«هيسا»... سحر الطبيعة وعبق التاريخ في الجنوب المصري

الجزيرة النوبية تتميز بمناظرها الخلابة

العودة إلى الطبيعة (هيسا كامب)
العودة إلى الطبيعة (هيسا كامب)
TT

«هيسا»... سحر الطبيعة وعبق التاريخ في الجنوب المصري

العودة إلى الطبيعة (هيسا كامب)
العودة إلى الطبيعة (هيسا كامب)

في هذا المكان تجتمع الطبيعة مع التاريخ والحضارة؛ لتشكل وجهة سياحية استثنائية تجتذب السياح طوال العام، لا سيما في الشتاء؛ حيث مناخها الدافئ وشمسها الذهبية المشرقة، هي جزيرة «هيسا» شرق مدينة أسوان (جنوب مصر) ما بين السد العالي وخزان أسوان. سميت الجزيرة بهذا الاسم نسبةً إلى الملك «هيس»، أحد ملوك الأسرة السابعة الفرعونية، وتُعد من أقدم جزر أسوان؛ إذ استخدمت أرضها مدافن للكهنة، كما كانت منجماً لاستخراج الأخشاب والحجارة التي نقلت فيما بعد لبناء هرم سقارة.

جانب من الجزيرة (المستكشف المصري)

تكتسب جانباً كبيراً من خصوصيتها من إطلالتها على نهر النيل من كل الجوانب؛ فيشعر من يزورها أن النهر يحتضنه؛ ليروي له حكايات التاريخ والإنسانية، بينما تستقر في شموخ الجزر المتناثرة حولها في تكوين رائع الجمال، وكأنها جزء من لوحة فنية ذات ألوان أنيقة مبهجة، أبرزها العاجي والأبنوسي والوردي والذهبي، والمتناغمة مع ألوان الصخور المتلألئة على ضفاف النيل، وتأتي بيوت سكانها الموزعة على صخور الجبل الصغير في تناسق بديع، يحيطها جمال آسر؛ لتستكمل تفاصيل اللوحة عبر ألوانها الناصعة وزخارفها ورموزها المستلهمة من الحضارة المصرية القديمة.

فندق «بين بين» في هيسا (صفحة الفندق)

تتمتع هذه البقعة الصغيرة في الجنوب بنقاء هوائها، واعتدال مناخها الصحي؛ بسبب إحاطة الجبال والنيل بها من جميع الجهات؛ ما يسمح بأن تكون اختيارك الأفضل حين تبحث عن الاسترخاء والاستجمام، وحتى عندما ترتفع حرارة الطقس في الصيف فإن الهواء العليل القادم من النهر يخفف حر الشمس.

أمسيات هادئة تناسب الباحثين عن الهدوء والراحة (هيسا كامب)

ركوب الفلوكة التقليدية أو المركب الشراعي في رحلة وسط النيل هو أحد أفضل الأنشطة التي يمكنك ممارستها؛ إذ تشق المراكب طريقها عبر الماء انطلاقا من «هيسا» لتتنقل بين الجزر الأخرى؛ لترى ألوانا مختلفة من الجمال والتفاصيل، بينما تستمتع أذناك بحكايات «المراكبي» بلهجته النوبية المحببة وصوته الدافئ وهو يحكي تاريخ بلاده وناسها وعاداتهم وتراثهم الثري، إلى أن يأسرك منظر الغروب على نهر النيل، وينتهي اليوم بعشاء شهي في أحد المطاعم الموجودة في المكان.

جزيرة هيسا (من هيسا هاوس)

أما التواصل مع أهل الجزيرة والقرى المجاورة فإنه يمثل تجربة لن تنساها، وربما لن تعيش مثلها في أي أمكنة سياحية أخرى ستزورها؛ إذ سيدهشك طيبة أهلها وبساطتهم وتمسكهم بالإرث الفني والاجتماعي لأجدادهم، ومن أهم مظاهر ذلك حرصهم على إكساب بيوتهم مظهراً خاصاً عبر الزينة النوبية التقليدية، وأثناء مرورك أمامها ستجدهم يلوحون لك، ويمكنك تناول طعام محلي لذيذ ومختلف للغاية معهم، والاستماع إلى غناء الأطفال النوبيين، أو رسم الحنة على يديك.

