مدن سعودية تحتفل بموسم الحمضيات

مبادرات متعددة لدعم إنتاجها وتصديرها

تعد الحمضيات من أهم المنتجات الزراعية في السعودية (واس)
تعد الحمضيات من أهم المنتجات الزراعية في السعودية (واس)
TT

مدن سعودية تحتفل بموسم الحمضيات

تعد الحمضيات من أهم المنتجات الزراعية في السعودية (واس)
تعد الحمضيات من أهم المنتجات الزراعية في السعودية (واس)

يحتفي عدد من المدن السعودية بموسم حصاد الحمضيات من خلال مهرجانات تُنظّم لتحفيز المزارعين على تطوير المنتج، الذي يشهد إقبالاً واسعاً من قبل المستهلكين، ممّا يشجع المستثمرين للدخول في هذه السوق الواعدة.

وتُعدّ الحمضيات من أهم المنتجات الزراعية في السعودية، وتتنوع بين البرتقال، والليمون، والغريب فروت، واليوسفي، وغيرها من العديد من الأنواع التي أدى زيادة إنتاجها إلى إطلاق مبادرات كثيرة وبرامج مختلفة تهدف لدعم مزارعيها مادياً ولوجستياً.

وتشهد مدن سعودية احتفالات واسعة تتزامن مع موسم إنتاج الحمضيات، أبرزها في نجران، والعلا، وحائل، والحريق، التي تشكل النسبة العليا في عملية إنتاج هذه الفواكه.

ويستقبل «مهرجان العلا للحمضيات»، زائريه ليبرز مكانة العلا الزراعية؛ إذ يعرض المزارعون المشاركون أبرز ما تنتجه المدينة من محاصيل متنوعة من الحمضيات، في احتفاء زراعي اقتصادي، يشاركون فيه بمنتجاتهم.

وتولي الهيئة الملكية لمحافظة العلا، وفق رؤيتها المتماشية مع «رؤية المملكة 2030»، القطاع الزراعي في العلا أهمية كبيرة لدعم الفرص الاقتصادية ورفع التنافسية بين المنتجين، ولتعزيز دور التنمية الزراعية، وخلق المزيد من الفرص لأهالي المنطقة، وإتاحة تجربة فريدة لزائريها من خلال الاطّلاع على القطاع الزراعي الذي يعدّ مكوناً سياحياً بارزاً في حاضر المحافظة ومستقبلها.

وتحوي سهول محافظة العلا وأوديتها نحو أكثر من 200 ألف شجرة حمضيات، على مساحة 800 هكتارٍ، وهي ثاني أهم محصول فاكهة بعد نخيل التمر، وهو ما يمثل 30 في المائة من إجمالي إنتاج السعودية من الحمضيات المتنوعة، وفق الإحصائية التقريبية التي أصدرتها الهيئة الملكية لمحافظة العلا.

تساهم المهرجانات بتعريف السياح على المنتجات الزراعية السعودية (واس)

ومن أبرز أنواع محاصيل الحمضيات في العلا: البرتقال، والليمون الحلو، والنرنج، والبرتقال السكري، وبرتقال الماندرين، والكليمنتين، حيث يوفر المهرجان سوقاً حيويةً للمنتجين المحليين لبيع محاصيلهم التي تبلغ قرابة 15 ألف طن سنوياً.

ويعد مهرجان الحريق للحمضيات من أهم المهرجانات التي تنظمها المحافظة الواقعة في جنوب غربي العاصمة السعودية الرياض، ويشهد إقبالاً واسعاً من الزائرين من حول الخليج نظراً لشهرة المحافظة بأجود أنواع البرتقال الذي يُنتج بكميات وفيرة في مزارعها.

وتتميز الحريق بخصوبة أراضيها الزراعية، وبوجود العديد من الآبار السطحية فيها، إلى جانب المناخ المناسب، وكل هذه العوامل ساهمت في أن تكون تربتها مناسبة لزراعة الفواكه الحمضية والشتوية.

