عائلة غليزر تعقد صفقة ذكية لجني أرباح يونايتد من دون أي مساءلة

فتحت الطريق لوصول الأموال الأميركية إلى الكرة الأوروبية... والآن تلجأ إلى «البيع من دون بيع»

عائلة غليزر تدرك أن ملكية يونايتد بمثابة دجاجة تبيض ذهباً (غيتي)
عائلة غليزر تدرك أن ملكية يونايتد بمثابة دجاجة تبيض ذهباً (غيتي)
TT

عائلة غليزر تعقد صفقة ذكية لجني أرباح يونايتد من دون أي مساءلة

عائلة غليزر تدرك أن ملكية يونايتد بمثابة دجاجة تبيض ذهباً (غيتي)
عائلة غليزر تدرك أن ملكية يونايتد بمثابة دجاجة تبيض ذهباً (غيتي)

هل بدأت حقبة جديدة لمانشستر يونايتد؟ في الحقيقة، لم يحدث ذلك بالضبط. ووسط كل الضجة المثارة حالياً حول «إعادة الهيكلة» بالنادي في أعقاب استحواذ جيم راتكليف على حصة قدرها 25 في المائة من أسهم النادي - وكل الأحاديث عن تقليص الوظائف، والتقشف وشد الحزام، وتغيير شكل الفريق، ورحيل ومجيء الكثيرين في المناصب التنفيذية، واجتماعات بين راتكليف والمدير الفني لمانشستر يونايتد إريك تن هاغ، وطاقة جديدة داخل وخارج الملعب - كان من السهل أن ننسى أن التحكم في الأمور التجارية بالنادي لا يزال في أيدي عائلة غليزر الأميركية!

تجب الإشارة هنا إلى أن هيكل مانشستر يونايتد يُقسم الملكية إلى أسهم من الفئة الأولى، وأسهم من الفئة الثانية، لكن المسيطرين الحقيقيين على النادي هم أصحاب الأسهم من الفئة الثانية، التي يكون لها 10 أضعاف حقوق التصويت الخاصة بأسهم الفئة الأولى. لقد أنفق راتكليف نحو 1.6 مليار دولار لشراء ربع أسهم النادي من الفئتين الأولى والثانية. لكن بمجرد الموافقة على الصفقة، فإن غالبية ملكية الأسهم من الفئة الثانية، إلى جانب قوة التصويت والسيطرة على مجلس الإدارة، ستظل في أيدي عائلة غليزر. وإذا كان البعض يرى أن هذه هي بداية خروج العائلة الأميركية من استثمارها في مانشستر يونايتد، فمن الواضح أن هذا الخروج لن يكون سهلاً.

راتكليف اشترى رُبع الأسهم لكنه لا يملك القدرة على فرض كلمته على عائلة غليزر (رويترز)

لقد كانت ملكية عائلة غليزر لمانشستر يونايتد على مدار 18 عاماً بمثابة كارثة كبرى بالنسبة للنادي، الذي تدهور على مدى العقد الماضي وتحول من أكبر قوة في كرة القدم الإنجليزية إلى نادٍ في منتصف جدول ترتيب الدوري الممتاز يسعى جاهداً للتأهل إلى مسابقة الدوري الأوروبي! لكنه كان صفقة رائعة للغاية بالنسبة لعائلة غليزر، التي استغلت ملكيتها مراراً وتكراراً لإثراء نفسها على حساب النادي وإغراقه بمستويات عالية من الديون. لقد وصل إجمالي مدفوعات الأرباح منذ استحواذ عائلة غليزر على النادي في عام 2005، إلى 166 مليون جنيه إسترليني، لكن الجزء الأكبر منها ذهب إلى أفراد هذه العائلة.

وكجزء من الصفقة الجديدة، وافق راتكليف وعائلة غليزر على تجميد توزيع الأرباح لمدة 3 سنوات، لكن على المدى الطويل لن يؤدي أي شيء يتعلق باستثمار راتكليف في النادي إلى تعطيل هذا التدفق النقدي لعائلة غليزر أو نظام الشركة الذي يدعم ذلك؛ مثل التقرير السنوي للنادي لعام 2023 الذي يشير إلى أن «مجلس إدارتنا يتمتع بسلطة تقديرية كاملة فيما يتعلق بالإعلان عن أرباح الأسهم ودفعها، وسيتمكن حاملو أسهمنا العادية من الفئة الثانية (3 أرباعهم لا يزالون من عائلة غليزر) من التأثير على سياسة توزيع الأرباح لدينا».

