إدانة أممية للهجمات على أبيي المتنازعة بين الخرطوم وجوبا

سكان المنطقة يطالبون بإبقائها محظورة من السلاح

دورية لقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في منطقة أبيي بالسودان (أرشيفية - الموقع الرسمي للأمم المتحدة)
دورية لقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في منطقة أبيي بالسودان (أرشيفية - الموقع الرسمي للأمم المتحدة)
TT

إدانة أممية للهجمات على أبيي المتنازعة بين الخرطوم وجوبا

دورية لقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في منطقة أبيي بالسودان (أرشيفية - الموقع الرسمي للأمم المتحدة)
دورية لقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في منطقة أبيي بالسودان (أرشيفية - الموقع الرسمي للأمم المتحدة)

أدانت قوات الأمم المتحدة الأمنية المؤقتة (يونسفا) الهجمات المسلحة التي شنتها من سمتهم «مجموعة من الشباب المسلحين» على قرى في منطقة أبيي المتنازعة بين السودان وجنوب السودان، وقتل خلالها 27 شخصاً وأصيب 14 آخرون، ونفت مقتل أحد جنودها في الأحداث.

وقالت في بيان رسمي، إن قواتها في منطقة أنقولا تحركت بسرعة لتعزيز الأمن في المنطقة المتضررة، وكثفت عمليات المراقبة و«إغلاق الوضع»، بالتنسيق مع إدارة المنطقة والقيادات التقليدية لـ«دينكا نقوك»، وأصحاب المصلحة في جوبا من أجل حفظ الأمن والسلام في منطقة أبيي.

وأكد كل من رئيس البعثة بالإنابة وقائد القوة ماجر جنرال بنجامين أولوفيمي سوير، التزام البعثة بحماية المدنيين، ودعا للامتناع عن العنف وضمان السلام المستدام في أبيي.

قلق الترويكا

من جهة أخرى، أبدت سفارات الترويكا الغربية (النرويج والمملكة المتحدة والولايات المتحدة) في جوبا، قلقها تجاه ما سمته «العنف المستمر في مقاطعة رومامير ومنطقة أبيي الإدارية ومقاطعة تويج بولاية واراب» التابعتين لجنوب السودان.

وأبدت قلقها من تقارير بعثة «يونسفا» عن وجود قوات دفاع جنوب السودان - جيش جنوب السودان - في أبيي، وعدّته دافعاً لانتشار الأسلحة في المنطقة، وتهديداً لوضع منطقة أبيي المنزوعة السلاح، ودعت الحكومة الانتقالية لسحب قواتها على وجه السرعة، بما يتماشى مع التزاماتها بموجب اتفاق وضع القوات لعام 2011.

«الديمقراطية لأبيي»

وقالت الحركة الديمقراطية لأبيي - حركة سياسية سلمية - إن «قري رومامير وانقوت وونشووي وونفييط وملوال اليو وكضيان»، تعرضت لهجمات واعتداءات، من قوة تتبع لقوات دفاع جنوب السودان (الفرقة الثالثة) بقيادة اللواء أكوي أجو، وميليشيات قبيلة «تويج وقاي ماشيك»، ما أدى لمقتل 31 وجرح 20، واغتيال وزير البنية التحتية في الحكومة المحلية السابق ميوت كونيت.

وأعلنت الحركة رفضها وإدانتها للهجمات والاعتداء على تلك القرى، وما أطلقت عليه «إخفاق قوات (اليونسفا) في حماية المدنيين»، وحملتها المسؤولية عن مقتل هذا العدد الكبير من المدنيين، وعدم القيام بمهمتها في حماية المدنيين في المنطقة من الاعتداءات، و«ليس الجلوس متفرجة».

وطالبت اللجنة الإشرافية المشتركة بين السودان وجنوب السودان، بالقيام بدورها في مراقبة الأوضاع الأمنية والعسكرية، وتنفيذ بند الترتيبات الأمنية المؤقتة، من أجل إبقاء المنطقة «خالية من مظاهر التسلح وحمل السلاح».