وتنظم مدينة حائل شمال السعودية مهرجانها للحمضيات، بهدف التعريف بأنواع الحمضيات التي تشتهر بها المنطقة، وتبادل الخبرات والتجارب الزراعية بين المزارعين والمهتمين لتطوير منتجاتهم ‏الزراعية وتعزيز الحراك الاقتصادي ‏وفتح نوافذ تسويقية للمزارعين، واستهداف أسواق جديدة داخلية وخارجية.

تحظى المهرجانات بإقبال واسع من الزائرين (واس)

ويساهم المهرجان الذي تقيمه المدينة سنوياً في مساعدة المزارعين على تصدير منتجاتهم في المنطقة والاستفادة من الصناعات التحويلية لها، إضافة إلى تحفيز المزارعين الجدد على الدخول إلى السوق التي تنمو باستمرار، نظراً للطلب المتزايد على هذه المنتجات التي يسهل زراعتها في المنطقة.

وتنتج مزارع الحمضيات في حائل أكثر من 10 آلاف طن سنوياً، بمساحة تقدر بـ1400 هكتار، تمثل ما نسبته 30 في المائة من الاستهلاك المحلي، كما شكلت ما نسبته 46 في المائة من ‏إجمالي صادرات ‏السعودية من الحمضيات لعام 2022، وفق إحصاءات وزارة البيئة ‏والمياه والزراعة.


مقالات ذات صلة

«المطاحن الأولى» السعودية تستحوذ على 60 % من «الكنان العربية» بـ12.8 مليون دولار

الاقتصاد مصنع المطاحن الأولى في جدة (الشركة)

«المطاحن الأولى» السعودية تستحوذ على 60 % من «الكنان العربية» بـ12.8 مليون دولار

استحوذت «المطاحن الأولى» السعودية على 60 في المائة من «الكنان العربية» لتعزيز توسعها في قطاع الأعلاف وتنويع مصادر دخلها.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
خاص رغم اختلاف البيئات بين السعودية وبريطانيا وأستراليا تجمع المشاريع رؤية بناء زراعة مرنة وقادرة على مواجهة التغير المناخي (أدوبي)

خاص من السعودية إلى أستراليا وبريطانيا… ابتكارات طلابية ترسم مستقبل الزراعة

كشفت 3 مشاريع طلابية من السعودية وأستراليا وبريطانيا مستقبلاً زراعياً جديداً يعتمد على الري الذكي وإنعاش التربة وتحليلها لحظياً، لبناء زراعة مرنة.

نسيم رمضان (دبي)
يوميات الشرق محطة الفضاء الدولية (رويترز)

يعزز آمال الزراعة على المريخ... نبات ينجو 9 أشهر في الفضاء ويتكاثر بعد عودته

عزَّزت الطحالب التي نجت لتسعة أشهر في الفضاء الآمال في إمكانية زراعة محاصيل على المريخ لإطعام رواد الفضاء.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد آلة ريّ في حقل لفول الصويا بولاية نبراسكا الأميركية (رويترز)

الصين تكثف شراء فول الصويا الأميركي بعد تعهدها لترمب

اشترت الصين ما لا يقل عن 14 شحنة من فول الصويا الأميركي يوم الاثنين، وفقاً لما ذكره تاجران مطلعان على الصفقات.

«الشرق الأوسط» (شيكاغو (الولايات المتحدة) - بكين)
آسيا في هذه الصورة الملتقطة في 11 أبريل 2023 يُدمّر أحد أفراد أمن «طالبان» مزرعة خشخاش في قرية شير سرخ بولاية قندهار وأعلنت الأمم المتحدة في 6 نوفمبر أن زراعة الأفيون في أفغانستان انخفضت بنسبة 20 % بحلول عام 2025 (أ.ف.ب)

زراعة الأفيون تواصل التراجع في أفغانستان وتنخفض بنسبة 20 % هذا العام

أعلنت الأمم المتحدة، الخميس، تراجع زراعة الأفيون في أفغانستان بنسبة 20 % عام 2025، بعدما كانت قبل بضع سنوات فقط أكبر منتج في العالم.

