الخسائر والمكاسب... ماذا بعد الضربات الأميركية - البريطانية ضد الحوثيين؟

طائرة حربية بريطانية تنطلق من قاعدة أكروتيري البريطانية في قبرص لتنضم للقوات الأميركية البريطانية في البحر الأحمر (وزارة الدفاع البريطانية)
طائرة حربية بريطانية تنطلق من قاعدة أكروتيري البريطانية في قبرص لتنضم للقوات الأميركية البريطانية في البحر الأحمر (وزارة الدفاع البريطانية)
TT

الخسائر والمكاسب... ماذا بعد الضربات الأميركية - البريطانية ضد الحوثيين؟

طائرة حربية بريطانية تنطلق من قاعدة أكروتيري البريطانية في قبرص لتنضم للقوات الأميركية البريطانية في البحر الأحمر (وزارة الدفاع البريطانية)
طائرة حربية بريطانية تنطلق من قاعدة أكروتيري البريطانية في قبرص لتنضم للقوات الأميركية البريطانية في البحر الأحمر (وزارة الدفاع البريطانية)

لم تكن الضربات الأميركية البريطانية على مواقع أسلحة ومعسكرات الجماعة الحوثية في اليمن مفاجئة، بعد يومين من التلويح بتنفيذها، رداً على الأعمال العدائية الحوثية في البحر الأحمر؛ لكن هذه الضربات تثير التساؤلات حول تأثيرها على الأزمة اليمنية، وتحديداً على قوة ونفوذ الجماعة الحوثية.

وتعد هذه الضربات حدثاً تاريخياً في مسار الصراع في اليمن، ونقطة قد تمنح هذا الصراع مسارات جديدة وتحولات مفصلية بعد أن كانت كثير من المؤشرات توحي ببدء عملية سياسية طويلة الأمد بأمل الوصول إلى نهاية للصراع، بعد إعلان الأمم المتحدة عن خريطة طريق للسلام، كان متوقعاً الاتفاق حول تفاصيلها هذا الشهر.

لم تكن الضربات الأميركية البريطانية على مواقع الجماعة الحوثية مفاجأة وسبقتها تهديدات علنية (إكس)

يقول مارك كيميت مساعد وزير الخارجية الأسبق لـ«الشرق الأوسط»: «أعتقد أن الضربات كانت ناجحة في إصابة أهدافها، وأنها أتت متأخرة. سيكون من المثير للاهتمام رؤية كيف سيرد الحوثيون، إذا فهموا عواقب شنهم المزيد من الاعتداءات، فعليهم التفكير مرتين قبل الرد. ورغم ذلك، بما أنهم الحوثيون، أتوقع أن يردوا».

ويتوقع كيميت تنفيذ المزيد من الضربات: «سنعرف المزيد بعد أن تقوم وكالات الاستخبارات لدينا بما نسميه تقييم الأضرار الناجمة عن الغارات. قد نكون أصبنا بعض الأهداف بشكل جزئي فقط ما سيتطلب ضربات إضافية. وهذا أمر عادي في هذا النوع من العمليات».

ويعتقد المسؤول الأميركي السابق أن «التصعيد يعتمد على ما تقرره إيران. فهذه المنظمات تم تدريبها وتجهيزها ودعمها من قبل إيران. وفي حين تقول طهران إنها لا تسيطر على هذه الجماعات وإنها (الجماعات) تتخذ قرارات مستقلة، فإن تقييم الولايات المتحدة يعاكس هذا».

ويعتقد كيميت أنه من الضروري إعادة إدراج الحوثيين على لوائح الإرهاب، ويعلل بالقول إن هدف إدارة بايدن من رفعهم من اللوائح لم ينجح، إذ كانت تتوقع أن الحوثيين سيصبحون أكثر اعتدالاً، وأقل عداءً، وينفذون هجمات إرهابية أقل. لكنهم صعّدوا من هذه الهجمات في البحر الأحمر، متابعا: «في الواقع، الحوثيون اليوم هم أسوأ بكثير مما كانوا عليه قبل رفعهم من لوائح الإرهاب؛ لذا أعتقد أن الإدارة ستتخذ قراراً بإعادة إدراجهم على اللوائح».

