هل تحد المخيمات المصرية بخان يونس من مخاوف النزوح؟

القاهرة تخشى دفع الغزيين إلى سيناء

المخيم المصري في خان يونس (الهلال الأحمر المصري)
المخيم المصري في خان يونس (الهلال الأحمر المصري)
TT
20

هل تحد المخيمات المصرية بخان يونس من مخاوف النزوح؟

المخيم المصري في خان يونس (الهلال الأحمر المصري)
المخيم المصري في خان يونس (الهلال الأحمر المصري)

فيما يتواصل إدخال المساعدات بشكل شبه يومي إلى قطاع غزة، عبر معبر رفح البري الحدودي، عملت مصر على تنفيذ أول مخيم إعاشة جنوب قطاع غزة، من خلال «الهلال الأحمر المصري»، في خطوة تأتي بعدما رفضت القاهرة «مخططات إسرائيلية» لتهجير الغزيين إلى سيناء.

وبدأ الهلال الأحمر المصري، بالتعاون مع نظيره الفلسطيني، في تنفيذ مخيم لإيواء نحو 6 آلاف نازح، جنوب غرب خان يونس، عبر إقامة ألف خيمة تستوعب مئات العائلات النازحة، عبر عدة مراحل تشمل مرحلتها الأولى 300 خيمة مخصصة للنازحين من عائلات الطواقم الطبية والإسعافية، وتستوعب نحو 1500 شخص.

ووفق وسائل إعلامية محلية، فإن الهلال الأحمر المصري سيتولى توفير الإمدادات اللازمة لتشغيل المخيم مع توفير الخدمات اللوجستية للعائلات التي ستقيم بداخله، فيما يجري مراعاة المعايير الدولية بعملية الإنشاء بما يراعي إتاحة كافة خدمات المياه والغذاء والكهرباء داخل الخيام.

ويرى عضو مجلس النواب المصري زكي عباس، أن المخيم «يأتي في إطار التصدي لمحاولات تهجير الشعب الفلسطيني من داخل أرضه»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «مصر استقبلت الأشقاء العرب من دول عدة في أوقات الأزمات، لكن الموقف مع الشعب الفلسطيني مختلف لأنه يواجه مخططات للتهجير والإجبار على ترك أرضه، وهو أمر ترفضه مصر من اليوم الأول وتؤكد على عدم السماح بحدوثه».

ومنذ بداية الحرب، حذرت مصر مراراً من أي إجراءات إسرائيلية لتهجير الفلسطينيين قسرياً أو دفعهم إلى النزوح إلى أراضيها بسبب الاعتداءات ضدهم. وأكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في مناسبات عدة، أن بلاده «لم ولن تسمح بتصفية القضية الفلسطينية على حساب دول الجوار»، وأنه «لا تهاون في حماية الأمن القومي».

تأتي المخاوف المصرية بعد تقارير إسرائيلية أشارت إلى مخطط لتهجير الفلسطينيين إلى شمال سيناء، كما سبق وحذر المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) فيليب لازاريني، من أن التطورات التي يشهدها قطاع غزة تشير إلى محاولات نقل الفلسطينيين إلى مصر.

ويصف المحلل السياسي الفلسطيني عبد المهدي مطاوع بناء المخيم باعتباره من «أهم خطوات دعم صمود الفلسطينيين الفعلية على الأرض لأنه يساعد في توفير أقل مقومات الحياة لكي يتمكنوا من الصمود بمواجهة مخططات التهجير الإسرائيلية الهادفة لتدمير القطاع وإخلائه من سكانه».

ويؤكد المحلل الفلسطيني لـ«الشرق الأوسط» أهمية «تحويل شعارات دعم صمود الشعب الفلسطيني إلى واقع عملي من خلال الاستمرار بتقديم المساعدات وتوفير مقومات الحياة الأساسية على غرار مخيمات الإعاشة».

وتتسق خطوة إنشاء مصر للمخيم مع دعم مسارات الجهود الإنسانية من اليوم الأول لاندلاع الحرب، في رأي صبحي عسيلة، رئيس برنامج الدراسات الفلسطينية والإسرائيلية بمركز «الأهرام» للدراسات السياسية والاستراتيجية، الذي يؤكد لـ«الشرق الأوسط» أن «دخول فصل الشتاء وبرودة الطقس دفعت إلى إعطاء أولوية لتنفيذ المخيم بشكل سريع باعتباره أحد أشكال الدعم والإغاثة المتواصلة».

وأضاف أن هذه الخطوة يمكن عدّها بمثابة «تحريك في المياه الراكدة لدعم الشعب الفلسطيني»، لكنه شدد على أن «المخيم المصري وإمكانية توسعته لاستيعاب أعداد أكبر أو حتى تنفيذ بعض الدول مخيمات مماثلة لا يجب أن يكون وضعاً دائماً للفلسطينيين داخل القطاع».

