دمشق تواصل صمتها الرسمي مع ارتفاع التصعيد العسكري شرقاً

تصعيد المواجهات بين الميليشيات الإيرانية و«التحالف» في دير الزور

أرشيفية لغارات ليلية على البوكمال شرق سوريا (المرصد السوري)
أرشيفية لغارات ليلية على البوكمال شرق سوريا (المرصد السوري)
TT

دمشق تواصل صمتها الرسمي مع ارتفاع التصعيد العسكري شرقاً

أرشيفية لغارات ليلية على البوكمال شرق سوريا (المرصد السوري)
أرشيفية لغارات ليلية على البوكمال شرق سوريا (المرصد السوري)

يتواصل التصعيد العسكري شرق سوريا بين قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة الأميركية والميليشيات التابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني، وسط صمت سوري رسمي تام.

وقتل ثمانية مقاتلين موالين لإيران في ضربات أميركية استهدفت موقعين في شرق سوريا، ردا على هجمات على القوات الأميركية في المنطقة، على ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، الاثنين. وتدعم إيران جماعات مسلحة تتهمها واشنطن بالوقوف وراء تصعيد في الهجمات ضد قواتها الموجودة في الشرق الأوسط، على خلفية الحرب الدائرة بين إسرائيل وحركة «حماس» في قطاع غزة.

وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن «حصيلة القتلى العسكريين من الميليشيات الموالية لإيران جراء الغارات الجوية الأميركية على دير الزور خلال الساعات القليلة الماضية 8، بينهم واحد على الأقل من الجنسية السورية، بالإضافة لعراقيين».

عربات أميركية من طراز «برادلي» خلال دورية في ريف دير الزور بشرق سوريا (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وكانت الولايات المتحدة قد أفادت الأحد «بأن القوات الأميركية نفذت ضربات دقيقة استهدفت منشآت في شرق سوريا يستخدمها (الحرس الثوري) الإيراني ومجموعات مرتبطة بإيران، في رد على الهجمات المستمرة ضد جنود أميركيين في العراق وسوريا».

وقال وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، إن «الضربات استهدفت منشأة تدريب ومخبأ قرب مدينتي البوكمال والميادين تواليا».

وأعلنت ما تسمى بـ«المقاومة العراقية»، استهدافها القوات الأميركية الموجودة في القرية الخضراء بحقل العمر النفطي في دير الزور، وفق ما نقلته وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) عن (المقاومة العراقية)، بواسطة طائرة مسيرة «أصابت هدفها بشكل مباشر».

عناصر من «فاطميون» التابع لـ«الحرس الثوري» الإيراني في دير الزور شرق سوريا (أرشيفية)

وتتشكل ما يسمى بـ«المقاومة العراقية الإسلامية» من مجموعة ميليشيات عراقية تتبع «الحرس الثوري» الإيراني، وظهرت في 18 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي؛ «رداً على دعم الولايات المتحدة لإسرائيل في حربها على قطاع غزة. وتركزت هجمات (المقاومة العراقية) على القواعد الأميركية في سوريا والعراق».

وهناك نحو 2500 عسكري أميركي في العراق وحوالي 900 عسكري في سوريا، ضمن قوات التحالف الدولي التي تشكلت لمحاربة «تنظيم داعش».

إسقاط صفة الإسلامية

وفيما تمتنع دمشق عن التعليق رسمياً، على المواجهات الجارية على الأراضي السورية بين الميليشيات الإيرانية وقوات التحالف، يظهر الإعلام الرسمي اهتماماً بتغطية عمليات ما تسمى بـ«المقاومة العراقية» مع إسقاط صفة (الإسلامية) عنها.

هذا وقد سبق ونفت طهران على لسان المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، أمير سعيد إيرواني، تدخلها في الهجمات ضد القوات الأميركية في المنطقة.

وقال في تصريح لشبكة «سي إن إن» الأسبوع الماضي، إن «هناك تعاوناً وتضافراً بين إيران ومجموعات المقاومة، لكن إيران لا تأمر بأي عمليات، وإن أي هجوم على القوات الأميركية في العراق وسوريا، تتخذ قراره هذه المجموعات بنفسها».

أرشيفية لمدينة الميادين التي تعج بالمسلحين الموالين لإيران (المرصد)

من جانبه، تحدث موقع «نهر ميديا» عن طيران حربي مجهول استهدف بغارتين جويتين مواقع للميليشيات الإيرانية قرب جسر مدينة الميادين شرق دير الزور، في وقت متأخر من يوم الأحد.

وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن «حصيلة القتلى العسكريين من الميليشيات الموالية لإيران جراء الغارات الجوية الأميركية على دير الزور خلال الساعات القليلة الماضية 8، بينهم واحد على الأقل من الجنسية السورية، بالإضافة لعراقيين». وسجل المرصد، منذ تاريخ 19 أكتوبر الماضي، 33 استهدافاً لقواعد «التحالف الدولي».

وكانت القوات الأميركية قد هاجمت مخازن أسلحة للميليشيات التابعة لإيران في سوريا، الأربعاء، واستهدفت مقرين.

