«الرئاسي» الليبي يبحث مع مؤيدين للقذافي «مصير أسرته المشردة»

النائب العام يؤكد وجود «إهمال» أسهم في حدوث كارثة درنة

صورة أرشيفية للرئيس الراحل معمر القذافي مع أفراد أسرته (الشرق الأوسط)
صورة أرشيفية للرئيس الراحل معمر القذافي مع أفراد أسرته (الشرق الأوسط)
TT

«الرئاسي» الليبي يبحث مع مؤيدين للقذافي «مصير أسرته المشردة»

صورة أرشيفية للرئيس الراحل معمر القذافي مع أفراد أسرته (الشرق الأوسط)
صورة أرشيفية للرئيس الراحل معمر القذافي مع أفراد أسرته (الشرق الأوسط)

سيطرت أوضاع السجناء السياسيين في ليبيا ومصير أسرة الرئيس الراحل معمر القذافي، «المُشردة» خارج البلاد، على لقاء محمد المنفي رئيس المجلس الرئاسي، مساء أمس (الخميس)، باثنين من فريق سيف الإسلام القذافي في اللجنة التحضيرية للمصالحة الوطنية، هما علي أبو سبيحة، ومحمد دبوب.

وكان الفريق الممثل لسيف القذافي قد انسحب من الاجتماعات التحضيرية للمصالحة، التي عُقدت في مدينة سبها (جنوب) منتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، اعتراضاً على ما سماه «عدم جدية المجلس الرئاسي في إتمام المصالحة الوطنية؛ وتجاهل استمرار سجن بعض رموز النظام السابق».

المنفي خلال اجتماعه مع ممثلين لسيف القذافي (المجلس الرئاسي)

وقال أبو سبيحة، رئيس المجلس الأعلى لقبائل ومدن الجنوب الذي حضر اللقاء، إن المناقشات مع المنفي بحثت سير أعمال اللجنة التحضيرية لمؤتمر المصالحة، وأسباب تعليق حضور الفريق لجلسات اللجنة، بالإضافة إلى العمل على إنهاء حالة المتابعة الدولية لأسرة القذافي، إضافة إلى سبل معالجة أوضاع السجناء السياسيين، حسب أوضاع كل حالة، كما تمت «متابعة قضية بوعجيلة المريمي، المعتقل ظلماً وعدواناً بالسجون الأميركية».

والمريمي ضابط استخبارات ليبي، متهم من قبل واشنطن بـ«صنع القنبلة التي استخدمت لتفجير طائرة بانام الأميركية فوق بلدة لوكربي الأسكوتلندية عام 1988 الذي أوقع 270 قتيلاً».

أبو عجيلة المريمي ضابط الاستخبارات الليبية السابق (أرشيفية - متداولة على حسابات موالين للنظام السابق)

وكان أبو سبيحة قد انتقد في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، عدم تحرك المجلس الرئاسي لرفع القيود المفروضة على أسرة القذافي، وأبدى استغرابه من فرض مجلس الأمن الدولي «قيوداً» على أرملته صفية فركاش، رغم أنها تجاوزت السبعين من عمرها. بينما لا تزال أسرة القذافي تعاني «مصيراً غامضاً».

ومنحت لجنة العقوبات بمجلس الأمن الدولي أرملة القذافي وابنه محمد في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، إعفاء مؤقتاً من حظر السفر، المفروض عليهما بدعوى أنهما «يمثلان خطراً على الأمن الدولي». ويسري مفعول إلغاء قيود السفر لمدة 6 أشهر، بدءاً من 1 ديسمبر (كانون الأول) 2023، وحتى 31 مايو (أيار) 2024. كما خضعت عائشة، ابنة القذافي، لتدابير قانونية خلال السنوات الماضية، لكن لجنة العقوبات التابعة لمجلس الأمن الدولي رفعت اسمها من قوائم حظر السفر، مع إبقائها ضمن قوائم العقوبات الخاصة بتجميد الأصول.

صفية فركاش أرملة الرئيس الراحل معمر القذافي (الشرق الأوسط)

وبالإضافة إلى القيود المفروضة على صفية فركاش، لا يزال مصير هنيبال، نجل القذافي، المحتجز في لبنان منذ 7 أعوام، غامضاً هو الآخر، حيث يواجه «تهمة إخفاء معلومات عن اختفاء مؤسس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، الإمام موسى الصدر، أثناء زيارته لليبيا في أغسطس (آب) 1978، بدعوة من القذافي الأب».

