رئيس الجزائر يقيل مدير الشرطة في «حادثة تسلل شاب إلى طائرة»

وتوقيف 10 ضباط وشرطي وفني مختص في صيانة الطائرات

مطار أورلي الباريسي (حساب المطار بالإعلام الاجتماعي)
مطار أورلي الباريسي (حساب المطار بالإعلام الاجتماعي)
TT

رئيس الجزائر يقيل مدير الشرطة في «حادثة تسلل شاب إلى طائرة»

مطار أورلي الباريسي (حساب المطار بالإعلام الاجتماعي)
مطار أورلي الباريسي (حساب المطار بالإعلام الاجتماعي)

بينما أعلنت محكمة غرب الجزائر، توقيف 10 ضباط وشرطي وفني مختص في صيانة الطائرات، إثر اتهامهم في قضية تسلل شاب إلى طائرة تابعة للخطوط الجوية الجزائرية، نهاية الشهر الماضي، عزلت الرئاسة مدير الشرطة فريد بن شيخ، واستخلفته بضابط عُرف خلال الاقتتال الدامي مع الجماعات الإرهابية في تسعينات القرن الماضي.

وقالت النيابة بـ«محكمة العثمانية» بمحافظة وهران (430 كلم غرب العاصمة) في بيان، الاثنين، إن قاضي التحقيق لدى ذات المحكمة، أمر، الأحد، بسجن رجال الشرطة والميكانيكي العاملين بمطار المدينة، «على خلفية حادثة تسلل شخص إلى غرفة نظام طي العجلات بطائرة تابعة لشركة الخطوط الجوية الجزائرية، في رحلتها المتوجهة إلى مطار أورلي بباريس (فرنسا) بتاريخ 28 ديسمبر (كانون الأول) 2023».

مدير الشرطة المعزول فريد بن شيخ (الشرطة الجزائرية)

وأكد البيان، أن الإجراء القضائي اتخذ، تبعاً لنتائج التحقيق الابتدائي، الذي أجرته مصالح التحقيق التابعة للمديرية العامة للأمن الداخلي (المخابرات)، بشأن الحادثة، التي أثارت زلزالاً في جهاز الأمن الوطني الذي يملك تعداداً يفوق 200 ألف عنصر.

ووفق البيان، وجّه القضاء، للمعنيين تهم «ارتكاب فعل غير عمدي، من شأنه تعريض الأشخاص الموجودين داخل الطائرة للهلاك، وتعريض حياة الغير وسلامتهم الجسدية مباشرة للخطر، وارتكاب عمل يعرض أمن الطائرة للخطر»، مشيراً إلى أن التهم يشملها قانون العقوبات والقانون المحدد للقواعد العامة المتعلقة بالطيران المدني.

وأخذت هذه التطورات معها، مدير عام الأمن الوطني فريد بن شيخ، الذي عُزل الاثنين من منصبه، واستخلفه مراقب الشرطة علي بدوي، الذي استلم مهامه في اليوم ذاته، خلال مراسم أشرف عليها وزير الداخلية إبراهيم مراد بالعاصمة. ولم تذكر السلطات أن سبب إبعاد بن شيخ هو «حادثة تسلل الشاب إلى عجلة الطائرة»، لكن تزامن سجن كوادر الشرطة مع تنحيته، يفهم منه تحميل بن شيخ مسؤولية التقصير الأمني الذي وقع في «مطار وهران الدولي».

طائرة تابعة للخطوط الجوية الجزائرية بمطار وهران (الشرق الأوسط)

وقضى بن شيخ قرابة 3 سنوات على رأس أحد أهم الأجهزة الأمنية في البلاد، إلى جانب سلاح الدرك والأمن الداخلي. أما علي بدوي، فقد اشتغل طويلاً مديراً للأمن بمحافظة بومرداس (50 كلم شرق العاصمة)، حيث قاد عمليات محاربة الإرهاب بالمنطقة التي كانت معقلاً لـ«الجماعة السلفية للدعوة والقتال»، وبعدها «تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي».

ويشار بالمناسبة، إلى وجود مدير شرطة سابق في السجن منذ 4 سنوات، هو اللواء عبد الغني هامل المتهم في قضايا فساد، مرتبطة بفترة حكم الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة.

وكان لافتاً، أن السلطات تعتزم إنزال عقوبات شديدة في قضية المهاجر السرّي، الذي يعالج حالياً في مشفى باريسي. ففي بيان أصدرته الخميس الماضي، قالت رئاسة الجمهورية، إنها كلفت مدير المخابرات اللواء جمال كحال بالتحقيق في الحادثة، وأبرزت أنه تم «تحديد المسؤولية المباشرة لسبعة من موظفي المديرية العامة للأمن الوطني بشرطة الحدود، بالإضافة إلى المحافظ رئيس الفرقة الثانية لشرطة الحدود بمطار وهران، وعميد الشرطة المكلف بأمن المطار».