وسيضخ راتكليف مبلغاً إضافياً قدره 300 مليون دولار في النادي للمساعدة في التخلص من الفوضى التي خلفتها عائلة غليزر على أرض الملعب، سواء بتجديد استاد أولد ترافورد أو دعم الفريق. لقد فتحت عائلة غليزر الطريق لوصول أموال كبيرة من الولايات المتحدة إلى كرة القدم الأوروبية، والآن يبدو أن العائلة بدأت في ابتكار طريقة أخرى كشكل من أشكال الخروج من مانشستر يونايتد، لكن من دون بيع النادي، وهو الأمر الذي يمنح غليزر كل مميزات الملكية، لكن دون أي مساءلة. لقد «باعت» العائلة الأميركية النادي وألقت مسؤولية عمليات كرة القدم على عاتق راتكليف دون أن تخسر أهم شيء لديها: الدخل الذي يولده مانشستر يونايتد للعائلة، والسلطة التي تحتفظ بها لنفسها. وبشكل عام، يمكن وصف هذه الصفقة بأنها كانت جيدة للغاية بالنسبة لعائلة غليزر.

إعلانات للترحيب بوصول راتكليف إلى مانشستر على أمل أن يكون رجل الإنقاذ للنادي المتعثر (أ.ف.ب)

في الحقيقة، غالباً ما يتم الحكم على المستثمرين بالطريقة نفسها التي يتم بها الحكم على المهاجمين في عالم كرة القدم: من خلال براعتهم في اللمسة الأخيرة! إن العائد الذي يحققه أي استثمار - الذي يتم الحكم عليه من خلال سعره المتاح نسبة إلى سعر الاستحواذ - يمثل معيار الأداء العالمي. وخلال السنوات الأخيرة، انهالت تدفقات رأس المال الأميركي على كرة القدم الإنجليزية في أعقاب استحواذ عائلة غليزر على مانشستر يونايتد (عائلة كروينكس في آرسنال، ومجموعة فينواي الرياضية بليفربول)، وإذا تمت عملية استحواذ شركة «777 بارتنرز»، التي تتخذ من ميامي مقراً لها، على إيفرتون، فإن هذا سيعني أن نصف فرق الدوري الإنجليزي الممتاز بالضبط ستكون تحت ملكية أميركية. لقد غزت الأموال الأميركية جميع الدوريات الكبرى في جميع أنحاء أوروبا: المالك الجديد لحصة الأقلية في نادي باريس سان جيرمان، على سبيل المثال، هو شركة الأسهم الخاصة «أركتوس بارتنرز»، التي تتخذ من نيويورك مقراً لها.

فما الذي تريده الأموال الأميركية بالضبط من كرة القدم الأوروبية؟ مع بداية تدفق الأموال الأميركية على الدوري الإنجليزي الممتاز، اعتقد كثيرون أن الأميركيين كانوا مهتمين بالأندية الإنجليزية لواحد من غرضين: كمشروعات يتفاخرون بها ويرضون بها غرورهم، أو كاستثمارات مالية مدرة للعائد. لكن يبدو أن غرض التفاخر لم يعد موجوداً، والدليل على ذلك أن معظم مُلاك الأندية من الأميركيين لا يحضرون المباريات من الأساس ولا يقحمون أنفسهم في الدراما التي تحدث على أرض الملعب، بل ويمنحون جميع الصلاحيات والمسؤوليات المتعلقة بإدارة عمليات كرة القدم إلى أشخاص آخرين لديهم خبرات كبيرة في هذا المجال، بل وإن شخصية مثل تود بوهلي، الذي بدا في البداية كأنه يبحث عن التفاخر والظهور الإعلامي وإدارة تشيلسي بطريقة غريبة كأنه عزبة خاصة به، قد تراجع عن ذلك ولم يعد يظهر كثيراً. ومن جهة أخرى، لا يبدو أن هذه الاستثمارات تحقق العائد المأمول. لقد بقي المشترون الأميركيون الأوائل في هذه الأندية لفترة أطول بكثير من دورة الحياة المعتادة لصناديق الاستثمار التي تتراوح من 5 إلى 10 سنوات: عائلة كروينكس تمتلك آرسنال منذ عام 2007، ومجموعة «فينواي» الرياضية تستحوذ على ليفربول منذ عام 2010، في الوقت الذي تقترب فيه عائلة غليزر من عقدها الثالث في مانشستر يونايتد. إن كل ما يتعلق بسلوك هؤلاء المستثمرين التاريخيين في الآونة الأخيرة ـ التنازل عن حصص الأقلية بدلاً من الخروج بالكامل - يشير إلى أنهم يعتزمون البقاء مسيطرين على أنديتهم إلى أجل غير مسمى.