إذا انتقلت إلى منطقة من الأراضي الزراعية الخصبة وقررت التجول في المسارات الصغيرة بين الحقول فإنك ستشعر بالعودة إلى الطبيعة، أثناء مشاهدة المحاصيل المختلفة المزروعة، وسيدهشك استخدام النوبيين لطرق الزراعة التقليدية، وفي حالة ما سألتهم عن أسماء أدوات الزراعة أو طرقها القديمة، أو طلبت منهم التقاط صور معهم وسط هذه الخضرة، فستجد ترحاباً شديداً من جانبهم، تماماً مثل تلك الحفاوة التي ستجدها حين تقرر مشاركتهم في صنع الفخار، وهي الحرفة اليدوية الباقية منذ آلاف السنين بالجزيرة؛ والتي اشتهرت بها؛ بسبب وجود طمي النيل، كما تستطيع هناك شراء قطع رائعة من الفخار أو الإكسسوارات النوبية ذات الخرز الملون. وغيرها من المنتجات اليدوية والغذائية التراثية.

الزيارات للأمكنة الأثرية المحيطة هي جانب من النشاطات الثقافية التي أنصحك بالقيام بها عند زيارة جزيرة «هيسا»، فرغم أن الاستمتاع بالطبيعة الخلابة والهدوء والراحة هو في حد ذاته سبب كافٍ للتوجه إلى هناك، فإنه من غير الممكن أن تفوتك رحلة إلى التاريخ، وأنت في قلب الحضارة ذاتها!

في الجوار يوجد «معبد فيلة»، أحد أعرق المعابد المصرية النوبية القديمة، ويوصف بأنه أحد الحصون الأقوى على طول حدود مصر الجنوبية، داخل المعبد لن تشاهد فقط مجموعة من الآثار، لكنك ستعيش أجواء الأسطورة بالمعنى الحقيقي لها؛ فالمعبد الذي تم تشييده في عهد الملك بطليموس الثاني، وأسهم في بنائه كثير من الملوك البطالمة، خصص لعبادة الآلهة إيزيس، وارتبط بالأسطورة الشهيرة «إيزيس وأوزوريس»، وبعد الانتهاء من زيارة «فيلة» توجه إلى معابد أخرى مثل معبد «حتحور»، ومعبد «حورس» لتكتمل متعتك الثقافية.

ومن المعالم السياحية الأخرى التي تستطيع وضعها على برنامجك عند زيارة «هيسا» إذا أردت أن تكون رحلة متكاملة هي: زيارة السد العالي، ومتحف النوبة، ومشاهدة المحميات الطبيعية، وجزيرة النباتات، ومقابر النبلاء، وبيت الأغاخان. ولأجواء من الإثارة قم بزيارة «قرية غرب سهيل» لمشاهدة التماسيح.

جزيرة هيسا (هيسا كامب - فيسبوك)

تتعدد الفنادق والمعسكرات والمنتجعات التي توفر لك إقامة مثالية تناسب ميزانيتك وتلبي احتياجاتك... «هيسا كامب» أحد هذه الأمكنة التي تُعد نزلاً صديقاً للبيئة، وملاذاً لمراقبة الطيور ويقع في المنطقة النوبة القديمة، ويتيح لك الاسترخاء والتمتع بالطبيعة عبر إطلالات متفردة وحياة بسيطة تقليدية، وهناك أيضا فندق «بين بين»، الذي يطل على نهر النيل أعلى جبال «هيسا»، بمعماره المميز، وسوف تستمتع في «هيسا هاوس» بشكل البيوت النوبية بزخارفها المميزة، ولك أيضاً أن تختار من بين قائمة طويلة من الأماكن الأخرى التي توفر لك المبيت والإقامة وفقاً لإمكانياتك ونمط المعيشة الذي ترغب في تجربته خلال رحلتك.