مطار أورلي الباريسي (حساب المطار بالإعلام الاجتماعي)

كما كشف التحقيق حسب البيان ذاته، أن «المسؤولية المباشرة لفني ميكانيكي بالخطوط الجوية الجزائرية، لتمتد المسؤوليات من الناحية الإدارية، إلى المدير الفني التابع للخطوط الجوية الجزائرية، ومدير مطار وهران، والمدير الجهوي للمؤسسة الوطنية لتسيير المطارات بوهران». وتحدث البيان عن «إجراءات إدارية خاصة، ستتبع بعد ذلك، وستشمل المسؤولين الجهويين والمركزيين بالمديرية العامة للأمن الوطني».

وتضمن البيان اسم المهاجر السرّي، وهو مهدي رحماني، من دون تفاصيل عن هويته وإقامته، في حين قالت صحف فرنسية إن الشاب في الـ15 من عمره، وإن عمال الصيانة في مطار أورلي عثروا عليه مجمّداً دقائق بعد هبوط الطائرة.

وفي نظر مراقبين، يعد تكفل الرئاسة والأمن الداخلي بالقضية، دليلاً على قلق بالغ لدى أعلى هيئات في البلاد، من وجود ثغرات أمنية في جهاز أمن الحدود ونظام المراقبة بالملاحة الجوية.


مقالات ذات صلة

الجزائر: غياب الاستقطاب وعنصر التشويق عن حملة «الرئاسية»

شمال افريقيا عبد القادر بن قرينة (وسط) متزعم حملة مؤيدي الرئيس المترشح (إعلام الحملة)

الجزائر: غياب الاستقطاب وعنصر التشويق عن حملة «الرئاسية»

تجنب المرشحون تبادل الهجمات سواء كانت شخصية أو تتعلق بالبرامج في التجمعات الميدانية أو في التدخلات الدعائية عبر وسائل الإعلام.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الخلاف الجديد بين الجزائر وفرنسا حول الصحراء المغربية يعقّد مرة أخرى حلّ قضايا الذاكرة (أ.ف.ب)

خلاف الجزائر وفرنسا الجديد حول الصحراء يعقّد أكثر حلّ قضايا الذاكرة

الخلاف الجديد بين الجزائر وفرنسا حول الصحراء المغربية، الذي يأتي مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الجزائرية، يعقّد مرة أخرى حلّ قضايا الذاكرة.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا علي بن حاج نائب رئيس الجبهة الإسلامية للإنقاذ (حسابات ناشطين إسلاميين بالإعلام الاجتماعي)

سلطات الجزائر تضع بن حاج في الإقامة الجبرية بتهمة «الإرهاب»

محكمة في الجزائر العاصمة تضع الرجل الثاني بـ«الجبهة الإسلامية للإنقاذ» علي بن حاج في الإقامة الجبرية بعد توجيه تهم له، تتعلق بموقفه الرافض لانتخابات الرئاسة.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا طوارق مع عناصر في الجيش الجزائري أثناء نقل جرحى إلى المستشفى (خبير عسكري جزائري)

الجزائر تطالب بعقوبات ضد مالي بعد هجوم شنته فوق أراضيها

طالبت الجزائر بإنزال عقوبات دولية على الحكومة المالية، بعد الهجوم الذي شنّه الجيش المالي على مواقع للطوارق المعارضين في بلدة تقع على الحدود مع الجزائر.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا فتحي غراس رئيس حزب الحركة الديمقراطية رفقة زوجته (حسابه الشخصي على «فيسبوك»)

وضع المعارض الجزائري فتحي غراس تحت الرقابة القضائية

أمر قاضي تحقيق، الخميس، بوضع المعارض الجزائري فتحي غراس وزوجته تحت الرقابة القضائية.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

الجزائر: غياب الاستقطاب وعنصر التشويق عن حملة «الرئاسية»

عبد القادر بن قرينة (وسط) متزعم حملة مؤيدي الرئيس المترشح (إعلام الحملة)
عبد القادر بن قرينة (وسط) متزعم حملة مؤيدي الرئيس المترشح (إعلام الحملة)
TT

الجزائر: غياب الاستقطاب وعنصر التشويق عن حملة «الرئاسية»

عبد القادر بن قرينة (وسط) متزعم حملة مؤيدي الرئيس المترشح (إعلام الحملة)
عبد القادر بن قرينة (وسط) متزعم حملة مؤيدي الرئيس المترشح (إعلام الحملة)

انتهت حملة انتخابات الرئاسة الجزائرية المقررة يوم 7 سبتمبر (أيلول) الجاري، في غياب الاستقطاب السياسي الحاد، الذي يتابعه الجزائريون عادةً في الانتخابات الفرنسية، التي تعد النموذج الأقرب إليهم بحكم القرب الجغرافي، زيادة على الاعتبارات التاريخية ذات الصلة بالاستعمار.

واجتهد الرئيس المنتهية ولايته، المرشح لدورة ثانية، عبد المجيد تبون، والمرشح الإسلامي عبد العالي حساني، والمرشح اليساري يوسف أوشيش في تجمعاتهم، لإقناع الناخبين بـ«أهمية التصويت بكثافة لمنح الرئيس، الذي سيفرزه الصندوق، الشرعية اللازمة التي تمكنَه من حل المشكلات الداخلية، ومواجهة التحديات في الجوار». في إشارة إلى الاضطرابات في مالي والنيجر وليبيا، التي يُجمع المرشحون على أنها «مصدر تهديد لأمننا القومي».