وحذرت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن إيران، من تداعيات توسيع جبهات الصراع في المنطقة، في المقابل حمّل الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي في القمة العربية والإسلامية المشتركة في السعودية واشنطن، مسؤولية التصعيد في قطاع غزة.


مقالات ذات صلة

​اشتباكات عنيفة حول عين العرب ومخاوف من تفاقم الوضع الإنساني

المشرق العربي عناصر من الجيش الوطني السوري في شرق حلب (أ.ف.ب)

​اشتباكات عنيفة حول عين العرب ومخاوف من تفاقم الوضع الإنساني

وقعت اشتباكات عنيفة بالأسلحة الثقيلة بين «قسد» وفصائل الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا بعد هجومين متزامنين نفذتهما الفصائل على محوري سد تشرين وجسر قره قوزاق

سعيد عبد الرازق (أنقرة )
المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني (د.ب.أ)

السوداني يحدد 10 يونيو المقبل موعداً لتدشين مطار الموصل

أصدر رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، توجيهات بتدشين مطار الموصل الدولي في 10 يونيو (حزيران) 2025.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي لقطة من فيديو لعناصر من «قوات سوريا الديمقراطية» تطلق طائرة مسيّرة تحمل قذيفة مضادة للدبابات

الجماعات الكردية السورية في موقف دفاعي مع تغير ميزان القوى

مع حشد جماعات معادية مدعومة من تركيا ضدها في شمال سوريا، وسيطرة جماعة صديقة لأنقرة على دمشق، تقف الفصائل الكردية الرئيسية في سوريا في موقف دفاعي.

«الشرق الأوسط» (القامشلي - بيروت - أنقرة )
المشرق العربي مسلحان من «قسد» عند مدخل مدينة الحسكة شمال شرقي سوريا (رويترز)

تركيا: «تحرير الشام» لعبت دوراً في مكافحة «داعش» و«القاعدة»

أبدت تركيا تمسكاً بتصفية «الوحدات» الكردية، في وقت تواجه فيه احتمالات التعرض لعقوبات أميركية نتيجة هجماتها على مواقع «قسد» في شمال سوريا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي مظاهرة دعم لـ«قسد» في القامشلي بمحافظة الحسكة ضد التصعيد التركي (أ.ف.ب)

صدام أميركي تركي حول دعم «الوحدات الكردية»... وإردوغان يتعهد بتصفيتها

تصاعدت الخلافات التركية الأميركية حول التعامل مع «وحدات حماية الشعب الكردية»، في حين أكد الرئيس إردوغان أن التنظيمات الإرهابية لن تجد من يدعمها في سوريا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

وفود عربية تزور دمشق دعماً لبناء سوريا الجديدة

TT

وفود عربية تزور دمشق دعماً لبناء سوريا الجديدة

القائد العام للإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع بصحبة وزير الدولة في وزارة الخارجية القطرية محمّد الخليفي في دمشق 23 ديسمبر 2024 (رويترز)
القائد العام للإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع بصحبة وزير الدولة في وزارة الخارجية القطرية محمّد الخليفي في دمشق 23 ديسمبر 2024 (رويترز)

التقى القائد العام للإدارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع، في دمشق، الاثنين، مسؤولين عرباً قدموا تباعاً دعماً للشعب السوري، وناقش معهم الجهود المركزة في الفترة المقبلة، بينهم وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، الذي يعد أول وزير خارجية عربي يزور دمشق منذ سقوط بشار الأسد. وكذلك كانت مستجدات سوريا محور اتصالات عربية.

وبحث الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي، مع نظيره المصري بدر عبد العاطي، في اتصال هاتفي، الاثنين، مستجدات الأوضاع على الساحة السورية، اتصالاً بالتطورات السياسية والميدانية الأخيرة، وفق ما جاء في بيان للخارجية المصرية.

وأكد عبد العاطي «أهمية دعم الدولة السورية خلال هذه المرحلة الفاصلة في تاريخ سوريا الشقيقة، وضرورة احترام سيادتها ووحدة وسلامة أراضيها، وتمكين مؤسساتها الوطنية من الاضطلاع بدورها، وتبني عملية سياسية شاملة بملكية وقيادة سورية يشارك فيها جميع مكونات الشعب السوري لاستعادة الاستقرار في أراضي سوريا كافة».

وفد سعودي في دمشق

كان وفد سعودي قد زار دمشق، الأحد، والتقى الشرع، وفق ما قال مصدر مقرّب للحكومة السعودية، الاثنين، لوكالة الصحافة الفرنسية. وأشار المصدر إلى أن المحادثات «ركزت على الوضع في سوريا والقضاء على الكبتاغون وغيرها من الموضوعات».

وكرر الصفدي خلال زيارته دمشق أن بلاده تدعم الشعب السوري في مرحلة انتقالية بعد سنوات من القتل والتشريد والدمار، ليصل إلى مرحلة مستقبلية يكون فيها نظام سياسي جديد يبنيه السوريون، ويحمي حقوق كل السوريين.

