قارب عمره 3 آلاف عام يُمنَح ولادة جديدة

«زامبراتيا» الأقدم في البحر المتوسط شاهدٌ على المهارات القبليّة

أقدم قارب في البحر المتوسط يولد من جديد (أ.ف.ب)
أقدم قارب في البحر المتوسط يولد من جديد (أ.ف.ب)
TT
20

قارب عمره 3 آلاف عام يُمنَح ولادة جديدة

أقدم قارب في البحر المتوسط يولد من جديد (أ.ف.ب)
أقدم قارب في البحر المتوسط يولد من جديد (أ.ف.ب)

يُنقَل أقدم قارب مخيط في البحر الأبيض المتوسط، المُسمَّى «زامبراتيا»، والبالغ عمره 3 آلاف عام، بعد أسابيع، من كرواتيا إلى فرنسا، ليخضع لعملية ترميم تُبقيه شاهداً على مهارات قبيلة هستريس.

تشرح العالِمة المتخصِّصة في الآثار المغمورة بالمياه إيدا كونساني أوهاتش التي قادت البحوث، أنّ «امتلاك قارب، بل سفينة، في ذلك الوقت، كان علامة مكانة في المجتمع القبلي»، موضحة أنّ «القدرة على بناء قارب كهذا هي بمنزلة القدرة في زمننا على بناء مركبة فضائية!».

عندما رُصِد حطام القارب للمرة الأولى في موقع يبعد 150 متراً من الشاطئ، وعلى عمق مترين ونصف متر فحسب، اعتقد العلماء أنه يعود إلى العصر الروماني، بُنيَ وفقاً لتقنية قديمة تتمثّل في خياطة الألواح معاً بالأوتار، أو الجذور، أو الألياف النباتية.

بحر زامبراتيا حاضنُ الحكايات العتيقة (أ.ف.ب)
بحر زامبراتيا حاضنُ الحكايات العتيقة (أ.ف.ب)

لكنّهم فوجئوا، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية»، بأنّ التحاليل بتقنية الكربون 14 قدّرت عمر القارب بأكثر من 3 آلاف عام، ومن المُحتمل تالياً أن يكون بُنِيَ بين نهاية القرن الثاني عشر ونهاية القرن العاشر قبل الميلاد، وهي مرحلة انتقالية بين العصر البرونزي وعصر الحديد.

أعقبت هذا الاكتشاف بحوث علمية لسنوات، كان من أبرز مَن تولّى إجراءها خبراء من مختبر بحوث الآثار والتاريخ القديم في مركز كامِيّ جوليانّ في إيكس آن بروفانس بفرنسا.

وقالت أوهاتش: «يمكننا أن نفترض أنه كان قارباً مخصَّصاً للملاحة السريعة، على طول الساحل أو في المضايق النهرية بمنطقة شمال البحر الأدرياتيكي».

كان 7 إلى 9 جذافين يقودون هذا القارب الذي لا ساري له، واستُخدِم لعمليات سريعة في البحر. وعلى متن هذه القوارب، مارَس الهستريون القرصنة على مدى القرون التالية، باعتراض قوارب الرومان خلال نقلهم الحبوب لتموين قواتهم.

ويُعتقد أنّ قبيلة هستريس التي أعطت اسمها لمنطقة إستريا، استخدمت هذا القارب البالغ طوله نحو 10 أمتار، وبقيَ نحو ثلثه محفوظاً بشكل جيد نسبياً.

وخيطت الألواح بعضها ببعض بواسطة حبال من ألياف نباتية لم تبقَ محفوظة، لكنّ آثارها لا تزال بادية على الخشب. ووفق المؤرّخين، استخدم الهستريون شجيرة دائمة الخضرة تُسمى «المكنسة الإسبانية» لخياطة قواربهم.

واتّسمت عملية إخراج «زامبراتيا» من الماء بدقة عالية، محميةً، في البداية، بهيكل معدني صُمِّم لهذا الغرض. وفي يوليو (تموز) الماضي، انتُشل القارب المكوّن من 15 قطعة إلى السطح. بعد ذلك، نُظِّفَت كل قطعة بعناية وأُخضِعت لتحاليل، ووُضِعَت عليها علامات، ثم تُركت في حوض مصمَّم خصيصاً لتنقيتها من المياه المالحة.

المرمِّمة مونيكا بيتروفيتش واللمسات الأخيرة (أ.ف.ب)
المرمِّمة مونيكا بيتروفيتش واللمسات الأخيرة (أ.ف.ب)

وقالت المرمِّمة مونيكا بيتروفيتش: «نقيس ملوحة المياه، وسيكون (زامبراتيا) جاهزاً للمرحلة التالية من الحفظ في غرونوبل الفرنسية».

