تباين دولي إزاء ضربات تحجيم هجمات الحوثيين في البحر الأحمر

الجماعة توعدت بالانتقام وحلفاؤها يستنكرون

استغلت الجماعة الحوثية حرب غزة لحشد مزيد من المسلحين وجمع الأموال (رويترز)
استغلت الجماعة الحوثية حرب غزة لحشد مزيد من المسلحين وجمع الأموال (رويترز)
TT

تباين دولي إزاء ضربات تحجيم هجمات الحوثيين في البحر الأحمر

استغلت الجماعة الحوثية حرب غزة لحشد مزيد من المسلحين وجمع الأموال (رويترز)
استغلت الجماعة الحوثية حرب غزة لحشد مزيد من المسلحين وجمع الأموال (رويترز)

لم تمر سوى ساعات منذ أنهى زعيم الحوثيين في اليمن خطبة توعد فيها بالاستمرار في تهديد السفن في البحر الأحمر ومقارعة أي قوة دولية تعترض جماعته، حتى جاء الرد عبر ضربات جوية وبحرية أميركية بريطانية تباينت المصادر في عددها، ففي حين قال الإعلام الغربي إنها بلغت نحو 60 هدفاً للجماعة في صنعاء و4 محافظات أخرى، أعلن الحوثيون أنها تجاوزت 70 ضربة.

وجاءت العملية، التي أعلن عنها الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، غداة قرار لمجلس الأمن الدولي، ندّد بهجمات الحوثيين، ودعا للتوقف عنها فوراً مع منح الدول الحق للدفاع عن مصالحها ضد التهديدات.

استهدفت الضربات نحو 60 هدفاً حوثياً في صنعاء ومناطق يمنية أخرى (أ.ب)

وفيما يرى مراقبون سياسيون أن الضربات كانت من باب «التحذير العنيف»، مستندين إلى تسرب أخبار بدئها قبل وقوعها، اعترفت الجماعة الموالية لإيران بمقتل 5 من مسلحيها وإصابة 6 آخرين فقط.

وبحسب واشنطن ولندن، جاءت الضربات رداً على الهجمات الحوثية التي استهدفت سفن الشحن والسفن العسكرية في البحر الأحمر، مع الإشارة إلى إمكانية شنّ ضربات مماثلة إذا استمر التهديد الحوثي في واحد من أهم ممرات التجارة العالمية.

الجماعة المدعومة من إيران استغلت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة لتحسين صورتها محلياً وإقليمياً والهروب من أزماتها الداخلية، من خلال شنّ هجمات ضد سفن الشحن التي تزعم أنها متجهة من إسرائيل وإليها بغضّ النظر عن جنسيتها، في سياق المساندة المزعومة للفلسطينيين، وفق اتهامات الحكومة اليمنية ومراقبين يمنيين.

وطبقاً لبيانات البحرية الأميركية، بلغت الهجمات الحوثية ضد السفن نحو 27 هجوماً منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بما في ذلك قرصنة السفينة الدولية «غالاكسي ليدر» واحتجاز طاقمها وتحويلها إلى مزار لأتباع الجماعة قبالة سواحل الحديدة.

استهدفت الضربات مواقع رادار ومخازن أسلحة وذخائر في عدة مناطق خاضعة للحوثيين (أ.ب)

يقول جوزيف فوتيل، قائد القيادة المركزية الأميركية الأسبق، لـ«الشرق الأوسط»: «أظن أن هذه الضربات مناسبة جداً نظراً للتهديد الذي يشكله الحوثيون، وأعتقد أيضاً أنها أتت متأخرة. إن الإدارة اتخذت الخطوة الصحيحة من خلال التأني، ثم الضرب بقوة ضد الحوثيين. ومن المهم أيضاً أننا نفذنا هذه المهمة مع تحالف من دول مسؤولة تدافع عن الحقوق الأساسية لحرية الملاحة». ويعتقد فوتيل أن «الوقت سيظهر ما إذا كانت الضربات ستردع الحوثيين، لكن علينا أن نكون مستعدين لمواصلة هذا المستوى من الضربات لإثبات إرادتنا في الاستمرار. هناك دائماً احتمال للتصعيد في التوتر في البحر الأحمر أو في المنطقة، لكن التخلي عن الحيرة المرتبطة بردّنا على هجمات الحوثيين المستمرة هي الطريقة الفضلى لاستعادة الردع».