«الشرق الأوسط» (كابل)

«مناوبة متأخرة»... فيلم ألماني يرد الاعتبار للممرضات في مهرجان «البحر الأحمر»

الفيلم يركزعلى الصعوبات التي تواجه الممرضات في عملهن (الشركة المنتجة)
الفيلم يركزعلى الصعوبات التي تواجه الممرضات في عملهن (الشركة المنتجة)
TT

«مناوبة متأخرة»... فيلم ألماني يرد الاعتبار للممرضات في مهرجان «البحر الأحمر»

الفيلم يركزعلى الصعوبات التي تواجه الممرضات في عملهن (الشركة المنتجة)
الفيلم يركزعلى الصعوبات التي تواجه الممرضات في عملهن (الشركة المنتجة)

بدت بيترا ڤولپي، مخرجة وكاتبة الفيلم الألماني - السويسري «مناوبة متأخرة»، وكأنَّها تدخل هذا المشروع وهي مُثقلة بوعيٍ طويل الأمد تجاه قطاع لا يحظى بالإنصاف الذي يستحقه، فموضوع العاملين في الرعاية الصحية كان يشغلها لسنوات، حتى قبل جائحة «كورونا». «أزمة نقص الممرّضين لم تكن وليدة اللحظة، بل كانت ظاهرةً متفاقمةً في سويسرا وأوروبا والعالم»، وفق قولها.

تضيف بيترا ڤولپي لـ«الشرق الأوسط» أن احتكاكها الشخصي بالمهنة، عبر تجربة سكنها مع ممرّضة لسنوات، جعلها تشهد يومياً حجمَ الضغوط التي يعيشها العاملون في هذا القطاع الحيوي، الأمر الذي دفعها إلى التفكير في تحويل هذا الهمّ إلى مادة سينمائية.

وتتابع: «على الرغم من أن جائحة كورونا أعادت الاعتبار للممرّضين بوصفهم العمود الفقري للمجتمع، فإن العالم سرعان ما نسي تضحياتهم بمجرد انتهاء الأزمة، وهو ما أثار لديَّ شعوراً بضرورة التذكير، عبر الفن، بما يتعرَّضون له يومياً؛ لذا رأيتُ في الفيلم فرصةً للتعبير عن موقفي السياسي، وعن اهتمامي بقضايا النساء، إذ إنهنَّ يشكّلن الغالبية الساحقة من العاملين في التمريض».

وتوضح المخرجة الألمانية أن «نقطة الانطلاق الحقيقية بدأت عندما قرأتُ روايةً توثيقيةً كتبتها ممرّضة ألمانية تتناول مناوبةً واحدةً فقط ضمن واقع مرهق، وقد شعرتُ بأن سرد نقطة زمنية واحدة يمكن أن يحمل طابعاً من الإثارة والتوتر، كأنها بنية فيلم تشويقي». لكن الرواية، كما تقول، لم تكن سوى شرارة الفكرة، إذ طوّرتْ ڤولپي الحكاية من خلال بحثٍ موسّع استند إلى عشرات المقابلات مع ممرّضات، وتقصّي تفاصيل المهنة من داخل المستشفيات، ومن ثَمَّ شرعت في كتابة السيناريو الذي استغرق عاماً كاملاً، قبل أن تبدأ التصوير الذي امتد لـ26 يوماً.

مخرجة الفيلم انطلقت من تجربة شخصية (الشركة المنتجة)

وعن مرحلة الإنتاج، تشير إلى أن الأمر لم يكن معقّداً كما يحدث عادةً مع مشروعات سينمائية أخرى، إذ سارعت الجهات المموّلة في سويسرا إلى دعم الفيلم، ربما لأن موضوعه واضح وملحّ، ولأن أزمة نقص العاملين في الرعاية الصحية باتت واقعاً ملموساً للجميع. لذلك لم تواجه المخرجة صعوبات في تأمين التمويل، بخلاف كثير من المشروعات التي تتطلّب مساراً طويلاً ومعقّداً.