من ناحيته، يرى مستشار رئيس الوزراء اليمني علي الصراري أن الجماعة الحوثية حققت مكاسب سياسية بعد هذه الضربات، وسيتزايد أعداد المؤيدين لها داخل وخارج اليمن ومساواتها بحركة «حماس» بعدّها تخوض مواجهة ضد إسرائيل والولايات المتحدة بسبب العدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية، بعد أن كانت الشعارات الحوثية بخصوص ذلك تواجه بالتشكيك، خصوصاً أن أنشطتها العدائية كانت موجهة ضد الداخل اليمني.

وإذا ما استمرت الجهود الإقليمية السعودية والعمانية من أجل التسريع بإطلاق عملية السلام في اليمن والاتفاق حول خريطة الطريق؛ فإن هذه الضربات ستقوي الموقف التفاوضي للجماعة التي ترى أنها كسبت شعبية وتأييداً محلياً وعربياً، بحسب الصراري الذي يرجح لـ«الشرق الأوسط» عدم إمكانية استمرار جهود السلام بعد هذه الضربات.

إلى جانب ذلك لا يتوقع الصراري، وهو أيضاً قيادي في الحزب الاشتراكي اليمني، أن توثر هذه الضربات على القدرات العسكرية للجماعة الحوثية، خصوصا أنه سبق تنفيذها التلويح بها لوقت كان يكفي الجماعة لإخفاء أسلحتها وأجهزتها وإمكاناتها العسكرية في الكهوف والمخابئ، ووفقاً للأرقام، فإن عدد القتلى والجرحى الحوثيين الذي لا يتجاوز الستة أفراد، والناجم عن 73 غارة يوحي بعدم جدوى هذه العملية.

وظهر على هذه الضربات التشتت وعدم التركيز على أهداف محددة كما يذهب الصراري، حيث شملت عدداً كبيراً من الأهداف، ما يوحي بأنها لم تكن أكثر من رسالة وتحذير للجماعة التي تجاوزت الحدود وتجرأت على تهديد المصالح الغربية، بينما كان يُراد لها أن تكتفي بتوسيع نفوذها فيما لا يصل إلى هذا التهديد.

هروب من الاستحقاقات

يبدو أن الولايات المتحدة وحلفاءها الغربيين يعيشون ارتباكاً كبيراً بين رغبتهم في تحقيق تسوية سياسية في اليمن تحتفظ بالجماعة الحوثية، وحرصهم الشديد على تأمين طرق الملاحة البحرية وحماية مصالحهم الاقتصادية.

يتوقع أن تجد الجماعة الحوثية فرصة للتهرب من استحقاقات السلام بعد الضربات الأميركية البريطانية (أ.ف.ب)

يتفق الباحث السياسي اليمني عبد الجليل الحقب مع الصراري على أن من شأن هذه الضربات أن تؤكد مزاعم الجماعة الحوثية في أنها تواجه إسرائيل والغرب، بينما ما يحدث يخدم فعليا إسرائيل والجماعة الحوثية وإيران وهي الأطراف التي يجمع اليمنيون على رفضها جميعاً، بينما ستعود كل هذه الأحداث بالأضرار البالغة على اليمنيين أنفسهم ودولتهم ومستقبلهم السياسي واقتصادهم ومعيشتهم.

ولا يمكن أن تتأثر القدرات العسكرية الحوثية، طبقاً لرؤية الحقب في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، إلا إذا تطورت الأحداث وأخذت هذه الضربات مدى زمنياً طويلاً، أو توسعت إلى مواجهة شاملة، فمن دون حسم عسكري ومواجهة على الأرض، ودعم المجتمع والدولة اليمنيين في مواجهة هذه الجماعة؛ فإن لديها القدرات والإمكانات لتطوير قدراتها وتعويض خسائرها، مع وجود دوافع لحصولها على المزيد من المقاتلين.

إلا أن مسؤولاً حكومياً يمنياً توقع أن العناد الحوثي سيدفع إلى توسيع المواجهات ويوجه الأحداث نحو منزلقات خطرة تأتي بالمزيد من الكوارث والمآسي على المجتمع اليمني وعلى المنطقة، وتوفر للجماعة فرصة للهروب من استحقاقات السلام، والمطالب المعيشية.

