تفاقم الركود الاقتصادي والعقاري في مناطق سيطرة انقلابيي اليمن

فرض إتاوات وإحجام عن التعاملات خشية المغامرات الحوثية

لم يسلم الباعة المتجولون من السياسات الحوثية وفرض الجبايات التي أثرت على مبيعاتهم (الشرق الأوسط)
لم يسلم الباعة المتجولون من السياسات الحوثية وفرض الجبايات التي أثرت على مبيعاتهم (الشرق الأوسط)
TT

تفاقم الركود الاقتصادي والعقاري في مناطق سيطرة انقلابيي اليمن

لم يسلم الباعة المتجولون من السياسات الحوثية وفرض الجبايات التي أثرت على مبيعاتهم (الشرق الأوسط)
لم يسلم الباعة المتجولون من السياسات الحوثية وفرض الجبايات التي أثرت على مبيعاتهم (الشرق الأوسط)

تضاعف الركود الاقتصادي في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية بالتوازي مع أزمة السيولة النقدية؛ إذ تفرض الجماعة المزيد من الإتاوات والجبايات مع مضاعفة القيود على حركات الاستيراد والتصدير، وهو ما رافقه هبوط حاد في سوق العقارات.

وتشهد الأسواق المحلية منذ أسابيع عدة تراجعاً في إقبال المستهلكين على شراء البضائع، بما فيها السلع الأساسية والضرورية، ويشكو الباعة وأصحاب المحال والشركات التجارية من تراجع كبير في مبيعاتهم وخمول في الحركة التجارية، مع اضطرارهم إلى تسريح جزء من عمالتهم وإلحاقهم بالبطالة المتفشية.

تشهد الأسواق اليمنية في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية مزيداً من الركود (أ.ف.ب)

ويفيد رجل الأعمال ناظم قاسم، بأنه اضطر أخيراً إلى تسريح كامل عماله وإغلاق المعمل الذي يملكه، وبيع معداته والتوجه إلى سوق العقارات للحفاظ على قيمة مدخراته، إلا أنه تعرض لخسائر كبيرة دون أن يتمكن من إتمام عملية الشراء بسبب الرسوم الباهظة التي فرضتها الجماعة على هذا النشاط التجاري.

ويضيف قاسم لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية فرضت الخُمس على عمليات بيع وشراء العقارات، وهو ما يساوي 20 في المائة من أسعارها، ويتم استقطاعها من البائع والمشتري، كلٌّ على حدة، إلى جانب ما يساوي 25 في المائة كرسوم معاملات وضرائب وجبايات مختلفة، ما يجعل الاستثمار في هذا المجال مقروناً بمخاطر كبيرة وخسائر متوقعة بشكل واضح.

وإلى جانب ذلك، فإن سوق العقارات تشهد ركوداً بدورها، ويتوقع أن يواجه من يفكر بالاستثمار فيها خسائر كبيرة، نظراً لتراجع أسعارها الدائم، وخصوصاً أن مناطق سيطرة الجماعة الحوثية باتت تفتقر للخدمات والأمن ومقومات الحياة العصرية.

ويوضح الباحث الاقتصادي عبد الواحد العوبلي لـ«الشرق الأوسط» أن الركود الحاد في سوق العقارات في صنعاء ومناطق سيطرة الجماعة الحوثية يعود إلى المبالغة المهولة في أسعارها عند سيطرة الجماعة وفرض نفوذها وتفشي فساد قادتها؛ إذ اتخذت العقارات وسيلة لغسل الأموال المنهوبة، وتم إغراء المستثمرين والمغتربين بشراء الأراضي نظراً للارتفاع المتصاعد في أسعارها.

تسببت الجبايات الحوثية في ارتفاع الأسعار وتراجع القدرة الشرائية لليمنيين (إكس)

ووفقاً لحديث العوبلي لـ«الشرق الأوسط»، باع قادة الجماعة العقارات التي اشتروها بأضعاف أضعاف أسعارها الحقيقية لتبييض الأموال التي نهبوها، وجرى تكرار عمليات البيع والشراء عدة مرات من خلال السماسرة التابعين للجماعة الحوثية، حتى تم تحقيق الغرض من هذه العمليات وتم تبييض الأموال المنهوبة، فعادت أسعار العقارات للهبوط مجدداً.

الركود يهدد كل الأنشطة

توجه سامي عبد الله إلى البحث عن عمل بالأجر اليومي، في ظل انعدام فرص العمل، والركود غير المسبوق في كافة قطاعات الأعمال، ووعده مديره السابق بتكليفه بالعمل في أي مشروع تجاري يبدأ العمل به بعد الاستغناء عنه؛ لأنه لم ينسَ له أفكاره الكثيرة التي ساعدته على الاستمرار في نشاطه السابق في تلك الظروف الصعبة.

قبل أكثر من ثلاثة أعوام، وبينما كان ناظم قاسم يفكر بإغلاق معمل «اليونيفورم» الذي يملكه، اقترح عليه سامي عبد الله الذي يعمل لديه تعديل النشاط قليلاً للاستمرار في العمل، واقترح عليه التوجه لإنتاج الكمامات، وكان العالم حينها يمر بأزمة فيروس «كورونا»، وبالفعل نجحت الفكرة وتمكن المعمل من الاستمرار والحفاظ على جزء كبير من عمالته، إلا أن المعمل، بعد عام، عاد إلى الركود التدريجي بسبب تراجع طلبات الشركات والمصانع والمطاعم كما كان حاصلاً قبل فكرة إنتاج الكمامات، فالشركات والمصانع تسرح عمالها بشكل يومي، والكثير منها يغلق أبوابه، والكثير من الطلاب توقفوا عن الدراسة، في حين توقف العديد من المدارس عن إلزام الطلاب بالزي المدرسي مراعاة لظروف عائلاتهم.

محل صرافة متنقل في صنعاء حيث سمحت الجماعة الحوثية لأتباعها بالمضاربة بالعملات الأجنبية (إكس)

ويقول الخبير الاقتصادي عادل السامعي لـ«الشرق الأوسط»، إن أعمال الأجر اليومي تتأثر بشكل تلقائي بكافة التغيرات الاقتصادية والسياسية في البلاد، وتراجع هذه الأعمال هو أحد مؤشرات البطالة وتدهور الوضع الاقتصادي، فبينما يعاني التجار والباعة من الركود وتراجع الحركة التجارية، يكون العمال بلا مداخيل تمكنهم من الشراء.

ويقلل السامعي من تأثير مقاطعة البضائع التي تنتجها شركات داعمة لإسرائيل على عمليات الشراء، خصوصاً السلع الأساسية، فطبقاً لحديثه لـ«الشرق الأوسط»؛ فإن غالبية البضائع التي تجري مقاطعتها لا يملك غالبية اليمنيين القدرة على شرائها، وهي في الأصل ليست من السلع الأساسية، ولا يعد اليمن من المستوردين المهمين لها.

خوف من المغامرات الحوثية

يشكو أصحاب المتاجر في صنعاء من تراجع مبيعاتهم بشكل كبير، إلى درجة أن مالك سلسلة محلات لبيع الملابس الرخيصة اضطر إلى تخفيض أسعار معروضه من الملابس أكثر من مرة، قبل أن يضطر إلى إغلاق عدد من المحال وتسريح العمال لتوفير ما يدفعه من إيجارات وأجور للعمال.

وتهكم أحد العمال المسرحين من هذه السلسلة من المحلات بأنه كان يتوقع أن يخسر عمله كلما ألقى نظرة إلى الشارع ووجده خالياً من المارة، في حين أشار زميل له إلى أنه فكر بشراء بعض الملابس من صاحب السلسلة بسعر مناسب والنزول لبيعها في الشارع كبائع متجول، إلا أنه تراجع عن هذه الفكرة حينما قام بجولة لمعاينة أوضاع الباعة المتجولين.

