الليرة التركية تبدأ تعاملات العام الجديد بهبوط تاريخي

انكماش الإنتاج الصناعي للشهر السادس في ديسمبر

أوراق نقدية متنوعة بالليرة التركية (رويترز)
أوراق نقدية متنوعة بالليرة التركية (رويترز)
TT

الليرة التركية تبدأ تعاملات العام الجديد بهبوط تاريخي

أوراق نقدية متنوعة بالليرة التركية (رويترز)
أوراق نقدية متنوعة بالليرة التركية (رويترز)

افتتحت الليرة التركية تعاملاتها في العام الجديد بتراجع تاريخي غير مسبوق، وجرى تداولها في تعاملات، الثلاثاء، عند مستوى أقل من 29.70 ليرة للدولار.

وتأثرت الليرة التركية، التي فقدت نحو 38 في المائة من قيمتها عام 2023، بتطبيق الحد الأدنى للأجور الذي أعلنت عنه الحكومة، الأربعاء الماضي، إذ طبَّقت زيادة جديدة بنسبة 49 في المائة، مما تسبب في موجة جديدة من زيادة أسعار السلع الأساسية.

وسجَّلت الليرة مستوى منخفضاً قياسياً جديداً هو الأدنى في التاريخ عند 29.7178 للدولار في التداولات الصباحية، قبل أن تقلص جزءاً بسيطاً من خسائرها.

وأعلنت الحكومة التركية، الأربعاء الماضي، قراراً بزيادة الحد الأدنى للأجور 49 في المائة في بداية العام، إلى 17002 ليرة (578 دولاراً) لتخفيف تكاليف المعيشة.

وتوقعت مؤسسات دولية، منها «غولدمان ساكس غروب» و«مورغان ستانلي» أن يدفع ذلك المصرف المركزي إلى تشديد السياسة النقدية بشكل أكبر من المتوقع.

ويعد الحد الأدنى للأجور هو الراتب الأساسي لأكثر من ثلث القوى العاملة في البلاد ومَرجعاً لاتفاقات الأجور الأخرى.

وتراجعت الليرة بشكل حاد في الصيف الماضي مع تخفيف السلطات قبضتها عليها، قبل أن تتباطأ الانخفاضات في الخريف، لكنّ التضخم الأساسي لا يزال يُظهر اتجاهاً للصعود.

وفي مؤشر على ارتفاع التضخم في تركيا في ديسمبر (كانون الأول)، أظهر التضخم في إسطنبول، كبرى المدن التركية البالغ عدد سكانها أكثر من 16 مليوناً، ارتفاعاً هو الأكبر في 10 أشهر.

وحسب بيانات غرفة تجارة إسطنبول، ارتفع التضخم في أسعار المستهلكين بنسبة 3.52 في المائة في ديسمبر مقارنةً بالشهر السابق، ومؤشر أسعار الجملة بنسبة 2.31 في المائة.

وعلى أساس سنوي، سجل التضخم في أسعار المستهلكين 74.88 في المائة، و62.77 في المائة في أسعار المنتجين.

وتعهّد وزير الخزانة والمالية، محمد شيمشك، بأن يكون عام 2024 هو العام الذي يبدأ فيه انخفاض التضخم، وتزداد فيه الاحتياطيات، وينتهي نظام ودائع الليرة التركية المحمية بتقلبات سعر الصرف، ويبدأ التحسن الدائم في عجز الحساب الجاري، وانضباط الميزانية، وتعزيز أسس النمو المرتفع المستدام.

وقال شيمشك، في رسالة بمناسبة العام الجديد: «سنستمر في تلقي نتائج البرنامج الاقتصادي متوسط الأجل في العام الجديد، وسنواصل تنفيذ برنامجنا بتصميمٍ من أجل تركيا أكثر ازدهاراً، على أمل أن يكون عاماً نتطلع فيه إلى المستقبل بثقة»، مضيفاً: «مكافحة التضخم هي عملية مستمرة».

كان مصرف تركيا المركزي قد تعهّد، في تقريره عن السياسة النقدية لعام 2024 الصادر الأسبوع الماضي، باستخدام جميع الأدوات المتاحة لضمان استقرار الأسعار والحفاظ عليه، وأن ذلك سيكون الهدف الرئيسي للسياسة النقدية في عام 2024.

تراجُع الإنتاج الصناعي

أظهر مسح نُشرت نتائجه، الثلاثاء، أن الإنتاج الصناعي انكمش للشهر السادس على التوالي في ديسمبر مع استمرار تباطؤ الإنتاج والطلبيات الجديدة.

