القوات العراقية والعشائر تدحر «داعش» في الرمادي وتحرر 20 % من المدن

البيشمركة: الإرهابيون استخدموا قذائف مورتر تحتوي على غاز الخردل

القوات العراقية أثناء وصولها إلى منطقة البوغليب في الرمادي بعد سيطرتهم عليها أول من أمس (أ. ب)
القوات العراقية أثناء وصولها إلى منطقة البوغليب في الرمادي بعد سيطرتهم عليها أول من أمس (أ. ب)
TT

القوات العراقية والعشائر تدحر «داعش» في الرمادي وتحرر 20 % من المدن

القوات العراقية أثناء وصولها إلى منطقة البوغليب في الرمادي بعد سيطرتهم عليها أول من أمس (أ. ب)
القوات العراقية أثناء وصولها إلى منطقة البوغليب في الرمادي بعد سيطرتهم عليها أول من أمس (أ. ب)

تمكنت القوات العراقية أمس من السيطرة على مناطق واسعة حول مدينة الرمادي، كبرى مدن محافظة الأنبار، في إطار عملية لتحرير المدينة من «داعش» بدعم من غارات الائتلاف الدولي.
وقال ضابط في الجيش برتبة عميد من قيادة عمليات محافظة الأنبار لوكالة الصحافة الفرنسية «تمكنت القوات العراقية من استعادة مناطق استراتيجية ومهمة حول مدينة الرمادي (100 كلم غرب بغداد)، من قبضة تنظيم داعش».
وأوضح أن «قواتهم تمكنت من استعادة السيطرة على مناطق زنكورة والبوجليب والعدنانية وأجزاء واسعة من منطقة البوريشة» الواقعة غرب الرمادي. كما سيطرت على منطقة الخمسة كيلو بعد انسحاب المسلحين منها.
وتحدث المصدر عن مقتل عدد كبير من تنظيم داعش وتدمير عدد آخر من آليات التنظيم الذي اضطر إلى الانسحاب أمام تقدم القوات العراقية.
وأكد عضو مجلس محافظة الأنبار عذال عبيد الفهداوي لوكالة الصحافة الفرنسية أن «القوات العراقية تمكنت بمساندة طيران التحالف الدولي الذي يلعب دورا كبيرا في تنفيذ العملية، من استعادة مناطق واسعة شمال وغرب الرمادي».
وأشار الفهداوي إلى «تحرير نحو 20 في المائة من المناطق المحيطة بالرمادي» التي وصفها بأنها «أكثر أهمية من مركز الرمادي كونها تمثل مناطق تحرك وتواصل مسلحي (داعش) بالمناطق الأخرى».
وكانت القوات العراقية بدأت عملية واسعة لتحرير الرمادي قبل أربعة أيام، ونفذ طيران التحالف الدولي بقيادة واشنطن 27 ضربة جوية ضد معاقل تنظيم داعش في مناطق الرمادي منذ بداية الشهر الحالي، وفقا لبيانات التحالف اليومية.
وتوقع الفهداوي أن «يتم تحرير الرمادي بالكامل نهاية الشهر الحالي»، مشيرا إلى أن القوات العراقية تحظى بمساندة من أبناء العشائر.
وعلقت قوات التحالف الدولي لبعض الوقت عمليات استعادة السيطرة على الرمادي التي كانت بدأت خلال الصيف.
وقال المتحدث باسم العمليات العسكرية الأميركية ضد تنظيم داعش في العراق الكولونيل ستيف وارن في الثاني من الشهر الحالي، أن الجهود العسكرية أرجئت جزئيا بسبب درجات الحرارة القياسية، مشيرا إلى أنها ستستأنف قريبا.
وسيطر «داعش» على مساحات واسعة من الأراضي العراقية في شمال وغرب البلاد بعد هجوم شنه في يونيو (حزيران) 2014. وبدأ ائتلاف دولي بقيادة الولايات المتحدة شن غارات يومية على مواقع الجهاديين في العراق لتأمين دعم للقوات العراقية منذ أغسطس (آب) من العام نفسه.
إلى ذلك قالت وزارة شؤون البيشمركة في كردستان العراق أمس إن مقاتلي «داعش» أطلقوا قذائف مورتر تحتوي على غاز الخردل على مقاتلي البيشمركة الكردية في شمال العراق خلال اشتباكات في أغسطس.