جماهير مانشستر يونايتد لم تترك فرصة إلا وأعربت خلالها عن رفضها للعائلة الأميركية (رويترز)

ما يثير الفضول حقاً في ملكية عائلة غليزر لمانشستر يونايتد أن هذه الملكية تبدو الآن كأنها استثمار من دون أي أفق للخروج. يُعد الصبر هو الصفة الأساسية لأي مستثمر على المدى الطويل، لكن استثمارات عائلة غليزر في مانشستر يونايتد لا تتحلى بالصبر على الإطلاق. ونادراً ما يحقق النادي أرباحاً: وصلت خسائر النادي قبل الضرائب إلى 33 مليون جنيه إسترليني في عام 2023، و150 مليون جنيه إسترليني في عام 2022. ومع ذلك، فإن ما يحققه النادي هو الإيرادات، والكثير من الإيرادات في حقيقة الأمر - يُمكن لعائلة غليزر دائماً سحب جزء من هذه الإيرادات! وبالتالي، يبدو أنهم مهتمون بالبقاء في مانشستر يونايتد بسبب الأموال التي يدرها، وليس بسبب العائدات التي يمكن تحقيقها من خلال عملية بيع النادي بالكامل.

يشير الجغرافي الاقتصادي بريت كريستوفرز إلى أن الاقتصادات في العالم المتقدم موجهة الآن نحو شراء الأشياء بدلاً من القيام بها من البداية أو بنائها. وكتب كريستوفرز أن الحياة الاقتصادية اليوم يهيمن عليها صاحب الدخل، أو الشخص الذي يتلقى المدفوعات (الإيجار)، «نتيجة استحواذه على شيء ذي قيمة». إن الرأسمالية الريعية تعني ملكية الأشياء وليس ريادة أعمال، وتقوم على استخراج القيمة لا على بنائها من البداية. وبالتالي، ربما تكون أندية كرة القدم هي الأصل المثالي للرأسمالي الباحث عن الريع. وفي الأسواق الأخرى القائمة على الإيجار، مثل الإسكان والمرافق، تتطلب المنافسة على الخدمات سرعة معينة في دوران الاستثمارات المختلفة: يتمتع المستهلكون بحرية نقل أعمالهم إلى مكان آخر (على سبيل المثال، يمكن للمستأجرين الانتقال من منزل إلى آخر)، وهو ما يفرض ضغطاً على أصحاب الأصول لتعظيم الإيرادات والخروج من الاستثمار قبل أن تصبح قاعدة العملاء غير قادرة على الاستمرار.

لكن أندية كرة القدم تعدّ كيانات مختلفة تماماً، فعلى الرغم من أن المنافسة على أرض الملعب هي روح الرياضة على المستوى الاحترافي، فإن القاعدة الجماهيرية تكون متأصلة للغاية وثابتة لدرجة أنها تمنح كل نادٍ أماناً يشبه الاحتكار من المنافسة في المجال التجاري. في الحقيقة، يمثل كل نادٍ لكرة القدم أصلاً نادراً ـ بل وفريداً من نوعه ـ ويكون من الصعب للغاية خلق كيان مشابه له. فإذا كنت من مشجعي إيفرتون الغاضبين، على سبيل المثال، وأريد أن أشجع أي فريق آخر، فلن يكون لدي أي مكان أذهب إليه، لأنه لا يوجد نادٍ منافس آخر يقدم ما يقدمه إيفرتون. وبالتالي، فإن سوق اهتمام وولاء مشجعي إيفرتون له ممثل واحد فقط، وهو نادي إيفرتون. (قد يكون مانشستر يونايتد استثناءً لهذه القاعدة، لكن نادي يونايتد أوف مانشستر، الذي تم إنشاؤه من قبل المشجعين في عام 2005 رداً على استحواذ عائلة غليزر والذي يلعب الآن في الدرجة السابعة لكرة القدم الإنجليزية، لا يكاد يكون منافساً من الأساس لمانشستر يونايتد: فلكي تكون مشجعاً ليونايتد اليوم، لا يزال يتعين عليك حتماً متابعة ما يجري في نادي مانشستر يونايتد لكرة القدم والاهتمام به). ويجب أن نعرف أن المشجعين يكونون مخلصين لأنديتهم بطبيعتهم، ويتسامحون مع أي فشل أو تراجع يعاني منه الفريق. وهذا يجعل امتلاك نادٍ لكرة القدم، خصوصاً النادي الذي يتمتع بشعبية جماهيرية كبيرة، عرضاً استثمارياً جذاباً للغاية: فحتى لو تراجع أداء الفريق داخل الملعب لفترة طويلة، فإن قاعدته الجماهيرية (أو جزءاً كبيراً منها، على الأقل) ستظل كما هي.