تحذير أردني

وحذر الصفدي، في تصريحات نُشرت على «إكس»، من أي اعتداء على سيادة سوريا وأمنها، مشيراً إلى أن التوغل الإسرائيلي في الأراضي السورية هو احتلال جديد يجب أن ينتهي، وإلى ضرورة أن يمارس المجتمع الدولي ضغوطاً على إسرائيل بألا تعبث بسوريا في هذه المرحلة الانتقالية. وذكّر الصفدي بأن البيان الختامي لاجتماعات العقبة قبل عشرة أيام كان واضحاً بأن الهدف من الاجتماعات هو تنسيق موقف عربي مع المجتمع الدولي من أجل دعم سوريا في بناء المستقبل الذي يكون آمناً مشرقاً لكل السوريين.

وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي والقائد العام للإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع في دمشق (أ.ف.ب)

كما شدد الصفدي على أن بلاده ستدعم سوريا في الانطلاق لبناء دولة حرة مستقلة منجزة كاملة السيادة لا إرهاب فيها ولا إقصاء، وتلبي طموحات جميع مواطنيها وحقوقهم، معبراً عن استعداد بلاده لمساعدة دمشق في إعادة بناء قدرات المؤسسات الحيوية.

وقال الصفدي إنه اتفق مع أحمد الشرع على التعاون في مكافحة تهريب المخدرات والأسلحة من سوريا إلى الأردن، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وعانى الأردن خلال السنوات الماضية بشكل مستمر من عمليات تسلل وتهريب أسلحة ومخدّرات، لا سيّما الكبتاغون، برّاً من سوريا التي شهدت منذ عام 2011 نزاعاً دامياً تسبب بمقتل أكثر من نصف مليون شخص، وألحق دماراً هائلاً، وأدى إلى نزوح ملايين السكان وتشريدهم داخل البلاد وخارجها.

وفد قطري

كما وصل إلى دمشق، الاثنين، وزير الدولة في وزارة الخارجية القطرية محمّد الخليفي، على رأس وفد دبلوماسي لإجراء مباحثات مع مسؤولين سوريين، وفق ما أعلن المتحدث باسم الخارجية ماجد الأنصاري بعد 13 عاماً من القطيعة الدبلوماسية. ونشر الأنصاري على «إكس»: «وصل الخليفي إلى دمشق (...) على متن أول طائرة تابعة للخطوط الجوية القطرية تهبط في مطار سوري منذ سقوط نظام بشار الأسد»، مضيفاً أن الوفد سيُجري لقاءات مع مسؤولين سوريين «تجسيداً لموقف قطر الثابت في تقديم كل الدعم للشعب السوري».

وأشار الأنصاري إلى أن هذه اللقاءات تجسد موقف بلاده «الثابت في تقديم كل الدعم للأشقاء في سوريا». وجاء في بيان لوزارة الخارجية القطرية: «تعد هذه الزيارة تأكيداً جديداً على متانة العلاقات الأخوية الوثيقة بين دولة قطر والجمهورية العربية السورية الشقيقة، وحرص قطر التام (...) من أجل النهوض بسوريا والمحافظة على سيادتها». وقال مسؤول قطري لوكالة الصحافة الفرنسية إن فريقاً فنياً للطيران رافق الوفد من أجل «تقييم جاهزية مطار دمشق الدولي لاستئناف الرحلات» بين البلدين. وأكد أن «قطر عرضت تقديم الدعم الفني لاستئناف الرحلات التجارية والشحن، فضلاً عن صيانة المطار خلال المرحلة الانتقالية».

من جانبه قال الشرع إن الدوحة أبدت اهتمامها بالاستثمار في قطاعات من بينها الطاقة في سوريا في المستقبل. وأضاف الشرع أنه دعا أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني لزيارة سوريا.

القائد العام للإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع يصافح الوفد القطري في دمشق 23 ديسمبر 2024 (رويترز)

اتصال إماراتي

وفي سياق الاتصالات، أجرى وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، الاثنين، اتصالاً هاتفياً بنظيره السوري الجديد أسعد حسن الشيباني، ناقشا خلاله تعزيز العلاقات الثنائية.

وقالت وكالة الأنباء الإماراتية: «ناقش الجانبان سبل تعزيز العلاقات الأخوية الوطيدة بين البلدين والشعبين الشقيقين في المجالات ذات الاهتمام المشترك».

وأضافت أن وزير الخارجية الإماراتي «شدّد خلال الاتصال مع الشيباني على أهمية الحفاظ على وحدة وسلامة وسيادة سوريا، كما أكّد موقف دولة الإمارات الداعم لجميع الجهود والمساعي المبذولة للوصول إلى مرحلة انتقالية شاملة وجامعة تحقق تطلعات الشعب السوري في الأمن والتنمية والحياة الكريمة، حيث تؤمن دولة الإمارات بأهمية إعادة التفاؤل إلى الشعب السوري الشقيق من أجل مستقبل مزدهر».