اليمن: مسلحون في مأرب يهددون باستهداف المنشآت النفطية

8 قتلى بينهم 3 جنود... والحكومة تتوعد باستخدام القوة

المسلحون في مأرب يصعّدون ضد  قرار رفع أسعار الوقود (إعلام محلي)
المسلحون في مأرب يصعّدون ضد قرار رفع أسعار الوقود (إعلام محلي)
TT

اليمن: مسلحون في مأرب يهددون باستهداف المنشآت النفطية

المسلحون في مأرب يصعّدون ضد  قرار رفع أسعار الوقود (إعلام محلي)
المسلحون في مأرب يصعّدون ضد قرار رفع أسعار الوقود (إعلام محلي)

دخلت المواجهات بين القوات الحكومة في اليمن في محافظة مأرب، ومسلحين قبليين يعارضون قرار رفع أسعار الوقود بنسبة ثُلث قيمته في بقية المناطق، مرحلة خطرة مع تهديد هؤلاء المسلحين باستهداف منشآت صافر النفطية، وارتفاع عدد القتلى إلى 8 أشخاص بينهم 3 جنود.

مصادر محلية في مأرب ذكرت لـ«الشرق الأوسط» أن 3 من أفراد الجيش قُتلوا على يد مسلحين مجهولين على الطريق الدولية في مديرية الوادي في ضواحي عاصمة المحافظة، كما قُتل سائق إحدى الشاحنات على الطريق نفسها، حيث يواصل المسلحون القبليون إغلاقها ومنع مرور شاحنات الوقود وغاز الطهي بشكل كامل؛ للضغط على الحكومة للتراجع عن قرار تحريك سعر الوقود.

أسلحة مضادة للطائرات بحوزة القبائل في مأرب (إعلام محلي)

وفي خطوة غير مسبوقة، هدد متحدث باسم المسلحين القبليين الذين يعارضون زيادة أسعار الوقود، باستهداف منشآت صافر لإنتاج وتكرير النفط، إذا لم تتراجع الحكومة خلال يومين عن قرارها بتحريك سعر صفيحة الوقود من 3500 ريال إلى 8000 ريال يمني.

ويأتي التهديد مع أن هذا السعر يعادل ثلث السعر المعمول به في بقية مناطق سيطرة الحكومة، وهو يعادل السعر المعمول به أيضاً في مناطق سيطرة الحوثيين (الدولار في مناطق سيطرة الحكومة نحو 1500 ريال، وفي مناطق سيطرة الحوثيين 530 ريالاً).

ورفض المتحدث باسم المسلحين القبليين مقترحات السلطة المحلية بزيادة 500 ريال فقط على سعر صفيحة البنزين، ليصبح سعرها 4 آلاف ريال بدلاً عن 8 آلاف كما قررت الحكومة منذ بداية العام وتأخر تطبيق القرار إلى الآن. وقال إن المعالجات التي لا تقضي إلى إلغاء الزيادة بشكل تام «ستكون مضيعة للوقت»، ونصح الحكومة باستغلال المهلة المحددة من قبل المحتجين وتلبية مطالبهم، وأكد أنهم لن يقبلوا بالحلول الجزئية.

محاولة للتهدئة

تهديدات المسلحين القبليين وُوجهت باعتراض قطاع عريض من السكان في محافظة مأرب، إذ إن الحوثيين أنفسهم لم يجرؤوا على التهديد بضرب المنشآت النفطية، التي تعني كثيراً لسكان مأرب خصوصاً واليمن عموماً، واتهم السكان أطرافاً داخل صفوف المعترضين بالسعي لتدمير مقدرات البلاد، بحجة الخلاف مع الجهات الحاكمة.

المسلحون في مأرب يمنعون منذ أيام مرور شاحنات الوقود من وإلى منشآت إنتاج وتكرير النفط (إعلام محلي)

وأتت التطورات بعد لقاء عقده عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني محافظ مأرب سلطان العرادة، مع المشايخ والوجهاء والشخصيات الاجتماعية والعلماء بمديرية مأرب الوادي وكرس؛ لمناقشة الوضع العام ومتطلبات المرحلة في ضوء التحديات الماثلة والمتوقعة على مختلف الأصعدة.