وتحت ملكية عائلة غليزر، أصبح مانشستر يونايتد نموذجاً للعصر الجديد من الرأسمالية الريعية: كيان تجاري لديه قاعدة جماهيرية ضخمة ويحقق إيرادات كبيرة، وهي الأمور التي لا يمكن أن تتأثر بسبب تراجع الأداء داخل الملعب أو الفشل في التعاقد مع لاعبين جيدين. فلماذا تبيع عائلة غليزر هذا الأصل المثالي؟ لقد أكدت العائلة الأميركية بالفعل أنها لا تريد القيام بذلك، وكانت اللحظة الأكثر دلالة على ذلك هي رفضها للعرض المغري المقدم من الشيخ جاسم بن حمد آل ثاني للاستحواذ على النادي بالكامل. لقد أثبت هذا النادي أنه مكان مثالي في تحقيق الإيرادات الكبيرة، حتى في ظل تدهور النتائج على أرض الملعب. وبالتالي، قررت عائلة غليزر الاستمرار والضغط على النادي قدر المستطاع للحصول على الأموال التي تريدها.

وإذا كانت تجربة عائلة غليزر تمثل أي مؤشر - وأعتقد أنها كذلك، لأنها كانت أول من وصل إلى إنجلترا، والكثير من المالكين الأميركيين المليارديرات الآخرين في الدوري الإنجليزي الممتاز يأتون من نفس عالم التمويل المؤسسي الذي تنتمي إليه عائلة غليزر - فإن الهدف الحقيقي للاستثمارات الأميركية في كرة القدم الأوروبية لا يتمثل في تحسين الأندية، بل الحصول على العائدات والأرباح، مع القيام بالحد الأدنى لضمان السيطرة على النادي إلى أجل غير مسمى. وهذا يعني تعظيم الإيرادات، مع خفض التكاليف التشغيلية وتجنب أي نفقات رأسمالية قدر الإمكان.

تن هاغ مدرب يونايتد ومصير غير مضمون في ظل تضارب المصالح بالإدارة (رويترز)

ومن المتوقع أن تشهد السنوات المقبلة عمليات استحواذ أكثر، وليس أقل، على غرار ملكية عائلة غليزر لمانشستر يونايتد. قد لا يكون نموذج عائلة غليزر مفيداً للنادي، لكنه منطقي تماماً بالنسبة للمالك. سيتم رفع أسعار التذاكر، وإبرام صفقات بث جديدة، وسيتم التخطيط لقيام الفريق بجولات أكثر للخارج من أجل الحصول على مزيد من الأموال. وسيتم مقابلة المشجعين والاستماع إليهم، وسيتم ابتكار طرق جديدة للتفاعل مع الجمهور، ويفضل أن يكون ذلك مع مستويات من «العضويات» مدفوعة الأجر، وستتم صيانة الملاعب بشكل تدريجي. (لن يفكر أي شخص عاقل في بناء ملعب من الصفر، فمن الأفضل بكثير إضافة عدد جديد من المقاعد إلى ما هو موجود بالفعل!). وستركز بيانات النادي على الرموز الرقمية الجديدة التي يمكن للمشجعين شراؤها للتقرب من اللاعبين، و«امتلاك» جزء صغير غير مملوك للنادي بدلاً من رسوم الإدارة وأرباح الأسهم التي يدفعها المالكون بأنفسهم، والتي سيتم إدراجها بشكل سري في التقارير المالية.

سيجد المالكون الأكثر ذكاءً، مثل عائلة غليزر، شخصاً أحمق للقيام بكل أعمالهم القذرة - التعاقد مع اللاعبين المناسبين والتخلص من اللاعبين غير المناسبين، وتعيين المديرين الفنيين وإقالتهم، وتقليص الوظائف التي يجب الاستغناء عنها - بينما يستمرون هم في جني مزيد من الأموال والاستفادة من مميزات الملكية! لكن لن يتم النظر بجدية في البيع الكامل للنادي بأي حال من الأحوال، فالهدف النهائي للملكية في كرة القدم العالمية اليوم أن تكون مالكاً! إن الخروج الذي يسعى إليه هؤلاء المستثمرون ليس خروجاً على الإطلاق، بل هو نوع من الملكية الخالية من الالتزامات مدى الحياة.

*خدمة «الغارديان»


مقالات ذات صلة

الدوري الإنجليزي: صدارة ليفربول في امتحان صعب أمام توتنهام المتحفز

رياضة عالمية صلاح لوضع بصمته في قمة أخرى بالدوري الإنجليزي (إ.ب.أ)

الدوري الإنجليزي: صدارة ليفربول في امتحان صعب أمام توتنهام المتحفز

يخوض ليفربول منعطفاً صعباً في حملته نحو استعادة لقب بطولة الدوري الإنجليزي الممتاز، الغائب عنه منذ موسم 2019 - 2020، حينما يحل ضيفاً على توتنهام هوتسبير غداً

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية مسيرة مودريك الكروية تتعرض لخطر الانهيار (إ.ب.أ)