المسؤول الذي طلب من «الشرق الأوسط» حجب بياناته، انتقد تعاطي المجتمع الدولي مع التوترات في البحر الأحمر دون العودة إلى الحكومة الشرعية المعترف بها، فبعد أن كانت الضغوط الدولية تصب في صالح توسعة نفوذ الجماعة الحوثية خلال السنوات الماضية، حان الوقت لأن تستوعب القوى الدولية الدرس، وأن تعي أن أمن مصالحها لن يتحقق إلا بإنهاء الانقلاب وإنهاء الوجود الحوثي على السواحل والموانئ اليمنية.

تدوير المكاسب أو مصير «داعش»

توعدت الجماعة الحوثية بالرد على الضربات الأميركية البريطانية واستهداف المصالح والقطع البحرية الأميركية والبريطانية في البحر الأحمر، وحذر بعض قادتها القوتين العظميين من أنهما لن يكونا هما من يحدد النهاية.

يذهب الباحث السياسي صلاح علي صلاح إلى أن تأثير الضربات الأميركية البريطانية على الجماعة الحوثية سيكون محدوداً للغاية، فسياسياً تستطيع الجماعة حالياً أن تصعد من لهجتها لتأكيد مزاعمها بأنها تواجه أعداءً خارجيين لتحصل في المقابل على تأييد شعبي ومزيد من المقاتلين، أما عسكرياً فإن الغارات على كثرتها، كانت محدودة وموزعة على نطاق جغرافي واسع.

ويرجح صلاح أن هذه الغارات فقدت عنصر المفاجأة وسمحت للجماعة باتخاذ احتياطاتها، وإلى جانب ذلك؛ فإن غالبية الغارات أصابت بنك أهداف سبق أن استهدفه طيران تحالف دعم الشرعية خلال السنوات الماضية، ومن المنطقي أن تكون للحوثيين مخابئ ومعسكرات سرية، وينوه إلى احتمال ألا تكون هذه الضربات تهدف إلى تحييد القدرات العسكرية للجماعة، بقدر ما هي مجرد رسالة محددة الغرض.

تستغل الجماعة الحوثية الموانئ اليمنية في الساحل المطل على البحر منطلقاً لهجماتها في البحر الأحمر (رويترز)

واشترط صلاح إضعاف قدرات الجماعة العسكرية الحوثية بتصاعد وتطور الأحداث وتحولها إلى أعمال عسكرية على الأرض، مع ما يرافق ذلك من كلفة عسكرية كبيرة، وكلفة اقتصادية بسبب إغلاق البحر الأحمر وتحويل طرق الملاحة منه خلال مدة الحسم.

من جهة أخرى، يعبر باحث سياسي يمني يقيم في العاصمة صنعاء عن مخاوفه من أن تسعى الجماعة الحوثية للاستفادة من هذه التطورات للحصول على تأييد شعبي عربي، بما في ذلك تبرعات مالية ومقاتلون، ما يعزز من نفوذ إيران في المنطقة الذي يزيد من انقسامات المجتمعات العربية، وهو ما يصب في صالح إسرائيل وليس العكس.

ويفترض الباحث الذي طلب بدوره من «الشرق الأوسط» حجب بياناته أن الجماعة الحوثية تراهن على أن الولايات المتحدة وحلفاءها لا يرغبون في فتح مواجهة شاملة معها، وأن كل ما تفعله يأتي لفرض سيطرتها على أي طاولة مفاوضات، لكن الأمر سيختلف تماماً في حال حدوث مواجهة شاملة، مذكراً بمصير «داعش» في العراق، الذي قد يكون في انتظار الجماعة الحوثية إذا ما واصلت عنادها واعتداءاتها.


مقالات ذات صلة

العالم العربي مخاوف يمنية من إفراغ الحوثيين اتفاق تبادل المحتجزين من مضامينه (إعلام حكومي)

«اتفاق مسقط» للمحتجزين يفتح نافذة إنسانية وسط تفاؤل يمني حذر

اتفاق مسقط لتبادل نحو 2900 محتجز ينعش آمال اليمنيين بإنهاء معاناة الأسرى وسط تفاؤل حذر ومطالب بضمانات أممية لتنفيذ «الكل مقابل الكل»

«الشرق الأوسط» (الرياض - صنعاء)
العالم العربي لوحة في عدن تعرض صورة عيدروس الزبيدي رئيس «المجلس الانتقالي الجنوبي» الداعي للانفصال (رويترز)

الرياض ترسم مسار التهدئة شرق اليمن... «خروج سلس وعاجل» لـ«الانتقالي»

يرسم البيان السعودي مسار التهدئة شرق اليمن، داعياً لانسحاب قوات «الانتقالي» من حضرموت والمهرة، وسط ترحيب رئاسي وحكومي وإجماع حزبي ضد التصعيد.

