ما خيارات الضغط على داعمي إسرائيل لوقف «حرب غزة»؟

عقب تأييد 153 دولة بالأمم المتحدة لمشروع قرار عربي - إسلامي

دخان يتصاعد بعد الغارات الإسرائيلية على رفح بالقرب من الحدود الفلسطينية - المصرية في جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
دخان يتصاعد بعد الغارات الإسرائيلية على رفح بالقرب من الحدود الفلسطينية - المصرية في جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

ما خيارات الضغط على داعمي إسرائيل لوقف «حرب غزة»؟

دخان يتصاعد بعد الغارات الإسرائيلية على رفح بالقرب من الحدود الفلسطينية - المصرية في جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
دخان يتصاعد بعد الغارات الإسرائيلية على رفح بالقرب من الحدود الفلسطينية - المصرية في جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

في غضون أقل من شهرين، صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة للمرة الثانية بأغلبية كبيرة لصالح قرار (غير ملزم) يطالب بـ«وقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية في قطاع غزة»، وهو ما اعتبر تجسيداً لـ«الموقف الحقيقي للرأي العام الدولي الرسمي المؤيد لتلك الدعوة»، الأمر الذي عده خبراء فرصة سانحة لمزيد من التحركات و«الضغوط» العربية والإسلامية ومن جانب الدول الداعمة لوقف إطلاق النار في غزة من أجل تصعيد الضغوط لتحقيق تلك الغاية.

التصويت الأخير جاء، مساء (الثلاثاء)، في جلسة استثنائية طارئة عقدتها الجمعية العامة التي تضم 193 دولة، وبأغلبية 153 دولة صوتت لصالح مشروع قرار مصري - موريتاني يطالب بـ«الوقف الإنساني لإطلاق النار والإفراج الفوري عن جميع الرهائن وضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة». وفي المقابل، صوتت 10 دول ضد القرار أبرزها الولايات المتحدة، وإسرائيل، والنمسا، وغواتاميلا، والتشيك، وناورو، ولايات ميكرونيسيا المتحدة، وبراغوي، وبابوا غينيا الجديدة.

وبدا لافتاً أن لائحة الدول التي امتنعت عن التصويت، وعددها 23 دولة، ضمت دولاً أوروبية سبق وأن دافعت عما وصفته بـ«حق إسرائيل في الدفاع عن النفس»، ومنها ألمانيا وإيطاليا وبريطانيا وأوكرانيا.

الجمعية العامة للأمم المتحدة صوتت مساء الثلاثاء على الدعوة إلى وقف للنار في حرب غزة (رويترز)

وقال الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، إن أغلبية 153 تأييداً لمشروع القرار المطروح على الجمعية العامة لوقف فوري إطلاق النار في غزة «تعكس الموقف الحقيقي للرأي العام الدولي الرسمي المؤيد لتلك الدعوة وليس مجلس الأمن». ووصف أبو الغيط في تدوينة له على حسابه الرسمي بمنصة «إكس» (تويتر سابقاً)، الأربعاء، المعترضين على القرار أو الممتنعين عن التصويت عليه بأنهم «يقفون على الجانب الخطأ من التاريخ».

وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة اعتمدت في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، قراراً يدعو إلى «هدنة إنسانية فورية دائمة ومستدامة تفضي إلى وقف القتال في غزة»، أيده 121 صوتاً، مقابل 14 صوتاً معارضاً، وامتناع 44 عن التصويت.

ومنعت الولايات المتحدة، الأسبوع الماضي، إصدار قرار مماثل في مجلس الأمن، واستخدمت حق النقض (الفيتو) ضده للمرة الثانية منذ السابع من أكتوبر الماضي، لعرقلة وقف إطلاق النار، ما زاد من حدة الانتقادات الدولية للموقف الأميركي الداعم لإسرائيل، ووصفت السلطة الوطنية الفلسطينية «الفيتو» الأميركي بأنه «يجعل من الولايات المتحدة شريكاً في الجرائم الإسرائيلية».

ثقل أخلاقي

ورغم عدم وجود إلزام قانوني بتنفيذ القرار؛ فإن أستاذ القانون الدولي بجامعة القاهرة، أحمد أبو الوفا، يرى أنه «يتمتع بثقل أخلاقي كبير»، مشيراً إلى أن «عدد الدول التي وافقت على مشروع القرار بلغ 15 ضعف عدد الدول التي رفضته، وهذا يعكس حجم الإجماع الدولي رسمياً وشعبياً على ضرورة وقف المجازر الإسرائيلية والإبادة الجماعية التي ترتكبها قوات الاحتلال في غزة».