إخفاق مودريك في اختبار المنشطات سيقوده إلى ممارسة «كرة الطاولة»

غالباً ما يشعر الأشخاص الذين يلتقون بميخايلو مودريك بأن هناك حاجزاً بينهم وبينه. وسواء كان ذلك عن قصد أو من غير قصد، فإن الغموض يحيط بهذا اللاعب الشاب الخجول

جاكوب شتاينبرغ (لندن)
رياضة عالمية إيمري متفاجئ مما يحدث لغوارديولا (رويترز)

إيمري: متفاجئ مما يحدث لغوارديولا... لكنه ما زال الأفضل

قال الإسباني يوناي إيمري، المدير الفني لفريق أستون فيلا، إن مُواطنه ونظيره في مانشستر سيتي، جوسيب غوارديولا، ما زال المدرب الأفضل بالعالم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية أرتيتا قال إنه لا يفكر بتدريب فريق آخر في الوقت الراهن (أ.ف.ب)

أرتيتا: لا أتخيل نفسي مدرباً لغير «آرسنال»

أكد ميكيل أرتيتا، المدير الفني لفريق آرسنال الإنجليزي لكرة القدم، أنه لا يفكر كثيراً في مستقبله على المدى الطويل.

«الشرق الأوسط» (لندن )
رياضة عالمية يصف موظفو مانشستر يونايتد راتكليف بأنه قاسٍ ولكنه عادل (رويترز)

راتكليف يتبنى نهجاً قاسياً في مانشستر يونايتد... وراشفورد أبرز ضحاياه

يسعى السير جيم راتكليف لإحداث ثورة في مانشستر يونايتد وإخراجه من الفوضى ومساعدته على أن يصبح آلة لا تتوقف عن تحقيق الفوز، ويمتلك بالفعل العنصر الحيوي الذي كانت

جيمي جاكسون (لندن)

نافاس عشية اعتزاله: الإصابة تمنعني حتى من اللعب مع أطفالي!

خيسوس نافاس يستعد لتوديع الملاعب هذا الأسبوع (إ.ب.أ)
خيسوس نافاس يستعد لتوديع الملاعب هذا الأسبوع (إ.ب.أ)
TT

نافاس عشية اعتزاله: الإصابة تمنعني حتى من اللعب مع أطفالي!

خيسوس نافاس يستعد لتوديع الملاعب هذا الأسبوع (إ.ب.أ)
خيسوس نافاس يستعد لتوديع الملاعب هذا الأسبوع (إ.ب.أ)

ستُطوي هذا الأسبوع إحدى الصفحات الأكثر مجداً في تاريخ كرة القدم الإسبانية.

وبحسب شبكة «The Athletic»، من المقرر أن يخوض خيسوس نافاس مباراته رقم 943 والأخيرة مع الفريق الأول بعد ظهر يوم الأحد؛ حيث يسافر إشبيلية إلى سانتياغو برنابيو لمواجهة ريال مدريد في الدوري الإسباني.

خلال ما يقرب من 22 عاماً بوصفه لاعباً كبيراً، فاز نافاس بـ8 ألقاب مع إشبيلية (بما في ذلك 4 كؤوس الاتحاد الأوروبي)، و3 ألقاب مع مانشستر سيتي (بما في ذلك لقب الدوري الإنجليزي الممتاز 2013 - 2014)، و4 ألقاب دولية مع إسبانيا (بما في ذلك كأس العالم 2010 ويورو 2024).

على مرّ السنين، تطور الجناح السريع الذي نشأ في فريق شباب إشبيلية إلى ظهير موثوق به وذي خبرة وطالت مسيرته في الملاعب، بينما كان يتعامل مع إصابة مؤلمة ومزمنة في الفخذ في المواسم الأخيرة.

يقول نافاس، الذي بلغ من العمر 39 عاماً في نوفمبر (تشرين الثاني)، في ملعب تدريب إشبيلية: «لقد كنت أحاول الاستمتاع بالوقت المتبقي مع الجماهير، وهو أجمل شيء. يأتي الألم عندما أتدرب بجد أو ألعب مباراة مكثفة. في هذه الحالة يكون من الصعب حتى اللعب مع أطفالي (في الأيام التالية). لذلك أحاول الراحة».

لا توجد مباريات أصعب من مواجهة الأحد خارج الديار أمام ريال مدريد، بطل أوروبا.

يقول: «في النهاية، هذا هو إشبيلية الذي أحبه. لقد ساعدت بقدر ما أستطيع».

وُلِد نافاس خارج العاصمة الأندلسية في لوس بالاسيوس وفيلافرانكا، وانضم إلى أكاديمية الشباب في إشبيلية في سن الخامسة عشرة. وبعد ظهوره لأول مرة مع الفريق الأول بعد 3 سنوات، سرعان ما أصبح لاعباً أساسياً، حيث بدأ إشبيلية في تجميع أعظم فريق في تاريخه.

