحرب المتواصلة في الجنوب، لكنها نجحت، حتى الآن، في حصر المعركة في حدود 7 كيلومترات على ضفتَي الحدود، رغم وجود استثناءات تمثلت في تنفيذ ضربات إلى العمق على الطرفين.

وقالت مصادر نيابية مواكبة للحراك الدبلوماسي في لبنان لـ«الشرق الأوسط» إن إنهاء الحرب «بدا مهمة شبه مستحيلة في ضوء الشروط المتقابلة»، لافتة إلى أن لبنان أبلغ جميع المسؤولين بأنه ملتزم بتطبيق القرار «1701»، وبضرورة تكثيف الجهود لوقف الحرب في غزة.

ونقلت «رويترز»، الخميس، عن 3 مصادر لبنانية ومسؤول أميركي أن أحد الاقتراحات التي تم طرحها الأسبوع الماضي تقليص الأعمال القتالية عبر الحدود، بالتزامن مع تحرك إسرائيل صوب تنفيذ عمليات أقل كثافة في قطاع غزة. وقال اثنان من المسؤولين اللبنانيين الثلاثة إن اقتراحاً نُقِل أيضاً لـ«حزب الله» بأن يبتعد مقاتلوه لمسافة 7 كيلومترات عن الحدود. وقال المسؤولون اللبنانيون والدبلوماسي إن الحزب رفض الفكرتين، ووصفهما بأنهما غير واقعيتين.

أسباب عسكرية

ويعود الطلب الإسرائيلي للانسحاب من تلك المسافة التي تنحصر فيها المعارك حتى الآن، إلى أسباب عسكرية، حسبما يقول رئيس مركز «الشرق الأوسط للدراسات»، الدكتور هشام جابر، مشيراً في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أن انسحاب الحزب من تلك المسافة «يعني فقدان 70 في المائة من قدرته العسكرية على ضرب الأهداف الإسرائيلية، وإفراغ ضرباته من أهميتها».

ومع أن هذا المقترح يترك مقاتلي «حزب الله» أقرب كثيراً من مطلب إسرائيل العلني بالابتعاد لمسافة 30 كيلومتراً إلى نهر الليطاني، كما هو منصوص عليه في قرار للأمم المتحدة صدر عام 2006، فإن الحزب رفضه.

ويشرح جابر، وهو جنرال متقاعد من الجيش اللبناني، أن الطبيعة الجغرافية للبنان في المنطقة الحدودية «تعطي مقاتلي الحزب أفضلية للوجود في مناطق حرجية مرتفعة بمعظمها، تمكّنه من استخدام صواريخ مباشرة وغير منحنية تُطلَق على أهداف في المستوطنات الواقعة أسفل مناطق وجود الحزب، وهو ما يشكّل معضلة عسكرية». وأوضح: «إذا ابتعد مقاتلو الحزب تلك المسافة؛ فإنه سيفقد القدرة على إطلاق الصواريخ المباشرة، وهي صواريخ موجَّهة تتمتع بدقة تصويب، وسيضطر حينها لاستخدام الصواريخ المنحنية التي لا تتمتع بميزة الدقة، بالنظر إلى أن هامش الخطأ فيها يزيد على مائة متر، فتصبح منعدمة التأثير».

وقال إن الصواريخ المباشرة التي تُطلَق على مسافات قريبة بين 700 متر و3 كيلومترات بمعظمها «لا تراها (القبة الحديدية) لأنها تتحرك على علو منخفض، كما أن إطلاقها يحتاج لمشاهدة الهدف بالعين المجردة كي يبقى الرامي متمكناً من ملاحقة الهدف، وهو ما سيفقده في حال الابتعاد عن الحدود مسافة 7 كيلومترات، وهو ما يدفعه لرفض المقترح، ويدفع إسرائيل في المقابل للإصرار عليه».

وتُضاف تلك الأهداف العسكرية إلى تصريحات لمسؤولين في «حزب الله» يقولون إن سحب المقاتلين غير واقعي «لأن المقاتلين يتحدرون أصلاً من المنطقة، وهم أبناء القرى والبلدات الحدودية ويدافعون عنها».

تعثر دبلوماسي

وقال مسؤولون لبنانيون إن «حزب الله» رفض أفكاراً أولية من واشنطن لتهدئة القتال الدائر مع إسرائيل عبر الحدود تضمنت سحب مقاتليها بعيداً عن الحدود، لكن الحزب لا يزال منفتحاً على الدبلوماسية الأميركية لتجنُّب خوض حرب شاملة. ويقود المبعوث الأميركي الخاص إلى لبنان، آموس هوكستين، مساعيَ دبلوماسية تهدف إلى إعادة الأمن على الحدود بين لبنان وإسرائيل، في وقت تنزلق فيه المنطقة بشكل خطير صوب تصعيد كبير للصراع، في إطار تبعات الحرب الدائرة في قطاع غزة.

ورغم الرفض ورشقات الصواريخ التي يطلقها الحزب «دعماً لغزة»، قال مسؤول لبناني ومصدر أمني إن انفتاح الحزب على التواصل الدبلوماسي «يشير إلى رغبته في تجنُّب حرب أوسع حتى بعد وصول ضربة إسرائيلية إلى بيروت نفسها قُتِل فيها قيادي بارز من (حماس)»، في 2 يناير (كانون الثاني) الماضي.