وارتفع مؤشر مديري المشتريات للتصنيع إلى 47.4 من 47.2 في نوفمبر (تشرين الثاني)، وفقاً لمسح أجرته غرفة صناعة إسطنبول و«ستاندرد آند بورز غلوبال»، ولا يزال أقل من علامة 50 نقطة التي تفصل بين النمو والانكماش، وفق «رويترز».

وأوضح المسح أن الإنتاج تراجع إلى حد كبير نتيجة ظروف السوق الصعبة، إذ تسبب نقص الطلب في تباطؤ إجمالي الطلبيات الجديدة والأعمال التجارية من الخارج. وأظهر أنه رغم الاعتدال في أعباء العمل، استقرت معدلات التوظيف، في حين انخفض نشاط الشراء بأكبر قدر خلال 4 أشهر.

وقالت لجنة مسح مؤشر مديري المشتريات إن ضعف العملة وارتفاع الأجور وارتفاع أسعار المواد الخام، تعني ارتفاع تكاليف المدخلات مرة أخرى، وبالتالي زيادة الشركات أسعار الإنتاج.

وعلّق مدير الاقتصاد في شركة «ستاندرد آند بورز غلوبال»، أندرو هاركر، بأن «الاعتدال في قطاع التصنيع التركي الذي شهدناه في نهاية عام 2023 لخّص النصف الثاني الصعب من العام بالنسبة إلى الشركات، مع انخفاض الطلب الذي أصبح سمة رئيسية».

وقال إنه مع ذلك، كانت هناك بعض الأخبار الجيدة لسوق العمل، مع حرص الشركات على الحفاظ على استقرار أعداد القوى العاملة مع اقتراب العام الجديد... احتمال وجود بيئة تضخمية أكثر هدوءاً في عام 2024 يمكن أن يوفر بعض الأمل في انتعاش الطلب في القطاع.

وعلى الرغم من ذلك، تتوقع تركيا تحقيق رقم قياسي في الصادرات في عام 2023.

والعام الماضي، تجاوزت الصادرات 254 مليار دولار. ومن المتوقع أن تتجاوز هذا الرقم في عام 2023.


مقالات ذات صلة

«المركزي التركي» يثبّت سعر الفائدة عند 50 % للشهر الثامن

الاقتصاد البنك المركزي التركي

«المركزي التركي» يثبّت سعر الفائدة عند 50 % للشهر الثامن

أبقى البنك المركزي التركي على سعر الفائدة عند 50 في المائة دون تغيير، للشهر الثامن، مدفوعاً بعدم ظهور مؤشرات على تراجع قوي في الاتجاه الأساسي للتضخم

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الاقتصاد متسوقة في إحدى الأسواق التركية (إكس)

تحركات تركية إضافية لكبح التضخم

أعلن وزير الخزانة والمالية التركي محمد شيمشك أن الحكومة ستتخذ إجراءات إضافية ضرورية لمعالجة التضخم المرتفع، متوقعاً تراجع التضخم إلى خانة الآحاد في عام 2026.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الاقتصاد رئيس البنك المركزي التركي فاتح كاراهان خلال مؤتمر صحافي لإعلان تقرير التضخم الرابع للعام الحالي الجمعة (من البث المباشر للمؤتمر الصحافي)

«المركزي» التركي يكشف عن توقعات محبطة للتضخم ويتمسك بالتشديد النقدي

كشف البنك المركزي التركي عن توقعات محبطة ومخيبة للآمال، في تقريره الفصلي الرابع والأخير للتضخم هذا العام، رافعاً التوقعات بنهاية العام إلى 44 في المائة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الاقتصاد «منتدى الأعمال التركي - السعودي» نحو دفع التعاون والتبادل التجاري

«منتدى الأعمال التركي - السعودي» نحو دفع التعاون والتبادل التجاري

شهد «منتدى الأعمال التركي - السعودي» توقيع 10 اتفاقيات تعاون في كثير من القطاعات.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الاقتصاد زحام على عربات بيع السميط في أحد شوارع إسطنبول في عطلة نهاية الأسبوع (إعلام تركي)

تركيا: التضخم يتراجع إلى 48.58 % في أكتوبر بأقل من المتوقع

تراجع التضخم في تركيا بأقل من المتوقع خلال أكتوبر الماضي، ما يشير إلى استمرار الضغوط التضخمية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

هيمنة الأسهم الأميركية تزداد قوة مع فوز ترمب

بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)
بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)
TT

هيمنة الأسهم الأميركية تزداد قوة مع فوز ترمب

بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)
بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)

تواصل الأسهم الأميركية تعزيز تفوقها على منافسيها العالميين، ويعتقد العديد من المستثمرين أن هذه الهيمنة قد تزداد إذا تمكن الرئيس المنتخب دونالد ترمب من تنفيذ برنامجه الاقتصادي بنجاح، دون الانجرار إلى حرب تجارية شاملة أو تفاقم العجز الفيدرالي.