انضم إلى النجوم البارزين فريدريك كانوتيه، والمدير الفني الحالي لتشيلسي إنزو ماريسكا، ولويس فابيانو، وجوليان إسكودي، شباب محليون بمَن فيهم نافاس، وخوسيه أنطونيو رييس، وأنتونيو بويرتا، حيث فاز الفريق بكأس الاتحاد الأوروبي مرتين، وكأس الملك مرتين، وكأس السوبر الأوروبي، وكأس السوبر الإسباني بين عامي 2006 و2010.

يشرق وجه نافاس، وهو شخص متحفظ ومتحدث حذر، عندما يتذكر هدف الفوز المتأخر الذي سجله بويرتا ضد شالكه في مباراة الإياب في نصف نهائي كأس الاتحاد الأوروبي 2005 - 2006. وبعد مرور عام بقليل، انهار بويرتا وتوفي أثناء مباراة ما قبل الموسم في أغسطس (آب) 2007.

ويقول نافاس: «كان الأمر مذهلاً، فقد فتح ذلك الهدف الأبواب أمام كل ما حققناه، وقد قدمت له التمريرة الحاسمة. لقد كان زميلي في الغرفة. لقد كان ذلك مصدر سعادة هائلة. لقد أصبح بويرتا الآن في ذاكرة كل من يعيش في إشبيلية».

وقد أدى أداء نافاس بوصفه جناحاً سريعاً ومباشراً إلى استدعائه للمنتخب الإسباني في عام 2009، وفي نهائي كأس العالم في العام التالي، كانت انطلاقته القوية في الوقت الإضافي هي التي أدت إلى هدف الفوز الذي سجله أندريس إنييستا.

ويقول نافاس: «حلم أي طفل هو الفوز بكأس العالم مع منتخب بلاده؛ أن يكون في الملعب، وأن يلعب دوراً في مساعدة الفريق. وعندما انطلقت صافرة النهاية، كان ذلك مصدر فرحة كبيرة. أشاهد الفيديو (على هاتفي) كل بضعة أيام، وما زلت أشعر بالقشعريرة».

كما أسهم نافاس بدور مؤثر في فوز إسبانيا ببطولة أوروبا 2012 بوصفه جزءاً من فريق يضم إنييستا وتشافي وإيكر كاسياس وسيرجيو راموس وتشابي ألونسو. ويُنظر إلى هذا الجيل الذهبي على نطاق واسع باعتباره الأفضل في تاريخ كرة القدم الإسبانية.

ويقول نافاس: «أشعر بأنني جزء من هذا الجيل. لقد فزنا بكل شيء، لكن الأمر لم يقتصر على النتائج فقط. لقد لعبنا كرة قدم رائعة وجميلة، واستحوذنا على الكرة طوال المباراة. لذا كان الأمر رائعاً».

جذب أداء نافاس مع النادي والمنتخب انتباه الأندية الكبيرة في أوروبا، وفي صيف 2013، انتقل إلى مانشستر سيتي مقابل 20 مليون يورو.

بدأت مسيرته مع مانشستر سيتي بشكل مذهل، بما في ذلك هدف رائع في الدقيقة الأولى في الفوز 6 - 0 على توتنهام. وانتهى العام الأول في فريق مانويل بيليغريني بميدالية الدوري الإنجليزي الممتاز و6 أهداف و13 تمريرة حاسمة في جميع المسابقات.

يقول نافاس: «في الموسم الأول، كنت ألعب كل المباريات، وفزنا بالبطولات: الدوري الإنجليزي الممتاز وكأس الرابطة».

كثيراً ما قيل إن الشخصية الهادئة المرتبطة بمنزله وعائلته في الأندلس ناضلت من أجل الاستقرار في إنجلترا، لكن نافاس لا يقبل هذه الفكرة؛ حيث كانت حياته كلها تدور دائماً حول كرة القدم، أينما كان يعيش.

وأردف: «كانت تجربة جيدة (في مانشستر)، سواء على أرض الملعب أو على المستوى الشخصي. 183 مباراة في 4 مواسم هي الكثير. طريقتي في الحياة هي أن أكون هادئاً، وقريباً من عائلتي. لذلك لم تكن حياتي هناك مختلفة كثيراً عن هنا. عدت إلى المنزل وركزت فقط على كرة القدم، كما هو الحال دائماً».

يقول نافاس إن القلق كان في الواقع مشكلة أكثر صعوبة عندما بدأ اللعب مع الفريق الأول لإشبيلية في سن المراهقة.