ودخلت 80 شاحنة مساعدات إنسانية وطبية وخمس شاحنات وقود إلى قطاع غزة، الاثنين، عبر معبر رفح الحدودي، حسب خالد زايد رئيس الهلال الأحمر المصري في شمال سيناء، الذي أشار في بيان له إلى استقبال المعبر أيضاً دفعة جديدة من الأجانب ومزدوجي الجنسية تمهيداً لعبورهم إلى الجانب المصري.

وفي السياق ذاته، استقبل مطار العريش الدولي في شمال سيناء، الاثنين، طائرة مساعدات سعودية تحمل مساعدات إنسانية لصالح الفلسطينيين بقطاع غزة. ووفق الهلال الأحمر المصري، تحمل الطائرة السعودية على متنها 24 طناً من المواد الطبية والغذائية المقدمة للشعب الفلسطيني في قطاع غزة.

ومن المقرر أن تبدأ الوزيرة الهولندية السابقة سيغريد كاغ عملها منسقة للشؤون الإنسانية وإعادة الإعمار في غزة اعتباراً من الاثنين 8 يناير (كانون الثاني) بعدما عُيّنت في المنصب المستحدث بناءً على قرار مجلس الأمن الدولي لإنشاء آلية برعاية أممية من أجل إنفاذ المساعدات الإنسانية إلى داخل قطاع غزة، وهو القرار الذي قالت الخارجية المصرية إنها «تأمل في أن يساهم بالإسراع في دخول المساعدات».


مقالات ذات صلة

مقتل 18 بقصف إسرائيلي على منزل في جباليا شمال قطاع غزة

المشرق العربي فلسطينيون يتفقدون موقع غارة إسرائيلية على مخيم جباليا شمال قطاع غزة (رويترز) play-circle

مقتل 18 بقصف إسرائيلي على منزل في جباليا شمال قطاع غزة

أفادت قناة تلفزيون «الأقصى»، الخميس، بمقتل 18 شخصاً في قصف إسرائيلي استهدف منزلاً يؤوي نازحين في جباليا البلد شمال قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
الخليج نائب وزير الخارجية السعودي خلال مشاركته في اجتماع جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري (واس)

السعودية: أمن المنطقة يتطلب إقامة دولة فلسطينية مستقلة

جدَّدت السعودية رفضها التام لدعوات تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه، ولأي محاولات لفرض حلول لا تحقق تطلعاته المشروعة في تقرير مصيره.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي حركة فتح تدعو حركة «حماس» إلى التوقف عن اللعب بمصير الشعب الفلسطيني (أ.ف.ب)

حركة فتح تدعو «حماس» إلى التوقف عن «اللعب بمصير الشعب الفلسطيني»

دعت اللجنة المركزية لحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح)، مساء اليوم الثلاثاء، حركة «حماس» إلى التوقف عن «اللعب بمصير الشعب الفلسطيني وفقاً لأجندات خارجية».

«الشرق الأوسط» (رام الله)
شؤون إقليمية إسرائيليون يراقبون من سديروت قطاع غزة الاثنين (أرشيفية - أ. ب)

الجيش الإسرائيلي: صفارات الإنذار تدوي في سديروت بغلاف غزة

قال الجيش الإسرائيلي إن صفارات الإنذار دوت في سديروت قرب حدود قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (القدس)
خاص فلسطينيون يتفقدون الدمار الذي خلَّفته ضربة إسرائيلية في خان يونس بقطاع غزة يوم الثلاثاء (أ.ب)

خاص «رسائل مخابراتية وإغراءات مالية»... إسرائيل تضغط لتهجير الغزيين

يواجه سكان غزة «ضبابية» تكتنف مشهد «التهجير» الذي تحاول إسرائيل فرضه بأساليب وتكتيكات مختلفة، مستغلة حاجتهم الماسَّة لحياة آمنة بعيداً عن القصف والدمار.

«الشرق الأوسط» (غزة)

وفد من دروز سوريا يزور مقاماً دينياً في إسرائيل

حافلة تقل رجال دين سوريين من الدروز تعبر خط الهدنة باتجاه الجولان المحتل (أرشيفية - رويترز)
حافلة تقل رجال دين سوريين من الدروز تعبر خط الهدنة باتجاه الجولان المحتل (أرشيفية - رويترز)
TT
20

وفد من دروز سوريا يزور مقاماً دينياً في إسرائيل

حافلة تقل رجال دين سوريين من الدروز تعبر خط الهدنة باتجاه الجولان المحتل (أرشيفية - رويترز)
حافلة تقل رجال دين سوريين من الدروز تعبر خط الهدنة باتجاه الجولان المحتل (أرشيفية - رويترز)

يتوجَّه قرابة 600 رجل دين درزي، الجمعة، من سوريا إلى إسرائيل؛ للمشارَكة في إحياء مناسبة دينية، وفق ما أفاد مصدران محليان «وكالة الصحافة الفرنسية»، في ثاني زيارة من نوعها منذ الشهر الماضي.