مقالات ذات صلة

«سوق السفر العالمي» ينطلق في لندن والعيون على السعودية

سفر وسياحة وزير السياحة أحمد بن عقيل الخطيب يفتتح الجناح السعودي في «سوق السفر العالمي» بلندن (واس)

«سوق السفر العالمي» ينطلق في لندن والعيون على السعودية

انطلقت فعاليات معرض «سوق السفر العالمي» (WTM) في نسخته الـ44 في المركز الدولي للمؤتمرات والمعارض في إكسيل في شرق لندن وتستمر لغاية الخميس.

جوسلين إيليا (لندن)
الاقتصاد السعودية تصدرت قائمة دول «العشرين» في أعداد الزوار الدوليين بـ 73 % (واس)

السعودية الـ12 عالمياً في إنفاق السياح الدوليين

واصلت السعودية ريادتها العالمية بقطاع السياحة؛ إذ صعدت 15 مركزاً ضمن ترتيب الدول في إنفاق السيّاح الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد نائب الرئيس للتسويق في «طيران الرياض» أسامة النويصر (الشرق الأوسط)

«طيران الرياض»: 132 طائرة إجمالي طلبياتنا من «بوينغ» و«إيرباص»

قال نائب الرئيس للتسويق في «طيران الرياض» أسامة النويصر لـ«الشرق الأوسط» إن إجمالي عدد طلبيات الطائرات وصل إلى 132 طائرة.

عبير حمدي (الرياض)
خاص واجهة جدة البحرية

خاص الخطيب: السعودية تؤدي دوراً محورياً في تطوير السياحة العالمية المسؤولة والمستدامة

شدَّد وزير السياحة السعودي أحمد الخطيب في حديث مع «الشرق الأوسط» على أن المملكة تلعب دوراً محورياً في قيادة تطوير السياحة العالمية المسؤولة والمستدامة وتقديمها.

مساعد الزياني (الرياض)
يوميات الشرق «شيبارة» يضم 73 فيللا عائمة فوق الماء وشاطئية (واس)

«شيبارة»... طبيعة بحرية خلابة في السعودية تستقبل زوارها نوفمبر المقبل

يبدأ منتجع «شيبارة» الفاخر (شمال غربي السعودية)، رابع منتجعات وجهة «البحر الأحمر»، استقبال الزوار ابتداءً من شهر نوفمبر المقبل لينغمسوا في تجربة سياحية فاخرة.

«الشرق الأوسط» (تبوك)

مصر تعوّل على «سوق السفر العالمي» لتنشيط السياحة

الجناح المصري في «بورصة لندن للسياحة» حظي بتفاعل الزوار (وزارة السياحة والآثار المصرية)
الجناح المصري في «بورصة لندن للسياحة» حظي بتفاعل الزوار (وزارة السياحة والآثار المصرية)
TT

مصر تعوّل على «سوق السفر العالمي» لتنشيط السياحة

الجناح المصري في «بورصة لندن للسياحة» حظي بتفاعل الزوار (وزارة السياحة والآثار المصرية)
الجناح المصري في «بورصة لندن للسياحة» حظي بتفاعل الزوار (وزارة السياحة والآثار المصرية)

تُعوّل مصر على اجتذاب مزيد من السائحين، عبر مشاركتها في فعاليات سياحية دولية، أحدثها «سوق السفر العالمي» (WTM)، التي افتتح خلالها وزير السياحة والآثار المصري، شريف فتحي، جناح بلاده المُشارك في الدورة الـ43 من المعرض السياحي الدولي، الذي تستمر فعالياته حتى 7 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي بالعاصمة البريطانية لندن.

ووفق فتحي، فإن وزارته تركّز خلال مشاركتها بالمعرض هذا العام على إبراز الأنماط والمنتجات السياحية المتعدّدة الموجودة في مصر، واستعراض المستجدات التي تشهدها صناعة السياحة في مصر.

هدايا تذكارية بالجناح المصري (وزارة السياحة والآثار المصرية)

ووفق بيان وزارة السياحة والآثار، فإن «الجناح المصري المشارك شهد خلال اليوم الأول إقبالاً من الزوار الذين استمتعوا بالأنشطة التفاعلية الموجودة به، والأفلام التي تُبرز المقومات المختلفة والمتنوعة للمقصد السياحي المصري، كما شهد اليوم الأول عقد لقاءات مهنية مع ممثّلي شركات السياحة والمنشآت الفندقية المصرية».

