أعلنت وزارة التخطيط العراقية أن عدد سكان العراق أصبح نحو 43 مليون نسمة، فيما رأى رئيس الوزراء محمد شياع السوداني أن معظم التحديات والمشاكل التي يواجهها المجتمع العراقي ذات جذور اقتصادية.
وقال السوداني، خلال كلمة في مؤتمر إصلاح النظام الضريبي في العراق، الأربعاء: «خلال عام من عمر الحكومة العراقية الحالية حددنا إحدى الأولويات الخمس، وهي الإصلاح الاقتصادي. وهذه المفردة لم نضعها شعاراً أو هدفاً مرحلياً، وإنما جاءت من خلال قراءة واقعية ونتيجة حتمية للمشاكل والتحديات التي يواجهها المجتمع العراقي، ومعظمها ذات جذور اقتصادية». وأضاف: «قد يبدو للوهلة الأولى، وعلى المدى المتوسط، أن هناك صعوبةً في تنفيذ هذا الإصلاح، ولكن في النتيجة سوف نصل إلى مرحلة يشعر بها المنتج والمستهلك والمستثمر ورجل الأعمال بحالة من القبول والرضا؛ لأن هناك عدالة قد تحققت». وتابع أن «الإصلاح الضريبي اليوم وفق نهج هذه الحكومة والعمل، يمثل رسالة مهمة للمستثمرين المحليين والأجانب وللشركات والمنظمات الدولية بأن هذه الحكومة جادة في ترميم بيئة ممارسة الأعمال، وإصلاح الأنظمة والتشريعات وتأهيل البناء المؤسسي ليكون أكثر جذباً للاستثمار، والإنتاج، والتشغيل»، داعياً المؤتمر إلى الخروج بتوصيات لهذه العناوين «المهمة» للقضاء على حالة «الابتزاز» التي تُمارس من قبل «ضعاف النفوس».
وأشار السوداني إلى أن «مفهوم الضريبة يحتاج إلى عمل وتوعية وتدقيق، والذي هو قائم على أن المكلفين يتنازلون عن جزء من دخلهم للدولة من خلال العقد الاجتماعي المبرم بينها وبين المجتمع، وأن تنعكس هذه الإيرادات الضريبية على مشاريع خدمية تُحسِّن من الواقع المعيشي والخدمي للمواطن، ويشعر دافعو هذه الضرائب بمساهمتهم في هذه التنمية». وأوضح أن «مشكلتنا تتعلق بواقع الثقافة الضريبية، وواقعنا في هذا المجال مؤلم في البلاد»، مؤكداً أن «جزءاً كبيراً من المشكلة هو التهرب والتحايل والالتفاف الضريبي من قبل بعض التجار ورجال الأعمال بحيث يذهبون إلى السوق الموازية لشراء العملة الصعبة، ويترك السعر الرسمي المحدد والمنصة الإلكترونية المخصصة لشراء تلك العملة المحددة من قبل البنك المركزي العراقي لتجنب دفع الضرائب».
وكشف رئيس الوزراء العراقي عن أن «إجمالي الاستيرادات لعام 2022، حسب بيانات مركز التجارة الدولي، بلغ 42 مليار دولار لمختلف السلع والخدمات، فيما تؤشر بيانات الجهاز المركزي للإحصاء إلى 16 ملياراً»، مبيناً أن «هذا يعني أن نحو 26 مليار دولار لم تخضع للرسوم الضريبية، فعلينا أن نتخيل حجم الهدر في الإيرادات المالية، هذا من جانب، ومن جانب آخر له تأثيرات كارثية على مختلف القطاعات الصناعية والتجارية والزراعية، وستتوقف تلك الأعمال، ولن نتمكن من المضي بالمشاريع التنموية».