عبد المجيد تبون (حملة المرشح)

وفي بعض التجمعات واللقاءات المباشرة مع المواطنين في الشوارع، بدا اهتمام المرشحين منصبّاً أكثر على الانتخابات بوصفها فعلاً سياسياً أو «واجباً وحقاً» كما ورد في خطاباتهم، أكثر من إقناع الناخبين ببرامجهم وبتعهداتهم.

وساد الهدوء الأسبوعين الأولين من الحملة، التي استمرت 21 يوماً حسب القانون، كما كان متوقعاً، من دون أحداث بارزة. وفي اللقاءات المقررة للأسبوع الثالث التي جرى أغلبها في العاصمة، لم تُعقد أي تجمعات جماهيرية كبيرة، باستثناء المهرجان الانتخابي الذي نظمه تبون في وهران، كبرى مدن غرب البلاد، يوم 25 من الشهر المنقضي، حيث جمع، حسب مديرية حملته الانتخابية، أكثر من 17 ألف شخص داخل قاعة للألعاب الرياضية، وحيث لوحظ حضور بعض المشاهير من بينهم بطلة أولمبياد باريس صاحبة الميدالية الذهبية في الملاكمة، إيمان خليف التي أثارت جدلاً أخذ بُعداً عالمياً بسبب حملة التنمر ضدها.

يوسف أوشيش مرشح «القوى الاشتراكية» في لقاء مع سكان حي بشرق البلاد (حملة المرشح)

وتجنب المرشحون تبادل الهجمات سواء كانت شخصية أو تتعلق بالبرامج، في التجمعات الميدانية أو في التدخلات الدعائية عبر وسائل الإعلام، الأمر الذي أفقد الانتخابات نكهة التشويق... واللافت، بهذا الخصوص، أن المرشحين أوشيش وحساني لم يوجّها أي انتقاد لحصيلة الولاية للرئيس تبون. أما الصحافة، فقد عدَّ معظمها أنها «كانت إيجابية»، ووفرت تغطية واسعة لعدد كبير من مؤيدي تبون، الأمر الذي استهجنه المرشح الإسلامي، عادّاً وسائل الإعلام «منحازة» إلى الرئيس المترشح، لكن من دون ذكره بالاسم.

وفي مناسبات عديدة، أبدى المرشحان المعارضان استياء من تعليقات ساخرة في وسائل الإعلام الاجتماعي، عدَّت «اللعبة محسومة للرئيس تبون»، وأنهما «يشاركان في الاستحقاق لغرض الديكور الانتخابي، ولمرافقة تبون إلى الأمتار الأخيرة من السباق ليفوز في النهاية».

وهيمنت القضايا الاقتصادية والاجتماعية على الحملة، وبخاصة القدرة الشرائية والإسكان، والبطالة وإنعاش الاقتصاد وتطوير بعض القطاعات مثل الزراعة، وفك العزلة عن المناطق النائية.

وأضفى رئيس «حركة البناء الوطني» عبد القادر بن قرينة، وهو أشد مؤيدي تبون ولاءً، مسحةً من الهزل على الحملة الدعائية بتصريحات أثارت جدلاً، كقوله إن «التملق (للرئيس) شعبة من شعب الإيمان»، أو الحديث الذي جمعه بأحد المواطنين في الشارع، حينما قال له إن «راتب 30 ألف دينار الذي تتقاضاه في بلدك، أفضل من 5 آلاف يورو التي يأخذها جزائري يعيش في سويسرا».

المرشح الإسلامي عبد العالي حساني مع أنصار حزبه جنوب غربي البلاد (حملة المرشح)

كما تم التركيز في الحملة على بعض القضايا الساخنة على الصعيد الدولي، مثل الوضع في غزة وفلسطين، فضلاً عن القضية الصحراوية التي أوجدت خلافاً شديداً مع المغرب، والتصريحات المتعلقة بفلسطين التي أدلى بها الرئيس المنتهية ولايته في قسنطينة (شرق)، وعبّر فيها عن «استعداد الجزائر لإنشاء ثلاثة مستشفيات ميدانية في غزة إذا تم فتح الحدود»، التي أثارت جدلاً كبيراً على وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام الأجنبية.

واضطرت حملة الرئيس المرشح إلى التحرك بسرعة لاحتواء الجدل الذي بدأ يتشكل على وسائل التواصل الاجتماعي، عندما تم تصوير شاب وهو يسجد أمام ملصق انتخابي لعبد المجيد تبون في الجزائر العاصمة. وكتبت الحملة في بيان نُشر يوم الثلاثاء 27 أغسطس (آب): «المرشح المستقل عبد المجيد تبون لا يمكنه قبول هذا النوع من التصرفات التي لطالما ناضل ضدها ورفضها، حتى وإن كانت صادرة عن مؤيديه».