وعند انتهاء المرحلة الفرنسية النهائية، يُتوقع أن يعود المركب إلى موطنه ليُعرض بالقرب من البحر الذي كان يحميه طوال هذا الزمن.

فالألواح الخشبية بقيت آلاف السنين مغطّاة بالطحالب والرمال والطين البحري الذي كان يحميها؛ إذ باتت خالية من الأكسجين، ولا تسمح بتطوّر البكتيريا التي تتسبّب بتلف الخشب.

وقال ساسا رادين الذي نشأ في قرية زامبراتيا التي سُمّي القارب باسمها: «كنا نعرف منذ عقود بوجوده هناك، واعتدنا الغطس في الموقع عندما كنا أطفالاً (...)، لكننا لم نعلم أنه قديم إلى هذا الحد».


مقالات ذات صلة

4 عبارات يجب على الأزواج تجنبها في لحظات الخلاف

يوميات الشرق يمكن لما نقوله أن يعزز الثقة بيننا أو أن يخلق استياءً يُضعف الثقة تدريجياً (رويترز)

4 عبارات يجب على الأزواج تجنبها في لحظات الخلاف

يقول الأشخاص جُملاً لا تُحصى كل يوم تُشكّل علاقاتهم. وغالباً ما يكون التواصل السلبي غير مقصود، لكنه قد يُضعف الثقة تدريجياً بين طرفي العلاقة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك لا بد من أداء بعض النشاط البدني يومياً للحفاظ على الصحة والحيوية (رويترز)

10 أمور أساسية للتقدم في السن بصحة ورشاقة

التقدم في السن بشكل صحي لا يعتمد على الحظ، بل على الخيارات اليومية. فكيف نتقدم في السن بشكل صحيح وصحي؟

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق يمكن أن يكون اللطف وسيلة فعّالة لمساعدة الأطفال على الشعور بمزيد من الهدوء والسعادة (أرشيفية - رويترز)

في عالم تزيد فيه العدائية... كيف تربي أطفالاً لطفاء؟

في عالم تكثر فيه العدائية، قد يشعر الآباء بالقلق حيال كيفية تربية جيل أكثر لطفاً. ويمكن أن يكون اللطف وسيلة فعّالة لمساعدة الأطفال على الشعور بمزيد من السعادة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق العزلة تُضعف جودة النظام الغذائي لدى كبار السنّ (جامعة كاليفورنيا)

العزلة الاجتماعية تُفسد شهية كبار السنّ

النساء المُسنّات اللواتي يعانين عزلة اجتماعية مستمرّة أكثر عرضة لانخفاض استهلاكهن للفاكهة والخضراوات؛ ما يؤدّي إلى تراجع عام في شهيتهن وجودة نظامهن الغذائي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق فنٌّ خارج التوقّعات (إنستغرام)

لوحات فنّية «رسمتها» فئران تُباع في جميع أنحاء العالم

في تطوّر غير تقليدي، أنتجت فئران تملكها ممرّضة بيطرية في بريطانيا لوحات فنّية صغيرة بيعت للناس حول العالم.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«جائزة الفيصل» تكرّم رواداً في خدمة الإسلام والتاريخ والطب والعلوم

تكريم البروفيسور سعد الراشد عالم الآثار السعودي البارز (جائزة الملك فيصل)
تكريم البروفيسور سعد الراشد عالم الآثار السعودي البارز (جائزة الملك فيصل)
TT
20

«جائزة الفيصل» تكرّم رواداً في خدمة الإسلام والتاريخ والطب والعلوم

تكريم البروفيسور سعد الراشد عالم الآثار السعودي البارز (جائزة الملك فيصل)
تكريم البروفيسور سعد الراشد عالم الآثار السعودي البارز (جائزة الملك فيصل)

توَّج الأمير فيصل بن بندر بن عبد العزيز، أمير منطقة الرياض، الفائزين بـ«جائزة الملك فيصل لعام 2025»، خلال حفل أُقيم في العاصمة السعودية، مساء الاثنين، تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز.

وخلال حضوره نيابةً عن الأمير خالد الفيصل بن عبد العزيز، رئيس هيئة الجائزة، بارك الأمير تركي الفيصل بن عبد العزيز رئيس مجلس إدارة مركز الملك فيصل للدراسات والبحوث للفائزين هذا التكريم، مُنوّهاً بما استشرفه الملك فيصل بن عبد العزيز للسعودية بأن تكون «مصدر إشعاع للإنسانية»، ومشيداً بجهود القيادة التي «إن رأت أمامنا أبواباً موصدة للرقي والازدهار فتحتها، وإن وجدت أمامنا نوافذ مغلقة للرفعة والافتخار شرعتها».