وأوضح أبو الوفا لـ«الشرق الأوسط» أن «عجز مجلس الأمن عن إصدار قرار ملزم بوقف إطلاق النار، لا يعني التوقف عن إثارة القضية في المنظمات والأجهزة الدولية المعنية، بل يجب تكثيف الضغط السياسي والدبلوماسي، وأيضاً الاقتصادي والعسكري ضد العدوان»، مشيراً إلى أهمية «الحفاظ على حالة الزخم الرسمي والشعبي التي يعكسها القرار في معظم دول العالم لخلق رأي عام عالمي ضاغط لوقف الحرب وتوفير كل سبل الدعم للشعب الفلسطيني عامة، وفي قطاع غزة على وجه الخصوص».

نازحون فلسطينيون فروا من منازلهم بسبب الضربات الإسرائيلية يحتمون في مخيم بالقرب من الحدود مع مصر (رويترز)

وفي وقت سابق، أكد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أن سلطة ومصداقية مجلس الأمن الدولي تقوضتا بسبب عدم القدرة على تبني قرار وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

استثمار الفوران

من جانبه، أشار عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، رخا أحمد حسن، إلى أهمية استثمار ما وصفه بـ«حالة الفوران العالمية» ضد الجرائم الإسرائيلية في قطاع غزة، لافتاً إلى أن تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة بوصفها «أكبر وأهم جهاز للتداول والتشاور في المنظمة الأممية يعكس تآكل الدعم الدولي للرؤية الإسرائيلية، حتى من جانب دول أوروبية سبق لها أن دعمت الموقف الإسرائيلي في بداية العدوان».

وأضاف حسن لـ«الشرق الأوسط» أن مسارات التحرك العربية والإسلامية إلى جانب الدول الرافضة لاستمرار العدوان الإسرائيلي «يجب أن تتصاعد وتيرتها وتزداد حدة الضغط على إسرائيل والولايات المتحدة لوقف هذه الاعتداءات الوحشية». مشيراً إلى أن «قرار القمة العربية الإسلامية الطارئة في الرياض الشهر الماضي تضمن إشارة لممارسة كل صور الضغط المتاحة لوقف الحرب».

وأوضح حسن أن العديد بين 57 دولة عربية وإسلامية شاركت في «قمة الرياض» لديها علاقات تجارية وعسكرية مع إسرائيل والولايات المتحدة يجب أن تكون «أداة للضغط»، إضافة إلى توظيف الدول التي لديها علاقات دبلوماسية مع تل أبيب لتلك العلاقات كأداة ضغط عبر التلويح بتجميدها أو تخفيض مستويات التمثيل الدبلوماسي بشكل فردي وجماعي.

وكانت القمة العربية الإسلامية في دورتها غير العادية التي أقيمت بالرياض في 11 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بمشاركة قادة دول وحكومات منظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية، دعت الدول الأعضاء في المنظمة والجامعة لـ«ممارسة الضغوط الدبلوماسية والسياسية والقانونية، واتخاذ أي إجراءات رادعة لوقف جرائم سلطات الاحتلال الاستعمارية ضد الإنسانية».

كما أدانت القمة «العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وجرائم الحرب والمجازر الهمجية الوحشية واللاإنسانية التي ترتكبها حكومة الاحتلال الاستعماري خلاله، وضد الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية المحتلة والقدس الشريف»، رافضة «توصيف هذه الحرب الانتقامية دفاعاً عن النفس أو تبريرها تحت أي ذريعة».


مقالات ذات صلة

«روما الرباعي»... زخم يتصاعد نحو هدنة في غزة

المشرق العربي فلسطينيون يحملون جريحاً في مستشفى «شهداء الأقصى» في أعقاب غارة إسرائيلية بدير البلح (رويترز)

«روما الرباعي»... زخم يتصاعد نحو هدنة في غزة

يلتقي الوسطاء (قطر ومصر والولايات المتحدة) في اجتماع رباعي، الأحد، بروما بمشاركة إسرائيلية، وسط مخاوف من «تجدد العراقيل الإسرائيلية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي طائرة مسيرة أطلقها «حزب الله» اللبناني في إحدى عملياته (لقطة من فيديو)