ووضع العرادة - وفق الإعلام الرسمي - الحضور أمام التوجيهات الرئاسية والقرارات الحكومية المتعلقة بالزيادة السعرية لمادة البنزين بالمحافظة في إطار منظومة الإصلاحات الاقتصادية وإصلاح المالية العامة للدولة، وأكد أهمية وقوف أبناء المحافظة صفاً واحداً كما هو معهود منهم إلى جانب الدولة والحكومة الشرعية، والتفافهم حولها لدعم قراراتها وجهودها للحفاظ على السكينة العامة وترسيخ الأمن والاستقرار.

بدوره، أكد رئيس هيئة الأركان العامة قائد العمليات المشتركة في الجيش اليمني، الفريق الركن صغير بن عزيز، خلال اللقاء، أن تثبيت الأمن والاستقرار أولوية قصوى في هذه المرحلة.

وقال بن عزيز: «على قبائل مأرب وسكانها مساندة المؤسستَين الأمنية والعسكرية للحد من الظواهر السلبية، ومواجهة الأعمال التخريبية، وردع المخربين الذين يسعون لخدمة العدو بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، ويلهثون وراء أطماع شخصية».

محافظ مأرب ورئيس الأركان اليمني يقودان مساعي احتواء المواجهة مع القبائل (إعلام حكومي)

وكانت الأحزاب والتنظيمات السياسية في مأرب أصدرت بياناً حول الأحداث الأخيرة التي رافقت قرار الحكومة بمعالجة أسعار المشتقات النفطية، وما صاحبه من حدوث شغب وقطع للطرقات واشتباكات مع أجهزة الأمن. وقالت إنها تخشى أن يسعى العدو المتربص بالمحافظة، في إشارة إلى الحوثيين، إلى استغلال هذه الأحداث لتحقيق أهدافه.

وطالبت الأحزابُ، في بيانها، مجلسَ القيادة الرئاسي والحكومة بإحداث نوع من التوازن الاقتصادي بما يتناسب مع غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار، وذلك من خلال إعادة النظر في الأجور والمرتبات للقطاعَين العسكري والمدني.

تلويح باستخدام القوة

ذكرت اللجنة الأمنية والعسكرية في محافظة مأرب اليمنية، أنها تتابع التطورات الجارية بمديرية الوادي، وما تقوم به العناصر التخريبية من جرائم قتل وقطع الطرقات وتعطيل المصالح العامة، وآخرها جريمة القتل العمد لثلاثة جنود داخل سيارتهم خلال مرورهم بالطريق العامة. وشددت على أنها ستتعامل بحزم مع التهديدات باستهداف المنشآت النفطية. ‏

وأوضحت اللجنة، في بيان وزّعه المركز الإعلامي للقوات المسلحة اليمنية، أن هذه العناصر أقدمت على قتل سائق شاحنة من عابري السبيل، وإحراق شاحنة نقل لأحد المواطنين، وتزامَن ذلك مع تفجير أنبوب النفط بين منطقتي ريدان وصافر، قبل يومين، وما يرافق ذلك من تحريض تتخادم فيه جهات عدة معادية لأمن واستقرار المحافظة.

‏ووفق بيان اللجنة الأمنية، فإن العناصر التي تقوم بتلك الأعمال لها سوابق في الاختطافات والتقطعات والقتل والاعتداء على النقاط الأمنية والعسكرية، وصدرت بحق عدد منهم أوامر قبض قهرية سابقة من الجهات القضائية.

وزير الدفاع اليمني مجتمعاً مع كبار القادة في عدن (سبأ)

‏ونبهت اللجنة إلى ما صدر من بيانات عن تلك العناصر تحرّض على العنف، والتهيئة للأعمال الإرهابية ضد المنشآت النفطية السيادية، ورأت أن ما ورد في تلك البيانات يكشف حقيقة النوايا والدوافع لتلك العناصر، وزيف ادعاءاتها الكاذبة بغطاء قضايا مطلبية، والوقوف ضد قرار الحكومة بالزيادة السعرية لمادة البنزين والإصلاحات الاقتصادية.