فالباعة المتجولون بدورهم يقفون في الشوارع لأوقات طويلة دون أن يحققوا مبيعات لتغطية نفقاتهم اليومية، وغالبيتهم ملزم بدفع إتاوات فرضتها جماعة الحوثي عليهم منذ أكثر من عامين، بعد أن حددت أماكن وقوف عرباتهم وألزمتهم بتصميمها بأشكال محددة، وأجبرتهم على دفع مبالغ تحت اسم إيجار الأرصفة التي يستعملونها.

تشهد سوق العقارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية ركوداً غير مسبوق بعد سنين من استخدامها لغسل الأموال (إكس)

ويفسر الباحث الاقتصادي اليمني عبد الواحد العوبلي هذا الركود المتضاعف بمخاوف اليمنيين من مغامرات الجماعة الحوثية بإطلاق الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، وأعمال القرصنة في البحر الأحمر بحجة مساندة الفلسطينيين في غزة.

فإلى جانب ممارسات الجماعة الحوثية التي أدت إلى إفقارهم، يقول العوبلي إن الأهالي يتخوفون من ردود الفعل الدولية على هذه الأعمال بتوجيه ضربات عسكرية إلى الجماعة أو فرض حصار اقتصادي عليها، ما سيتبعه بالضرورة أزمات اقتصادية خانقة وتراجع حاد في كميات المواد الأساسية والضرورية في الأسواق، مع ما يتوقعونه من متاجرة الجماعة بمعاناتهم ومضاعفتها. ونتيجة لذلك يلجأ الأهالي إلى تقنين مصروفاتهم، والتشدد البالغ في الإنفاق تحسباً لأي طارئ.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يعلنون هجوماً ضد إسرائيل ويزعمون إسقاط مسيرة أميركية

العالم العربي صاروخ زعمت الجماعة الحوثية أنه «فرط صوتي» أطلقته باتجاه إسرائيل (إعلام حوثي)

الحوثيون يعلنون هجوماً ضد إسرائيل ويزعمون إسقاط مسيرة أميركية

تبنّت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، الجمعة، أولى هجماتها ضد إسرائيل منذ فوز ترمب بالرئاسة، كما زعمت إسقاط مسيّرة أميركية وأقرت بتلقي غارتين في الحديدة.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الحوثيون أجبروا مدنيين على الالتحاق بدورات عسكرية (فيسبوك)

فرار مجندين من المعسكرات الحوثية في صنعاء وريفها

شهدت معسكرات تدريب تابعة للجماعة الحوثية في العاصمة المختطفة صنعاء وريفها، خلال الأيام الأخيرة، فراراً للمئات من المجندين ممن جرى استقطابهم.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي رجل مؤيد للحوثين يحمل صاروخاً وهمياً خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

الحوثيون يستهدفون قاعدة عسكرية إسرائيلية بصاروخ فرط صوتي

كشف العميد يحيى سريع المتحدث العسكري باسم «الحوثيين» في اليمن، اليوم (الجمعة)، إن الجماعة استهدفت قاعدة نيفاتيم الجوية بجنوب إسرائيل بصاروخ.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي جانب من اجتماع استثنائي لمجلس الوزراء اليمني في عدن الخميس (سبأ)

«الوزراء اليمني» يناقش إنقاذ الاقتصاد في اجتماع استثنائي

عقدت الحكومة اليمنية اجتماعاً استثنائياً لمناقشة خطة إنقاذ اقتصادي تتوافق مع أولويتها وبرنامجها في الإصلاحات وإنهاء الانقلاب الحوثي واستكمال استعادة الدولة.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي 59 ألف حالة اشتباه بالإصابة بالكوليرا في محافظتَي حجة والحديدة وحدهما (الأمم المتحدة)

اليمن... 219 ألف إصابة بالكوليرا أغلبها في مناطق سيطرة الحوثيين

كشف تقرير حديث عن أن حالات الكوليرا في اليمن ارتفعت إلى نحو 219 ألف حالة منذ مطلع العام الحالي، أغلب هذه الحالات تم تسجيلها في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)