وقال مسؤولون لبنانيون ودبلوماسي أوروبي إن «حزب الله»، الذي تصنفه واشنطن منظمة إرهابية: «لم يشارك بشكل مباشر في المحادثات. وبدلاً من ذلك، نقل وسطاء لبنانيون مقترحات وأفكار هوكستين للحزب». وقال 3 مسؤولين لبنانيين لـ«رويترز» إن «حزب الله» لمح إلى أنه بمجرد انتهاء الحرب في غزة «قد يكون منفتحاً على فكرة تفاوض لبنان على اتفاق عبر وسطاء بشأن المناطق الحدودية محل النزاع». وقال مسؤول كبير في الحزب لـ«رويترز» طالباً عدم الكشف عن هويته: «بعد الحرب على غزة نحن مستعدون لدعم المفاوضين اللبنانيين لتحويل التهديد إلى فرصة»، لكنه لم يتطرق إلى اقتراحات بعينها. وقال إيلون ليفي، وهو متحدث باسم الحكومة الإسرائيلية، رداً على سؤال من «رويترز» خلال إفادة صحافية الأربعاء، إن هناك «فرصة دبلوماسية لا تزال سانحة لدفع (حزب الله) بعيداً عن الحدود».

وقال رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي، الذي تضم حكومته وزراء من «حزب الله»، إن بيروت مستعدة للمحادثات بشأن استقرار منطقة الحدود في الأجل الطويل.


مقالات ذات صلة

وزير خارجية الصين يطالب بوقف شامل لإطلاق النار في الشرق الأوسط دون تأخير

آسيا وزير الخارجية الصيني وانغ يي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة 28 سبتمبر 2024 (رويترز)

وزير خارجية الصين يطالب بوقف شامل لإطلاق النار في الشرق الأوسط دون تأخير

قال وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، اليوم (السبت)، إنه يجب ألا يكون هناك أي تأخير في التوصل إلى «وقف شامل لإطلاق النار» في الشرق الأوسط.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي مناصرون لـ«حزب الله» يرفعون صورة نصر الله في احتفال في الضاحية الجنوبية إثر اغتيال قاسم سليماني (أ.ف.ب)

«حزب الله» يعلن مقتل نصر الله... ونعيم قاسم للقيادة مؤقتاً

تتجه الأنظار اليوم إلى الشخصية التي ستخلف نصر الله الذي يناديه مناصروه بـ«السيّد» أو «أبو هادي».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي صورة لأمين عام «حزب الله» حسن نصر الله 28 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)

أبرز ردود الفعل الدولية على اغتيال حسن نصر الله

نعت حركة «حماس» اليوم (السبت) أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله بعد تأكيد الحزب مقتله من جراء ضربة جوية نفذها الجيش الإسرائيلي في الضاحية الجنوبية لبيروت.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
تحليل إخباري أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله خلال إلقائه كلمة في احتفال حزبي في ضاحية بيروت الجنوبية عام 2015 (أ.ف.ب)

تحليل إخباري غياب «هالة» نصر الله عن قيادة «حزب الله»: ضربة قوية وتأثير معنوي كبير

لن يكون قبل اغتيال أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله كما بعده.

كارولين عاكوم (بيروت)
المشرق العربي صورة من مطار بيروت (أرشيفية- رويترز)

مطار بيروت تحت الرقابة الإسرائيلية

بات مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت عملياً تحت الرقابة الإسرائيلية، بعد تهديدات جدية باستهدافه في حال نزول طائرات إيرانية فيه.

بولا أسطيح (بيروت)

إسرائيل تعلن شن غارات على «أهداف تابعة لحزب الله» في لبنان

تصاعد الأدخنة من الأنقاض المشتعلة بينما يتجمع الناس في مكان الغارات الجوية الإسرائيلية بحي حارة حريك بالضاحية الجنوبية لبيروت أول من أمس (أ.ف.ب)
تصاعد الأدخنة من الأنقاض المشتعلة بينما يتجمع الناس في مكان الغارات الجوية الإسرائيلية بحي حارة حريك بالضاحية الجنوبية لبيروت أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تعلن شن غارات على «أهداف تابعة لحزب الله» في لبنان

تصاعد الأدخنة من الأنقاض المشتعلة بينما يتجمع الناس في مكان الغارات الجوية الإسرائيلية بحي حارة حريك بالضاحية الجنوبية لبيروت أول من أمس (أ.ف.ب)
تصاعد الأدخنة من الأنقاض المشتعلة بينما يتجمع الناس في مكان الغارات الجوية الإسرائيلية بحي حارة حريك بالضاحية الجنوبية لبيروت أول من أمس (أ.ف.ب)

أعلن الجيش الإسرائيلي اليوم (الأحد)، أنه يشن «عشرات» الغارات الجديدة على أهداف تابعة لـ«حزب الله» في لبنان، بعد يومين على مقتل أمينه العام حسن نصر الله في غارة إسرائيلية.

وقال ناطق باسم الجيش عبر «تلغرام»، إن طائرات سلاح الجو «هاجمت عشرات الأهداف الإرهابية في لبنان خلال الساعات الأخيرة». وأوضح أن هذه الغارات تستهدف مواقع إطلاق صواريخ باتجاه إسرائيل ومخازن أسلحة، حسبما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية».

ومنذ أمس (السبت)، ضرب الجيش الإسرائيلي «مئات الأهداف الإرهابية لـ(حزب الله) في لبنان»، على ما أضاف الناطق.

وأكد «حزب الله» السبت، مقتل نصر الله في غارة إسرائيلية عنيفة بضاحية بيروت الجنوبية معقل الحزب.

وكان الحزب أكّد أنه لن يوقف هجماته «حتى انتهاء العدوان على غزة».