‏اللجنة الأمنية أكدت أن رجال القوات المسلحة والأمن لا يزالون يتعاملون بمسؤولية وصبر؛ لإعطاء الفرصة للمغرر بهم ممن التحقوا بتلك العناصر للعودة إلى جادة الصواب، وتغليب المصلحة العامة، بعد انكشاف حقيقة دوافع مَن يتصدرون تلك التجمعات.

‏وجددت التأكيد أنها لن تتهاون في القيام بواجباتها الدستورية والقانونية في حماية المصالح العامة، وتأمين الطرقات، وحفظ الأمن والاستقرار، وأنها ستتعامل بكل قوة وحزم مع كل مَن تسول له نفسه المساس باستقرار المحافظة.


مقالات ذات صلة

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

العالم العربي الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

أحال رئيس الحكومة اليمنية، أحمد بن مبارك، رئيس مؤسسة نفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

تتزايد مخاطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بسبب تفاقم الأزمة الاقتصادية، في حين تتصاعد الدعوات لإجراء حلول عاجلة ودائمة تمكن الحكومة من السيادة على الموارد.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً جديدةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)

نصف سكان اليمن يواجهون تهديدات زائدة بسبب تغير المناخ

نبه البنك الدولي إلى المخاطر الزائدة التي يواجهها اليمن نتيجة لتغير المناخ وأكد أن سكاناً كثيرين يواجهون تهديدات مثل الحرارة الشديدة والجفاف والفيضانات

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي مقر البنك المركزي اليمني في عدن (إعلام حكومي)

«المركزي اليمني» يستهجن مزاعم تهريب أموال إلى الخارج

استهجن البنك المركزي اليمني أنباء راجت على مواقع التواصل الاجتماعي تدعي قيام البنك بتهريب الأموال في أكياس عبر المنافذ الرسمية، وتحت توقيع المحافظ.

«الشرق الأوسط» (عدن)

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
TT

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

في خطوة إضافية نحو مكافحة الفساد ومنع التجاوزات المالية، أحال رئيس الوزراء اليمني، الدكتور أحمد عوض بن مبارك، رئيس إحدى المؤسسات النفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

تأتي الخطوة متزامنة مع توجيه وزارة المالية خطاباً إلى جميع الجهات الحكومية على المستوى المركزي والسلطات المحلية، أبلغتها فيه بالامتناع عن إجراء أي عقود للشراء أو التزامات مالية جديدة إلا بعد الحصول على موافقة مسبقة من الوزارة.

الخزينة اليمنية خسرت نحو 3 مليارات دولار نتيجة توقف تصدير النفط (إعلام محلي)

وقال بن مبارك في حسابه على «إكس» إنه أحال ملفاً جديداً في قضايا الفساد إلى النائب العام، ضمن إجراءات مستمرة، انطلاقاً من التزام الحكومة المطلق بنهج مكافحة الفساد وإعلاء الشفافية والمساءلة بوصفه موقفاً وليس مجرد شعار.

وأكد أن الحكومة والأجهزة القضائية والرقابية ماضون في هذا الاتجاه دون تهاون، مشدداً على أنه لا حماية لمن يثبت تورطه في نهب المال العام أو الفساد المالي والإداري، مهما كان موقعه الوظيفي.

في السياق نفسه، أوضح مصدر حكومي مسؤول أن مخالفات جديدة في قضايا فساد وجرائم تمس المال العام تمت إحالتها إلى النائب العام للتحقيق واتخاذ ما يلزم، من خلال خطاب وجّه إلى النيابة العامة، يتضمن المخالفات التي ارتكبها المدير التنفيذي لشركة الاستثمارات النفطية، وعدم التزامه بالحفاظ على الممتلكات العامة والتصرف بشكل فردي في مباحثات تتعلق بنقل وتشغيل أحد القطاعات النفطية.