«الشرق الأوسط» (جدة)
وفد سعودي زار حضرموت ضمن مساعي التهدئة وخفض التوتر (سبأ)

حضرموت تتمسك بالشرعية وتحذر من تكلفة «التحركات الأحادية»

جددت سلطة حضرموت دعمها الكامل للشرعية، محذّرة من التحركات العسكرية الأحادية، ومؤكدة أن أمن المحافظة، والحوار السياسي هما السبيل للاستقرار، والتنمية

«الشرق الأوسط» (جدة)
العالم العربي العليمي مستقبلاً في الرياض السفيرة الفرنسية لدى اليمن (سبأ)

العليمي يرفض «تقطيع» اليمن ويؤكد حماية المركز القانوني للدولة

جدّد العليمي رفضه القاطع لأي محاولات لتفكيك الدولة اليمنية أو فرض وقائع أحادية خارج المرجعيات الحاكمة للمرحلة الانتقالية مؤكداً حماية المركز القانوني للدولة

«الشرق الأوسط» (جدة)

رئيس هيئة الاستعلامات المصرية: نتنياهو يعمل على عرقلة المرحلة الثانية من اتفاق غزة

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
TT

رئيس هيئة الاستعلامات المصرية: نتنياهو يعمل على عرقلة المرحلة الثانية من اتفاق غزة

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

قال رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية، ضياء رشوان، اليوم الخميس، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يعمل على عرقلة المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.

وأضاف رشوان في تصريحات لقناة تلفزيون «القاهرة الإخبارية» أن نتنياهو يعمل وفق اعتبارات انتخابية لصياغة تحالف جديد.

وتابع أن نتنياهو يسعى لإشعال المنطقة، ويحاول جذب انتباه ترمب إلى قضايا أخرى، بعيداً عن القطاع، لكنه أشار إلى أن الشواهد كلها تدل على أن الإدارة الأميركية حسمت أمرها بشأن المرحلة الثانية من اتفاق غزة.

وحذر رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية من أن نتنياهو يريد أن تؤدي قوة حفظ الاستقرار في غزة أدواراً لا تتعلق بها.

وفي وقت سابق اليوم، نقل موقع «واي نت» الإخباري الإسرائيلي عن مصدر عسكري قوله إن نتنياهو سيُطلع ترمب على معلومات استخباراتية عن خطر الصواريخ الباليستية الإيرانية خلال اجتماعهما المرتقب قبل نهاية العام الحالي.

وأكد المصدر الإسرائيلي أن بلاده قد تضطر لمواجهة إيران إذا لم تتوصل أميركا لاتفاق يكبح جماح برنامج الصواريخ الباليستية الإيرانية.


الصوماليون يصوتون في أول انتخابات محلية بنظام الصوت الواحد منذ 1969

حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)
حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)
TT

الصوماليون يصوتون في أول انتخابات محلية بنظام الصوت الواحد منذ 1969

حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)
حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)

أدلى الناخبون في الصومال، الخميس، بأصواتهم في انتخابات محلية مثيرة للجدل، تُعدّ الأولى التي تُجرى بنظام الصوت الواحد منذ عام 1969. ويقول محللون إن هذه الانتخابات تُمثل خروجاً عن نظام مفاوضات تقاسم السلطة القائم على أساس قبلي.

وقد نظمت الحكومة الاتحادية في البلاد التصويت لاختيار أعضاء المجالس المحلية، في أنحاء المناطق الـ16 في مقديشو، ولكنه قوبل برفض من جانب أحزاب المعارضة التي وصفت الانتخابات بالمعيبة والمنحازة.

يذكر أن الصومال انتخب لعقود أعضاء المجالس المحلية والبرلمانيين من خلال المفاوضات القائمة على أساس قبلي، وبعد ذلك يختار المنتخبون الرئيس.

