المهاجرون يكلفون ألمانيا 17 مليار دولار.. والسلطات تكثف ترحيلهم

المفوضية الأوروبية تدعو إلى قمة مصغّرة الأحد لمعالجة وضعهم في البلقان

مهاجرة وأطفالها يرتاحون قرب مدينة ريغونسي السلوفينية بعد عبور الحدود مع كرواتيا أمس (رويترز)
مهاجرة وأطفالها يرتاحون قرب مدينة ريغونسي السلوفينية بعد عبور الحدود مع كرواتيا أمس (رويترز)
TT

المهاجرون يكلفون ألمانيا 17 مليار دولار.. والسلطات تكثف ترحيلهم

مهاجرة وأطفالها يرتاحون قرب مدينة ريغونسي السلوفينية بعد عبور الحدود مع كرواتيا أمس (رويترز)
مهاجرة وأطفالها يرتاحون قرب مدينة ريغونسي السلوفينية بعد عبور الحدود مع كرواتيا أمس (رويترز)

دعا جان كلود يونكر، رئيس المفوضية الأوروبية في بروكسل، أمس إلى عقد اجتماع طارئ لمناقشة تدفق اللاجئين عبر دول غرب البلقان، وذلك نظرا لحالة الطوارئ التي ظهرت في تلك البلدان والتي تقع على طريق الهجرة القادمة إلى دول الاتحاد، ما يستدعي التعاون والتشاور بين تلك البلدان ودول ومؤسسات أخرى في الاتحاد الأوروبي.
وقالت المفوضية الأوروبية أمس: «جرى التشاور مع عدد من القادة والاتفاق على عقد اجتماع على مستوى رؤساء الدول والحكومات يوم الأحد 25 أكتوبر (تشرين الأول) ببروكسل، بحضور قادة دول ألمانيا، والنمسا، وكرواتيا، ومقدونيا، واليونان، والمجر، ورومانيا، وصربيا، وسلوفينيا، إلى جانب مشاركة رئيس مجلس الاتحاد الأوروبي دونالد تاسك، والرئاسة الدورية الحالية للاتحاد التي تتولاها لوكسمبورغ، ومفوضة الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وممثل عن المكتب الأوروبي لدعم اللجوء، والوكالة الأوروبية لمراقبة الحدود الخارجية (فرونتكس)».
ويذكر أن مؤسسات ودول الاتحاد الأوروبي تعيش حالة من التخبط غير المسبوق، بسبب تدفق المهاجرين واللاجئين على أراضيها بحرًا عبر المتوسط، وبرًا عبر دول غرب البلقان.
ويبدو أن الإجراءات التي تم اتخاذها فرديًا وثنائيًا وجماعيًا ما زالت غير كافية لإدارة هذا الملف الشائك، الذي بات يشكل تحديًا وجوديًا لأوروبا. وقد تمت مناقشة ملف الهجرة على مدى الأشهر الماضية على عدة مستويات، كما عقد رؤساء دول الاتحاد خمسة لقاءات قمة خصصت لهذا الموضوع، ولم تفلح حتى الآن في التوصل إلى رؤية أوروبية مشتركة.
من جهة أخرى، دفعت ألمانيا منذ بداية العام الحالي وحتى الآن أكثر من 15 مليار يورو بسبب تدفق أعداد كبيرة من اللاجئين إلى أراضيها، عقب الوصول إلى سواحل الاتحاد الأوروبي بطرق مختلفة، وإعلان السلطات الألمانية في وقت سابق أنها على استعداد لاستقبال أعداد كبيرة منهم. وأشارت أرقام صدرت عن اتحاد المناطق الألمانية ونشرتها صحيفة «هاندلسبلاد» اليومية الألمانية، ونقلتها وسائل الإعلام الأوروبية في بروكسل ولاهاي، إلى أن 70 في المائة من هذه المبالغ تحملتها السلطات المحلية في البلديات والمدن، بينما تحملت الحكومة 30 في المائة.