وأضاف أبو سبيحة موضحاً أنهم لمسوا تفهم المنفي لكل القضايا التي طرحوها عليه. وهو الأمر الذي قد يسمح بعودة فريق سيف القذافي إلى المشاركة في اجتماعات المصالحة الوطنية. فيما قال المكتب الإعلامي للمنفي، إن الاجتماع بحث سبل «الوصول بالوطن إلى مرحلة الاستقرار عبر انتخابات حرة ونزيهة». إضافة إلى أعمال اللجنة التحضيرية لمؤتمر المصالحة الوطنية، وأسباب تعليق حضور فريق سيف القذافي لجلسات اللجنة، علاوة على بعض «الملفات المهمة التي تُعنى بالوطن».

هنيبال القذافي خلال احتفال في الذكرى الأربعين لـ«الثورة الليبية» في 2 سبتمبر 2009 (أ.ف.ب)

وانتهى المنفي بالتأكيد لعضوي اللجنة بأنه «سيُشرف ويتابع ملف المصالحة الوطنية بشكل شخصي؛ ولن يسمح بعد الآن بجعل ملف المصالحة وسيلة للمساومة على حساب الوطن».

ويعد ملف السجناء السياسيين من رموز عهد القذافي عائقاً كبيراً أمام «المصالحة الوطنية»، من بينهم عبد الله السنوسي (73 عاماً)، صهر القذافي، رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية السابق، ومنصور ضو، رئيس الأمن المكلف حماية القذافي. وكان مفترضاً عرض السنوسي على محكمة استئناف طرابلس في أكثر من مرة خلال الأشهر الماضية، لكن «قوة الردع»، وهي ميليشيا مسلحة برئاسة عبد الرؤوف كارة، لم تحضره إلى المحكمة مع ضو، فقررت تأجيل نظر القضية للمرة التاسعة على التوالي.

وكان المجلس الرئاسي قد أعلن عقد «المؤتمر الوطني الجامع للمصالحة الوطنية» بمدينة سرت في 28 أبريل (نيسان) المقبل.

في شأن مختلف يتعلق بكارثة السيول التي ضربت مدينة درنة (شمال شرقي ليبيا)، قال النائب العام الصديق الصور، اليوم (الجمعة)، إن التحقيقات بينت وجود «إهمال في صيانة سدّي درنة»، تجسد في توقف أعمال صيانتهما، وإهمال تنظيف فتحاتهما العلوية، بالإضافة إلى عدم وجود منظومة إنذار في السدّين. وأوضح الصور أن العدد النهائي للحالات المسجلة حتى الآن، وصل إلى 4540 شخصاً، من بينهم 576 وافداً.

وزيرا الحكم المحلي والدولة لشؤون رئيس الحكومة (حكومة «الوحدة»)

أما بخصوص الاحتجاجات التي أدت إلى إغلاق حقل الشرارة النفطي، فقد عقدت حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، اجتماعاً ضم عدداً من عمداء بلديات الجنوب، من أجل مناقشة الوضع الراهن في مدينة أوباري، إثر إغلاق الحقل من قبل مجموعة من المحتجين. وسعى الاجتماع، الذي ترأسه وزير الحكم المحلي بدر الدين التومي، وحضره وزير الدولة لشؤون رئيس الحكومة ومجلس الوزراء عادل جمعة، لامتصاص غضب المحتجين، بعد يومين من إغلاق الحقل الذي يضخ 315 ألف برميل في اليوم، ومناقشة مطالب المحتجين والقضايا الأساسية التي أدت إلى الاحتجاج وإغلاق الحقل، الذي «يشكل مصدراً مهماً للإيرادات الوطنية».

وقال التومي إنه تلبية لمطالب المحتجين المتعلقة بتوفير الوقود ومشتقاته، فقد تم التنسيق مع شركة «البريقة» لزيادة كميات الوقود المتجهة لمستودع سبها، مشيراً إلى «أهمية الحوار البنّاء، وضرورة التوصل إلى حل يراعي مطالب المحتجين، دون المساس بالمصلحة العامة واستمرار إنتاج النفط»، ورأى أن حكومته «تعمل على دراسة مطالب المحتجين، وستتخذ الإجراءات اللازمة لضمان تحقيق التنمية المستدامة وتوفير الخدمات الأساسية لسكان المنطقة».