أمّا على مستوى الإخراج، فتصف التحدي الأكبر بأنه «كيفية تمثيل 10 ساعات من العمل المتواصل في زمن سينمائي لا يتجاوز 90 دقيقة. فقد أردتُ للمشاهد أن يعيش الإحساس نفسه الذي تعيشه الممرّضة، وأن يشعر بالإنهاك نفسه الناتج عن الدوران المستمر بين المرضى، والركض خلف التفاصيل، والاستجابة للتنبيهات المتتابعة».

ولتحقيق هذا الإحساس، اعتمد الفريق لقطات طويلة غير مقطوعة في بداية الفيلم، ما استدعى تدريبات دقيقة وتنسيقاً صارماً بين الممثلين والفريق الفني، بحيث لا يُسمح لأيِّ عنصر بأن يتعثَّر خلال الحركة المستمرة للكاميرا.

وتشدّد على أن الفيلم، الذي يُعرَض ضمن فعاليات الدورة الخامسة من مهرجان «البحر الأحمر السينمائي»، لا يُعدّ اقتباساً مباشراً من الرواية الملهمة، بل هو استلهام لطريقتها في النظر إلى المناوبة الواحدة. فجميع الشخصيات والأحداث في الفيلم متخيَّلة، لكنها مستمَدة من حوارات كثيرة أجرتها مع العاملين في القطاع، ومن تجارب شخصية عايشتها. وتضرب مثالاً على ذلك قصة المريض الذي يقلقه مصير كلبه، وهي حالة استوحتها من حياتها الخاصة بوصفها صاحبة حيوانٍ أليف.

وحين ينتقل الحوار إلى البعد الإنساني للفيلم، توضّح ڤولپي أنها أرادت تقديم صورة شاملة لواقع المرضى داخل المستشفيات، «باعتبار أن الجميع مُعرَّضون لأن يكونوا في مكانهم مهما اختلفت طبقاتهم وأعمارهم وثقافاتهم. فالفيلم يعرض نماذج لشبابٍ وشيوخ ومرضى بحالات متفاوتة، في محاولة لعكس مجتمعٍ كامل داخل جناح واحد».

الفيلم يبرز جوانب تفصيلية في حياة الممرضات (الشركة المنتجة)

الأهم، من وجهة نظر المخرجة السينمائية، هو إبراز التعقيد النفسي والوجداني في مهنة التمريض؛ فالممرّضة ليست مسؤولةً فقط عن حالة طبية، بل مطالَبة بفهم ما يحتاج إليه كل مريض بوصفه إنساناً: هل يحتاج إلى دعم، أو كلمة طمأنة، أو لحظة صمت، أو لمسة حنان؟ هذا البعد، في رأيها، هو ما يجعل المهنة أكثر تعقيداً مما يظنه الجمهور.

وعن المقارنات التي يطرحها النقّاد بين فيلمها والمسلسلات الطبية التقليدية، ترى ڤولپي أن أغلب الأعمال التي تتناول بيئة المستشفيات تُقدِّم الأطباء بوصفهم الأبطال المركزيين، في حين يختفي دور الممرّض في الخلفية، رغم أنه الأقرب إلى المريض والأقدر على قراءة التحوّلات الدقيقة في حالته. لذلك حرصت على قلب هذا المنظور تماماً، فجعلت الممرّضة محور الحكاية، لا بوصفها بطلة خارقة، بل لكونها الإنسان الأكثر حضوراً وتأثيراً في مسار العلاج.