«حزب الله» يستهدف قوة إسرائيلية شمال ثكنة «يفتاح» بالمسيرات

أعلن «حزب الله» اللبناني أن عناصره استهدفوا قوة مدرعات إسرائيلية تمركزت مؤخرا شمال ثكنة «يفتاح» الإسرائيلية بالمسيرات الانقضاضية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي صورة سبق أن وزَّعها إعلام «حزب الله» لباخرة الحفر «إنرغين» قرب حقل «كاريش» بين لبنان وإسرائيل (أ.ف.ب)

«حزب الله» يلوّح باستهداف منصات الغاز في إسرائيل خلال «الحرب الشاملة»

عاد «حزب الله» ليهدد باستهداف حقول الغاز في إسرائيل في حال قررت الأخيرة توسعة الحرب على لبنان، بعدما بلغت الضغوط والتهديدات من قبل الطرفين مراحل غير مسبوقة.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي جنود من الجيش اللبناني يتفقدون حطام سيارة بعد غارة جوية إسرائيلية استهدفت قرية برج الملوك على مسافة نحو 18 كيلومتراً من مدينة النبطية الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)

ثلاثة شروط للحرب الإسرائيلية على لبنان... آخرها سياسي

قبل أن ينهي رئيس الوزراء الإسرائيلي زيارته لواشنطن أفادت هيئة البث الإسرائيلية بأن الجيش أبلغ القيادة السياسية «باكتمال الاستعدادات لإجراء مناورة برية كبيرة».

يوسف دياب

تركيا: تحييد 4 «إرهابيين» مطلوبين جنوب شرقي البلاد

عناصر من قوات الجيش التركي (أ.ف.ب)
عناصر من قوات الجيش التركي (أ.ف.ب)
TT

تركيا: تحييد 4 «إرهابيين» مطلوبين جنوب شرقي البلاد

عناصر من قوات الجيش التركي (أ.ف.ب)
عناصر من قوات الجيش التركي (أ.ف.ب)

أعلن وزير الداخلية التركي، علي يرلي قايا، السبت، تحييد 4 «إرهابيين» مطلوبين في عملية ضد تنظيم حزب العمال الكردستاني (بي كيه كيه) «الإرهابي» في ريف ولاية سيرت، جنوب شرقي البلاد، حسب ما أوردته وكالة الأنباء الألمانية.

وذكر يرلي قايا في بيان أن «الإرهابيين الأربعة شاركوا في 9 عمليات إرهابية» استشهد فيها 6 حراس أمن و5 مواطنين مدنيين، وأصيب 6 حراس أمن، و11 مواطناً مدنياً بجروح، حسب وكالة «الأناضول» التركية للأنباء.

وتستخدم تركيا كلمة تحييد للإشارة إلى المسلحين، الذين يتم قتلهم أو أسرهم أو إصابتهم من جانب القوات التركية.

ويشن الجيش التركي أيضاً عمليات عسكرية في شمال سوريا والعراق ضد حزب العمال الكردستاني «بي كيه كيه». ووفقاً لبيانات تركية، فقد تسبب «بي كيه كيه» في مقتل حوالي 40 ألف شخص (مدنيون وعسكريون) خلال أنشطته الانفصالية المستمرة منذ ثمانينات القرن الماضي.

وقالت وزارة الدفاع التركية في بيان: «بموجب حقنا في الدفاع عن النفس (...)، تم تنفيذ عمليات جوية ضد أهداف إرهابية في شمال العراق في مناطق كارا وقنديل وأسوس». وأوضح الجيش التركي، الذي ينفذ غارات في المنطقة بانتظام، أنه ضرب 25 هدفاً، «من بينها كهوف ومخابئ وملاجئ ومستودعات ومنشآت» لحزب العمال الكردستاني، الذي يشن حرب عصابات ضد السلطات التركية منذ عام 1984، وتصنفه أنقرة وحلفاؤها الغربيون منظمة «إرهابية».

ووصف مصدر أمني في شمال العراق هذه الضربات بأنها «مكثفة». ووفق كمران عثمان، عضو منظمة فرق صناع السلام المجتمعية ومقرها في كردستان العراق، فقد استمرت الغارات نحو 45 دقيقة، ولم يتم تسجيل أي إصابات بين المدنيين، حسب المصدر الذي تحدث عن أضرار في الأراضي الزراعية.