يُشار إلى أنه منذ عام 2016 تعهّدت الإدارات المتعاقبة بإعادة تطبيق نظام الصوت الواحد، غير أن انعدام الأمن والخلافات الداخلية بين الحكومة والمعارضة حالا دون تنفيذ هذا النظام.

أعضاء «العدالة والتضامن» في شوارع مقديشو قبيل الانتخابات المحلية وسط انتشار أمني واسع (إ.ب.أ)

وجدير بالذكر أنه لن يتم انتخاب عمدة مقديشو، الذي يشغل أيضاً منصب حاكم إقليم بانادير المركزي، إذ لا يزال شاغل هذا المنصب يُعيَّن، في ظل عدم التوصل إلى حل للوضع الدستوري للعاصمة، وهو أمر يتطلب توافقاً وطنياً. غير أن هذا الاحتمال يبدو بعيداً في ظل تفاقم الخلافات السياسية بين الرئيس حسن شيخ محمود وقادة ولايتي جوبالاند وبونتلاند بشأن الإصلاحات الدستورية.

ووفق مفوضية الانتخابات، هناك في المنطقة الوسطى أكثر من 900 ناخب مسجل في 523 مركز اقتراع.

ويواجه الصومال تحديات أمنية، حيث كثيراً ما تنفذ جماعة «الشباب» المرتبطة بتنظيم «القاعدة» هجمات دموية في العاصمة، وجرى تشديد إجراءات الأمن قبيل الانتخابات المحلية.

وذكر محللون أن تصويت مقديشو يمثل أقوى محاولة ملموسة حتى الآن لتغيير نظام مشاركة السلطة المعتمد على القبائل والقائم منذ أمد طويل في الصومال.

وقال محمد حسين جاس، المدير المؤسس لمعهد «راد» لأبحاث السلام: «لقد أظهرت مقديشو أن الانتخابات المحلية ممكنة من الناحية التقنية».


اجتماعات في مصر وتركيا... مساعٍ لتفكيك عقبات «اتفاق غزة»

فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

اجتماعات في مصر وتركيا... مساعٍ لتفكيك عقبات «اتفاق غزة»

فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)

توالت اجتماعات الوسطاء لدفع اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، المتعثر حالياً، واستضافت القاهرة وأنقرة اجتماعين بشأن تنفيذ بنود الاتفاق، بعد لقاء موسع في مدينة ميامي الأميركية قبل نحو أسبوع بحثاً عن تحقيق اختراق جديد.

تلك الاجتماعات الجديدة في مصر وتركيا، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أنها بمثابة مساعٍ لتفكيك عقبات الاتفاق المتعثر، وشددوا على أن إسرائيل قد لا تمانع للذهاب للمرحلة الثانية تحت ضغوط أميركية؛ لكنها ستعطل مسار التنفيذ بمفاوضات تتلوها مفاوضات بشأن الانسحابات وما شابه.

وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في بيان: «بتوجيه من رئيس الوزراء، غادر منسق شؤون الأسرى والمفقودين، العميد غال هيرش، على رأس وفد ضم مسؤولين من الجيش وجهاز الأمن العام (الشاباك)، والموساد إلى القاهرة».

والتقى الوفد الإسرائيلي مسؤولين كباراً وممثلي الدول الوسيطة، وركزت الاجتماعات على الجهود وتفاصيل عمليات استعادة جثة الرقيب أول ران غوئيلي.

وسلمت الفصائل الفلسطينية منذ بدء المرحلة الأولى لوقف إطلاق النار في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، 20 أسيراً إسرائيلياً أحياء ورفات 27 آخرين، فيما تبقى رفات ران غوئيلي الذي تواصل «حماس» البحث عن رفاته، وتقول إن الأمر سيستغرق وقتاً نظراً للدمار الهائل في غزة، فيما ترهن إسرائيل بدء التفاوض لتدشين المرحلة الثانية من الاتفاق بتسلمها تلك الجثة.

وبالتزامن، أعلنت حركة «حماس»، في بيان، أن وفداً قيادياً منها برئاسة رئيس الحركة في قطاع غزة خليل الحية، قد التقى في أنقرة مع وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، في لقاء بحث «مجريات تطبيق اتفاق إنهاء الحرب على غزة والتطورات السياسية والميدانية».