وتعود لتؤكّد أن اهتمامها بقضايا النساء حاضرٌ في كل عمل تقدّمه، «لأن التمريض مهنة تعتمد في الأساس على النساء، ومع ذلك لا يحظين فيها بما يليق من تقدير أو مكانة، سواء اجتماعياً أو مؤسّساتياً». ومن هنا جاء سعيها لتسليط الضوء على هذا التناقض، وعلى الجهد الهائل الذي تبذله ملايين النساء حول العالم من دون الاعتراف الكافي بقيمتهنّ الحقيقية.


من «المنطقة المميتة» إلى شاشات جدة... حين تتحوَّل القمم إلى مرآة للإنسان

بوستر الوثائقي السعودي «سبع قمم» (الشرق الأوسط)
بوستر الوثائقي السعودي «سبع قمم» (الشرق الأوسط)
TT

من «المنطقة المميتة» إلى شاشات جدة... حين تتحوَّل القمم إلى مرآة للإنسان

بوستر الوثائقي السعودي «سبع قمم» (الشرق الأوسط)
بوستر الوثائقي السعودي «سبع قمم» (الشرق الأوسط)

على امتداد 7 سنوات، عَبَر السعودي بدر الشيباني قارات العالم الـ7 ليعتلي أعلى قممها، لكنّ الفيلم الذي وصل إلى مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» لم يكن روايةً عن الارتفاع الجغرافي بقدر ما كان رحلةً داخليةً نحو أكثر مناطق الذات عزلةً وصدقاً. هكذا قدَّم وثائقي «سبع قمم» سيرة رجل فَقَد ملامح المدير التنفيذي عند «المنطقة المميتة» في «إيفرست»، ليبقى أمام عدسة الكاميرا إنساناً يسأل نفسه: لماذا أواصل؟

بين رؤية المتسلّق، وصنعة المخرج أمير كريم، جاءت الحكاية بلغة سينمائية تمزج الثلج الذي يغطي العدسة بأنفاس ترتجف فوق ارتفاعات الموت، وبسكون البيوت السعودية التي عادت لتُفسّر دوافع المُغامِر حين يعود من القمم إلى العائلة.

قصة لا تُروى من القمة فقط

يقول بدر الشيباني لـ«الشرق الأوسط» إنّ اللحظة الفاصلة وقعت عند أحد المخيمات المرتفعة في «إيفرست». هناك، حين كان الأكسجين شحيحاً وصوت الريح أعلى من دقات القلب، اكتشف أنّ «ما يحدث داخلي أهم مما يحدث حولي». تلك اللحظة، كما يصف، «حوَّلت الرحلة من إنجاز رياضي إلى مشروع إنساني يستحق أن يُروى للعالم».

في الوثائق التي سجَّلها بنفسه، يظهر صوت متقطّع من البرد، وعدسة تُبللها الثلوج، ويد ترتجف وهي تثبّت الحبل قبل الخطوة التالية. لكن بدر يعترف: «كنت أظن أنّ الهدف هو الوصول إلى القمة، ثم اكتشفتُ أن القمة الحقيقية كانت داخلي». هذه اللقطات الخام التي لم تُصنع لأجل السينما بل لأجل النجاة، أصبحت أساس الفيلم، ومرآته الأصدق.

الجبال ليست قمماً بل مسرح للتحوّل الإنساني

حين تسلم المخرج أمير كريم المواد الأولى للقمم التي صوَّرها الشيباني، وجد نفسه أمام صعوبة من نوع مختلف. فاللقطات ليست مأخوذة بكاميرات سينمائية ولا بإضاءة مدروسة؛ إنها لحظات حقيقية لم تعد بالإمكان إعادة تمثيلها. يقول لـ«الشرق الأوسط»: «لم أتعامل مع الفيلم على أنه مغامرة جغرافية، بل رحلة نفسية يسأل فيها بدر نفسه: مَن أنا؟ ولماذا أواصل؟ الجبال بالنسبة إليّ ليست قمماً، بل مسرح يتحوَّل فيه الإنسان».

ويضيف أن أصعب تحدٍّ لم يكن في البيئات الخطرة كما يُعتقد، بل في بناء جسر بصري بين عالمين: عزلة الجبال القاسية، ودفء البيت السعودي مع العائلة.