وتأتي الزيارة في إطار تقليد سنوي متّبع منذ أكثر من 140 عاماً، ويقضي بزيارة رجال دين دروز من لبنان وسوريا والأردن مقام النبي شعيب في منطقة الجليل في الفترة الممتدة بين 22 و25 أبريل (نيسان) من كل عام. وتوقَّفت تباعاً مشارَكة دروز البلدان الثلاثة في هذا التقليد خصوصاً بعد نكبة عام 1948.

وفد رجال الدين الدروز السوريين وسط مستقبليهم لدى زيارة مقام النبي شعيب في الجولان المحتل (أرشيفية - رويترز)
وفد رجال الدين الدروز السوريين وسط مستقبليهم لدى زيارة مقام النبي شعيب في الجولان المحتل (أرشيفية - رويترز)

وقال أبو يزن، مختار بلدة حضر الواقعة في مرتفعات الجولان التي تحتل إسرائيل قسماً منها، والمشارِك في الزيارة لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «إن 400 رجل دين من البلدة، ومن مدينة جرمانا (إحدى ضواحي دمشق)، سيتوجَّهون إلى إسرائيل، بعدما رفع الجانب الإسرائيلي أسماءهم إلينا».

ويتولى الجانب الإسرائيلي نقلهم في حافلات من نقطة إسرائيلية مستحدثة شمال البلدة الواقعة في محافظة القنيطرة، وفق المختار.

ومن محافظة السويداء، يشارك أكثر من 150 رجل دين في الزيارة، وفق ما أفاد مصدر محلي «وكالة الصحافة الفرنسية». وقال إن الوفد «أبلغ الحكومة السورية باعتزامه التوجُّه إلى إسرائيل، من دون أن يتلقى موافقة أو رفضاً».

ويعتزم الوفد المبيت لليلة واحدة، بموافقة إسرائيلية، وفق المصدرَين.

دروز يستقبلون وفد رجال الدين السوريين لدى زيارتهم مقام النبي شعيب بالجولان المحتل (أرشيفية - رويترز)
دروز يستقبلون وفد رجال الدين السوريين لدى زيارتهم مقام النبي شعيب بالجولان المحتل (أرشيفية - رويترز)

وأوضح أبو يزن: «طلبنا البقاء لأسبوع لزيارة المقام وأبناء طائفتنا، ولكن الطرف الإسرائيلي لم يسمح لنا إلا بليلة واحدة تحت إشرافه»، مشدداً على أن هدف الزيارة «ديني فقط»، في وقت يثير تكرارها انتقادات.

وأوردت شبكة «السويداء 24» المحلية للأنباء أن «التنسيق للزيارة جرى بين هيئات دينية في سوريا وإسرائيل، حيث رفعت الهيئات الدرزية في الجليل أسماء الراغبين بالزيارة إلى السلطات الإسرائيلية، التي أعلنت من جانبها الموافقة على دخول الوفد الديني السوري والمشارَكة في إحياء المناسبة».

ويتوزَّع الدروز بين لبنان وإسرائيل والجولان المحتل وسوريا، حيث تُشكِّل محافظة السويداء (جنوب) المجاورة للقنيطرة معقلهم الرئيسي.

ومنذ اندلاع النزاع في سوريا عام 2011، تمكَّن الدروز إلى حد كبير من تحييد أنفسهم عن تداعياته. فلم يحملوا إجمالاً السلاح ضد النظام، ولا انخرطوا في المعارضة باستثناء قلة.

رجال دين دروز في انتظار الحافلات التي تقل أعضاء من المجتمع الدرزي السوري للعبور من سوريا نحو إسرائيل... الصورة في قرية مجدل شمس بمرتفعات الجولان السورية التي تسيطر عليها إسرائيل في 14 مارس 2025 (أ.ب)
رجال دين دروز في انتظار الحافلات التي تقل أعضاء من المجتمع الدرزي السوري للعبور من سوريا نحو إسرائيل... الصورة في قرية مجدل شمس بمرتفعات الجولان السورية التي تسيطر عليها إسرائيل في 14 مارس 2025 (أ.ب)

وتخلَّف عشرات آلاف الشبان عن التجنيد الإجباري، مستعيضين عن ذلك بحمل السلاح دفاعاً عن مناطقهم فقط، بينما غضَّت دمشق النظر عنهم.

وأثارت تصريحات إسرائيلية أخيراً بلبلةً في سوريا، بعدما قال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، مطلع الشهر الماضي، إنه «إذا أقدم النظام على المساس بالدروز فإننا سنؤذيه»، وذلك إثر اشتباكات محدودة في مدينة جرمانا التي يقطنها دروز ومسيحيون.

وأبدى قادة ومرجعيات دينية درزية رفضهم التصريحات الإسرائيلية. وأكدوا تمسُّكهم بوحدة سوريا، وهو ما أكده الرئيس الانتقالي أحمد الشرع بدعوته المجتمع الدولي إلى الضغط على إسرائيل للانسحاب «الفوري» من مناطق توغَّلت فيها في جنوب سوريا، عقب إطاحة الرئيس المخلوع بشار الأسد.