انتقد الرئيس التونسي قيس سعيد عمليات التصنيف الائتماني للاقتصاد التونسي، التي تصدرها مؤسسات دولية مختصة بصفة دورية، وعبّر خلال زيارة ميدانية قام بها مساء أمس الاثنين إلى مدينة باجة (100 كلم شمال العاصمة) عن رفضه للتصنيفات، التي تقوم بها بعض المؤسسات في الخارج للاقتصاد التونسي، ويرى أن هذه الجهات «تضع المقاييس وفق أهوائها، وكأن الأمر يتعلق بتلميذ نجيب، أو تلميذ متوسط عليه بذل المزيد من المجهودات»، على حد تعبيره.
وقال الرئيس سعيد: «نحن نبذل مجهودات، أما التصنيف فنحن من يضع مقاييسه بناء على إرادة الشعب التونسي... وإرادتنا أقوى بكثير من القوى التي تريدنا أن نكون مقاطعة نتبعها».
وكان الرئيس سعيد قد عبّر خلال لقائه مع نور الدين الطبوبي، رئيس الاتحاد العام التونسي للشغل (نقابة العمال)، على هامش إحياء الذكرى 71 لاغتيال الزعيم النقابي فرحات حشاد، عن ضرورة الحفاظ على المؤسسات العمومية، كونها إحدى نقاط الخلاف مع صندوق الدولي، الذي يطالب بخضوعها لإصلاحات هيكلية، وتخفيض كتلة الأجور في القطاع العام من 15 إلى 12 في المائة من إجمالي كتلة الأجور.
وخلال مصافحة نادرة مع رئيس نقابة العمال، نتيجة خلافات حادة حول مبادرة للإنقاذ الوطني التي تقدم بها الطرف النقابي ورفضها الرئيس التونسي، انتقد سعيد عملية تعيين 1500 موظف في مؤسسة عمومية واحدة، «دون إطار قانوني بهدف ضرب المؤسسة العمومية»، وقال بلهجة غاضبة: «أينما حللت أشتم رائحة الفساد والتآمر على المرافق العمومية».
وتعاني عدة مؤسسات حكومية كبرى، من بينها معمل السكر، ومعمل الفولاذ، وشركة فوسفات قفصة من مشاكل مالية كبيرة، وهي عراقيل لم تستطع الحكومات السابقة تذليلها، ومثلت عقبة أمام حصول تونس على أقساط من القروض التي حصلت عليها من صندوق النقد في آجالها المحددة.
على صعيد متصل، أعلن صندوق النقد الدولي تأجيل زيارة إلى تونس كانت مرتقبة ما بين 5 و17 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وقال إن التأجيل كان بطلب من السلطات التونسيّة. فيما نقلت وكالة الأنباء التونسية الرسمية عن مصدر من صندوق النقد الدولي أن هيكل التمويل الدولي يبقى على استعداد لإجراء المشاورات السنوية في إطار المادّة الرابعة للصندوق، المتعلّقة بمراجعة أداء الاقتصاد التونسي.
تجدر الإشارة إلى أنّ المحادثات بين تونس وصندوق النقد الدولي بشأن برنامج تمويل جديد ما زالت معلّقة منذ أكثر من سنة، وهي محادثات تكتنفها خلافات عميقة بين الطرفين، خاصة حول حزمة الإصلاحات الاقتصادية الهيكلية التي قال عنها الرئيس سعيد إنها مثل صب الزيت على النار.
وكان صندوق النقد والسلطات التونسيّة قد توصلا في شهر أكتوبر (تشرين الأول) 2022 لاتفاق لدعم السياسات الاقتصادية لتونس، ببرنامج يمتد على 48 شهرا، ويتضمن حزمة من المساعدات المالية. لكن تعثر اتفاق قرض بقيمة 1.9 مليار دولار بين صندوق النقد والحكومة التونسية بسبب خلافات حول حزمة الإصلاحات المطلوبة من تونس، ولا سيما مراجعة نظام الدعم وإصلاح المؤسسات العمومية، والتحكم في كتلة الأجور المرتفعة.