حفل التكريم السنوي شهد حضور الأمير فيصل بن بندر والأمير تركي الفيصل (جائزة الملك فيصل)
حفل التكريم السنوي شهد حضور الأمير فيصل بن بندر والأمير تركي الفيصل (جائزة الملك فيصل)

ووسط حضورٍ واسع، احتفى الحفل بالفائزين تقديراً لإنجازاتهم الرائدة التي أسهمت في خدمة البشرية، وتعزيز المعرفة، وشملت الجائزة 6 فائزين بارزين في مجالات خدمة الإسلام، والدراسات الإسلامية، والطب والعلوم.

وكُرِّم بفرع «خدمة الإسلام»، بالاشتراك، مصحف تبيان من جمعية «لأجلهم» لخدمة ذوي الإعاقة في السعودية، لمبررات تقديم معاني القرآن الكريم بلغة الإشارة عبر تطبيق إلكتروني تفاعلي، حيث يُعد هذا المشروع الأول من نوعه عالمياً بإتاحته لأفراد المجتمع من ذوي الإعاقة السمعية فهم وتدبر القرآن، وساهم في تعزيز الشمولية في التعليم الإسلامي. وتسلّم الجائزة الأمير فيصل بن عبد الرحمن الرئيس التنفيذي للجمعية «لأجلهم».

الأمير فيصل بن عبد الرحمن يلقي كلمة بعد تكريم جمعية «لأجلهم» (جائزة الملك فيصل)
الأمير فيصل بن عبد الرحمن يلقي كلمة بعد تكريم جمعية «لأجلهم» (جائزة الملك فيصل)

وذهبت الجائزة ذاتها إلى سامي المغلوث، المستشار بـ«هيئة المساحة والمعلومات الجيومكانية» السعودية، لجهوده الاستثنائية في توثيق التاريخ الإسلامي بإعداده أكثر من 40 أطلساً تاريخياً وجغرافياً تناولت مختلف مراحله، وشخصياته، وآثاره، وتُرجمت عديد منها إلى لغات عالمية، وأسهمت في نشر المعرفة التاريخية الإسلامية على نطاق واسع.

وتُوِّج في فرع «الدراسات الإسلامية»، الذي تناول هذا العام «آثار الجزيرة العربية»، بالاشتراك، البروفيسور سعد الراشد، عالم الآثار السعودي البارز؛ لإسهاماته الأساسية في دراسة النقوش الإسلامية والتراث الأثري لشبه الجزيرة العربية، وكذلك البروفيسور سعيد السعيد؛ لأعماله المقارنة في دراسة النقوش والكتابات القديمة في الجزيرة العربية، وإسهاماته في فهم الحضارات السابقة للإسلام.

الدكتور عبد العزيز السبيل أثناء تقديمه الفائزين خلال الحفل (جائزة الملك فيصل)
الدكتور عبد العزيز السبيل أثناء تقديمه الفائزين خلال الحفل (جائزة الملك فيصل)

وكشف الدكتور عبد العزيز السبيل، الأمين العام للجائزة، عن حجب فرع «اللغة العربية والأدب» هذا العام الذي اهتم بـ«دراسات الهوية في الأدب العربي»؛ لعدم تحقيق الأعمال المرشحة المعايير.

وفاز في فرع «الطب»، وموضوعه هذا العام «العلاج الخلوي»، البروفيسور الكندي ميشيل سادلين، الأستاذ بمركز «ميموريال سلون كيترينغ للسرطان» في الولايات المتحدة؛ لقيادته الفريق الذي قام بتصميم واختبار علاجات CAR-T مبتكرة، حققت نتائج سريرية فعّالة في علاج سرطانات الدم، وأظهرت مؤخراً فاعلية واعدة في أمراض المناعة الذاتية والأورام الصلبة.

البروفيسور الكندي ميشيل سادلين لدى إلقائه كلمته بعد تتويجه (جائزة الملك فيصل)
البروفيسور الكندي ميشيل سادلين لدى إلقائه كلمته بعد تتويجه (جائزة الملك فيصل)

أما فرع «العلوم»، عن «الفيزياء» هذا العام، فقد كُرِّم فيه البروفيسور الياباني سوميو إيجيما، الأستاذ بجامعة ميجو اليابانية؛ لمبررات منها اكتشافه الرائد لأنابيب الكربون النانوية باستخدام المجهر الإلكتروني، وما تبعه من تأسيس لحقل علمي جديد في علوم المواد وتكنولوجيا النانو، انعكس على تطبيقات واسعة في مجالات متعددة من الإلكترونيات إلى الطب الحيوي.

وأثنت الأمانة العامة لجائزة الملك فيصل في ختام الحفل على جهود كل من تعاون معها في الترشيح والتحكيم والاختيار، مشيدةً بالتغطية الإعلامية التي رافقت الحدث.