ولا يرى القائد السابق لـ«سنتكوم» أن إيران تريد مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة، لكنه يقول: «الآن، وبعدما أظهرنا استعدادنا لضرب الحوثيين بقساوة، ستكون إيران التالية إذا لم يتغير سلوكها».

وانقسم الشارع اليمني بين محتج على الضربات، ولا سيما من هم في مناطق سيطرة الحوثيين، وبين مؤيد لها، خاصة في أوساط خصوم الجماعة، التي ينظر إليها بأنها أدخلت البلاد في أزمة من شأنها مضاعفة الحالة الإنسانية لأكثر من 18 مليون شخص يعتمدون على المساعدات الإنسانية.

في المقابل، أيّدت دول غربية مثل فرنسا وألمانيا هذه الضربات، ودعت روسيا إلى عقد جلسة لمجلس الأمن في سياق النكاية بواشنطن، في حين لقيت العملية تنديداً من طهران وأذرعها في المنطقة، وفي مقدمهم «حزب الله» اللبناني، وحركة «حماس» الفلسطينية.

وكان الإعلام الغربي أفاد على نطاق واسع قبل تنفيذ الضربات بأن واشنطن ولندن تستعدان لتنفيذها ضد أهداف حوثية في سياق عملية محدودة، وليست لها علاقة بتحالف «حارس الازدهار» الذي شكّلته واشنطن في ديسمبر (كانون الأول) الماضي لحماية السفن من الهجمات الحوثية.

تفاصيل الضربات

صرّح الرئيس الأميركي، جو بايدن، الخميس، أن بلاده وبريطانيا وجّهتا بنجاح ضربات للحوثيين رداً على هجمات الجماعة المدعومة من إيران على سفن في البحر الأحمر.

شنّ الحوثيون نحو 27 هجوماً ضد سفن الشحن في البحر الأحمر (أ.ف.ب)

وقال بايدن، في بيان: «بتوجيه مني، نفّذت القوات العسكرية الأميركية بالتعاون مع بريطانيا وبدعم من أستراليا والبحرين وكندا وهولندا ضربات ناجحة ضد عدد من الأهداف في اليمن التي يستخدمها الحوثيون لتعريض حرية الملاحة للخطر في أحد الممرات المائية الأكثر حيوية في العالم».

وفي حين أشار بايدن إلى أن الضربات ردّ مباشر على هجمات الحوثيين غير المسبوقة في البحر الأحمر باستخدام صواريخ بالستية مضادة للسفن، أعلن وزير دفاعه لويد أوستن أنّ الضربات استهدفت أجهزة رادار وبنى تحتيّة لمسيّرات وصواريخ، في مسعى لإضعاف قدرة الحوثيين على مهاجمة السفن التجاريّة في البحر الأحمر.

وقال أوستن، في بيان، إنّ «ضربات اليوم استهدفت مواقع مرتبطة بالطائرات بلا طيّار التابعة للحوثيّين والصواريخ البالستيّة وصواريخ كروز وقدرات الرادار الساحلي والمراقبة الجوّية».

وشدّد وزير الدفاع الأميركي على أنّ «إجراءات التحالف اليوم تبعث رسالة واضحة إلى الحوثيّين، مفادها أنّهم سيتحمّلون مزيداً من الأثمان إذا لم يُنهوا هجماتهم غير الشرعيّة».

توعدت واشنطن ولندن بضربات أخرى إذا لم يتوقف الحوثيون عن الهجمات (رويترز)

من جهتها، أوضحت القيادة المركزية الأميركية، في بيان، على منصة «إكس»، أن قواتها نفذت الجمعة، الساعة 2:30 صباحاً (بتوقيت صنعاء)، بالتنسيق مع المملكة المتحدة، وبدعم من أستراليا وكندا وهولندا والبحرين، ضربات مشتركة على أهداف الحوثيين لإضعاف قدرتهم على الاستمرار في هجماتهم غير القانونية والمتهورة على السفن الأميركية والدولية والسفن التجارية في البحر الأحمر.