كما دعت للقيام بتحقيق عاجل بشأن الأحداث التي تورطت فيها قوات دفاع جنوب السودان، ووقف الهجمات والاعتداءات المتكررة على العزل، وتحمّل الدولتين لمسؤوليتهما في تحقيق السلام وحفظ الاستقرار في المنطقة.

وأعطيت منطقة أبيي المتنازعة بين دولتي السودان وجنوب السودان والغنية بالنفط، وفقاً لاتفاقية السلام الشامل 2005، الحق في استفتاء يتقرر بموجبه تبعية المنطقة لأي من الدولتين، لكن الاستفتاء لم يجرِ بعد استفتاء جنوب السودان واستقلاله وتكوين دولته المستقلة.

وتسكن جنوب المنطقة قبائل «دينكا نقوك» ذات الامتداد الجنوبي، في حين تسكن شمالها قبائل «المسيرية» الرعوية التي تتنقل مع ماشيتها شمالاً وجنوباً عبر الحدود المشتركة بين السودان وجنوب السودان، وظلت المجموعتان السكانيتان تتعايشان منذ آماد طويلة، بيد أن صراعات على المراعي تحدث بين فينة وأخرى.

وقضت محكمة التحكيم الدولية في لاهاي بتقليص مساحة المنطقة ومنح السيطرة على حقول النفط للحكومة السودانية، وأعادت ترسيم الحدود الغربية والشرقية للمنطقة، بحيث تتبع الشمالية للسودان والجنوبية لجنوب السودان، وإلى حين إجراء «استفتاء أبيي»، يحق لسكان المنطقة الحصول على جنسية البلدين، لكن النزاعات المحلية بين القبائل لم تتوقف، وكانت تأخذ شكل صراعات بين «المسيرية» و«دينكا نقوك»، لكن تطورات الأسابيع الفائتة أخذت طابعاً جديداً، دخلت فيه قوة دفاع جنوب السودان، وميليشيات تابعة لجنوب السودان، ومجموعات قبلية من جنوب السودان.


مقالات ذات صلة

الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار

شمال افريقيا أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)

الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار

أعلن الجيش السوداني اليوم (السبت) «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع».

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم بدارفور (موقع «الجنائية الدولية»)

«الجنائية الدولية»: ديسمبر للمرافعات الختامية في قضية «كوشيب»

حددت المحكمة الجنائية الدولية ومقرها لاهاي 11 ديسمبر المقبل لبدء المرافعات الختامية في قضية السوداني علي كوشيب، المتهم بارتكاب جرائم حرب وضد الإنسانية بدارفور.

أحمد يونس (كمبالا)
الولايات المتحدة​ مسعفون من جمعية «الهلال الأحمر الفلسطيني» ومتطوعون في الفريق الوطني للاستجابة للكوارث (أ.ب)

الأمم المتحدة: عمال الإغاثة الذين قُتلوا في 2024 أعلى من أي عام آخر

أعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن عدد عمال الإغاثة والرعاية الصحية الذين قُتلوا في 2024 أعلى من أي عام آخر، بحسب «أسوشييتد برس».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
شمال افريقيا سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم للنازحين في مدينة القضارف شرق البلاد 31 أكتوبر (أ.ف.ب)

مقتل العشرات في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة

مقتل العشرات في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة، فيما تعتزم الحكومة الألمانية دعم مشروع لدمج وتوطين اللاجئين السودانيين في تشاد.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا النيران تلتهم سوقاً للماشية نتيجة معارك سابقة في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (أ.ف.ب)

السودان: توغل «الدعم السريع» في النيل الأزرق والجيش يستعيد بلدة

تشير أنباء متداولة إلى أن الجيش أحرز تقدماً كبيراً نحو مدينة سنجة التي سيطرت عليها «قوات الدعم السريع»، يونيو (حزيران) الماضي.