يقول: «الأمر صعب عندما تبدأ. أنا قادم من بلدة صغيرة، حيث الهدوء التام، وكنت أتدرب مع فريق الشباب، والقفز إلى فريق الكبار، ليس بالأمر السهل. ولكن في النهاية، كرة القدم هي كل شيء بالنسبة لي. لقد تغلبت على ذلك، وسارت الأمور على ما يرام».

مع مرور الوقت، كان نافاس بديلاً في كثير من الأحيان لمانشستر سيتي، خصوصاً بعد وصول بيب غوارديولا مدرباً في صيف 2016، عندما بدأ يشارك في المباريات، كان ذلك غالباً في مركز الظهير الأيمن.

يقول نافاس: «الحقيقة هي أنني كنت على علاقة جيدة جداً مع بيب. (الظهير الأيمن بابلو) زاباليتا و(باكاري) سانيا أصيبا وأخبرني أنه يمكنني اللعب هناك. رغم أنه كان مركزاً جديداً، فإن كل شيء سار على ما يرام».

أثناء وجوده في مانشستر، شاهد نافاس إشبيلية يرفع 3 ألقاب أخرى في الدوري الأوروبي على شاشة التلفزيون. ومنذ عودته إلى سانشيز بيزخوان عندما انتهى عقده مع السيتي في عام 2017، قادهم إلى لقبين آخرين - بتمرير أهداف من الظهير الأيمن في كل من المباراة النهائية لعام 2020 ضد إنتر ونهائي 2023 ضد روما.

يقول نافاس: «لقد جعلت هذه المنافسة هذا النادي ينمو بشكل كبير ومنحت الكثير من الفرح للجماهير. لذلك في كل مرة نلعب فيها، نذهب إلى كل شيء. على الرغم من وجود مثل هذا الموسم الصعب في عام 2023 (في مسابقات أخرى)، فقد تحوّلنا (في الدوري الأوروبي). حملنا المشجعون أيضاً. لقد كان أمراً رائعاً لا يصدق».

بعد بضع سنوات من الغياب، استدعى مدرب إسبانيا الحالي لويس دي لا فوينتي نافاس إلى التشكيلة الدولية في عام 2023. لعب المباراتين في مركز الظهير الأيمن أثناء الفوز بنهائيات دوري الأمم الأوروبية في ذلك العام، وكان عضواً مهماً في الفريق، حيث فازت إسبانيا ببطولة أوروبا 2024 الصيف الماضي.

يقول نافاس: «بالنسبة لي، فإن أهم شيء على الإطلاق هو الدفاع عن بلدي. الفوز بدوري الأمم الأوروبية، ثم بطولة أوروبا في عمري، الحقيقة كان هذا أمراً مذهلاً».

كان الجانب الأيمن من فريق إسبانيا ضد فرنسا في يوليو (تموز) الماضي يضم أكبر وأصغر اللاعبين سناً على الإطلاق لبدء نصف نهائي بطولة أوروبا: نافاس في عمر 38 عاماً و231 يوماً، ولامين يامال في عمر 16 عاماً و362 يوماً.

تغلب نجم فرنسا المهاجم كيليان مبابي على نافاس ليصنع هدف الافتتاح في المباراة، وسرعان ما حصل المخضرم على البطاقة الصفراء لمحاولة يائسة لمنع مبابي من تسجيل هدف.

يقول نافاس عندما سُئل عن تلك اللحظة: «شعرت بالهدوء والاسترخاء. كنت أعلم أنني يجب أن أستمر. لم أكن أفكر كثيراً في (مبابي). أفكر دائماً في الهجوم. عندما كانت الكرة بحوزتنا، كنت أفتح الملعب، مثل الجناح تقريباً. وجاء أحد أهدافنا من ذلك».

يشير نافاس إلى تمريرته العرضية من الجهة اليمنى التي أدت مباشرة إلى هدف الفوز لإسبانيا بواسطة داني أولمو. قبل ذلك، عادل يامال النتيجة بتسديدة رائعة من مسافة 25 ياردة في الزاوية العلوية.

يقول نافاس: «(لامين) لديه موهبة. لقد وُلد للعب كرة القدم. نحن الأجنحة لدينا هذه الطريقة في اللعب: أن نكون شجعاناً، وأن نلعب بفرح؛ نيكو (ويليامز) أيضاً. أخبرت لامين أنه من المهم حقاً في كل مرة يحصل فيها على الكرة، أن يحاول تجاوز المدافع. هذه قوة هائلة للفريق».

اعتزل نافاس اللعب الدولي بعد البطولة وتم تكريمه من قبل الاتحاد الإسباني في مباراة دوري الأمم الأوروبية في أكتوبر (تشرين الأول) ضد صربيا، بحضور والديه فرانسيسكو وأورورا وزوجته أليخاندرا وطفليه جيسوس وروميو أيضاً.