وبحسب البيان، استهدف هذا العمل المتعدد الجنسيات أنظمة الرادار وأنظمة الدفاع الجوي ومواقع التخزين والإطلاق للهجوم أحادي الاتجاه على الأنظمة الجوية من دون طيار وصواريخ كروز والصواريخ الباليستية.

وأكدت القيادة المركزية الأميركية أنه لا علاقة لهذه الضربات بعمليات تحالف «حارس الازدهار»، وهو التحالف الدفاعي الذي يضم أكثر من 20 دولة تعمل في البحر الأحمر ومضيق باب المندب وخليج عدن.

وقال الجنرال مايكل كوريلا، قائد القيادة المركزية الأميركية: «إننا نحمل المسلحين الحوثيين ورعاتهم الإيرانيين الذين يزعزعون الاستقرار مسؤولية الهجمات غير القانونية والعشوائية والمتهورة على الشحن الدولي، التي أثرت على 55 دولة حتى الآن، بما في ذلك تعريض حياة مئات البحارة، بما في ذلك الولايات المتحدة، للخطر». وأضاف: «لن يتم التسامح مع أفعالهم غير القانونية والخطيرة، وستتم محاسبتهم».

من جهته، أكد رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، في بيان، الجمعة، أن المملكة المتحدة والولايات المتحدة، بدعم من كثير من الحلفاء الآخرين، شنّتا ضربات في اليمن. وأن القوات الجوية الملكية نفّذت ضربات ضد المنشآت العسكرية التي يستخدمها المتمردون الحوثيون في اليمن.

وقال سوناك: «في الأشهر الأخيرة، نفذت ميليشيا الحوثي سلسلة من الهجمات الخطيرة والمزعزعة للاستقرار ضد السفن التجارية في البحر الأحمر، وهو الأمر الذي يهدد السفن البريطانية وغيرها من السفن الدولية، ما تسبب في تعطيل كبير لإحدى الطرق التجارية الحيوية ورفع أسعار السلع الأساسية».

وتابع: «تحركاتهم المتهورة تخاطر بحياة الناس في البحر، وتؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن». وأضاف أنه «على الرغم من التحذيرات المتكررة من المجتمع الدولي، واصل الحوثيون تنفيذ هجمات في البحر الأحمر، بما في ذلك ضد السفن الحربية البريطانية والأميركية، التي وقعت هذا الأسبوع». وأكد أن «هذا لا يمكن أن يستمر. المملكة المتحدة ستدافع دائماً عن حرية الملاحة وحرية تدفق التجارة».

وعيد حوثي بالانتقام

توعد قادة الجماعة الحوثية، الجمعة، بالانتقام وعدم الرجوع عن مهاجمة السفن في البحر الأحمر التي يزعمون أن لها علاقة بإسرائيل، وذلك غداة دعوة زعيمهم الحوثي للتظاهر، الجمعة، في مختلف الميادين الخاضعة للجماعة والاستمرار في عمليات التجنيد وجمع الأموال.

قال زعيم الجماعة الحوثية إنه غير مهتم بالخسائر التي قد تتكبدها جماعته (أ.ف.ب)

واعترف المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، يحيى سريع، بأن القوات الأميركية والبريطانية شنّت 73 غارة استهدفت صنعاء ومحافظات الحديدة وتعز وحجة وصعدة، وأدت إلى مقتل 5 مسلحين وإصابة 6 آخرين.

وقال المتحدث الحوثي يحيى سريع، في بيان، إن الهجوم «لن يمر دون ردّ أو عقاب»، وإن جماعته لن تتردد في استهداف مصادر التهديد والأهداف المعادية كافة. في حين توعد محمد علي الحوثي، وهو ابن عم زعيم الجماعة، بأن هذه الضربات «لن تمر مرور الكرام»، وأنه «سيتم الردّ».

إلى ذلك، توعدت الجماعة، في بيان لمجلس حكمها الانقلابي، بأن «كل المصالح الأميركية البريطانية أصبحت أهدافاً مشروعة».

من ناحيته، قال القيادي في الجماعة، حسين العزي، على منصة «إكس»، إن جماعته «تعرضت لهجوم واسع من سفن وغواصات وطائرات حربية أميركية وبريطانية»، وإنه «سيتعين على أميركا وبريطانيا الاستعداد لدفع الثمن الباهظ وتحمل العواقب الوخيمة كافة». وفق تعبيره.

واستناداً لما أفاد به إعلام الجماعة الحوثية، استهدفت الضربات بـ4 غارات قاعدة «الديلمي» الجوية الملاصقة لمطار صنعاء في شمال المدينة، إضافة إلى ضربات في محيط مطار الحديدة ومناطق في مديرية زبيد جنوب مدينة الحديدة، وأخرى استهدفت معسكر كهلان شرق مدينة صعدة، وجبل الصمع غرب المدينة نفسها، ومنطقة طخية بمديرية مجز في صعدة حيث معقل الجماعة الرئيس.

وشملت الضربات مطار تعز الخاضع للجماعة (جنوب غرب) ومعسكر اللواء 22 بمديرية التعزية في تعز نفسها، إلى جانب مطار في مديرية عبس بمحافظة حجة الحدودية (شمال غرب).

تزعم الجماعة الحوثية أنها تناصر فلسطين عبر الهجمات في البحر الأحمر (إ.ب.أ)

ومع عدم ورود تفاصيل عما إذا كانت هذه الضربات استطاعت أن تضعف من قدرة الحوثيين على شنّ الهجمات البحرية، يتخوف مراقبون من لجوء الجماعة إلى الزوارق المفخخة ونشر الألغام البحرية، وهو ما سيكون له أثر كارثي على الملاحة التجارية وقوارب الصيادين.

الردود الدولية

تباينت ردود الأفعال الدولية إزاء الضربات الأميركية البريطانية للحوثيين في اليمن، بين تأييد لها كما هو موقف فرنسا ودول أوروبية أخرى مثل الدنمارك وألمانيا، وبين رفض لها كما هو موقف روسيا الداعي إلى اجتماع لمجلس الأمن، فضلاً عن إيران وبقية الجماعات الموالية لها، وبين دعوات تشعر بالقلق وتدعو إلى ضبط النفس كما هو موقف السعودية.

شكّلت الولايات المتحدة تحالفاً دولياً لحماية الملاحة في البحر الأحمر (رويترز)

وفي بيان مشترك للدول المنفذة والمساندة للضربات، قال إن العملية جرى تنفيذها وفقاً لميثاق الأمم المتحدة، رداً على هجمات الحوثيين غير القانونية والخطيرة والمزعزعة للاستقرار ضد السفن، بما في ذلك سفن الشحن التجاري في البحر الأحمر.

ووقّعت على البيان حكومات الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأستراليا والبحرين وكندا والدنمارك وألمانيا وهولندا ونيوزيلندا وكوريا الجنوبية، حيث أفاد الموقعون بأن «الهدف من هذه الضربات الدقيقة هو تقويض وإضعاف قدرات الحوثيين التي يستخدمونها في تهديد التجارة العالمية وحياة البحارة الدوليين في أحد أهم الممرات المائية في العالم».

وأوضح البيان أن الغارات العسكرية «تؤكد الالتزام المشترك بحرية الملاحة والتجارة الدولية والدفاع عن حياة البحارة من الهجمات غير القانونية وغير المبررة».

وقال البيان إن الهدف المشترك لا يزال هو خفض التصعيد واستعادة الاستقرار في البحر الأحمر، وإنه في ضوء التهديدات المستمرة «لن نتردد في الدفاع عن الحيوات، وحماية التدفق الحر للتجارة في أحد أكثر الممرات المائية أهمية في العالم».

وجاء في بيان للخارجية السعودية أن المملكة «تتابع بقلق بالغ العمليات العسكرية التي تشهدها منطقة البحر الأحمر، والغارات الجوية التي تعرض لها عدد من المواقع في الجمهورية اليمنية».

قالت واشنطن إنها ليست بحاجة إلى إرسال مزيد من القوات إلى الشرق الأوسط (رويترز)

وأضاف البيان: «إذ تؤكد المملكة على أهمية المحافظة على أمن واستقرار منطقة البحر الأحمر التي تعد حرية الملاحة فيها مطلباً دولياً لمساسها بمصالح العالم أجمع، لتدعو إلى ضبط النفس وتجنب التصعيد في ظل ما تشهده المنطقة من أحداث».

من جهتها، أعربت الخارجية العمانية، في بيان، أنها تتابع بقلق بالغ تطورات القصف الأميركي البريطاني الذي طال عدة مدن يمنية، وقالت إنه لا يمكنها إلا أن «تستنكر اللجوء لهذا العمل العسكري من قبل دول صديقة، بينما تتمادى إسرائيل في قصفها وحربها الغاشمة وحصارها لقطاع غزة دون حساب أو عقاب».

من ناحيته، ندّد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بما وصفه بالردّ «غير المتناسب» ضد الحوثيين، وأضاف في تصريحات صحافية، الجمعة: «كل هذه التصرفات تشكل استخداماً غير متناسب للقوة». وتابع: «أميركا وإسرائيل تستخدمان القوة غير المتناسبة نفسها ضد الفلسطينيين، والبريطانيون يسيرون على خطى الولايات المتحدة. إنهم يسعون إلى إحداث حمام دم في البحر الأحمر».

وفي سياق التأييد، أعلنت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك تأييد حكومة بلادها للضربة العسكرية، وقالت في أعقاب لقاء مع نظيرها الماليزي محمد حسن، في العاصمة الماليزية كوالالمبور، اليوم (الجمعة)، إن «ردّ الفعل يحظى بتأييدنا السياسي».

وانتقدت بيربوك الحوثيين، قائلة إنهم يهددون بأعمالهم العدائية أمن الملاحة البحرية الدولية المدنية، ويشكلون خطراً على التجارة العالمية، ويعرضون حياة البشر للخطر بلا اعتبار.

روسيا هي الأخرى ندّدت بالضربات، ووصفتها بأنها خطوة تفضي «إلى التصعيد». وأكد الناطق باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، أمام صحافيين، إدانة الضربات التي اعتبرها «غير مشروعة بموجب القانون الدولي».

وفي حين ندّدت وزارة الخارجية العراقية، في بيان، بالهجمات قالت إن «توسيع دائرة الاستهدافات لا يمثل حلاً للمشكلة، وإنما سيدفع لاتساع نطاق الحرب»، مع تأكيدها على «وجوب الحفاظ على حرية الملاحة في المياه الدولية».

إلى ذلك، أكدت الكويت أنها تتابع بقلق واهتمام بالغين تطورات الأحداث في منطقة البحر الأحمر إثر الهجمات، وشددت في بيان للخارجية على «أهمية حفظ الأمن والاستقرار في منطقة البحر الأحمر، وتأمين حرية الملاحة في الممرات كافة».

توعد الحوثيون بالردّ على الضربات الأميركية والبريطانية وسط مخاوف دولية من التصعيد في الشرق الأوسط (رويترز)

ونقلت «رويترز» عن متحدث باسم حلف شمال الأطلسي، الجمعة، قوله إن الضربات التي شنّها الجيشان الأميركي والبريطاني ضد الحوثيين في اليمن كانت «دفاعية، وتهدف إلى حماية حرية الملاحة في أحد أهم الممرات المائية في العالم».

وأضاف المتحدث: «القوات الحوثية تتلقى دعماً وإمداداً وعتاداً من إيران. لذلك على إيران مسؤولية خاصة للسيطرة على وكلائها».

كما نقلت الوكالة عن المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية، باتريك رايدر، الجمعة، أن الولايات المتحدة ليست لديها خطط لإرسال قوات إضافية إلى منطقة الشرق الأوسط بعد أن شنّ الجيشان الأميركي والبريطاني ضربات على قوات الحوثيين في اليمن.