يوضّح ألكسندر جونكل، مدير صندوق المعاشات الألماني، أن تدفق أعداد من اللاجئين قد يكون مفيدا للاقتصاد على المدى البعيد لأنه في حال حصل هؤلاء على فرص للعمل، سيزداد دخل الصندوق من مساهمات العمال الجدد، بينما طالبت منظمات تابعة للنقابات العمالية الحكومة أن تبدأ في تعليم هؤلاء اللغة الألمانية.
بالتزامن مع ذلك، قالت صحيفة «بيلد» الألمانية نقلا عن مصادر حكومية إن السلطات الألمانية قررت تشديد الإجراءات المتعلقة بالحصول على حق اللجوء في ألمانيا، وخصوصا في ما يتعلق بسرعة أبعاد الأشخاص الذين لا يستحقون الحصول على حق اللجوء من العملية. وبدأت بالفعل في تنفيذ إجراءات سريعة في هذا الصدد، وشملت أعدادا من القادمين إلى الأراضي الألمانية من كوسوفو، وألبانيا، والجبل الأسود. وقال الإعلام الألماني إن السياسة الألمانية الجديدة سوف تساهم في الأسابيع القليلة القادمة في زيادة أعداد من يتم إبعادهم من اللاجئين.
وفي نهاية شهر سبتمبر (أيلول) وصل عدد من رفضت السلطات طلباتهم إلى 194 ألف شخص، غادر منهم طواعية 21 ألف شخص، وقامت السلطات بترحيل ما يقرب من 12 ألفا آخرين، كما ستقوم الحكومة خلال الفترة القادمة باستخدام طائرات عسكرية لإعادة هؤلاء إلى بلدانهم دون تبليغهم بذلك مسبقا لتفادي أي محاولة لتعطيل عمليات الترحيل، وفق التقارير الصحافية الألمانية.
من جانبها، قالت ربيكا هرمس، رئيس مجموعة الخضر في البرلمان الأوروبي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» في بروكسل إن التضامن هو السبيل الأفضل لإيجاد الحلول لازمة اللاجئين والهجرة في الاتحاد الأوروبي، ملمحة إلى أن ألمانيا وحدها لا تستطيع أن تفعل كل شيء.
وجاء ذلك بالتزامن مع ختام زيارة لوفد من أعضاء البرلمان الأوروبي من نواب أحزاب الخضر إلى تركيا، واستمرت ثلاثة أيام، وبعد يومين من زيارة قامت بها المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إلى أنقرة للتباحث حول حلول لأزمة الهجرة واللجوء والتعاون مع تركيا في هذا الصدد. وحول سياسات ألمانيا التي تسببت في غضب دول شرق أوروبا، قالت هرمس إنها زارت المجر ورأت الأعداد الكبيرة من اللاجئين الذين كانوا ينتظرون القرار الألماني بفتح الحدود، وأضافت: «لكن ألمانيا وحدها لا تستطيع أن تفعل كل شيء.. ولا بد من تضامن أوروبي في هذا الملف».
وتعليقا حول السماح لمئات الآلاف من اللاجئين بدخول ألمانيا وتأثيرات ذلك مستقبلا على التركيبة السكانية والتداعيات الاجتماعية والثقافية الأخرى، قالت هرمس إنه لن يسمح لكل هؤلاء بالبقاء في ألمانيا، فسيبقى جزء منهم، بينما سيعود جزء آخر إلى وطنه الأصلي. وتابعت: «التقيت بأعداد منهم وأخبروني أنهم يريدون العودة إلى بلادهم بمجرد انتهاء الصراع وأنهم لا يفضلون البقاء في ألمانيا أو غيرها. ولكن في كل الأحوال لا بد على الدول المضيفة أن تستعد لإدماج من سيبقى، وأن توفر لهم التعليم والصحة وسبل التأقلم في المجتمع الجديد». وبالتالي يمكن لهم أن يساهموا في تنمية المجتمعات التي استقبلتهم، وهذا الأمر ليس سهلا، ولكن هناك تجارب ألمانية في هذا الصدد».
