أعلن البنك الدولي في تقرير صدر اليوم الخميس أن الاقتصاد الصيني سيتباطأ في عام 2024، حيث سينخفض النمو السنوي إلى 4.5 في المائة من 5.2 في المائة هذا العام على الرغم من الانتعاش الأخير الذي حفزته الاستثمارات في المصانع والبناء والطلب على الخدمات.
وأشار التقرير إلى أن تعافي ثاني أكبر اقتصاد في العالم من انتكاسات جائحة «كوفيد - 19»، من بين صدمات أخرى، لا يزال «هشاً»، ويواجه ضعفاً في قطاع العقارات وفي الطلب العالمي على صادرات الصين، وارتفاعاً في مستويات الديون والتقلبات في ثقة المستهلك، بحسب وكالة «أسوشييتد برس».
نمو الاقتصاد يتراجع
وكانت التقديرات التي تشير إلى أن النمو سيصل إلى نحو 5 في المائة هذا العام ثم يتراجع في الأشهر المقبلة متسقة مع توقعات أخرى. وقال البنك الدولي إنه من المتوقع أن يتباطأ النمو أكثر في عام 2025، إلى 4.3 في المائة من 4.5 في المائة العام المقبل.
وانتعش الاقتصاد في السنوات القليلة الماضية، حيث تراوح النمو من 2.2 في المائة في 2020 إلى 8.4 في المائة في 2021 و3 في المائة العام الماضي. وأثرت القيود الصارمة على السفر والأنشطة الأخرى خلال الوباء على التصنيع والنقل. وقد أدى فقدان الوظائف بسبب تلك الاضطرابات والحملة الصارمة على قطاع التكنولوجيا، إلى جانب الانكماش في صناعة العقارات، إلى دفع العديد من الصينيين إلى تضييق محافظهم.
خلق وظائف منخفضة المهارات
ووفقاً للتقرير، فإن معظم الوظائف التي تم إنشاؤها خلال فترة التعافي في الصين كانت أعمالاً منخفضة المهارات في صناعات الخدمات منخفضة الأجر. ويتوخى الصينيون الحذر أيضاً نظراً للطبيعة الهشة لشبكات الأمان الاجتماعي وحقيقة أن السكان يشيخون بسرعة، وهو ما يفرض عبئاً أثقل على الأجيال الشابة لدعم كبار السن.
وقال التقرير: إن «التوقعات معرضة لمخاطر هبوطية كبيرة»، مضيفاً أن التباطؤ المطول في قطاع العقارات سيكون له تداعيات أوسع نطاقاً ويزيد الضغط على الموارد المالية للحكومات المحلية المتوترة بالفعل، في وقت يشكل فيه ضعف الطلب العالمي خطراً على المصنعين.
الحاجة إلى إصلاحات هيكلية
وسلط التقرير الضوء على حاجة الصين إلى مواصلة إصلاحات هيكلية واسعة النطاق، وأشار إلى أن التحركات التي تتخذها الحكومة المركزية لتحمل عبء دعم الحكومات المحلية التي تعاني من ضائقة مالية من شأنها أن تساعد أيضاً في تحسين الثقة في الاقتصاد.
وقد تناول قادة الصين مثل هذه القضايا في مؤتمرهم السنوي للعمل الاقتصادي المركزي في وقت سابق من هذا الأسبوع، الذي حدد الأولويات للعام المقبل، لكن تقارير وسائل الإعلام الرسمية حول المؤتمر لم تقدم تفاصيل عن السياسات.
تحديات قطاع العقارات المتعثر
وقال التقرير إن الاستثمار العقاري انخفض بنسبة 18 في المائة في العامين الماضيين، وهناك حاجة إلى بذل المزيد من الجهود لتسوية مئات المليارات من الدولارات من الديون غير المدفوعة لمطوري العقارات المثقلين بالديون.
وأشار إلى أن قيمة مبيعات العقارات الجديدة انخفضت بنسبة 5 في المائة في الفترة من يناير (كانون الثاني) إلى أكتوبر (تشرين الأول) مقارنة بالعام السابق، بينما انخفض بدء العقارات الجديدة بأكثر من 25 في المائة. وكان التباطؤ أسوأ في المدن الصغيرة التي تمثل نحو 80 في المائة من السوق في الدولة التي يبلغ عدد سكانها 1.4 مليار نسمة.
وقد تم تعويض بعض هذا الضعف من خلال الاستثمار القوي في التصنيع، وخاصة في مجالات مثل السيارات الكهربائية والبطاريات وغيرها من تكنولوجيات الطاقة المتجددة وفي المجالات ذات الأهمية الاستراتيجية مثل رقائق الكمبيوتر التي تحظى بدعم حكومي قوي.
انتعاش الإنفاق الاستهلاكي
من أجل الحفاظ على نمو قوي، تحتاج الصين إلى انتعاش الإنفاق الاستهلاكي، الذي انخفض خلال موجة أوميكرون «كوفيد - 19»، وظل دون المستوى منذ أواخر عام 2021، حسبما ذكر التقرير.
وأشار البنك الدولي إلى أن المكاسب من زيادة الاستثمارات في البناء في بلد لديه بالفعل عدد كبير من الطرق الحديثة والموانئ والسكك الحديدية ومشاريع الإسكان، فضلاً عن الطاقة الفائضة الهائلة في الأسمنت والصلب والعديد من قطاعات التصنيع الأخرى، ستمنح الاقتصاد دفعة أقل مما يمكن تحقيقه من خلال زيادة الإنفاق الاستهلاكي.