وتضمن الخطاب -وفق المصدر- ملفاً متكاملاً بالمخالفات التي ارتكبها المسؤول النفطي، وهي الوقائع التي على ضوئها تمت إحالته للتحقيق. لكنه لم يذكر تفاصيل هذه المخالفات كما كانت عليه الحال في إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة التسبب في إهدار 180 مليون دولار.

وجدّد المصدر التزام الحكومة المُطلق بالمحافظة على المال العام، ومحاربة جميع أنواع الفساد، باعتبار ذلك أولوية قصوى. وأشار إلى أن القضاء هو الحكم والفيصل في هذه القضايا، حتى لا يظن أحد أنه بمنأى عن المساءلة والمحاسبة، أو أنه فوق القانون.

تدابير مالية

في سياق متصل بمكافحة الفساد والتجاوزات والحد من الإنفاق، عمّمت وزارة المالية اليمنية على جميع الجهات الحكومية عدم الدخول في أي التزامات مالية جديدة إلا بعد موافقتها على المستويات المحلية والمركزية.

تعميم وزارة المالية اليمنية بشأن ترشيد الإنفاق (إعلام حكومي)

وذكر التعميم أنه، وارتباطاً بخصوصية الوضع الاقتصادي الراهن، واستناداً إلى قرار مجلس القيادة الرئاسي رقم 30 لعام 2022، بشأن وضع المعالجات لمواجهة التطورات في الوضع الاقتصادي والمالي والنقدي، وفي إطار دور وزارة المالية بالموازنة بين النفقات والإيرادات، فإنها تهيب بجميع الجهات المشمولة بالموازنة العامة للدولة والموازنات الملحقة والمستقلة الالتزام بالإجراءات القانونية وعدم الدخول في أي التزامات جديدة أو البدء في إجراءات عملية الشراء إلا بعد أخذ الموافقة المسبقة منها.

وأكد التعميم أن أي جهة تُخالف هذا الإجراء ستكون غير مسؤولة عن الالتزامات المالية المترتبة على ذلك. وقال: «في حال وجود توجيهات عليا بشأن أي التزامات مالية فإنه يجري عرضها على وزارة المالية قبل البدء في إجراءات الشراء أو التعاقد».

دعم صيني للإصلاحات

وناقش نائب محافظ البنك المركزي اليمني، محمد باناجة، مع القائم بالأعمال في سفارة الصين لدى اليمن، تشاو تشنغ، مستجدات الأوضاع المتعلقة بتفاقم الأزمات المالية التي يشهدها اليمن، والتقلبات الحادة في أسعار الصرف التي تُعد نتيجة حتمية للوضع الاقتصادي المتدهور في البلاد، والذي أثر بشكل مباشر على القطاع المصرفي والمالي.

وأعاد المسؤول اليمني أسباب هذا التدهور إلى اعتداء «ميليشيات الحوثي» على منشآت تصدير النفط، ما أدى إلى توقف التصدير، الذي يُعد أهم مصدر لتمويل خزينة الدولة بالنقد الأجنبي، والذي تسبب في مضاعفة العجز في الموازنة العامة وميزان المدفوعات.

نائب محافظ البنك المركزي اليمني خلال لقائه القائم بالأعمال الصيني (إعلام حكومي)

وخلال اللقاء الذي جرى بمقر البنك المركزي في عدن، أكد نائب المحافظ أن إدارة البنك تعمل جاهدة على تجاوز هذه التحديات، من خلال استخدام أدوات السياسة النقدية المُتاحة. وأشار إلى استجابة البنك بالكامل لكل البنود المتفق عليها مع المبعوث الأممي، بما في ذلك إلغاء جميع الإجراءات المتعلقة بسحب «نظام السويفت» عن البنوك التي لم تنقل مراكز عملياتها إلى عدن.

وأعاد المسؤول اليمني التذكير بأن الحوثيين لم يتخذوا أي خطوات ملموسة، ولم يصدروا بياناً يعبرون فيه عن حسن نياتهم، في حين أكد القائم بأعمال السفارة الصينية دعم الحكومة الصينية للحكومة اليمنية في كل المجالات، ومنها القطاع المصرفي، للإسهام في تنفيذ الإصلاحات.