فرؤية المخرج اعتمدت على مفارقة مقصودة: الجبال خشنة، غير مصقولة، تترك المُشاهِد يشعر بالبرد والعزلة، والمَشاهِد المحلية دافئة، حميمة، تكشف عن الدوافع والإنسان خارج المغامرة.

يقول أمير: «تركت للجبال خشونتها، وللبيت دفئه. وهذه المفارقة هي روح الفيلم وخلاصته الدرامية».

متسلّق الجبال السعودي بدر الشيباني وعودة الروح إلى نقطة البدء (الشرق الأوسط)

لحظة مواجهة الذات في «المنطقة المميتة»

يتّفق كلّ من الشيباني والمخرج على أنّ المشهد المفصلي في الفيلم هو لحظة الصمت على ارتفاع يفوق 8 آلاف متر فوق سطح البحر، في «المنطقة المميتة» لـ«إيفرست»، خلال رحلة استغرقت 38 يوماً من الصعود.

هناك، كما يروي أمير، «تختفي ملامح المدير والقائد، ويظل الإنسان وحده أمام قراره: التراجع أو المضي قدماً». هذا المشهد لا يروي صراعاً مع الطبيعة فقط، بل يكشف الصراع البشري الداخلي: حين يصبح الانتصار الحقيقي هو رفض الاستسلام.

القصة السعودية خلف القمة

يُقدِّم الشيباني عبر الفيلم صورة أوسع من تجربة فردية؛ إنها كما يقول رمز للتجربة السعودية الجديدة. فالقيم التي حملته بين القارات الـ7، من الانضباط إلى الصبر وإدارة الخوف، ليست حكايته وحده، بل انعكاس لرحلة مجتمع كامل يُعيد تعريف طموحه.

يُعلّق كريم: «قصة بدر ليست عن الجبال فقط، بل عن الإنسان السعودي الذي يتخطَّى الحدود التقليدية ليصنع مستقبله».

أما الجوانب الخفية التي عمل المخرج على إبرازها، فهي لحظات الشكّ والتعب والخوف، تلك التي كان يُخفيها المُغامِر خلف الشخصية القوية. وقد ظهر بدر أمام الكاميرا شخصاً يبحث عن ذاته بقدر بحثه عن القمة.

قيمة فكرية تتجاوز التوثيق

يرى الشيباني أنّ الفيلم يتجاوز التوثيق البصري نحو «رحلة تحوّل ذهني وروحي». العزلة في الجبال حرّرته من ضجيج الحياة، ودفعته إلى التأمُّل وإعادة ترتيب حياته.

الفيلم، كما يشرح، يدعو المُشاهدين إلى اختبار حدودهم العقلية والجسدية، ويضعهم أمام سؤال: ما الذي يمكن أن يحدث عندما نخرج من منطقة الراحة؟ ويؤكد أن عرضه في مهرجان «البحر الأحمر» ليس مجرد مشاركة سينمائية، بل رسالة بأن السعودية الجديدة تحتفي بقصص أبنائها وتضع الإنسان في قلب تحوّلها الثقافي.

بين الدبلوماسية الثقافية وصناعة الفرص

يرى الشيباني، بخبرة رائد أعمال، أن الفيلم الوثائقي ليس مجرّد فنّ، بل أصل استثماري يُعزّز رواية المملكة دولياً. ويعتقد أنّ قوة الوثائقيات تتجاوز الحملات التقليدية لأنها تعتمد على السرد الواقعي العميق.

كما يشير إلى أنّ محتوى مثل «سبع قمم» يمكن أن يتحوَّل إلى نماذج أعمال في سياحة المغامرات والتدريب القيادي، وأيضاً المحتوى التعليمي والصناعات الإبداعية. وهو ما ينسجم مع أهداف «رؤية 2030» في تحويل القصص المحلّية إلى قيمة اقتصادية عالمية. «سبع قمم» ليس فيلماً عن الارتفاعات الشاهقة، بل عن الأعماق الإنسانية. وليس عن الوصول إلى القمة، بل عن القوة الذهنية التي تمنع السقوط. إنه عمل يعكس اللحظة السعودية الراهنة: وطن يواجه قممه الخاصة، ويصعد درجاتها بثقة، بحثاً عن نسخة أوضح وأقوى من ذاته.