وحقق مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» زيادة تفوق 24 في المائة في عام 2024، مما جعله في الصدارة بين مؤشرات الأسهم في أوروبا وآسيا والأسواق الناشئة. وبمعدل 22 ضعفاً للأرباح المستقبلية المتوقعة، فإن علاوته مقارنة بمؤشر «إم إس سي آي» للأسواق من أكثر من 40 دولة، تعد الأعلى منذ أكثر من عقدين، وفقاً لبيانات «إل إس إي جي». وعلى الرغم من أن الأسهم الأميركية قد تفوقت على نظيراتها العالمية لأكثر من عقد من الزمان، فإن الفجوة في التقييم قد اتسعت هذا العام بفضل النمو الاقتصادي المتين والأرباح القوية للشركات، لا سيما في قطاع التكنولوجيا، حيث ساعدت التطورات المثيرة في مجال الذكاء الاصطناعي على تعزيز أسهم شركات رائدة مثل «إنفيديا».

ويعتقد بعض المشاركين في السوق أن أجندة ترمب الاقتصادية، التي تشمل تخفيض الضرائب، وتخفيف القيود التنظيمية، وحتى فرض الرسوم الجمركية، قد تعزز من تفوق الولايات المتحدة، متفوقة على المخاوف المتعلقة بتأثيراتها المزعزعة المحتملة على الأسواق وزيادة التضخم.

وقال رئيس استراتيجية الأسهم الأميركية في بنك «باركليز»، فينو كريشنا: «نظراً للتوجهات المؤيدة للنمو في هذه الإدارة الجديدة، أعتقد أنه سيكون من الصعب مواجهة الأسهم الأميركية، على الأقل في عام 2025». وكانت هناك مؤشرات على تزايد تفضيل المستثمرين للأسهم الأميركية مباشرة بعد الانتخابات التي جرت في 5 نوفمبر (تشرين الثاني)، عندما استقبلت صناديق الأسهم الأميركية أكثر من 80 مليار دولار في الأسبوع الذي تلا الانتخابات، في حين شهدت صناديق الأسهم الأوروبية والأسواق الناشئة تدفقات خارجة، وفقاً لبنك «دويتشه».

ويعد «مورغان ستانلي»، و«يو بي إس» لإدارة الثروات العالمية، ومعهد الاستثمار «ويلز فارغو» من بين المؤسسات التي توصي بزيادة الوزن للأسهم الأميركية في المحافظ الاستثمارية أو تتوقع تفوقها في العام المقبل.

محرك الأرباح

أحد المحركات الرئيسية لقوة الأسهم الأميركية هو ميزة أرباح الشركات الأميركية، حيث من المتوقع أن ترتفع أرباح شركات «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 9.9 في المائة هذا العام وبنسبة 14.2 في المائة في 2025، وفقاً لبيانات «إل إس إي جي». وفي المقابل، من المتوقع أن ترتفع أرباح الشركات في مؤشر «ستوكس 600» الأوروبي بنسبة 1.8 في المائة هذا العام وبنسبة 8.1 في المائة في 2025.

وقال كبير الاستراتيجيين الاستثماريين في «ستيت ستريت غلوبال أدفايزر»، مايكل أرون: «الولايات المتحدة تظل المنطقة الجغرافية التي تحقق أعلى نمو في الأرباح وأكبر قدر من الربحية على مستوى العالم».

ويسهم الدور المهيمن للشركات التكنولوجية العملاقة في الاقتصاد الأميركي، وأوزانها الكبيرة في مؤشرات مثل «ستاندرد آند بورز 500»، في تعزيز هذا النمو. إذ تبلغ القيمة السوقية لأكبر خمس شركات أميركية («إنفيديا» و«أبل» و«مايكروسوفت» و«أمازون دوت كوم» وألفابت) أكثر من 14 تريليون دولار، مقارنة بحوالي 11 تريليون دولار لجميع شركات «ستوكس 600»، وفقاً لبيانات «إل إس إي جي».