وبينما اعترفت المسؤولة الأوروبية بـ«مخاطرة» ميركل بسياسات «الباب المفتوح» إلا أنها اعتبرتها ضرورية. وتوضح: «لقد خاطرت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في سياستها المتعلقة بأزمة اللاجئين.. والمخاطرة ليست أمرا اعتياديا بالنسبة إلى ميركل، ولكن قراراتها في هذا الملف كانت ضرورية، فهي كانت تسعى إلى أن تكون ألمانيا مثالا يحتذى به وأرادت أن تتبعها دول أخرى في الاتحاد الأوروبي بخطوات مماثلة».
من جهته، يقول الخبير والمحلل السياسي الهولندي، كريس ألبرت، لـ«الشرق الأوسط» إن قرارات ميركل لم تكن إيجابية لأن الدول الموجودة ما بين الحدود الألمانية والتركية تضررت بسبب القرار الألماني، وتواجه تداعياته السلبية. وعن إمكانية حدوث انقسامات أوروبية بسبب القرار الألماني، أفاد ألبرت: «هذا حقيقي، فالمواطنون يرون أن أي قرار يتعلق بأوروبا يجب أن يتخذ بشكل جماعي وليس من خلال تحرك فردي».
في سياق متصل، تستعد تركيا لمواجهة تدفق جديد للاجئين إلى حدودها مع سوريا بعد الهجوم الذي قامت به القوات النظامية بمؤازرة الطيران الروسي في شمال البلاد، كما أفاد مصدر حكومي تركي أمس.
وقال مسؤول تركي لوكالة الصحافة الفرنسية طالبا عدم كشف هويته: «في الوقت الحاضر، لم نسجل أي نزوح جديد من سوريا لكننا مستعدون لهذا الاحتمال إن حصل». وأضاف أن «تحضيرات قد تمت لاستقبال هؤلاء الأشخاص في محيط كيليس» المحافظة التركية الحدودية مع سوريا، موضحا أن الوكالة التركية لإدارة الأوضاع الطارئة أقامت مخيما في هذه المنطقة.
وقد شن الجيش السوري بغطاء جوي روسي عمليات عسكرية في محافظات حمص وحماه وحلب، ما دفع عشرات آلاف السوريين إلى النزوح. وأشارت الصحف التركية إلى أن هؤلاء النازحين، وبينهم نحو 50 ألف تركماني، الأقلية الناطقة بالتركية والمدعومة من أنقرة، توجهوا نحو الحدود التركية.
واستقبل النظام التركي، الذي قطع علاقاته مع الرئيس بشار الأسد منذ بدء النزاع في سوريا في 2011، على أراضيه اليوم نحو 2,2 مليون سوري هربوا من الحرب في بلادهم. ويعيش نحو 250 ألفا منهم فقط في مخيمات بينما يقيم الباقون في كبرى مدن البلاد. وعبر رئيس الوزراء التركي، أحمد داود أوغلو والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، الأحد في إسطنبول، عن قلقهما من الوضع في محيط حلب وعن خشيتهما أيضًا من وصول «دفعة جديدة من المهاجرين» إلى تركيا المجاورة.
وتتفاوض بروكسل وأنقرة بشأن «خطة عمل» تلتزم بموجبها تركيا بالاحتفاظ على أراضيها باللاجئين السوريين الراغبين في التوجه إلى أوروبا، مقابل تحرير نظام التأشيرات للمواطنين الأتراك وإعطاء دفع لترشيح أنقرة لعضوية الاتحاد الأوروبي.