في حفل استعراضي صُمم خصيصاً له... ترمب يحضر قرعة كأس العالم

عامل نظافة ينظّف السجادة الحمراء بجوار لافتة كُتب عليها: «قرعة كأس العالم 2026» في مركز كيندي بواشنطن (د.ب.أ)
عامل نظافة ينظّف السجادة الحمراء بجوار لافتة كُتب عليها: «قرعة كأس العالم 2026» في مركز كيندي بواشنطن (د.ب.أ)
TT

في حفل استعراضي صُمم خصيصاً له... ترمب يحضر قرعة كأس العالم

عامل نظافة ينظّف السجادة الحمراء بجوار لافتة كُتب عليها: «قرعة كأس العالم 2026» في مركز كيندي بواشنطن (د.ب.أ)
عامل نظافة ينظّف السجادة الحمراء بجوار لافتة كُتب عليها: «قرعة كأس العالم 2026» في مركز كيندي بواشنطن (د.ب.أ)

سيحضر الرئيس الأميركي دونالد ترمب قرعة كأس العالم لكرة القدم اليوم (الجمعة)، في حفل مليء بالاحتفالات والاستعراضات والعروض الباذخة التي تليق بـ«فنان الاستعراض».

ويقام هذا الحدث في «مركز كيندي» بواشنطن، الذي تولى ترمب رئاسته في وقت سابق من هذا العام، في حين قام بتنصيب رئيس ومجلس إدارة جديدين.

وحضور ترمب قرعة كأس العالم يضعه في صدارة المشهد خلال واحد من أبرز الأحداث الرياضية على الإطلاق؛ إذ يبدو أن منظمي الحفل أخذوه في الاعتبار منذ مرحلة التخطيط لهذا الحدث.

وستؤدي فرقة «فيلدج بيبول» أغنيتها الشهيرة «واي إم سي إيه» التي أصبحت عنصراً أساسياً في تجمعات حملة ترمب الانتخابية، وحفلات جمع التبرعات في مارالاغو، حيث شوهد الرئيس السابق يرقص على أنغامها، في حين يخطط الاتحاد الدولي (الفيفا) للكشف عن «جائزة السلام» الخاصة به.

وقام ترمب بحملة علنية للحصول على جائزة «نوبل للسلام»، مستشهداً بمشاركته في إنهاء صراعات متعددة في الخارج، وأسفرت هذه الجهود عن نتائج متباينة.

ومن المقرر أيضاً أن يقدم مغني الأوبرا الشهير أندريا بوتشيلي عرضاً اليوم، وكذلك نجم البوب البريطاني روبي وليامز، وسفيرة الموسيقى في «الفيفا» المغنية الأميركية نيكول شيرزينغر.

واستغل ترمب مراراً امتيازات الرئاسة ليشارك في فعاليات رياضية وثقافية كبرى هذا العام. وحضر نهائي السوبر بول في فبراير (شباط)، وسط هتافات وصيحات استهجان من الجمهور، ويعتزم يوم الأحد حضور حفل تكريم «مركز كيندي»، الذي تجنبه خلال ولايته الأولى.

وستبرز الجغرافيا السياسية في نهائيات كأس العالم؛ إذ يشارك وفد إيراني في مراسم القرعة بعد أن كان أعلن سابقاً مقاطعة الحفل بسبب مشاكل في التأشيرات، وفقاً لتقارير إعلامية. ويأتي ذلك في ظل توتر العلاقات بعد أن قصفت الولايات المتحدة مواقع نووية إيرانية في يونيو (حزيران) الماضي.