وعلى نطاق أوسع، من المتوقع أن ينمو الاقتصاد الأميركي بنسبة 2.8 في المائة في 2024 وبنسبة 2.2 في المائة في 2025، مقارنة بنسبة 0.8 في المائة هذا العام و1.2 في المائة في العام المقبل لمجموعة من حوالي 20 دولة تستخدم اليورو، وفقاً لتوقعات صندوق النقد الدولي.

وقد تساعد خطط ترمب لزيادة الرسوم الجمركية على الواردات الولايات المتحدة في تعزيز هذا التفوق، رغم المخاطر التي قد تترتب على ذلك، وفقاً لما قاله مايك مولاني، مدير أبحاث الأسواق العالمية في «بوسطن بارتنرز»، الذي يفضل الأسهم الأميركية. وقال مولاني: «إذا فرض ترمب رسوماً جمركية تتراوح بين 10 في المائة و20 في المائة على السلع الأوروبية، فإنهم سيتأثرون أكثر منا بشكل نسبي».

وقد دفع تحكم الجمهوريين في السلطة في واشنطن، ما يسهل على ترمب تنفيذ أجندته، اقتصاديي «دويتشه بنك» إلى رفع توقعاتهم لنمو الاقتصاد الأميركي في 2025 إلى 2.5 في المائة مقارنة بـ 2.2 في المائة.

وبينما من المتوقع أن تعزز تخفيضات الضرائب وإلغاء القيود التنظيمية النمو الاقتصادي، فإن الهوامش الضيقة نسبياً في الكونغرس الأميركي وحساسية الإدارة تجاه ردود الفعل السوقية قد تحدان من نطاق بعض السياسات «المتطرفة»، مثل الرسوم الجمركية، كما ذكر البنك في تقريره الأخير.

من جانبه، يتوقع «يو بي إس» لإدارة الثروات العالمية أن يصل مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» إلى 6600 في العام المقبل، مدفوعاً بالتطورات في مجال الذكاء الاصطناعي، وانخفاض أسعار الفائدة، وتخفيضات الضرائب، وإلغاء القيود التنظيمية. وأغلق المؤشر عند 5948.71 يوم الخميس. مع ذلك، قد تؤدي حرب تجارية شاملة مع الصين ودول أخرى إلى التأثير سلباً على نمو الاقتصاد الأميركي وزيادة التضخم. وفي سيناريو يتم فيه فرض دول ردود فعل على الرسوم الجمركية الأميركية الواسعة، قد ينخفض مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» إلى 5100، رغم أن الأسهم العالمية ستتراجع أيضاً، وفقاً لتوقعات «يو بي إس».

ويمكن أن تكون بعض القطاعات في السوق أكثر عرضة لتأثيرات سياسات ترمب، حيث أدت المخاوف بشأن خطط تقليص الفائض البيروقراطي إلى تراجع أسهم شركات المقاولات الحكومية الأسبوع الماضي، بينما تراجعت أسهم شركات الأدوية بعد اختيار ترمب للمشكك في اللقاحات روبرت ف. كينيدي جونيور لقيادة وزارة الصحة والخدمات الإنسانية.

كما قد تثير التخفيضات الضريبية الواسعة القلق بشأن زيادة الدين الأميركي. وقد أسهمت المخاوف المتعلقة بالعجز في تراجع بيع السندات الحكومية الأميركية مؤخراً، مما دفع عائد سندات الخزانة الأميركية لمدة 10 سنوات إلى أعلى مستوى له في خمسة أشهر الأسبوع الماضي.

وفي الوقت نفسه، قد تصبح الفجوة في التقييم بين الولايات المتحدة وبقية العالم واسعة لدرجة تجعل الأسهم الأميركية تبدو باهظة الثمن، أو قد تصبح الأسهم الدولية رخيصة للغاية بحيث لا يمكن تجاهلها. ومع ذلك، في الوقت الراهن، تظل الاتجاهات طويلة المدى لصالح الولايات المتحدة، مع ارتفاع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بأكثر من 180 في المائة مقارنة بارتفاع بنسبة 50 في المائة تقريباً لمؤشر «ستوكس» في أوروبا على مدار العقد الماضي. وقال رئيس استراتيجيات الأصول المتعددة في «روبيكو»، كولين غراهام: «الزخم شيء رائع. إذا كان لديك شيء يستمر في التفوق، فإن المستثمرين سيتبعون الأموال».