ثلثهم على أيدي الجيش الإسرائيلي... مقتل 54 صحافياً في عام 2024

مراسلات يتحدثن أمام الكاميرات خلال تغطية صحافية في البرازيل (رويترز)
مراسلات يتحدثن أمام الكاميرات خلال تغطية صحافية في البرازيل (رويترز)
TT

ثلثهم على أيدي الجيش الإسرائيلي... مقتل 54 صحافياً في عام 2024

مراسلات يتحدثن أمام الكاميرات خلال تغطية صحافية في البرازيل (رويترز)
مراسلات يتحدثن أمام الكاميرات خلال تغطية صحافية في البرازيل (رويترز)

قُتل 54 صحافياً حول العالم أثناء قيامهم بعملهم أو بسبب مهنتهم في عام 2024، ثلثهم على أيدي القوات الإسرائيلية، وفق ما أظهر تقرير سنوي لمنظمة «مراسلون بلا حدود» صدر اليوم (الخميس)، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.

وبحسب هذه المنظمة غير الحكومية المعنية بحرية الصحافة، كان الجيش الإسرائيلي مسؤولاً عن مقتل 18 صحافياً هذا العام، 16 في غزة واثنان في لبنان.

وقالت «مراسلون بلا حدود»، في تقريرها السنوي الذي يغطي بيانات حتى الأول من ديسمبر (كانون الأول)، إن «فلسطين هي البلد الأكثر خطورة على الصحافيين، حيث سجّلت حصيلة قتلى أعلى من أي دولة أخرى خلال السنوات الخمس الماضية».

وأقامت المنظمة 4 شكاوى أمام المحكمة الجنائية الدولية تتعلق بـ«جرائم حرب ارتكبها الجيش الإسرائيلي ضد صحافيين».

وأضافت «مراسلون بلا حدود» أن «أكثر من 145» صحافياً قُتلوا على أيدي القوات الإسرائيلية في غزة منذ بدء الحرب في القطاع في أكتوبر (تشرين الأول) 2023 عقب هجوم «حماس» على إسرائيل، منهم 35 كانوا يعملون وقت مقتلهم.

ووصفت المنظمة عدد عمليات القتل بأنها «حمام دم لم يسبق له مثيل».

وفي تقرير منفصل نُشر الثلاثاء، أفاد الاتحاد الدولي للصحافيين بأن 104 صحافيين قتلوا في أنحاء العالم عام 2024، أكثر من نصفهم في غزة.

وتختلف الحصيلتان اللتان وفّرتهما المنظمتان بسبب اختلاف النهجين المستخدمين في تعداد الضحايا.

فالعدد الذي قدّمته «مراسلون بلا حدود» لا يشمل إلا الصحافيين الذين «ثبت أن مقتلهم مرتبط بشكل مباشر بنشاطهم المهني».

نفي إسرائيلي

وتنفي إسرائيل تعمّد إيذاء الصحافيين، لكنها تقر في الوقت نفسه بأن بعضهم قُتل بغارات جوية شُنّت على أهداف عسكرية.

وقال الناطق باسم الحكومة الإسرائيلية ديفيد منسر، في مؤتمر صحافي، الأربعاء: «نحن نرفض هذه الأرقام. لا نعتقد أنها صحيحة».

وأضاف: «نحن نعلم أن معظم الصحافيين في غزة يعملون على الأرجح تحت رعاية (حماس)، وأنه حتى يتم القضاء على الحركة، لن يُسمح لهم بنقل المعلومات بحرية».

من جهتها، قالت آن بوكاندي، مديرة تحرير «مراسلون بلا حدود» لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «الصحافة مهددة بالانقراض في قطاع غزة».

وأشارت إلى «تعتيم ذي أبعاد متعددة». فبالإضافة إلى «الانتهاكات المرتكبة بشكل مباشر ضد الصحافيين»، ما زال «الوصول إلى غزة ممنوعاً منذ أكثر من عام»، كما أن «مناطق بكاملها أصبح الوصول إليها غير متاح» وبالتالي «لا يعرف ما يحدث هناك».

من جهته، ندّد أنتوني بيلانجر، الأمين العام للاتحاد الدولي للصحافيين، بـ«المذبحة التي تحدث في فلسطين أمام أعين العالم». وقال لوكالة الصحافة الفرنسية إن «العديد من الصحافيين يُستهدفون» عمداً.

وبعد غزة، كانت باكستان أكثر البلدان فتكاً بالصحافيين في عام 2024، حيث سُجل مقتل 7 صحافيين، تليها بنغلاديش والمكسيك بـ5 لكل منهما.

وفي عام 2023، بلغ عدد الصحافيين الذين قُتلوا في كل أنحاء العالم 45 صحافياً في الفترة نفسها من يناير (كانون الثاني) إلى ديسمبر.

وحتى الأول من ديسمبر، كان هناك 550 صحافياً مسجوناً في كل أنحاء العالم مقارنة بـ513 في العام الماضي، وفقاً لأرقام «مراسلون بلا حدود».

أمّا الدول الثلاث التي لديها أكبر عدد من الصحافيين المحتجزين فهي الصين (124 من بينهم 11 في هونغ كونغ) وبورما (61) وإسرائيل (41).

بالإضافة إلى ذلك، يوجد حالياً 55 صحافياً محتجزاً بوصفهم رهائن، اثنان منهم اختُطفا في عام 2024، نحو نصفهم (25) لدى تنظيم «داعش».

كذلك، تم الإبلاغ عن 95 صحافياً مفقوداً، من بينهم 4 تم الإبلاغ عنهم في عام 2024.