محمد أمين ياسين (نيروبي)

مصر تُكثف دعمها للسودان في إعادة الإعمار وتقليل تأثيرات الحرب

حضور «الملتقى المصري - السوداني لرجال الأعمال بالقاهرة» (مجلس الوزراء المصري)
حضور «الملتقى المصري - السوداني لرجال الأعمال بالقاهرة» (مجلس الوزراء المصري)
TT

مصر تُكثف دعمها للسودان في إعادة الإعمار وتقليل تأثيرات الحرب

حضور «الملتقى المصري - السوداني لرجال الأعمال بالقاهرة» (مجلس الوزراء المصري)
حضور «الملتقى المصري - السوداني لرجال الأعمال بالقاهرة» (مجلس الوزراء المصري)

في سياق تكثيف مصر دعمها للسودان في إعادة الإعمار، ناقش ملتقى اقتصادي في القاهرة الاستثمارات المشتركة بين البلدين، والتعاون الاقتصادي بهدف تقليل تأثيرات وخسائر الحرب السودانية، ودعم الأمن الغذائي بين البلدين.

واستضافت العاصمة المصرية القاهرة فعاليات «الملتقى المصري - السوداني الأول لرجال الأعمال»، اليوم السبت، بعد أيام من انعقاد «المؤتمر الاقتصادي الأول» في السودان، وناقش مسؤولون ورجال أعمال من البلدين فرص التوسع في الشراكات الاقتصادية.

ويشهد السودان منذ أبريل (نيسان) 2023 حرباً داخلية بين الجيش السوداني، و«قوات الدعم السريع»، راح ضحيتها آلاف المدنيين، ودفعت «نحو 13 ملايين سوداني للفرار داخلياً وخارجياً لدول الجوار»، حسب تقديرات الأمم المتحدة.

وأكد نائب رئيس مجلس الوزراء المصري، ووزير النقل والصناعة، كامل الوزير، في كلمته بالملتقى، أن التحديات التي تواجهها مصر والسودان «تفرض التعاون المشترك في مختلف المجالات»، لافتاً إلى حرص بلاده على «دعم السودان لتجاوز محنة الحرب وعودة الاستقرار».

وعدد الوزير المصري مجموعة من الفرص، التي يمكن استثمارها لدفع مجالات التجارة والصناعة والاستثمار في البلدين، منها «ثلاثة محاور للنقل البري، والمواني الجافة على الحدود المشتركة في معبري (قسطل وأرقين)»، إلى جانب ميناء للملاحة النهرية بين بحيرة ناصر (جنوب مصر) إلى وادي حلفا (شمال السودان)، معلناً عن مخطط مصري لمد مشروع خط القطار السريع «أبو سمبل - الإسكندرية» إلى السودان في منطقة «وادي حلفا»، ومؤكداً أن دراسات المشروع «باتت جاهزة للتنفيذ وتتبقى موافقة الجانب السوداني».

ويربط مصر والسودان منفذان بريان، هما معبرا «أرقين»، و«أشكيت» (ميناء قسطل) بوادي حلفا بالولاية الشمالية، ويعتمد البلدان على المعبرين في التبادل التجاري ونقل الأفراد.

وزير النقل المصري خلال كلمته بـ"الملتقى المصري-السوداني" (مجلس الوزراء المصري)

ودعا كامل الوزير المستثمرين السودانيين لتوسيع أعمالهم في السوق المصرية، مشيراً إلى أن حكومة بلاده «مستعدة لإزالة أي عقبات أمام الشركات السودانية للاستفادة من الفرص المتاحة في قطاعات التجارة والقطاعات الإنتاجية»، ومنوهاً بـ«إجراءات تحسين مناخ الاستثمار بمصر لتسهيل تأسيس الشركات، وإقامة المشروعات الصغيرة والمتوسطة».

وأضاف الوزير موضحاً أن «ملتقى رجال الأعمال المصري - السوداني» سيشكل «نواة للشراكة في المجال الصناعي بين البلدين، بما يعزز من التكامل الإقليمي، مع التعاون في مجال الأمن الغذائي».

