العراق... «شيعة السلطة» قلقون من «اختلال التوازن المكوناتي» لصالح السنّة

بعد دعوة الصدر أتباعه لمقاطعة الانتخابات المحلية

السوداني في اجتماع سابق لـ«الإطار التنسيقي الشيعي» في بغداد (رئاسة الوزراء العراقية)
السوداني في اجتماع سابق لـ«الإطار التنسيقي الشيعي» في بغداد (رئاسة الوزراء العراقية)
TT

العراق... «شيعة السلطة» قلقون من «اختلال التوازن المكوناتي» لصالح السنّة

السوداني في اجتماع سابق لـ«الإطار التنسيقي الشيعي» في بغداد (رئاسة الوزراء العراقية)
السوداني في اجتماع سابق لـ«الإطار التنسيقي الشيعي» في بغداد (رئاسة الوزراء العراقية)

يساور قلق معلن قيادات سياسية شيعية، ناجم من خشيتها أن يؤدي انسحاب الصدريين من الانتخابات المحلية المقرر إقامتها يوم 18 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، لـ«اختلال التوازن المكوناتي»، على حد تعبير رئيس تحالف «تيار الحكمة» عمار الحكيم.

والإشارة هنا إلى إمكانية خسارة القوى الشيعية أغلبيتها العددية في بعض المحافظات ذات الطبيعة السكانية المتنوعة، خصوصاً العاصمة بغداد، التي يسكنها نحو ربع سكان البلاد البالغ نحو 40 مليون نسمة.

ودعا الحكيم، خلال مؤتمر انتخابي لتياره، إلى مشاركة واسعة وفاعلة وواعية في الانتخابات، محذراً من «دعوات عدم المشاركة ومنع الناس من المشاركة كونها ستخلق نتائج غير متوازنة في تمثيل المكونات الاجتماعية، لا سيما في المحافظات ذات التمثيل المكوناتي المتنوع».

وفي إشارة ضمنية إلى دعوة سابقة أطلقها الصدر لأتباعه بمقاطعة الانتخابات، حمّل الحكيم «دعاة منع الناس من المشاركة مسؤولية اختلال التوازن المكوناتي وحالة عدم الاستقرار التي ستترتب عليه».

وكان الصدر قال منتصف الأسبوع الماضي، موجهاً كلامه إلى أتباعه، إن «مشاركتكم الفاسدين تحزنني كثيراً، ومقاطعتكم للانتخابات أمر يفرحني ويغيض العدا ويقلل من شرعية الانتخابات دولياً وداخلياً، ويقلص من هيمنة الفاسدين والتبعيين على عراقنا الحبيب حماه الله تعالى من كل سوء ومن كل فاسد وظالم».

ومع القوى، يتابع «الإطار التنسيقي» دعوات المقاطعة بقلق شديد، لأنها تعني، حسب مصدر داخل «الإطار»، «عزوف الناخبين الشيعة عن الذهاب إلى صناديق الاقتراع، في مقابل مشاركة الناخبين السنّة بكثافة، ما يؤدي إلى فوز القوى السنية بأكبر عدد من أعضاء مجالس المحافظات ذات التنوع السكاني».

وحتى مع إقالة رئيس تحالف «تقدم» رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، الذي يعد أخطر المنافسين في بغداد ومحافظات أخرى، ما زالت المخاوف الشيعية من «نكسة» انتخابية في حال عدم استجابة الناخبين إلى دعوات المشاركة بالنظر لتواضع المشاركة في الانتخابات البرلمانية العامة عام 2020، التي قيل إنها لم تتجاوز الـ25 في المائة من أعداد الناخبين، إلى جانب دعوة الصدر الذي يمثل أتباعه أكثرية عددية للناخبين في بغداد.

وفي سياق الخشية الشيعية ذاته، اقترح رئيس حركة «إنجاز» وزير المالية والداخلية الأسبق باقر جبر الزبيدي، اليوم السبت، تأجيل الانتخابات المحلية ودمجها مع الانتخابات التشريعية المقبلة بسبب مقاطعة التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر.

وقال الزبيدي في بيان، إنه «مع ما يتردد من أخبار حول مقترحات قدمها بعض الأحزاب لتأجيل انتخابات مجالس المحافظات، ومع غياب التيار الصدري عن المشهد السياسي الحالي، فإن أفضل الحلول التي تقترحها (حركة إنجاز) هو دمج انتخابات مجالس المحافظات مع الانتخابات النيابية».

وأضاف أن «هذا المقترح نابع من رغبتنا بمشاركة الجميع حتى لو كان ذلك يعني زيادة عدد المنافسين، لأننا نؤمن أن العملية الديمقراطية لا بد أن تبنى على الشراكة الحقيقية».

وأردف الزبيدي قائلاً: «شهدنا للأسف في دورات عديدة نهجاً إقصائياً مورس بحق العديد من الشخصيات والأحزاب، وتعرضنا له في (حركة إنجاز)، والراغبون اليوم بإجراء الانتخابات رغم تطورات الشارع العراقي لا بد أن يعلموا أن الانتخابات وسيلة وليست غاية».