وتشارك مصر هذا العام بجناح يضم 80 مشاركاً، من بينهم 38 شركة سياحة، و38 فندقاً، بالإضافة إلى شركتَي طيران، هما: شركة «Air Cairo»، وشركة «Nesma»، إلى جانب مشاركة محافظتَي البحر الأحمر وجنوب سيناء، وجمعية «الحفاظ على السياحة الثقافية».

وصُمّم الجناح من الخارج على شكل واجهة معبد فرعوني، مع شعار على هيئة علامة «عنخ» (مفتاح الحياة)، في حين صُمّم الجناح من الداخل على شكل صالات صغيرة للاستقبال، بدلاً من المكاتب (Desks).

وتمت الاستعانة بمتخصصين داخل الجناح المصري؛ لكتابة أسماء زائري الجناح المصري باللغة الهيروغليفية على ورق البردي، وبشكل مجاني خلال أيام المعرض، بجانب عازفة للهارب تعزف المقطوعات الموسيقية ذات الطابع الفرعوني.

جانب من الإقبال على جناح مصر في «بورصة لندن» (وزارة السياحة والآثار المصرية)

ويُعدّ «سوق السفر العالمي» معرضاً مهنياً، يحظى بحضور كبار منظّمي الرحلات، ووكلاء السياحة والسفر، وشركات الطيران، والمتخصصين في السياحة من مختلف دول العالم.

واقترح فتحي خلال لقائه بوزيرة السياحة اليونانية إمكانية «الترويج والتسويق السياحي المشترك لمنتج السياحة الثقافية في البلدين بعدد من الدول والأسواق السياحية، لا سيما أن مصر واليونان لديهما تكامل سياحي في هذا الشأن». على حد تعبيره.

واستعرض الوزير المصري المقومات السياحية المتعددة التي تتمتع بها بلاده، كما تحدث عن المتحف المصري الكبير، وما سيقدمه للزائرين من تجربة سياحية متميزة، لا سيما بعد التشغيل التجريبي لقاعات العرض الرئيسية الذي شهده المتحف مؤخراً.

فتحي خلال تفقّده للجناح المصري بـ«بورصة لندن» (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وتوقّع الوزير المصري أن تشهد بلاده زيادة في أعداد السائحين حتى نهاية العام الحالي بنسبة 5 في المائة عن العام الماضي، خلال مؤتمر صحافي عقده في المعرض، وأشار إلى أهمية السوق البريطانية بالنسبة للسياحة المصرية، حيث تُعدّ أحد أهم الأسواق السياحية الرئيسية المستهدفة، لافتاً إلى ما تشهده الحركة السياحية الوافدة منها من تزايد، حيث يصل إلى مصر أسبوعياً 77 رحلة طيران من مختلف المدن بالمملكة المتحدة.

وأكّد على أن «مصر دولة كبيرة وقوية، وتدعم السلام، وتحرص على حماية حدودها، والحفاظ على زائريها، وجعْلهم آمنين، حيث تضع أمن وسلامة السائحين والمواطنين في المقام الأول، كما أنها بعيدة عن الأحداث الجيوسياسية»، لافتاً إلى أن هناك تنوعاً في جنسيات السائحين الوافدين إلى مصر من الأسواق السياحية المختلفة، حيث زارها خلال العام الحالي سائحو أكثر من 174 دولة حول العالم.

الجناح المصري في «بورصة لندن» للسياحة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وأعرب فتحي عن تفاؤله بمستقبل الساحل الشمالي المصري على البحر المتوسط، وما يتمتع به من مقومات سياحية متميزة، خصوصاً مدينة العلمين الجديدة، ومشروع رأس الحكمة بصفته أحد المشروعات الاستثمارية الكبرى التي تشهدها منطقة الساحل الشمالي، لافتاً إلى أنه من المتوقع أن يجذب هذا المشروع أكثر من 150 مليار دولار استثمارات جديدة، ويساهم في إضافة ما يقرب من 130 ألف غرفة فندقية.