مقالات ذات صلة

تقرير دولي يتهم مخابرات الحوثيين بالسيطرة على المساعدات الإنسانية

العالم العربي جهاز مخابرات الحوثيين اعتقل عشرات الموظفين الأمميين وعمال المنظمات الدولية والمحلية (إعلام حوثي)

تقرير دولي يتهم مخابرات الحوثيين بالسيطرة على المساعدات الإنسانية

اتهم تقرير دولي حديث مخابرات الحوثيين بالسيطرة طوال السنوات الماضية على المساعدات الإنسانية وتوجيهها لخدمة الجماعة الانقلابية وتعطيل المشاريع الإغاثية

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أفراد من خدمة الإسعاف الإسرائيلي يشاهدون مكان انفجار صاروخ أطلقه الحوثيون (رويترز) play-circle 00:37

صواريخ الحوثيين تزداد خطراً على إسرائيل بعد إصابة 23 شخصاً

باتت صواريخ الحوثيين المدعومين من إيران أكثر خطورة على إسرائيل، بعد إصابة نحو 23 شخصاً في تل أبيب، السبت، جراء انفجار صاروخ تبنت إطلاقه الجماعة.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي جانب من تجمع مسلَّحات حوثيات أثناء حملة تبرع للجبهات أطلقتها الجماعة في صنعاء (إكس)

«زينبيات» الحوثيين يُرغِمن يمنيات على فعاليات تعبوية وأنشطة لصالح «المجهود الحربي»

أرغمت الجماعة الحوثية أخيراً مئات النساء والفتيات اليمنيات في 4 محافظات، على حضور فعاليات تعبوية ذات صبغة طائفية، والتبرع بالأموال لدعم الجبهات.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي موجة الصقيع تسببت العام الماضي في وفاة عدد من سكان المخيمات في اليمن (إعلام حكومي)

البرد يهدد حياة 67 ألف أسرة يمنية في مخيمات النزوح

أطلقت الوحدة الحكومية المعنية بمخيمات النازحين في اليمن نداءً عاجلاً لإنقاذ حياة آلاف الأسر التي تعيش في مخيمات النزوح بمحافظة مأرب جراء البرد القارس.

محمد ناصر (تعز)
شؤون إقليمية رجال الطوارئ الإسرائيليون يتفقدون حفرة في الموقع الذي سقط فيه مقذوف أطلق من اليمن في تل أبيب في وقت مبكر من اليوم السبت (أ.ف.ب)

إصابة 16 شخصاً في سقوط صاروخ وسط تل أبيب... و«الحوثي» يتبنى الهجوم

أعلن الجيش الإسرائيلي، اليوم (السبت)، أن صاروخاً أطلِق من اليمن أصاب الأراضي الإسرائيلية قرب تل أبيب بعد فشل محاولات اعتراضه.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

تقرير دولي يتهم مخابرات الحوثيين بالسيطرة على المساعدات الإنسانية

جهاز مخابرات الحوثيين اعتقل عشرات الموظفين الأمميين وعمال المنظمات الدولية والمحلية (إعلام حوثي)
جهاز مخابرات الحوثيين اعتقل عشرات الموظفين الأمميين وعمال المنظمات الدولية والمحلية (إعلام حوثي)
TT

تقرير دولي يتهم مخابرات الحوثيين بالسيطرة على المساعدات الإنسانية

جهاز مخابرات الحوثيين اعتقل عشرات الموظفين الأمميين وعمال المنظمات الدولية والمحلية (إعلام حوثي)
جهاز مخابرات الحوثيين اعتقل عشرات الموظفين الأمميين وعمال المنظمات الدولية والمحلية (إعلام حوثي)

اتهم تقرير دولي حديث مخابرات الحوثيين بالسيطرة، طوال السنوات الماضية، على المساعدات الإنسانية وتوجيهها لخدمة الجماعة الانقلابية، وذكر أن عدداً من كبار المسؤولين فيما يُسمَّى «جهاز الأمن والمخابرات»، شاركوا في استهداف العاملين في مجال حقوق الإنسان وتعطيل المشاريع الإنسانية في سبيل جني الأموال وتجنيد عملاء في مناطق سيطرة الحكومة، بهدف إشاعة الفوضى.