يقول نافاس: «لم أتغير بوصفي شخصاً، ما زلت نفس الرجل الذي كنت عليه دائماً. الحفاظ على قدمي على الأرض هو ما أوصلني إلى هذا الحد. مع العلم أنه يجب عليك العمل بجد كل يوم، والتدريب إلى أقصى حد. هذا ما أوصلني إلى حيث أنا الآن، للفوز بأشياء مهمة للغاية، مع المنتخب الوطني، ومع إشبيلية، ومع مانشستر سيتي».

كانت خبرة نافاس لا تقدر بثمن بالنسبة لإشبيلية في السنوات الأخيرة، عندما أثرت القضايا المالية والمشاحنات في مجلس الإدارة على فريق بدلاً من القتال من أجل الألقاب كان غالباً ما يقاتل في النصف السفلي من الدوري الإسباني.

كانت هناك لحظة محرجة في يونيو (حزيران) الماضي، عندما أعلن إشبيلية أن نافاس سيغادر، على الرغم من أنه أراد الاستمرار. تم الاتفاق على عقد آخر لمدة 6 أشهر مع الرئيس الحالي خوسيه ماريا ديل نيدو كاراسكو، مع دفع جميع أجوره مباشرة إلى مؤسسة النادي الخيرية.

يقول نافاس، دون الرغبة في الخوض في التفاصيل: «كان الشيء المهم بالنسبة لنا جميعاً أن نكون على نفس الموجة. بالنسبة لي، كان أكبر شيء هو الاستمرار مع إشبيلية، وأن أكون هنا، للانتقال مع اللاعبين الأصغر سناً. وأود أن أتمكن من توديع الجماهير التي أحبها».

كان المدرب فرانك غارسيا بيمينتا يدير دقائق نافاس هذا الموسم. ويحتاج إلى حقن منتظمة لعلاج مشكلة الورك التي يعاني منها منذ 4 سنوات. وبسبب عدم قدرته على المشاركة في الكثير من العمل البدني للفريق في التدريبات، فإنه غالباً ما يضطر إلى الاستلقاء في معظم الأيام التي تلي المباراة.

يقول نافاس: «أعرف القليل عن كيفية التعامل مع الأمر في التدريبات. المباريات أكثر صعوبة. ولكن هذا هو وضعي. إنه أمر صعب، مع مشاعر متضاربة. بعد كل مباراة، أحاول التركيز على التدريب مرة أخرى، حتى أتمكن من لعب مباراة واحدة أخرى. كما أنني أستمتع بالتدريبات، وأشعر بالتوتر. ومع اقتراب النهاية، أصبح الأمر أكثر صعوبة».

كان الألم والتوتر يستحقان كل هذا العناء، لأنه تمكن من مشاركة اللحظات في الأشهر الأخيرة مع زملائه ومشجعي إشبيلية، بما في ذلك هدف الفوز ضد خيتافي في سبتمبر (أيلول)، والفوز في «ديربي» أكتوبر على منافسه في المدينة ريال بيتيس.

وأردف نافاس: «الشعور هو الفرح والمكافأة على كل الألم الذي تحملته. قبل مباراة الديربي، كان زملائي في الفريق طوال الأسبوع يقولون إنهم سيفوزون بالمباراة من أجلي. كان المشجعون سعداء للغاية من أجلي، وكنت سعيداً للغاية من أجلهم. إنهم يعلمون أنني كنت دائماً على استعداد لمساعدة الفريق، على الرغم من كل الألم، وكل ما يتعين عليّ القيام به كل يوم».

كانت آخر بداية لنافاس في سانشيز بيزخوان في الفوز 1 - 0 في الدوري الإسباني الأسبوع الماضي على سيلتا فيغو، عندما حصل على ممر شرف من كلا الفريقين قبل المباراة وحظي بتصفيق عاطفي من الجماهير عندما تم استبداله في الدقيقة 71.

سيقوم نادي إشبيلية بتنظيم حفل وداع رسمي في 30 ديسمبر (كانون الأول) لنافاس وعائلته. عرض عليه ديل نيدو كاراسكو «عقداً مدى الحياة» لكن لم تتم مناقشة دور محدد بعد. أحد الاحتمالات المستقبلية هو تدريب فرق الشباب التي تلعب في الدوري الإسباني. في ملعب التدريب الذي يحمل اسمه.

وعن خطوته المقبلة، يقول نافاس: «أنا حقاً لا أعرف (ماذا سيحدث بعد ذلك). لم أفكر في الأمر بعد، ربما يكون الأمر متعلقاً بنظام الشباب. كنت أستمتع فقط بالمباريات التي أستطيع لعبها وأشكر الجماهير على دعمهم».