وشارك في الملتقى وفد حكومي سوداني، ضم وزراء الصناعة والنقل والتموين والنفط والكهرباء، إلى جانب ممثلين من مجتمع الأعمال المصري - السوداني، وروابط الجالية السودانية بمصر.

وحسب تقديرات رسمية، تستضيف مصر نحو مليون و200 ألف سوداني، فروا من الحرب الداخلية، إلى جانب آلاف آخرين من الذين يعيشون في المدن المصرية منذ سنوات.

وعدّ السفير السوداني بمصر، عماد الدين عدوي، أن مبادرة انعقاد (ملتقى رجال الأعمال) بين البلدين «تستهدف تدشين شراكة لإعادة الإعمار في بلاده بعد الحرب»، مشيراً إلى أن الشركات المصرية (حكومية وخاصة) «هي الأجدر والأقدر على القيام بعملية الإعمار، وإعادة بناء ما دمرته الحرب».

كما أشار عدوي إلى أن الحرب «أثرت على النشاط الاقتصادي لبلاده، وحدّت من فرص التبادل التجاري»، غير أنه لفت إلى أن «نسب التجارة المصرية - السودانية لم تتأثر كثيراً، إذ حافظت على استقرارها عامي 2022 و2023»، وقال إن من أهداف الملتقى «دفع الشراكة لتحقيق الأمن الغذائي».

وسجل حجم التبادل التجاري بين مصر والسودان نحو 1.4 مليار دولار خلال عام 2023، مقابل 1.5 مليار دولار عام 2022، بنسبة انخفاض قدرها 6.4 في المائة، وفق إفادة لـ«الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء» بمصر، في مارس (آذار) الماضي. (الدولار الأميركي يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية).

مشاركات واسعة في "الملتقى المصري-السوداني لرجال الأعمال بالقاهرة" (مجلس الوزراء المصري)

من جانبه، تحدث وزير التموين المصري، شريف فاروق، عما تنفذه بلاده من مشروعات بنية تحتية ولوجيستية، وقال إن تلك المشروعات «تمنح فرصاً للمستثمرين المصريين والسودانيين لتعزيز شراكتهم واستثماراتهم».

بينما أشار وزير التموين والتجارة السوداني، عمر محمد أحمد، إلى تأثير الحرب الداخلية على القطاعات الإنتاجية في بلاده، لافتاً في كلمته بالملتقى إلى «حاجة بلاده لمزيد من الاستثمارات في الأمن الغذائي»، ودعا إلى «تأسيس تحالف استراتيجي اقتصادي تجاري بين البلدين».

وناقش الملتقى ورقتي عمل حول عملية «إعادة الإعمار في السودان»، وفرص «تحقيق الأمن الغذائي بين البلدين»، وقدّر مدير «مركز التكامل المصري - السوداني»، عادل عبد العزيز، حجم خسائر القطاع الاقتصادي في السودان بسبب الحرب بنحو «89 مليار دولار»، من دون احتساب خسائر تدمير البنية التحتية والمنشآت، وقال في كلمته بالملتقى إن السودان «يواجه إشكالية مع المجتمع الدولي، ويعوّل على الشراكة مع الدول الصديقة مثل مصر لتجاوز أي تحديات».

وخلال فعاليات الملتقى، تحدث ممثلون عن المستثمرين ورجال الأعمال بالبلدين، وأشار ممثل مجتمع الأعمال السوداني، سعود مؤمن، إلى أن الملتقى «يروم تكامل جهود البلدين في إعادة الإعمار، وتوفير احتياجات السودان من السلع الضرورية»، منوهاً بـ«رغبة القطاع الخاص السوداني في تدشين تجمعات اقتصادية مع نظرائهم بمصر في مجال الصناعات الغذائية».

كما أشار رجل الأعمال المصري، نجيب ساويرس، إلى أن «الزراعة تعد من أكثر المجالات جذباً للاستثمار بالسودان لتوافر المياه والأرض الصالحة»، فيما رأى ممثل مجتمع الأعمال المصري، أحمد السويدي، أن «التصنيع الزراعي أحد المجالات التي يمكن الاستثمار بها في السودان».