وعدَّ أن «دمج الانتخابات سوف يقلل تكلفة إجراءات الانتخابات على مرتين، ويضع الكثير من القوى أمام واقع جديد ويأتي بمجلس نواب نأمل أن يكون معبراً بشكل حقيقي عن رغبة الشعب».

ورأى الزبيدي أن «الانتخابات النيابية الماضية شابتها الكثير من الاتهامات، وأن انسحاب نواب التيار الصدري أربك عمل مجلس النواب لفترة وأشعر المواطن أن من وصلوا للمقعد النيابي عبر التعويض لا يمثلون الفائز الحقيقي الذي منحوه أصواتهم».



«هدن إنسانية» للتلقيح ضد شلل الأطفال في غزة

TT

«هدن إنسانية» للتلقيح ضد شلل الأطفال في غزة

طفل يتلقى جرعة التطعيم في مستشفى بخان يونس (أ.ب)
طفل يتلقى جرعة التطعيم في مستشفى بخان يونس (أ.ب)

من المقرر أن تبدأ الأحد «هدن إنسانية» لا تزال ملامحها غير واضحة، هدفها السماح ببدء التطعيم ضد مرض شلل الأطفال على نطاق واسع في قطاع غزة.

وأعلن مسؤول في وزارة الصحة التابعة لحركة «حماس» لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بدء حملة التلقيح ضد شلل الأطفال وسط قطاع غزة السبت، بعدما أفادت الأمم المتحدة بموافقة إسرائيل على «هدن إنسانية» للسماح بتطعيم الأطفال رغم الحرب المستمرة منذ نحو 11 شهراً.

وقال الطبيب موسى عابد، مدير الرعاية الصحية الأولية في وزارة الصحة بقطاع غزة، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن فرق وزارة الصحة بالتعاون مع الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية بدأت «أمس (السبت) بحملة التطعيم ضد شلل الأطفال في المنطقة الوسطى».

من جهته، أوضح عامل أجنبي في المجال الإنساني أن وزارة الصحة أطلقت حملة التطعيم السبت، لكن الحملة ستنفّذ على نطاق أوسع الأحد.

وقالت السلطات الإسرائيلية من جانبها، إن اللقاحات سيجري تقديمها من الساعة السادسة صباحاً حتى الثانية من بعد الظهر، من الأحد إلى الثلاثاء، في وسط القطاع. وأضافت: «في نهاية كل حملة تطعيم مناطقية، سيجري تقييم للوضع».

وحددت وزارة الصحة في غزة ووكالات الأمم المتحدة 67 مركزاً للتطعيم، في المستشفيات والمستوصفات والمدارس في وسط القطاع الفلسطيني الصغير.

وفي الجنوب، سيكون هناك 59 مركزاً، إضافة إلى 33 مركزاً في الشمال الذي بات غير مأهول إلى حد كبير. وفي هذين الجزأين من القطاع، سيجري التطعيم في مرحلة ثانية ثم ثالثة.

وبعدما غاب 25 عاماً عن الأراضي الفلسطينية، تأكدت أول إصابة بشلل الأطفال في غزة لدى طفل في شهره العاشر بدير البلح، بعد رصد الفيروس في عيّنات مياه جمعت نهاية يونيو (حزيران) في خان يونس ودير البلح.

وأرسلت الأمم المتحدة 1.2 مليون جرعة، واللقاحات عبارة عن قطرات فموية وليست حقناً.

وقال فلسطينيون قدموا مع أطفالهم، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إنهم حضروا من أجل تلقي الجرعة الأولى خوفاً من انتشار الأوبئة بين الأطفال، وكلهم تقريباً من النازحين.

- عدم توافر النظافة

وجاء عائد أبو طه (33 عاماً) مع طفله الذي يبلغ 11 شهراً إلى مستشفى ناصر في خان يونس، للحصول على الجرعة الأولى من التطعيم.

وقال إنها «حملة مهمة جداً للتطعيم ضد شلل الأطفال في ظل تكدّس أعداد النازحين وانتشار كثير من الأمراض بسبب استمرار الحرب الإسرائيلية».

وتابع: «جئت ليأخذ ابني الجرعة الأولى من هذا التطعيم لشدة خوفي على ابني من أن يصيبه أي مرض».

كذلك، حضر بكر ديب (35 عاماً) ليحصل أطفاله الثلاثة؛ وهم طفل في عامه الثالث وطفلة تبلغ 5 سنوات وأخرى عمرها 8 سنوات، على الجرعة الأولى.

وقال: «كنت في البداية متردداً وخائفاً جداً من مدى أمان هذا التطعيم. لكن بعد التأكيدات على أمانه وذهاب الجميع لنقاط التطعيم، قررت الذهاب بأطفالي أيضاً كي أحميهم من الأمراض».

وأضاف: «أطفالي أصيبوا بأمراض عدة بسبب الحرب وعدم توافر النظافة نتيجة الظروف التي نعيشها».