وحذر الوفد من «استمرار الاستهدافات والخروقات الإسرائيلية المتكررة في قطاع غزة»، معتبراً أنها تهدف إلى «عرقلة الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق وتقويض التفاهمات القائمة».

وجاء اللقاءان بعد اجتماع قبل نحو أسبوعٍ، جمع وسطاء اتفاق وقف إطلاق النار في مدينة ميامي الأميركية، وأفاد بيان مشترك عقب الاجتماع بأنه جارٍ مناقشة سبل تنفيذ الاتفاق.

ويرى الخبير في الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، الدكتور سعيد عكاشة، أن اجتماعي القاهرة وأنقرة يأتيان في توقيت مهم بهدف دفع تنفيذ الاتفاق وإنهاء العقبات بشكل حقيقي، والوصول لتفاهمات تدفع واشنطن لزيادة الضغط على إسرائيل للدخول للمرحلة الثانية المعطلة، مشيراً إلى أن مسألة الرفات الأخير تبدو أشبه بلعبة لتحقيق مكاسب من «حماس» وإسرائيل.

فالحركة تبدو، كما يتردد، تعلم مكانها ولا تريد تسليمها في ضوء أن تدخل المرحلة الثانية تحت ضغط الوسطاء والوقت وفي يدها ورقة تتحرك بها نظرياً، وإسرائيل تستفيد من ذلك بالاستمرار في المرحلة الأولى دون تنفيذ أي التزامات جديدة مرتبطة بالانسحابات، وفق عكاشة.

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور عبد المهدي مطاوع، أن هذه الاجتماعات تبحث كيفية سد الفجوات، خاصة أن الجثة تمثل عقبة حقيقية، مشيراً إلى أن لقاء «حماس» في تركيا يهدف لبحث ترتيبات نزع السلاح ودخول القوات الدولية، خاصة أن أنقرة تأمل أن يكون لها دور، وتعزز نفسها وعلاقاتها مع واشنطن.

صورة عامة للمنازل المدمرة في مخيم النصيرات بوسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

ولا تزال إسرائيل تطرح مواقف تعرقل الاتفاق، وقال وزير الدفاع الإسرائيلي، إسرائيل كاتس، إن بلاده «لن تغادر غزة أبداً»، وإنها ستقيم شريطاً أمنياً داخل قطاع غزة لحماية المستوطنات، مشدداً على أنه يجب على «حماس» أن تتخلى عن السلاح، وإلا «فستقوم إسرائيل بهذه المهمة بنفسها»، وفق موقع «واي نت» العبري، الخميس.

فيما سعى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مساء الثلاثاء، إلى تحميل حركة «حماس» المسؤولية عن إصابة ضابط بالجيش الإسرائيلي في ‌انفجار عبوة ناسفة ‍في رفح، وانتهاك اتفاق ‌وقف إطلاق النار، الذي دخل حيز التنفيذ في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن الحركة الفلسطينية أكدت أن الانفجار وقع في منطقة تسيطر عليها إسرائيل بالكامل، ورجحت أن يكون الحادث ناجماً عن «مخلفات الحرب».

وجاء اتهام نتنياهو لـ«حماس» قبل أيام من لقائه المرتقب مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب في الولايات المتحدة. ونقلت تقارير عبرية أن نتنياهو يريد إقناع ترمب بتثبيت «الخط الأصفر» حدوداً دائمة بين مناطق سيطرة إسرائيل و«حماس»؛ ما يعني احتلال إسرائيل لـ58 في المائة من مساحة القطاع.

ويتوقع عكاشة أن تعلن إسرائيل بعد لقاء ترمب أنها لا تمانع من دخول المرحلة الثانية، ولكن هذا سيظل كلاماً نظرياً، وعملياً ستطيل المفاوضات بجدولها وتنفيذ بنودها، ويبقي الضغط الأميركي هو الفيصل في ذلك.

ووفقاً لمطاوع، فإن إسرائيل ستواصل العراقيل وسط إدراك من ترمب أنه لن يحل كل المشاكل العالقة مرة واحدة، وأن هذه الاجتماعات المتواصلة تفكك العقبات، وسيراهن على بدء المرحلة الثانية في يناير (كانون الثاني) المقبل، تأكيداً لعدم انهيار الاتفاق.