مقالات ذات صلة

أمازيغ ليبيا يطالبون «الرئاسي» بسحب التشكيلات العسكرية من مدنهم

شمال افريقيا من اجتماع سابق للمجلس الرئاسي مع وفد من الأمازيغ (أرشيفية)

أمازيغ ليبيا يطالبون «الرئاسي» بسحب التشكيلات العسكرية من مدنهم

وسط صمت رسمي من حكومة الوحدة الليبية «المؤقتة»، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، حذر المجلس الأعلى لأمازيغ ليبيا من أي «تحركات لميليشيات قبلية داخل المدن التابعة له».

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة (حكومة الوحدة)

غموض وتساؤلات بعد تعهد الدبيبة بـ«خطوات حازمة» لإجراء الانتخابات الليبية

تعهد عبد الحميد الدبيبة خلال مشاركته في احتفالية أقيمت بمسقط رأسه بمدينة مصراتة باتخاذ «خطوات حازمة» للوصول إلى الانتخابات العامة.

جاكلين زاهر (القاهرة)
شمال افريقيا خوري في فعاليات سابقة بحضور ليبيات (البعثة الأممية)

أمازيغ ليبيا يتظاهرون رفضاً لـ«عسكرة» يفرن

طردت مدينة ليبية بغرب البلاد قوة عسكرية موالية للواء منفصل عن سلطات طرابلس، رفضاً لما أسمته محاولة «عسكرتها».

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا الرئيس التونسي يتوسط تبون والمنفي خلال قمة تونس في أبريل الماضي (الرئاسة التونسية)

ليبيا: تحديات أمنية واقتصادية أمام القمة المغاربية «المصغرة»

فيما لم يحدد موعد عقدها في العاصمة الليبية، إلا أن أجندة أعمال القمة المغاربية «المصغرة» يتوقع أن تضم قضايا تتعلق بأمن الحدود والأوضاع الاقتصادية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا جانب من حملة تحصين الماشية ضد الحمى القلاعية بجنوب ليبيا (الحكومة بشرق ليبيا)

ليبيا: تحركات حكومية لمواجهة ازدياد «الحمى القلاعية»

يطالب مربو الماشية في مدينة مصراتة، غرب البلاد، السلطات بسرعة التحرك لتدارك «الكارثة» التي حلّت بهم وقضت على سبل عيشهم، بعد تزايد فيروس «الحمى القلاعية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

السودان: 124 قتيلاً في مجزرة «السريحة» بولاية الجزيرة

منزل تعرض للقصف في معارك دارت أخيراً في الخرطوم (أ.ب)
منزل تعرض للقصف في معارك دارت أخيراً في الخرطوم (أ.ب)
TT

السودان: 124 قتيلاً في مجزرة «السريحة» بولاية الجزيرة

منزل تعرض للقصف في معارك دارت أخيراً في الخرطوم (أ.ب)
منزل تعرض للقصف في معارك دارت أخيراً في الخرطوم (أ.ب)

صعّدت «قوات الدعم السريع» من هجماتها الوحشية ضد المدنيين في مناطق شرق ولاية الجزيرة (وسط السودان)، حيث ارتكبت الجمعة، مجزرة مروعة في بلدة السريحة، سقط خلالها أكثر من 124 قتيلاً ونحو 200 جريح، وفقاً لهيئات حقوقية ومدنية، في غياب إحصاءات رسمية.

وتأتي هذه العملية الانتقامية فيما يبدو في أعقاب انشقاق قائد «الدعم السريع» في ولاية الجزيرة، أبو عاقلة كيكل، وانضمامه للجيش، حيث يحمّله بعض الجهات مسؤولية تصاعد الانتهاكات ضد المواطنين في مسقط رأسه بشرق الجزيرة.

البرهان: لا تسامح مع «الميليشيا»

وفي تدوينة على منصة «إكس»، قال رئيس «مجلس السيادة»، القائد العام للجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، إنه «كلما تمادت ميليشيا آل دقلو الإرهابية في سفك دماء المواطنين الأبرياء، ازدادت عزيمة الشعب السوداني على مقاومتهم». وكتب قائلاً: «إن انتهاك القانون الدولي الإنساني والجرائم ضد الإنسانية لن يمر دون عقاب، ويجعل من غير الممكن التسامح مع هذه الميليشيا الإرهابية».