الحوثيون يعلنون هجوماً ضد إسرائيل ويزعمون إسقاط مسيرة أميركية

زعيم الحوثيين دعا أتباعه إلى الاحتشاد بأكبر قدر ممكن عقب فوز ترمب بمنصب الرئيس الأميركي (أ.ف.ب)
زعيم الحوثيين دعا أتباعه إلى الاحتشاد بأكبر قدر ممكن عقب فوز ترمب بمنصب الرئيس الأميركي (أ.ف.ب)
TT

الحوثيون يعلنون هجوماً ضد إسرائيل ويزعمون إسقاط مسيرة أميركية

زعيم الحوثيين دعا أتباعه إلى الاحتشاد بأكبر قدر ممكن عقب فوز ترمب بمنصب الرئيس الأميركي (أ.ف.ب)
زعيم الحوثيين دعا أتباعه إلى الاحتشاد بأكبر قدر ممكن عقب فوز ترمب بمنصب الرئيس الأميركي (أ.ف.ب)

بعد نحو 10 أيام من الهدوء وتراجع الهجمات الحوثية ضد السفن، تبنّت الجماعة المدعومة من إيران قصف قاعدة إسرائيلية في منطقة النقب، الجمعة، وزعمت إسقاط مسيرة أميركية من طراز «إم كيو 9»، بالتزامن مع إقرارها تلقي غارتين غربيتين استهدفتا موقعاً في جنوب محافظة الحديدة الساحلية.

وجاءت هذه التطورات بعد يومين فقط من فوز دونالد ترمب بانتخابات الرئاسة الأميركية؛ حيث تتصاعد مخاوف الجماعة الحوثية من أن تكون إدارته أكثر صرامة فيما يتعلّق بالتصدي لتهديداتها للملاحة الدولية وتصعيدها الإقليمي.

صاروخ زعمت الجماعة الحوثية أنه «فرط صوتي» أطلقته باتجاه إسرائيل (إعلام حوثي)

وتهاجم الجماعة منذ أكثر من عام السفن المرتبطة بإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا في البحرين الأحمر والعربي، كما تطلق الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، وأخيراً مساندة «حزب الله» اللبناني.

وقال المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، يحيى سريع، في بيان، إن قوات جماعته نفّذت عملية عسكرية استهدفت قاعدة «نيفاتيم» الجوية الإسرائيلية في منطقة النقب بصاروخ باليستي فرط صوتي من نوع «فلسطين 2»، وإذ ادّعى المتحدث الحوثي أن الصاروخ أصاب هدفه، أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراضه دون الحديث عن أي أضرار.

وتوعّد المتحدث العسكري الحوثي بأن جماعته ستواصل ما تسميه «إسناد فلسطين ولبنان»، من خلال مهاجمة السفن وإطلاق الصواريخ والمسيرات باتجاه إسرائيل، زاعماً أن هذه العمليات لن تتوقف إلا بتوقف الحرب على قطاع غزة ولبنان.

حريق ضخم في ميناء الحديدة اليمني إثر ضربات إسرائيلية استهدفت خزانات الوقود (أرشيفية - أ.ف.ب)

وكان آخر هجوم تبنّته الجماعة الحوثية ضد إسرائيل في 28 من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إذ أعلن الجيش الإسرائيلي، حينها، أن طائرة مسيّرة أُطلقت من اليمن عبرت أجواء مدينة عسقلان قبل أن تسقط في منطقة مفتوحة.

وخلال الأشهر الماضية تبنّت الجماعة إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو (تموز) الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة؛ وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكررت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

12 مسيّرة تجسسية

زعم المتحدث العسكري الحوثي، في البيان الذي ألقاه خلال حشد في صنعاء، أن الدفاعات الجوية التابعة للجماعة أسقطت، فجر الجمعة، «طائرة أميركية من نوع (إم كيو 9) في أثناء تنفيذها مهام عدائية في أجواء محافظة الجوف».

