الأسد يقوم بزيارة مفاجئة لموسكو لإجراء محادثات مع بوتين

داود أوغلو: أنقرة مستعدة لقبول انتقال سياسي يظل بموجبه رئيس النظام السوري في السلطة بشكل رمزي لمدة ستة أشهر

الأسد يقوم بزيارة مفاجئة لموسكو لإجراء محادثات مع بوتين
TT

الأسد يقوم بزيارة مفاجئة لموسكو لإجراء محادثات مع بوتين

الأسد يقوم بزيارة مفاجئة لموسكو لإجراء محادثات مع بوتين

زار رئيس النظام السوري بشار الأسد الليلة الماضية موسكو؛ في زيارة لم يُعلن عنها مسبقا، وذلك لتقديم الشكر للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، على شن ضربات جوية على المتطرفين في سوريا. حسب ما أعلن الكرملين.
وأعلن الكرملين تفاصيل الزيارة اليوم (الاربعاء). كما لم يُصرح بما إن كان الاسد لا يزال في موسكو أم عاد إلى سوريا.
ويعتقد أن هذه أول زيارة للاسد إلى الخارج منذ ان تفجرت الازمة السورية عام 2011، وتأتي هذه الزيارة بعد ثلاثة أسابيع من شن روسيا حملة ضربات جوية على المتطرفين في سوريا في 30 سبتمبر (أيلول).
وقال بوتين إنّه يأمل أن توفر التطورات على الجبهة العسكرية في سوريا قاعدة لحل سياسي طويل الامد تشارك فيه كل القوى السياسية والجماعات العرقية والدينية، وهو ما يعزّز أمل الغرب في أن تستخدم موسكو نفوذها المتزايد في دمشق لاقناع الاسد بفتح حوار مع معارضيه.
ولطالما ظلت إيران حليفا قويا لحكومة الاسد ولكنّ اختياره زيارة موسكو قبل طهران، قد يفسر في بعض الدوائر على أنّ روسيا أصبحت الآن أهم صديق أجنبي للاسد.
وتصدرت الزيارة تقارير التلفزيون الرسمي الروسي الذي بث صورًا للاسد وهو يتحدث مع بوتين في حضور وزيري الخارجية والدفاع الروسيين.
وصوّر الكرملين تدخله في سوريا -وهو أكبر تدخل في الشرق الاوسط منذ انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991- على أنّه تحرك منطقي للتصدي "للارهاب الدولي"، بعد تحرك واشنطن الذي وصفه بأنّه غير فعال.
من جهته، أعرب الاسد لبوتين وفقا لنسخة مكتوبة لدى الكرملين، عن بالغ امتنانه لزعامة روسيا الاتحادية بأسرها للمساعدة التي تقدمها لسوريا. وقال "نشكر مشاركتم الاخيرة وإعلانكم عن جبهة من أجل مكافحة الارهاب". وحسب الاسد فلولا التحركات والقرارات الروسية لابتلع الارهاب الآخذ في الانتشار بالمنطقة، منطقة أكبر بكثير.
من جهته، قال بوتين إنّ روسيا شعرت بضرورة التدخل في سوريا لأن خطر المتطرفين الذين يقاتلون قوات الاسد هناك يمثل خطرًا على أمن روسيا. وأضاف "للأسف هناك في الارض السورية نحو 4000 شخص من الاتحاد السوفيتي السابق -على أدنى تقدير- يحاربون القوات الحكومية ويحملون أسلحة في أيديهم". "ونحن -بطبيعة الحال- لا يمكن أن ندعهم يعودون إلى الاراضي الروسية بعد أن حصلوا على خبرة في ميدان القتال وتلقوا توجيها عقائديا".
وأكّد بوتين أيضا خلال الاجتماع أنّ روسيا مستعدة للمساعدة في إيجاد حل سياسي في سوريا وستعمل عن كثب مع قوى عالمية أخرى ترغب في التوصل لتسوية سياسية للازمة السورية. وأضاف وفقا للنسخة المكتوبة "نحن مستعدون للمساهمة ليس فقط في مسار العمليات العسكرية في التصدي للارهاب؛ ولكن أيضا في العملية السياسية. "وسيكون هذا بالتأكيد من خلال التواصل عن كثب مع قوى عالمية أخرى ومع دول في المنطقة يهمها التوصل لحل سياسي للصراع".
على صعيد متصل، قال أحمد داود أوغلو رئيس الوزراء التركي اليوم، إنّ الأمر يتطلب عملية انتقالية في سوريا تضمن رحيل الرئيس بشار الاسد، مضيفًا أن تركيا ما زالت على موقفها الذي يرى أنّ حكومته فقدت الشرعية.
وكان داود أوغلو يرد على أسئلة طرحها صحافيون بعد أن قال مسؤولان حكوميان كبيران أمس، إنّ أنقرة مستعدة لقبول انتقال سياسي يظل بموجبه الاسد في السلطة بشكل رمزي لمدة ستة أشهر قبل تنحيه.
وأفاد مصدر عسكري كبير موال للحكومة لوكالة رويترز للأنباء أمس، أنّ ثلاثة روس على الاقل قتلوا في معارك مع قوات الحكومة السورية وأصيب آخرون عندما سقطت قذيفة على موقعهم في اللاذقية.
وقال رامي عبد الرحمن رئيس المرصد السوري لحقوق الانسان لرويترز، إنّ مصادره في المنطقة أكدت مقتل الروس؛ لكنه لم يذكر عددهم. وقال إنّه لا يعتقد أنّهم قوات نظامية روسية وإنّما متطوعون.
من جهتها، نفت وزارة الدفاع الروسية أمس، مقتل جنود روس في الآونة الاخيرة في سوريا في تصريحات نشرتها وكالات الانباء الروسية.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.