وكانت «الخارجية» السودانية أشارت في بيان ليل الجمعة - السبت، إلى تعرض قرى وبلدات شرق الجزيرة والبطانة إلى «حملات انتقامية من ميليشيا الجنجويد (قوات الدعم السريع)، مستهدفة المدنيين على أسس قبلية وجهوية، ترقى إلى مستوى الإبادة الجماعية والتطهير العرقي».

«الخارجية» تطالب المجتمع الدولي بالإدانة

وذكرت «الخارجية» أن أعداد ضحايا هذه الحملات تقدر بالمئات من القتلى والمصابين، بالإضافة إلى تشريد الآلاف من مناطقهم، وأن الحكومة السودانية تطالب المجتمع الدولي بإدانة هذه الحملات بشكل «فوري وقوي، واتخاذ الإجراءات الكفيلة بمحاسبة مرتكبيها وقادة ورعاة الميليشيا الإرهابية، ووقف تدفقات الأسلحة والمرتزقة». ولم يصدر تعليق فوري من «قوات الدعم السريع» تعليقاً على المجزرة المروعة.

أرشيفية لدورية لـ«قوات الدعم السريع» في إحدى المناطق القتالية في السودان (رويترز)

من جهة ثانية، قالت «محامو الطوارئ» (هيئة حقوقية) ترصد انتهاكات الحرب، إن «قوات الدعم السريع» ارتكبت مجزرة أسفرت عن مقتل 124 مدنياً وإصابة مئات آخرين، وحملات اعتقال وانتهاكات واسعة بحق المواطنين الأبرياء.

وأضافت أن «قوات الدعم السريع» عطلت شبكات الاتصالات والإنترنت لمنع توثيق الانتهاكات للتغطية على هذه الجرائم.

دعوات لإدانة «الدعم السريع»

وقال البيان: «تواصل (قوات الدعم السريع) استهداف المدنيين العزل في هجمات انتقامية عشوائية تمارس فيها أقسى أشكال العنف، واستهدفت كثيراً من البلدات شرق الجزيرة، وخلفت مئات القتلى والمصابين، بالإضافة إلى تشريد العائلات، وتقدر أعدادهم بأكثر من 100 ألف شخص».

ووفقاً للهيئة، يقوم الجيش السوداني في المقابل بتحشيد وتسليح بعض المجتمعات المحلية بدعوى مقاومة «قوات الدعم السريع»، ما يعرض المدنيين لخطر الاستهداف المباشر، ويزيد من حدة الانقسامات المحلية، ويضاعف وتيرة العنف وتوظيف المدنيين في النزاع المسلح الذي يمثل انتهاكاً للقانون الدولي الإنساني.

بدوره، ذكر «مؤتمر الجزيرة» (كيان مدني) أن عدد ضحايا مجزرة بلدة السريحة في محلية الكاملين بالولاية، ارتفع إلى 124 قتيلاً وأكثر من 200 جريح.

وبحسب مصادر محلية، هاجمت «قوات الدعم السريع» البلدة بأعداد كبيرة، وسط قصف واستهداف مباشر لمنازل المواطنين.

حالة من الغضب الشديد

وتأتي المجزرة بعد أيام قليلة من معارك ضارية دارت بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» في مدينة تمبول شرق الجزيرة، قتل فيها نحو 300 من العسكريين والمدنيين.

وأثارت تسجيلات مصورة نشرها أفراد من «قوات الدعم السريع»، تظهر اعتقال العشرات من السكان، ومن بينهم رجال كبار في السن، حالة من الغضب الشديد في الأوساط السودانية، جراء تلك الممارسات اللاإنسانية التي تنتهجها تلك القوات ضد المدنيين العزل. وتداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو لأهالي البلدة وهم يشيعون جثامين قتلاهم.

وأفادت مصادر محلية بأن «قوات الدعم السريع» اقتحمت بلدات أخرى في المنطقة، كانت عشرات الأسر قد لجأت إليها من المناطق المجاورة.

وناشدت كيانات مجتمعية في الجزيرة، قادة الجيش السوداني، التدخل العاجل، أو تسليح أبنائهم للدفاع عن أنفسهم وأهاليهم وحماية مناطقهم من «الدعم السريع».

وكان قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، وعد مكونات اجتماعية في ولاية الجزيرة بمدها بالسلاح والعتاد العسكري لمواجهة «قوات الدعم السريع».

وأدانت القوى السياسية والمدنية بشدة، الانتهاكات التي ارتكبتها «قوات الدعم السريع» في منطقة شرق الجزيرة، والتي تسببت بمقتل وإصابة المئات من المواطنين.