وأدى هجوم «حماس» على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر (ترين الأول)، إلى مقتل 1199 شخصاً، معظمهم مدنيون، وفق تعداد لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» يستند إلى أرقام إسرائيلية رسمية.

وخُطف 251 شخصاً في ذلك اليوم، لا يزال 103 منهم محتجزين في غزة، بينهم 33 أعلن الجيش موتهم.

وتسبّب القصف والعمليات البرية الإسرائيلية على قطاع غزة رداً على هجوم «حماس» بمقتل ما لا يقل عن 40 ألفاً و691 شخصاً، وفقاً لآخر أرقام وزارة الصحة التابعة لـ«حماس». وتؤكد الأمم المتحدة أن غالبية القتلى من النساء والأطفال.

وفي قطاع غزة، قتل 9 فلسطينيين من عائلة واحدة، بينهم امرأتان، في قصف صباح السبت، على منزل في مخيم النصيرات، بحسب ما أفاد الطبيب مروان أبو نصار «وكالة الصحافة الفرنسية» في مستشفى العودة إلى حيث نقلت جثامينهم.

وأكد أحمد الكحلوت من «الدفاع المدني» في غزة سقوط قتلى وجرحى بعد غارة إسرائيلية على مخيم جباليا للاجئين شمال القطاع.

وبحسب صور بثتها «وكالة الصحافة الفرنسية»، لجأ رجال إنقاذ إلى أضواء المشاعل أو الهواتف الجوالة لنقل مصابين إلى سيارات إسعاف، بينما بحث آخرون عن مفقودين تحت الأنقاض.

وفي جنوب القطاع، أفاد «الهلال الأحمر» الفلسطيني بمقتل 5 أشخاص في قصف لمنزل بخان يونس.

وفي المساء، أفاد «الدفاع المدني» ومصدر طبي في مستشفى المعمداني بسقوط «شهداء وجرحى نتيجة قصف إسرائيلي على أرض ملاصقة لقسم المختبرات بمستشفى المعمداني بمدينة غزة».

من جهتها، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية «استهداف حرم المستشفى الأهلي (المعمداني) مساء أمس (السبت)» في هجوم أسفر عن «كثير من الشهداء والإصابات».

وأعلن الجيش الإسرائيلي الجمعة، أنه أنهى عملية استمرت شهراً في خان يونس (جنوب) ودير البلح (وسط).

- العملية العسكرية في الضفة

توازياً، دارت معارك في جنين السبت، إذ واصل الجيش الإسرائيلي لليوم الرابع توالياً عمليته العسكرية الدامية في شمال الضفة الغربية المحتلة منذ عام 1967.

وفي الحي الشرقي لمدينة جنين، قالت فايزة أبو جعفر لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، وهي تشير إلى الدمار المحيط بها: «الوضع صعب، صعب جداً، على الأطفال وعلى الجميع. خوف ورعب. ودمار...».

وقال مجدي المهدي: «المياه مقطوعة والكهرباء مقطوعة... كل البنية التحتية دمّرت. لم تبقَ بنية تحتية».

ووصف ما حدث بأنه «حرب»، مضيفاً: «أقاموا ثكنة عسكرية قبالتنا، وكانوا يُحضرون الشبان إليها للتحقيق معهم».

ومنذ بدء الحرب بين إسرائيل و«حماس» في قطاع غزة، ازدادت أعمال العنف في الضفة الغربية.

وتشهد الضفة الغربية توغلات إسرائيلية منتظمة، لكن من النادر أن تنفذ بشكل متزامن في مدن عدة، وبإسناد جوي، كما يحدث منذ الأربعاء.

ونقلت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) عن المسؤول في بلدية جنين بشير مطاحن، قوله إن «المياه قد انقطعت عن 80 في المائة من المدينة وكامل المخيم، بسبب تدمير الشبكات وعدم قدرة الطواقم الفنية على الوصول إلى تلك الشبكات».

وخلال زيارة لجنين السبت، قال رئيس الأركان الإسرائيلي هرتسي هاليفي، إن القوات الإسرائيلية «لن تسمح للإرهاب (في الضفة الغربية) بأن يرفع رأسه» لتهديد إسرائيل.

وأضاف: «لذلك، فإن المخطط هو الذهاب من مدينة إلى مدينة، ومن مخيم إلى مخيم، بمعلومات استخبارية ممتازة وبقدرات عملياتية جيدة جداً وبغطاء استخباري جوي متين جداً».

وقُتل 22 فلسطينياً على الأقل، معظمهم مقاتلون، خلال العملية الإسرائيلية واسعة النطاق في شمال الضفة الغربية المحتلة التي بدأتها الدولة العبرية الأربعاء. وقال الجيش الإسرائيلي إنهم جميعهم «إرهابيون»، بينما ذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) أن من بين القتلى رجلاً ثمانينياً.

وأعلنت «حماس» وحركة «الجهاد الإسلامي» أن 14 على الأقل من القتلى ينتمون إلى جناحيهما العسكريين؛ «كتائب القسام» و«سرايا القدس».