وحسب مزاعم الجماعة، تُعدّ هذه الطائرة المسيرة الـ12 التي تمكّنت من إسقاطها منذ بدأت تصعيدها البحري ضد السفن في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

المتحدث العسكري باسم الحوثيين يردّد «الصرخة الخمينية» خلال حشد في صنعاء (أ.ف.ب)

وتحدّثت وكالة «أسوشييتد برس» عما وصفه شهود، الجمعة، بأنه سقوط مسيّرة في أحدث إسقاط محتمل لمسيرّة تجسس أميركية. وأوردت أن الجيش الأميركي على علم بشأن مقاطع الفيديو المتداولة عبر الإنترنت التي تُظهر ما بدا أنها طائرة مشتعلة تسقط من السماء والحطام المحترق في منطقة، وصفها من هم وراء الكاميرا بأنها منطقة في محافظة الجوف اليمنية.

وحسب الوكالة، قال الجيش الأميركي إنه يحقّق في الحادث، رافضاً الإدلاء بمزيد من التفاصيل، وذكرت أنه «لم يتضح على الفور طراز الطائرة التي أُسقطت في الفيديو الليلي منخفض الجودة».

غارتان في الحديدة

في سياق الضربات الغربية التي تقودها واشنطن لإضعاف قدرة الجماعة الحوثية على مهاجمة السفن، اعترفت وسائل الجماعة بتلقي غارتين، الجمعة، على موقع في جنوب محافظة الحديدة.

وحسب ما أوردته قناة «المسيرة» الذراع الإعلامية للجماعة، استهدفت الغارتان اللتان وصفتهما بـ«الأميركية - البريطانية» مديرية التحيتا الواقعة في جنوب محافظة الحديدة التي تتخذ منها الجماعة منطلقاً رئيسياً لشن الهجمات البحرية ضد السفن.

قاذفة شبحية أميركية من طراز «بي 2» مضادة للتحصينات (أ.ب)

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تبنّت الجماعة الحوثية قصف أكثر من 200 سفينة، وأدت الهجمات في البحر الأحمر إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، وإصابة آخرين في هجوم رابع ضد سفينة ليبيرية.

يُشار إلى أن الجماعة أقرت بتلقي أكثر من 770 غارة غربية، بدءاً من 12 يناير (كانون الثاني) الماضي؛ سعياً من واشنطن التي تقود تحالف «حارس الازدهار»، إلى تحجيم قدرات الجماعة الهجومية.

وكانت واشنطن لجأت إلى استخدام القاذفات الشبحية لأول مرة في 17 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي في استهداف المواقع المحصنة للجماعة الحوثية في صنعاء وصعدة، في رسالة استعراضية فُهمت على أنها موجهة إلى إيران بالدرجة الأولى.

وتقول الحكومة اليمنية، إن الضربات الغربية ضد الجماعة الحوثية غير مجدية، وإن الحل الأنجع هو دعم القوات الشرعية لاستعادة الحديدة وموانيها، وصولاً إلى إنهاء الانقلاب الحوثي واستعادة العاصمة المختطفة صنعاء.

صورة طوربيد بحري وزّعها الحوثيون زاعمين أنه بات ضمن أسلحتهم الجديدة (إكس)

ويتهم مراقبون يمنيون الجماعة الحوثية بأنها وجدت في الحرب الإسرائيلية على غزة فرصة للهروب من استحقاقات السلام مع الحكومة اليمنية؛ إذ كان الطرفان وافقا أواخر العام الماضي على خريطة سلام توسطت فيها السعودية وعمان، قبل أن تنخرط الجماعة في هجماتها ضد السفن وتعلن انحيازها إلى المحور الإيراني.

وتترقّب الجماعة، ومعها حلفاء المحور الإيراني، بحذر شديد ما ستؤول إليه الأمور مع عودة ترمب إلى سدة الرئاسة الأميركية؛ إذ يتوقع المراقبون اليمنيون أن تكون إدارته أكثر صرامة في التعامل مع ملف إيران والجماعات الموالية لها، وفي مقدمتها الجماعة الحوثية.

وحاول زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، في خطبته الأسبوعية، الخميس، التهوين من أهمية فوز ترمب بالرئاسة الأميركية، كما حاول أن يطمئن أتباعه بأن الجماعة قادرة على المواجهة، وأنها لن تتراجع عن هجماتها مهما كان حجم المخاطر المرتقبة في عهد ترمب.