وقالت الهيئة المشرفة على القوات المسلحة الكردية في شمال العراق في بيان إن فحوصا أجريت على عينات من الدم أخذت من نحو 35 مقاتلا كرديا تعرضوا للهجوم في جنوب غربي أربيل عاصمة الإقليم إلى جانب فحوص لمصابين أظهرت دلائل على استخدام غاز الخردل.
وبالعودة إلى مدينة الرمادي فتشهد عمليات عسكرية واسعة لاستعادة السيطرة عليها من تنظيم داعش، ويشارك في تلك العمليات الجيش والشرطة المحلية والاتحادية والرد السريع وجهاز مكافحة الإرهاب وأفواج وألوية تابعة لمقاتلي عشائر الأنبار فضلا عن غطاء جوي للتحالف الدولي وبمشاركة مدفعية وراجمات الصواريخ وقذائف الهاون للقوات الأميركية.
ومنذ عدة أشهر ومدينة الرمادي مركز محافظة الأنبار تشهد حصارًا خانقًا فرضته القوات الأمنية العراقية على عناصر تنظيم داعش الذين تمكنوا من السيطرة على المدينة الأكبر بين مدن محافظة الأنبار الإحدى والأربعين المترامية الأطراف.
وتقف عند محاور المدينة الأربعة قوات عراقية مشتركة تابعة للجيش والشرطة الاتحادية والشرطة المحلية وقوات العشائر العراقية تساندها طائرات سلاح الجو العراقي وطيران التحالف الدولي، وتقف عند المحور المحور الشمالي قوات بقيادة جهاز مكافحة الإرهاب الذي يحاول الوصول جاهدًا إلى منطقة البو فراج منطلقة من منطقة البو عيثة التي تم تحريرها مؤخرًا، فيما تقف عند المحور الجنوبي للرمادي قوات تابعة للجيش العراقي ضمن قيادة عمليات بابل، التي تهدف إلى تفكيك العبوات في طريق الملعب الأولمبي على أطراف الرمادي وصولاً إلى منطقة سد الرمادي وناظم الورار مرورًا بحي التأميم.
ومن المحور الشرقي تقف قوات الشرطة الاتحادية ومقاتلو العشائر العراقية، وتشتبك بشكل شبه يومي مع مسلحي تنظيم داعش من أجل مد التعزيزات إلى تل مشيهدة وحصيبة ومسرح عمليات الخالدية، وصولاً إلى داخل المدينة لكن البطء في التحركات للقوات الموجودة عند المحاور الأربعة كما يراه المختصون يعود إلى تكتيك أمني.
وأعلن مجلس محافظة الأنبار، عن شن القوات الأمنية ومقاتلي العشائر هجوما واسعا على منطقتين يسيطر عليهما تنظيم داعش في الرمادي، فيما أكد أن تلك القوات وصلت إلى منطقة كراج الشراع وجامع التقوى في المدينة.
من جانب آخر أحكم الأردن إغلاق حدوده مع العراق بعد تصاعد العمليات العسكرية في محافظة الأنبار واقتراب مسلحي التنظيم من معبر طريبيل الكرامة الحدودي بين العراق والأردن.
وأضاف المصدر أن الأردن كان يسمح بشكل استثنائي لبعض الشاحنات العراقية بالدخول إلى الأراضي الأردنية لتحميل البضائع، رغم إعلان الجانب العراقي إغلاق الحدود في أغسطس الماضي بسبب تصاعد العمليات العسكرية للجيش العراقي ضد «داعش» في محافظة الأنبار التي يتبع لها المنفذ الحدودي.
وأوضح المصدر أن «الأردن يراقب الحدود بشكل مكثف، بعد أن نشر تعزيزات على طول الشريط الحدودي مع العراق خوفًا من تسلل عناصر لتنظيم داعش، الذي أصبحت عملياته تطال المركز الحدودي بين البلدين، كون أقرب نقطة لتجمع قوات عسكرية منظمة لداعش ما زالت تبعد عن الحدود الأردنية نحو 70 كلم»، مشيرًا إلى أنها مسافة لا تعتبر آمنة بالحسابات الأمنية والعسكرية.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».