التقرير الذي يستند إلى معلومات استخباراتية مفتوحة المصدر، وأعدَّه مركز مكافحة التطرف، ذكر أن كثيراً من كبار المسؤولين في المخابرات الحوثية شاركوا في استهداف العاملين بمجال حقوق الإنسان، ونشر التطرف بين جيل من اليمنيين (بمن في ذلك الأطفال)، وتعطيل المشاريع الإنسانية في البلاد من أجل جني مكاسب مالية شخصية، وإدارة شبكات مالية ومشتريات غامضة، وتجنيد العملاء لزرع الفوضى والدمار في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة الشرعية.

عبد الحكيم الخيواني رئيس جهاز مخابرات الحوثيين مجتمعاً مع رئيس مجلس الحكم الانقلابي مهدي المشاط (إعلام حوثي)

ورأى التقرير أن المنظمات الدولية فشلت في صدّ مسؤولي المخابرات الحوثية الذين يمارسون السيطرة على مشاريعها أو ينسبون الفضل إليهم. وقال إنه، ومع أن الوضع الإنساني حساس للغاية؛ حيث يحتجز الحوثيون شعبهم رهينة ولا يعطون قيمة كبيرة للحياة البشرية، من الواجب اتخاذ تدابير إضافية للكشف عن مسؤولي المخابرات ومنعهم مِن استغلال أنشطة المنظمات الإنسانية.

واستعرض التقرير الدور الذي يلعبه جهاز مخابرات الحوثيين في التحكُّم بالمساعدات الإنسانية. وقال إن الحوثيين قاموا بحل الجهة المكلَّفة السيطرة على المساعدات، المعروفة باسم مجلس تنسيق الشؤون الإنسانية، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ونقلوا مسؤولياتها إلى وزارة الخارجية ووزارة العمل والشؤون الاجتماعية في الحكومة الانقلابية غير المعترَف بها.

وأكد أن جهاز المخابرات الحوثي كان شريكاً رئيسياً لذلك المجلس في جمع المعلومات عن المنظمات الإنسانية وأنشطتها، وكذلك في فرض مطالبهم عليها. ومع ذلك، يؤكد التقرير أن حل المجلس لا يشير بالضرورة إلى نهاية مشاركة جهاز المخابرات في السيطرة على المساعدات وتحويلها.

استمرار السيطرة

نبَّه التقرير الدولي إلى أنه، وقبل أقل من شهرين من نقل مسؤوليات هذا المجلس إلى وزارة الخارجية في الحكومة الحوثية غير المعترف بها، تم تعيين عبد الواحد أبو راس نائباً لوزير الخارجية، وكان يشغل في السابق منصب وكيل المخابرات للعمليات الخارجية.

وبيّن التقرير سيطرة جهاز المخابرات على مجلس تنسيق الشؤون الإنسانية من خلال تسلُّل أفراده إلى مشاريع المساعدات، واحتجازه للعاملين في مجال المساعدات، وتعيين رئيس الجهاز عبد الحكيم الخيواني عضواً في مجلس إدارة المجلس.

عبد الواحد أبو راس انتقل إلى خارجية الحوثيين مع نقل صلاحيات تنسيق المساعدات الإنسانية معه (إعلام محلي)

ورجَّح مُعِدّ التقرير أن يكون نَقْل أبو راس إلى وزارة الخارجية مرتبطاً بنقل صلاحيات تنسيق المساعدات الإنسانية إلى هذه الوزارة، ورأى أن ذلك سيخلق رابطاً جديداً على مستوى عالٍ بين المخابرات والجهود المستمرة التي يبذلها الحوثيون لتحويل المساعدات الإنسانية، بعد انتهاء ولاية مجلس تنسيق الشؤون الإنسانية.

وأشار التقرير إلى أن حل المجلس الحوثي الأعلى لتنسيق الشؤون الإنسانية قد يكون نتيجة لضغوط دولية متزايدة على المنظمات الإنسانية لوقف التعاون مع هذه الهيئة الحوثية المعروفة بتعطيل وتحويل المساعدات.