اقتصاد بلا هوية
وطبقاً للخبراء والمتخصصين في المجالات الاقتصادية والاجتماعية، فإن المشكلة التي يواجهها العراق حالياً أنه بعد سقوط النظام السابق على يد الأميركيين عام 2003، اهتمت الطبقة السياسية التي تولت الحكم بالجوانب السياسية، لا سيما كيفية توزيع المناصب محاصصاتياً والمغانم والمكاسب، بينما ساعدت أسعار النفط المرتفعة إلى حد كبير في بلد نفطي على إخفاء عيوب النظام الجديد الذي أعلن تخليه عن نهج صدام حسين الاشتراكي بعد عام 2003. لكنه لم يتمكن من بناء نموذج اقتصادي رأسمالي يعطي المساحة الأكبر للقطاع الخاص والرساميل الأجنبية.
وتبعاً لذلك، فقد أصبح النظام المعمول به هجيناً بين الاشتراكي والرأسمالي، وهو ما أدى إلى مفاقمة المشاكل والأزمات وصولاً للأزمة الحالية المتمثلة بالانخفاض الحاد للدينار العراقي أمام الدولار الأميركي.
وطبقاً لتشخيص السوداني، فإن الجذور الاقتصادية للمشاكل التي يعانيها العراق هي التي جعلت حكومته تحدد أولوياتها على صعيد المنهاج الوزاري بمعالجة الجوانب الاقتصادية عبر الإصلاح الضريبي والرسوم، فضلاً عن تشجيع الاستثمار والذي لا يزال يقف الفساد عائقاً أمامه.
نهج إصلاحي
من جانبه، أكد رئيس اللجنة التحضيرية لمؤتمر إصلاح النظام الضريبي علي رزوقي في كلمته، أن «اللجنة تسعى من خلال المؤتمر إلى تعزيز الأهداف الاقتصادية والمالية والاجتماعية والسياسية والتنموية، فضلاً عن مساهمتها بشكل مباشر في تغطية جزء كبير من النفقات العامة لا سيما أن الاقتصاد العراقي الذي يعاني منذ عقود من مشكلة اقتصادية، والاعتماد بشكل شبه كامل على الإيرادات النفطية والتي تتصف بالتذبذب بحكم قوى العرض والطلب على النفط الخام في الأسواق العالمية». وأضاف: «منذ اليوم الأول لولادة هذه الحكومة جعلت من ضمن منهاجها معالجة الملفات التي تمس حياة المواطنين؛ منها ملف الإصلاح الاقتصادي الذي يعد أحد الأهداف العامة في ظل ارتفاع نفقات الحكومة والتزاماتها، وضمن النهج الإصلاحي العام الذي تتبعه الحكومة».
أحدث إحصائية
وفي الوقت الذي تحاول فيه الحكومة معالجة المشاكل والتحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجه البلاد، فإن العراق يعد من الدول التي تشهد ارتفاعاً في عدد السكان. وفي آخر إحصائية لعدد السكان للعام الحالي، أعلنت وزارة التخطيط أن عدد السكان وصل إلى 43 مليون نسمة.
وقال المتحدث الرسمي باسم الوزارة عبد الزهرة الهنداوي، في تصريح له، إن «عدد نفوس العراق لسنة 2023 بلغت 43 مليون نسمة»، مشيراً إلى أن «بغداد الأكثر عدداً من حيث السكان؛ إذ بلغت 9 ملايين نسمة، وهي تمثل 23 في المائة من باقي المحافظات الأخرى». وأضاف الهنداوي أن «مدينة الموصل جاءت ثانياً بعدد نفوس العراق، حيث بلغ عدد سكانها 4 ملايين نسمة، تليها البصرة ثالثاً حيث قدر عدد سكانها بـ3 ملايين نسمة، أما أقل المحافظات بعدد السكان فمن نصيب مدينة المثنى، حيث قدر نفوسها بـ950 ألفاً إلى مليون».
وأشار إلى أن «نسبة الذكور في العراق أعلى بقليل من الإناث، حيث بلغت نسبة الذكور 50.5 في المائة، بينما نسبة الإناث 49.5 في المائة. وأوضح أن «النمو السكاني في العراق يبلغ 2.5 سنوياً، وهي نسبة منخفضة عن قبل 10 سنوات، حيث كانت تبلغ أكثر من 3 في المائة، إلا أن هناك زيادة متراكمة للسكان تبلغ مليون نسمة سنوياً».