أكد البطريرك الماروني بشارة الراعي أن أعضاء البرلمان اللبناني لا يستطيعون أن يعطوا ما لا يملكون في الاستحقاق الرئاسي، آسفاً لـ«عدم تمكنهم من إجراء تحول يحملهم على انتخاب رئيس للجمهورية كفوءٍ، نظيف اليد، حرٍّ ومتجرّدٍ من أي مصلحة شخصية أو فئوية».
ويعاني لبنان من شغور في رئاسة الجمهورية منذ انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون في 31 أكتوبر (تشرين الأول) 2022، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على اسم يحظى بتأييد ثلثي أعضاء البرلمان في الدورة الانتخابية الأولى، أو تأمين نصاب الثلثين في الجلسة لعقد الدورة الثانية. وفشل البرلمان على مدى 12 جلسة بانتخاب رئيس.
وقال الراعي في عظة الميلاد: «كنا ننتظر تحولاً في نفوس المسؤولين، وبخاصة في نفوس نواب الأمة وتكتلاتهم. انتظرناه منهم عيدية الميلاد، والسنة الجديدة 2024، ولكن بحسب المبدأ المعروف: لا أحد يستطيع أن يعطي ما لا يملك!».
وتطرق الراعي إلى أزمة «الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي» التي توفر تغطية صحية والتعويضات العائلية للموظفين، الذي «راح ينهار شيئاً فشيئاً على كلٍ من الصعيد المالي، وتوظيف أمواله، ومديونيته، وإدارته، وتأخير مكننته، وحرمان المضمونين من فقدان التغطية الصحية»، معتبراً أن «مأساة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، بل عجزه المتفاقم على كل هذه الأصعدة بشكلٍ كارثي خطير ينذر بأقبح العواقب في ظل الانهيار الاقتصادي وارتفاع معدلات البطالة بشكل غير مسبوق». وقال: «إننا في الميلاد نصلي من أجل انتخاب رئيس للجمهورية، وإجراء الإصلاحات المنتظرة، وإخراج الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي من معوّقاته المعروفة من الذين تعبوا وعملوا فيه بروح المسؤولية، ويشاهدون اليوم انهياره».
عودة وصورة لبنان
وتكررت الصرخة نفسها على لسان متروبوليت بيروت وتوابعها المطران إلياس عودة، حيث سأل في قداس الميلاد عن «الضمير في السكوت عن غياب رئيس للدولة وقد مر أكثر من سنة على شغور كرسي الرئاسة، والدولة تنهار والمواطنون يعانون والإدارة في شلل ينعكس سلباً على حياة الناس، وصورة لبنان تتقهقر أكثر فأكثر». وأضاف: «المواطن اللبناني قلق على غده وعلى مصيره، وقد سئم الانتظار وسئم التعويل على نواب وزعماء ومسؤولين لم يكونوا على قدر المسؤولية، ولا يدركون مدى الضرر الذي يسببه تقاعسهم عن معالجة الوضع».
لا إصلاحات في ظل الشغور
ويحول الشغور الرئاسي دون الشروع بتطبيق الإصلاحات المطلوبة للنهوض بالبلاد من أزماتها. وهذا ما حذر منه النائب عن كتلة «القوات اللبنانية» جورج عقيص الذي قال في حديث إذاعي: «لا القرارات الدولية ولا أي تطوير أو إصلاح حقيقي قد يبصر النور من دون رأس للجمهورية يتمتع بحد أدنى من المواصفات التي تعيد لنا التفاؤل بالإتيان بحكومة فاعلة من الأكفاء المتخصصين والوصول إلى قضاء يعمل ويفصل بين الناس وإبعاد المؤسسة العسكرية عن الغيمة التي مرت بها بسبب الشخصنة والكيد السياسي».
وكانت كتلة «الجمهورية القوية» (القوات اللبنانية) شاركت في جلسة برلمانية تشريعية أدت إلى تمديد ولاية قائد الجيش عاماً كاملاً في موقعه، وشدد نائب رئيس حزب «القوات» النائب جورج عدوان على «أهمية النهج والانتصار الذي تحقق بعدم السماح لتسلل الفراغ إلى رأس المؤسسة العسكرية»، وقال في حديث إذاعي: «هذا الانتصار الذي حققناه لكل اللبنانيين خطوة على الطريق التي نسير فيها والتي يجب أن تترجم بانتخاب رئيس جمهورية قراره بيده ويستعيد الجمهورية الخاضعة للهيمنة إضافة إلى استعادة الحكومة قرار الحرب والسلم ووضع مصلحة لبنان قبل مصلحة أي محور أو أي فريق».