ولاحَظَ التقرير أن مشكلة تحويل المساعدات من قبل الحوثيين كانت مستمرة لمدة تقارب عقداً من الزمن قبل إنهاء عمل هذا المجلس. وقال إنه ينبغي على الأقل استهداف هؤلاء الأفراد من خلال العقوبات وقطعهم عن الوصول إلى النظام المالي الدولي.

ومع مطالَبَة التقرير بانتظار كيف سيؤثر حل المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية على جهود تحويل المساعدات التي يبذلها الحوثيون، توقَّع أن يلعب أبو راس، المسؤول الكبير السابق في المخابرات العامة، دوراً رائداً في ضمان تخصيص أي موارد تدخل المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون لتعزيز مصالح سلطتهم.

استراتيجية أوسع

بشأن القيادي الحوثي، منتظر الرشيدي، الذي يشغل حالياً منصب مدير جهاز المخابرات في محافظة صنعاء، يذكر التقرير أنه يحضر الفعاليات الترويجية الحوثية الكبرى، مثل الافتتاح الكبير لمنشأتين طبيتين جديدتين في صنعاء (بتمويل من اليونيسيف) وافتتاح مشروع تنموي لبناء 20 وحدة سكنية جديدة.

طوال عقد وجَّه الحوثيون المساعدات الإنسانية لما يخدم مصالحهم (إعلام محلي)

وقال إنه من المرجح أن يكون هذا جزءاً من استراتيجية أوسع نطاقاً للحوثيين تهدف إلى الحصول على الفضل في أعمال البنية الأساسية، التي يتم تمويل كثير منها من قبل منظمات الإغاثة الإنسانية، بينما في الوقت نفسه يبتز جهاز المخابرات هذه الهيئات ذاتها ويضطهد موظفيها.

أما زيد المؤيد، فيشغل (بحسب التقرير) منصب مدير جهاز المخابرات الحوثية في محافظة إب؛ حيث يتخذ الحوثيون إجراءات وحشية بشكل خاص بسبب شكوك الجماعة تجاه سكان هذه المحافظة المختلفين مذهبياً.

ويورد التقرير أن الحوثيين وعدوا بالعفو عن أولئك الذين فرُّوا من حكمهم، فقط لكي يعتقل جهاز المخابرات ويعذب بعض العائدين. وقال إنه في حالة أخرى أصدروا مذكرة اعتقال بحق أطفال أحد المعارضين لهم في المحافظة.

وبحسب هذه البيانات، أظهر المؤيد مراراً وتكراراً أنه يدير إب وكأنها «دولة مافيا». وقال التقرير إنه في إحدى الحالات، كانت إحدى قريبات المؤيد تخطط للزواج من رجل من مكانة اجتماعية أدنى، وفقاً للتقسيم العرقي لدى الحوثيين، إلا أنه أمر جهاز المخابرات باختطاف المرأة لمنع الزواج.

الحوثيون متهمون بأنهم يديرون محافظة إب بطريقة عصابات المافيا (إعلام محلي)

وفي قضية منفصلة، يذكر التقرير أنه عندما أُدين أحد المنتمين للحوثيين بارتكاب جريمة قتل، اتصل المؤيد بالمحافظ للتأكد من عدم تنفيذ حكم الإعدام. وذكر أن المؤيد شغل سابقاً منصب مدير جهاز المخابرات في الحديدة؛ حيث ورد أنه أشرف على تهريب الأسلحة عبر مواني الحديدة الثلاثة (الحديدة، رأس عيسى، الصليف).

وفقاً لما جاء في التقرير، قام زيد المؤيد بتجنيد جواسيس للتسلل إلى الحكومة اليمنية، خصوصاً الجيش. وذكر التقرير أن الجواسيس الذين جنَّدهم كانوا مسؤولين عن بعض محاولات الاغتيال رفيعة المستوى ضد مسؤولين عسكريين يمنيين، بما في ذلك محاولة اغتيال رئيس أركان الجيش اليمني.

وسبق المؤيد في منصبه مديراً لجهاز المخابرات والأمن في إب العميد محمد (أبو هاشم) الضحياني، ويرجّح التقرير أنه خدم بسفارة الحوثيين في طهران قبل أن يتولى منصبه مديراً لجهاز المخابرات والأمن في إب.