بعدما الكشف عن أن الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو تعرقل المفاوضات مع حركة «حماس» حول صفقة تبادل أسرى تشمل وقف إطلاق النار، احتجّ منتدى عائلات المخطوفين في تل أبيب واتهمها بإدارة «لعبة روليت روسية» على حساب أرواح أبنائها. وشكك ناطقون باسم المنتدى حتى في الأنباء إلى أفادت بأن الحكومة أبلغت مصر بأنها منفتحة على سماع اقتراحات جديدة لمواصلة المفاوضات لإطلاق سراح الأسرى، وقالوا إن نتنياهو يُفشل المفاوضات، وما يفعله جاء بعد ممارسة ضغط أميركي عليه.
وكشفت مصادر في تل أبيب جوانب أخرى من طرق عمل الحكومة تزيد الشكوك من حولها، وقالت إن رئيس «الموساد»، دودي بارنياع، كان قد اقترح السفر إلى الدوحة لجس النبض حول احتمالات استئناف المفاوضات، لكنّ الحكومة رفضت ذلك ومنعته من السفر. والتفسير الذي أعطته هو أن «قيادة حماس في قطر لا تنجح في التواصل مع القيادة في قطاع غزة، برئاسة يحيى السنوار، لذلك فلا جدوى من التفاوض». وقد تَبيّن أن سبب عدم التواصل السليم يعود إلى التكنولوجيا الإلكترونية التي تستخدمها إسرائيل في الحرب على غزة.
الأسرى في «قاع الاهتمام»
وقد أثار منع سفر بارنياع غضباً شديداً لدى عائلات الأسرى الإسرائيليين التي رأت فيه دليلاً على عدم جدية الحكومة وعلى وضعها موضوع الأسرى في قاع سلم الاهتمام. ومع زيادة القلق على حياة أبنائهم، جراء استمرار القصف الإسرائيلي على غزة وما نُشر عن تقديرات المخابرات الأميركية أن نحو نصف الغارات الإسرائيلية على غزة كانت عشوائية بلا تخطيط مدروس، قال الناطق بلسانها إن «الحكومة تدير لعبة روليت روسية على رقاب أولادنا وحياتهم». وطالب بوقف الحرب فوراً وتكريس كل الوقت وكل الجهد لغرض المفاوضات.
وفي واشنطن، أعلن يونتان ديكل والد أحد المخطوفين، الذي التقى سبعة من أرباب العائلات الذين اجتمعوا مع الرئيس الأميركي جو بايدن، في البيت الأبيض، يوم الأربعاء، أن الولايات المتحدة هي التي تبذل جهوداً مخلصة لإطلاق سراح المخطوفين الإسرائيليين. وأضاف، لدى خروجه من اللقاء الذي استغرق ساعتين: «إذا كانت لدينا بقايا أمل حقيقي فهو ليس من حكومتنا الفاشلة والمستهترة بل من الرئيس بايدن. فهذا الرجل، الذي يقود أكبر دولة في العالم، يجد من وقته ساعتين لسماعنا وللإنصات إلى صرخات آلامنا، وأكد لنا أنه يبذل جهوداً كبيرة مع كل الأطراف للدفع نحو صفقة تبادل تنقذ حياة أبنائنا. هذا قائد حقيقي وليس مثل رئيس حكومتنا، الذي يتلاعب بمصائر أولادنا».
دعم أعمى للحرب
من جهة أخرى، يتذمر الناطقون بلسان منتدى العائلات من تصرفات عدد من الإعلاميين الإسرائيليين، وليس فقط في اليمين المتطرف، عن دعم الحرب بشكل أعمى، مؤكدين أن هذا الأسلوب يساعد الحكومة على سياستها في مواصلة الحرب وإهمال قضية الأسرى.
ووصف يوسي كلاين في «هآرتس» هذا الموقف بأنه «قمة في الغباء والغطرسة». وقال المحللون، الذين يتكلم المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي بحناجرهم: «نحن نحتاج إلى المزيد من الوقت من أجل تحقيق أهداف الحرب. وماذا عنّا؟ ماذا عن الجمهور الذي أرسل أولاده إلى الجبهة؟ ألا تسألونه؟ هل هو مستعد لوقت طويل في هذه الحرب في ظل هذه الحكومة؟ الوقت هو السلم الذي سننزل عليه من شجرة الانهيار. لو حصلنا على المزيد من الوقت لكنا قد دمرناهم، هكذا سيقول الجنرالات الذين عوّلوا على التدمير كذريعة للتقليل من العقاب. صور الدمار والمدنيون بالملابس الداخلية التي تُنشر لم تستهدف (حماس)، بل تستهدفنا، تريد منا أن نفرح!».
ويقول المحللون أيضاً: «لكنهم لا يقولون إن ذلك يعمل في غير صالح المخطوفين. وهم يعرفون أن المخطوفين، سواء كانوا أحياء أم أمواتاً، سيغطون على أي انتصار. هم يخفضون المعنويات الوطنية ويؤخرون الانتصار. من يطالب بإعادتهم الآن، ومن يطالب بإنهاء المهمة، فهو يتنازل عن حياتهم. في حيّنا حياة الإنسان غير مهمة. عندما جعلوا الفلسطينيين يسيرون بالملابس الداخلية في طابور فقد تأثر تسفي يحزقيلي بسرور لأننا بدأنا الحديث بلغة الحي. لغة الحي وميليشيات بن غفير ستسيطر هنا في اليوم التالي، وإذا كانت (حماس) تبحث عن الانتصار فهذا سيكون انتصارها».
الجدير ذكره أن هناك 138 أسيراً إسرائيلياً وأجنبياً لدى «حماس»، بينهم 17 سيدة، منهن 5 مجندات في الخدمة النظامية، وأخريات مجندات احتياط، بالإضافة إلى عدد من كبار السن، ومجندَين نظاميَّين اثنين، وثلاثة جثامين لأم وطفليها، وجثمانين لاثنين من كبار السن. وتطالب «حماس» حالياً لإطلاق سراحهم، بوقف الحرب وإطلاق سراح جميع الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية.